الطلب على ناقلات الوقود في 2023 يسجل أعلى مستوياته منذ 10 سنوات
مع نمو قدرات التكرير في الشرق الأوسط وآسيا وتغير خريطة الشراء
هبة مصطفى
عادةً ما يؤثر مركز أنشطة التكرير في مستويات الطلب على ناقلات الوقود، وخلال السنوات الأخيرة أثرت عوامل عدة في معدل الطلب عليها؛ من ضمنها: تغير خريطة الإنتاج والمصافي في أعقاب جائحة كورونا وكذا الغزو الروسي لأوكرانيا.
وبرزت قدرات التكرير في آسيا والشرق الأوسط بصفتها قوة إنتاج جديدة تحول الأنظار عن المصافي الأميركية والأوروبية التي أُغلقت بفعل تداعيات الجائحة، وأدت المسارات الجديدة إلى تلقي شركات الشحن المزيد من الأرباح، وفق تقرير نشرته وكالة بلومبرغ اليوم الجمعة 31 مارس/آذار.
وبالتزامن مع ارتفاع أسعار الشحن، زاد الطلب على بناء ناقلات الوقود الجديدة رغم التكلفة المرتفعة، لكن التساؤل الذي بات مُلحًّا الآن هو مدى كفاية الأسطول الحالي والجديد لمتوسط الطلب خلال السنوات المقبلة، بحسب ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة.
مؤثرات الطلب
بدأ معدل الطلب على ناقلات الوقود بالتراجع في أعقاب انخفاض الطلب على البنزين والديزل ووقود الطائرات، خلال مدة انتشار جائحة كورونا وما تلاها من إغلاقات.
ومع التجاوز النسبي لتداعيات الجائحة، أدت المرافق الجديدة للتكرير في آسيا والشرق الأوسط إلى انتعاش الطلب على هذه الناقلات مرة أخرى، بعدما وجّه مشترو الوقود أنظارهم إلى منتجي هذه المناطق.
وتغيّرت خريطة شراء الوقود في الأسواق الدولية تدريجيًا، خلال السنوات الأخيرة، وربما أضاف الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/شباط من العام الماضي عاملًا جديدًا للتأثير في معدل الطلب على الناقلات، بالنظر إلى تغير مسارات ومسافات الشحن خلال مرحلة ما بعد العقوبات.
ومن زاوية أخرى، عطّل طرح مقترح الاستغناء عن ناقلات الوقود التقليدية لصالح الناقلات العاملة بالوقود صديق البيئة معدلات الطلب عليها -مؤخرًا- غير أن هذه الطموحات تأثرت بأسعار الطاقة الآخذة في الارتفاع.
مستويات قياسية
قُدرت طلبات بناء ناقلات الوقود الجديدة، خلال الربع الأول من العام الجاري (2023)، بنحو 38 ناقلة، وهو أعلى مستوى فصلي منذ عام 2013 حتى الآن، بحسب بيانات شركة استثمارات الشحن "برايمار".
وفي تقدير من نوع آخر لمستوى الطلب، حصلت ما يقرب من 28 ناقلة خلال العام الجاري -أيضًا- على أرقام تسجيل دولية، وهو معدل يقارب مستويات العام الماضي (2022) البالغة 31 ناقلة، طبقًا لما نقلته بيانات سمسار السفن البريطاني "سيمبسون سبينس سونغ".
ومع إدخال منتجي الوقود في آسيا والشرق الأوسط مرافق تكرير جديدة حيز التشغيل، عدّل المشترون وجهاتهم لتأمين الإمدادات وشحنها بحرًا؛ ما زاد الطلب على ناقلات الوقود.
ورُصد تزايد في شحنات الوقود من آسيا والشرق الأوسط إلى أميركا، بينما لجأت أستراليا إلى القارة الآسيوية لشراء إمدادات الوقود بعد إغلاق عدد من المصافي المحلية.
وكانت دول أميركا اللاتينية وجهة صادرات المشتقات النفطية الهندية -أيضًا- بينما تُخطط مصافي التكرير في ساحل الخليج الأميركي لتصدير شحنات وقود إضافية إلى مناطق في أوروبا وغرب أفريقيا.
ويوضح الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- أبرز مشروعات مصافي التكرير في آسيا والشرق الأوسط، خلال العام الماضي (2022) والعام الجاري (2023):
أسعار الشحن
قلب الغزو الروسي لأوكرانيا أسواق الطاقة رأسًا على عقب، وأدى تغير خريطة الشراء في أعقاب تفاقم الأحداث الجيوسياسية خلال العام الماضي (2022) إلى تسجيل أسعار الشحن مستويات مرتفعة.
ويرجع ذلك إلى تغير مسارات الشحن وتزايد المسافات مع تعديل وجهات الشحن، ويُعَد نقل النفط الروسي بحرًا نموذجًا إلى شق طريقه لآسيا بعدما أغلقت أوروبا منافذها حياله، ودفع ذلك إلى إعادة تصدير بعض الدول الآسيوية -مثل الهند- شحنات موسكو إلى القارة العجوز في صورة منتجات مكررة.
واضطرت موسكو إلى اتباع حيل لنقل الشحنات بحرًا بنقلها من سفينة إلى أخرى، أو تخزينها في وحدات عائمة للإفلات من العقوبات الغربية.
ومن شأن الإجراءات السابق ذكرها تعزيز الطلب على ناقلات الوقود من جهة، ورفع أسعار الشحن من جهة أخرى.
وشهدت أسعار الشحن خلال الأشهر الأخيرة تزايدًا، وسجلت ناقلات الوقود في المحيط الأطلسي أعلى مستويات أرباح منذ عام 2013، إذ بلغت 40 ألف دولار يوميًا.
تحديات طلبات البناء الجديدة
مع تزايد الطلب على ناقلات الوقود قفزت أسعار البناء الجديدة بزيادة قدرها 14% مقارنة بالعام الماضي (2022)، وقُدرت تكلفة بناء الناقلة الواحدة بنحو 45 مليون دولار في مستوى هو الأعلى منذ عام 2008.
ورغم أن طلبات بناء الناقلات الجديدة قد تعزز الأسطول بنحو 60 سفينة إضافية بحلول عام 2025؛ فإن هذا المعدل قد يظل لا يفي بتلبية الطلب خلال السنوات المقبلة.
وبالنظر إلى هذه التحديات؛ نجد أن هناك ضرورة لزيادة أسطول الناقلات؛ تجنبًا لتكرار معاناة ناقلات النفط المتقادمة.
وتعتمد روسيا بقوة على عدد من الناقلات التي أوشك عمرها الافتراضي على الانتهاء لنقل خاماتها إلى وجهات التصدير الجديدة بخلاف أوروبا، ومع تزايد مسافة الشحن إلى آسيا قد تتسبب هذه الناقلات في كارثة بيئية إذا ما دفع تهالكها نحو وقوع حوادث تسرب.
اقرأ أيضًا..
- مبيعات المضخات الحرارية في العالم ترتفع 11% خلال 2022
- بطاريات الهيدروجين المعدنية.. عمر طويل وسعر منخفض
- نقل الهيدروجين في خطوط الغاز.. هل تتبخر خطط الجزائر والمغرب؟
- منصات الحفر البحرية في أفريقيا تتأهب لأعلى مستويات التنقيب خلال 10 سنوات