فاتورة واردات الطاقة في بريطانيا تتخطى 122 مليار دولار خلال 2022
وتحذيرات من استمرار اعتماد البلاد على مصادر الطاقة الأجنبية
نوار صبح
- فاتورة استيراد الطاقة للعام الماضي تعادل 5141 دولارًا لكل أسرة في المملكة المتحدة
- الزيادة الهائلة في أسعار الطاقة كانت مدفوعة جزئيًا بارتفاع الأسعار العالمية
- يأتي نحو 3 أرباع إجمالي الطاقة في المملكة المتحدة من النفط والغاز
- المملكة المتحدة تمضي في مسار مدته 3 عقود نحو الحياد الكربوني والاعتماد على الذات
- يوجد في المملكة المتحدة ما يقرب من 24 مليون منزل يجري تدفئتها بالغاز
- لدى المملكة المتحدة 32 مليون سيارة تعمل بالبنزين والديزل
تجاوزت فاتورة واردات الطاقة في بريطانيا العام الماضي 2022 عتبة 100 مليار جنيه إسترليني (122.82 مليار دولار أميركي)، إذ توفر البلاد أكثر من 30% من غازها حاليًا، اعتمادًا على النرويج وحدها.
ووصلت فاتورة العام الماضي -البالغة 117 مليار جنيه إسترليني (143.70 مليار دولار أميركي)- إلى أكثر من ضعف إجمالي عام 2021، البالغ 54 مليار جنيه إسترليني (55.27 مليار دولار أميركي)، وفقًا للبيانات الواردة في تقرير جديد صادر عن جمعية قطاع الطاقة البحرية أوفشور إنرجي يو كيه.
وظهرت تحذيرات من أن المستهلكين والشركات في المملكة المتحدة قد يواجهون تكاليف استيراد مماثلة مرة أخرى في عام 2023، خصوصًا إذا لم يكن هناك تغيير في ضريبة الحكومة المفاجئة في بحر الشمال، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
ووردت هذه النتائج الصادمة في تقرير توقعات الأعمال الأخير، الصادر عن جمعية الطاقة البحرية أوفشور إنرجي يو كيه (أو إي يو كيه)، المقرر نشره في 28 مارس/آذار، وجاءت في الوقت الذي يستعد فيه أعضاء البرلمان لمناقشة "ثلاثية الطاقة" في مجلس العموم غدًا، 23 مارس/آذار الجاري.
ووفقًا للدراسة، فإن فاتورة استيراد الطاقة في بريطانيا للعام الماضي تعادل 4 آلاف و200 جنيه إسترليني (5141 دولارًا أميركيًا) لكل أسرة في المملكة المتحدة، حسبما نشره موقع إنرجي فويس (Energy Voice) في 22 مارس/آذار الجاري.
أسباب الزيادة الهائلة
ذكرت جمعية قطاع الطاقة البحرية في المملكة المتحدة أوفشور إنرجي يو كيه (أو إي يو كيه)، أن الزيادة الهائلة في أسعار الطاقة كانت مدفوعة جزئيًا بازدياد الأسعار العالمية، المرتبط بغزو روسيا لأوكرانيا، فضلًا عن التضخم وارتفاع الطلب العالمي على النفط والغاز بعد وباء كوفيد-19.
وأشار تقرير الجمعية إلى أن ضعف الاقتصاد البريطاني والجنيه الإسترليني كانا عاملين رئيسين؛ لأن برميل النفط يُقيّم بالدولار الأميركي.
وقال مدير معلومات الأسواق في جمعية قطاع الطاقة البحرية في المملكة المتحدة أوفشور إنرجي يو كيه -الذي قاد فريق صياغة تقرير توقعات الأعمال لهذا العام- روس دورنان: "تُظهر هذه الأرقام مخاطر وتكلفة الاعتماد على بلدان أخرى لأمن الطاقة لدينا، ومدى ابتعادنا عن الحد من ذلك الاعتماد".
وأوضح: "يأتي نحو 3 أرباع إجمالي الطاقة في المملكة المتحدة من النفط والغاز، وهي نسبة ظلت ثابتة لسنوات عديدة".
وأضاف: "نحن نعتمد الآن على البلدان الأخرى للحصول على نحو نصف هذا العرض، وهي نسبة ستزداد بسرعة، خصوصًا إذا سُمح لإنتاج بحر الشمال بالانخفاض بصورة أسرع من استهلاك المملكة المتحدة".
وتابع قائلًا: "المملكة المتحدة تمضي في مسار مدته 3 عقود نحو الحياد الكربوني والاعتماد على الذات، لكن هذا يحتاج إلى تخطيط طويل الأجل لتقليل الطلب على النفط والغاز".
وأكّد أنه "يوجد في المملكة المتحدة ما يقرب من 24 مليون منزل، تتم تدفئتها بالغاز، الذي يعمل على تزويد محطات الكهرباء التي توفر 43% من الكهرباء لدينا".
وأردف: "لدينا 32 مليون سيارة تعمل بالبنزين والديزل. ويمكننا استبدال بدائل منخفضة الكربون بتلك البنية التحتية وتلك المرْكبات، لكن الأمر سيستغرق سنوات، وسنظل خلالها بحاجة إلى النفط والغاز لاستمرار تدفئة منازلنا وإنارتها، والحفاظ على حركة طرقنا.
وأفاد تقرير جمعية قطاع الطاقة البحرية في المملكة المتحدة أوفشور إنرجي يو كيه، بأنه سيكون من الأفضل لأمن الطاقة والاقتصاد الحصول على أكبر قدر ممكن من هذا النفط والغاز من بحر الشمال لدينا، بدلًا من استيراده، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
واردات الغاز من النرويج
في عام 2022، أنفقت المملكة المتحدة نحو 63 مليار جنيه إسترليني (77.44 مليار دولار أميركي) على النفط الخام والبنزين والديزل وأنواع الوقود الأخرى التي تعتمد على النفط، مع 49 مليار جنيه إسترليني (60.23 مليار دولار) أخرى على الغاز.
ودُفع الباقي على واردات الفحم والكهرباء، بإجمالي 117 مليار جنيه إسترليني (143.82 مليار دولار أميركي)، حسبما نشره موقع إنرجي فويس (Energy Voice) في 22 مارس/آذار الجاري.
وللمقارنة، في عام 2019، أنفقت المملكة المتحدة 48 مليار جنيه إسترليني (59.00 مليار دولار) على إجمالي واردات الطاقة، أي ما يقرب من 1700 جنيه إسترليني (2089.67 دولارًا أميركيًا) لكل أسرة.
وكان نحو 40 مليار جنيه إسترليني (49.17 مليار دولار) من ذلك على النفط، و7 مليارات جنيه إسترليني (8.60 مليار دولار) للغاز، والباقي مليار جنيه إسترليني (1.23 مليار دولار) للفحم والكهرباء.
واُستخرجت أرقام جمعية قطاع الطاقة البحرية في المملكة المتحدة أوفشور إنرجي يو كيه من أحدث البيانات بشأن التكلفة الإجمالية لواردات السلع، التي نشرها مؤخرًا مكتب الحكومة البريطانية للإحصاءات الوطنية (أو إن إس).
وتُظهر بيانات مكتب الإحصاءات الوطنية أن واردات الطاقة من النرويج وحدها ارتفعت من 13 مليار جنيه إسترليني (15.98 مليار دولار) في عام 2019 إلى 41 مليار جنيه إسترليني (50.40 مليار دولار) في عام 2022.
علاوة على ذلك، تعتمد المملكة المتحدة الآن على النرويج للحصول على أكثر من 30% من غازها.
تداعيات الاعتماد على مصادر الطاقة الأجنبية
بالنظر إلى المستقبل، يحذّر تقرير جمعية قطاع الطاقة البحرية في المملكة المتحدة أوفشور إنرجي يو كيه من أن اعتماد البلاد على مصادر الطاقة الأجنبية ينطوي على مخاطر مماثلة في ارتفاع الفواتير غير المسبوقة في السنوات المقبلة.
وأشار التقرير إلى أن بحر الشمال يُعدّ ركيزة أمن الطاقة في البلاد، حاليًا، من خلال إنتاج النفط والغاز، مع التركيز المتزايد على المصادر منخفضة الكربون.
وذكر التقرير أن "المملكة المتحدة كانت مستوردًا صافيًا للطاقة منذ عام 2004، ما يعني أن البلاد تستعمل طاقة أكثر مما يمكنها توفيره من الموارد المحلية، لذا فهي تعتمد على دول أخرى لتلبية احتياجاتها من الطاقة".
وأضاف أن "الاعتماد الكبير على البلدان الأخرى للحصول على طاقتنا يترك المملكة المتحدة عرضة لانقطاع الإمدادات والتقلبات في الأسواق الدولية. في العام الماضي على سبيل المثال، تضاعفت التكلفة الإجمالية لواردات الوقود لتصل إلى 117 مليار جنيه إسترليني (143.82 مليار دولار)".
احتياطيات بحر الشمال في المملكة المتحدة
وفقًا للتحليل الذي أجرته جمعية قطاع الطاقة البحرية في المملكة المتحدة أوفشور إنرجي يو كيه (أو إي يوك كيه) ، ما يزال بحر الشمال البريطاني يحتفظ باحتياطيات من النفط والغاز تعادل 15 مليار برميل من النفط.
وتُعدّ هذه الاحتياطيات كافية لدعم احتياجات البلاد على مدى العقود الـ3 المطلوبة لبناء طاقة الرياح البحرية، فضلًا عن أنظمة الطاقة منخفضة الكربون الأخرى، مثل احتجاز الكربون وتخزينه، والهيدروجين.
وقال الرئيس التنفيذي لجمعية قطاع الطاقة البحرية في المملكة المتحدة أوفشور إنرجي يو كيه، ديفيد وايتهاوس: "الضرائب المفاجئة التي فُرضت العام الماضي، تعني الآن أن مشغلي النفط والغاز البحريين في المملكة المتحدة يدفعون معدل ضرائب إجمالًا يبلغ 75%، وهو أحد أعلى المعدلات في العالم وأكثر من 3 أضعاف المعدل من الأعمال التجارية التقليدية في المملكة المتحدة.
وأضاف أن "هذا المستوى من الضرائب لا يشجع الاستثمار ويقوض شركاتنا ووظائفنا ومجتمعاتنا".
وتابع قائلًا: "كما سيُظهر تقريرنا بشأن توقعات الأعمال، فإن العديد من المشغلين في القطاع البحري يقللون استثماراتهم في بحر الشمال بسبب هذه الضرائب. وهذا يعني أن إنتاج النفط والغاز سينخفض، وسنفقد العمال المهرة، وسيتعيّن زيادة الواردات لتعويض الإنتاج المفقود".
وأضاف: "يجري تلبية ما يقرب من 40% من احتياجات الطاقة المنزلية والصناعية عن طريق الغاز الطبيعي، ويوفر حوض بحر الشمال والجرف القاري في المملكة المتحدة ما يقرب من نصف هذا الإجمالي. وبسبب هذا المورد الحيوي وقوة العمل البحرية لدينا لا نعتمد على واردات الغاز الروسية".
وأوضح: "بخلاف ذلك، ستصبح فواتير استيراد الطاقة التي تتجاوز 100 مليار جنيه إسترليني (122.92 مليار دولار) حدثًا منتظمًا، وهي الأموال المتدفقة من المنازل والشركات في المملكة المتحدة لدعم الوظائف والصناعات والاقتصادات في البلدان الأخرى".
دعوات إلى الاستغناء عن الغاز
يزعم نشطاء المناخ أن الإحصائيات تؤكد حاجة المملكة المتحدة إلى التخلص من النفط والغاز في أسرع وقت ممكن.
وقالت المديرة التنفيذية لمجموعة حملات أبليفت الداعية لحماية البيئة، تيسا خان: "إن الخيار الحقيقي ليس بين الطاقة أو الواردات المحلية، وإنّما بين الهيدروكربونات أو مصادر الطاقة المتجددة"، حسب تقرير اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وأضافت: "لن يكون هذا خبرًا لأي شخص يبحث في تكاليف الوقود. السبب الرئيس لإنفاقنا الكثير على الطاقة هو السعر المرتفع للغاز".
وأكدت أن "وجود المزيد من النفط والغاز في المملكة المتحدة لن يغير السعر الذي ندفعه. ما يُظهره هذا بوضوح هو مدى الحاجة الملحة للمملكة المتحدة للاستغناء عن اعتمادها المستمر على الوقود الأحفوري".
وأوضحت أن "المملكة المتحدة تصدر 80% من نفط بحر الشمال، وأن الغالبية العظمى مما تبقى في الحوض هو النفط وليس الغاز".
اقرأ أيضًا..
- صندوق تحوط دولي: أسعار النفط ستصل إلى 140 دولارًا
- أنس الحجي: تجارة النفط العالمية تُغير اتجاهاتها.. وفرنسا في اختبار قاسٍ (صوت)
- سعة الرياح البحرية العائمة في المملكة المتحدة ترتفع إلى 34 غيغاواط بحلول 2040