خط أنابيب غاز شرق المتوسط يشهد تطورات قد تحرم مصر من مليارات الدولارات
خط أنابيب غاز شرق المتوسط يهدد صادرات مصر
ياسر نصر
تسعى شركة إديسون الإيطالية جاهدة إلى تنفيذ مشروع خط أنابيب غاز شرق المتوسط "إيست ميد"، الذي من شأنه حرمان مصر من إيرادات بمليارات الدولارات.
وتعتمد مصر بشكل رئيس في خطّتها لزيادة صادرات الغاز المسال إلى أوروبا على الواردات من حقول إسرائيل في شرق المتوسط، بعد إعادة إسالتها في محطات الإسالة المصرية.
ويعمل مشروع خط أنابيب غاز شرق المتوسط على ربط حقول الغاز في إسرائيل وقبرص واليونان بشبكة الغاز الأوروبية مباشرة عبر إيطاليا.
وتعتزم مجموعة إديسون الإيطالية اتخاذ قرار الاستثمار النهائي بشأن خط أنابيب مقترح لتسليم غاز شرق البحر المتوسط إلى الأسواق الأوروبية بحلول نهاية هذا العام.
خط أنابيب ميد إيست
قالت إديسون، إن خط أنابيب "ميد إيست"، الذي سيربط في البداية عدّة حقول غاز قبالة سواحل إسرائيل بإيطاليا بطاقة سنوية تبلغ 10 مليارات متر مكعب من الغاز، قد يكون جاهزًا بحلول عام 2027.
سيضمن المشروع، الذي تدعمه إسرائيل وقبرص واليونان، إمدادات بديلة لأوروبا، التي تتخلص من الغاز الروسي عبر الأنابيب.
وأشارت إديسون إلى أنه في إطار مساعي التحول بعيدًا عن إمدادات موسكو، قد تكون المفوضية الأوروبية مهتمة بتمويل جزئي للمشروع الذي تُقدَّر كلفته بنحو 6 مليارات يورو (6.4 مليار دولار أميركي).
وقال نائب الرئيس التنفيذي لأصول الغاز في إديسون، فابريزيو ماتانا: "نتوقع اتخاذ قرار الاستثمار النهائي بحلول نهاية هذا العام"، حسبما ذكرت وكالة رويترز.
وتوقعت شركة الطاقة الإيطالية أنه حال اتخاذ القرار النهائي في 2023، فمن المتوقع إنجاز المشروع بحلول عام 2027.
استورد الاتحاد الأوروبي 155 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي من روسيا عام 2021، أي ما يعادل قرابة 45% من وارداته من الغاز، إلا أن هذه الأرقام شهدت تراجعًا كبيرا خلال العام الماضي (2022) لتصل إلى 82 مليار متر معكب، وسط مساع دول القارة لتنويع الإمدادات بعيدًا عن موسكو بعد حرب أوكرانيا.
وتقوم شركتا إديسون الإيطالية (وهي شركة تابعة لشركة "إي دي إف" الفرنسية)، وديبا اليونانية، بالترويج للمشروع من خلال مشروعهما المشترك.
حقول الغاز الإسرائيلية
في العام الماضي (2022)، تلقّت الشركة الإيطالية تقييمات إيجابية مستقلة حول جدوى خط الأنابيب، الذي سيكون بطول 2000 كيلومتر (1243 ميلًا)، مع 800 كيلومتر على الأقلّ من الشاطئ.
وسيُغذّى خط الأنابيب من قبل حقول الغاز الإسرائيلية قيد الإنتاج وأخرى قيد التطوير، وفق البيانات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وقال ماتانا، إن هذه الحقول هي حقول ليفياثان وتمار، وأيضًا حقول تنين وكاريش التي لديها احتياطيات إضافية من المقرر تطويرها.
تنتج الحقول الإسرائيلية نحو 28 مليار متر مكعب سنويًا من الغاز، ويُصَدَّر ثلثها تقريبًا إلى مصر والأردن، ومن المتوقع ارتفاع الإنتاج في السنوات المقبلة، مع توسيع المشروعات الحالية وأيّ اكتشافات تُربَط بخطوط الإنتاج.
وقال ماتانا: "إذا أخذنا في الحسبان الحصة غير المستهلكة إقليميًا، بالإضافة إلى المبلغ الإضافي المتوقع من تطوير هذه الحقول، سيكون لدينا 20 مليار متر مكعب إضافية سنويًا، لمدة 20 عامًا على الأقلّ، يمكن أن تمرّ عبر خط الأنابيب".
يمكن أن تزيد سعة خط الأنابيب إلى 20 مليار متر مكعب في المرحلة الثانية، كما أنها مصممة لنقل الهيدروجين.
نقل الهيدروجين في المستقبل
تهدف إديسون إطلاق أول اختبار سوق غير ملزم، لتقييم اهتمام منتجي ومشتري الغاز بقدرة نقل الهيدروجين بعد مدة وجيزة من الصيف، وإذا كانت النتيجة إيجابية، فسوف تسعى للحصول على تمويل لتنفيذ المشروع من الاتحاد الأوروبي.
وقال ماتانا: "يجب أن يكون لأوروبا مصلحة إستراتيجية في تمويلها.. يمكن للمستثمرين المؤسسيين وصناديق البنية التحتية ومشغّلي أنظمة النقل من إسرائيل واليونان وإيطاليا أن يجدوا أيضًا اهتمامًا بتمويل خط الأنابيب".
خط أنابيب "إيست ميد" مُدرَج في قائمة مشروعات الاتحاد الأوروبي ذات الاهتمام المشترك المنشورة عام 2021، ومع ذلك، فقد أثار انتقادات، إذ طلبت منظمة غرينبيس المعنية بالبيئة، من بروكسل عدم تمويله لأسباب بيئية وجيوسياسية.
وقال ماتانا: "نأمل أن توقّع إيطاليا الاتفاقية الحكومية الدولية -التي وقّعتها إسرائيل وقبرص واليونان في عام 2020- بشأن خط الأنابيب، لقد طلبنا ذلك، ونحن نُجري اتصالات إيجابية مع الحكومة".
فقد وقّع وزراء الطاقة في اليونان وإسرائيل وقبرص الاتفاق النهائي لمشروع خط الأنابيب في يناير/كانون الثاني 2020.
تحديات تواجه المشروع
تبرز بعض التحديات العملية لدى تصميم خط أنابيب شرق المتوسط، الذي سوف يمتد خط الربط لمسافة 1400 كيلومتر في البحر و600 كيلومتر على اليابسة.
ومن شأن المشروع أن يخفض صادرات مصر من الغاز المسال إلى أوروبا، والتي سجلت مستويات قياسية خلال 2022، بدعم من تحول دول القارة العجوز إلى تنويع الإمدادات بعيدًا عن روسيا.
يشار إلى أن الغاز الإسرائيلي يتجه إلى أوروبا بعد إسالته في مصر، ولا سيما إلى ألمانيا التي عقدت اتفاقًا، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي (2022).
ووقّعت مصر وإسرائيل والاتحاد الأوروبي خلال العام الماضي اتفاقية من شأنها التعاون زيادة صادرات الغاز من تل أبيب إلى بروكسل بعد إسالته في محطات دمياط وأدكو.
وتعدّ تركيا في طليعة معارضي مشروع خط أنابيب غاز شرق المتوسط، إذ تدّعي أن خط الأنابيب المحدد يتجاوز الساحل التركي الطويل لتوصيل الغاز من شرق البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا.
كما تزعم تركيا أن مشروع خط الأنابيب يتجاهل حقوقها المتساوية في الموارد الطبيعية في المياه الإقليمية القبرصية.
أبرمت تركيا وليبيا اتفاقًا بحريًا لإنشاء منطقة اقتصادية خالصة من الساحل الجنوبي لتركيا على البحر المتوسط إلى الساحل الشمالي الشرقي لليبيا في ديسمبر/كانون الأول 2019.
مشروع لن يرى النور
من جانبه، يرى خبير صناعات الغاز في منظمة الأقطار العربية المصدّرة للبترول "أوابك" المهندس وائل حامد عبدالمعطي أن خط أنابيب شرق المتوسط لن يرى النور، لعدّة أمور سياسية وتجارية وفنية.
وقال بتغريدة عبر حسابه في "تويتر": "خط أنابيب غاز شرق المتوسط مشروع مكلف جدًا، صعب تنفيده فنيًا، كمية الغاز المقترحة قليلة.. والأهم ضد مصلحة الولايات المتحدة".
ويعدّ إنجاز مشروع خط أنابيب غاز شرق المتوسط احتمالًا بعيدًا، بالنظر إلى التحديات الإقليمية، ويرى محللون أنه قد يعرّض صادرات مصر للخطر، خاصة أن محطات الإسالة تعتمد على الغاز المستورد من إسرائيل، ومن ثمّ تعيد تصديره، وارتبطت مصر باتفاقية مع أوروبا مؤخرًا لتصدير الغاز المسال، إضافة لاتفاقية أخرى مع شركة شيفرون.
كان تقرير أوابك، الصادر بعنوان "تطورات الغاز الطبيعي المسال والهيدروجين خلال الربع الرابع من 2022 وحالة الصناعة في 2022"، وأعدّه الخبير المهندس وائل حامد عبدالمعطي، قد أوضح أن إجمالي صادرات مصر من الغاز المسال خلال 2022 بلغ 7.4 مليون طن في 2022، مقابل 6.6 مليون طن في عام 2021.
وبلغت قيمة إيرادات صادرات مصر من الغاز 8.4 مليار دولار في 2022، مقارنة بـ3.5 مليار دولار خلال عام 2021، أي بنسبة زيادة 140%، بسبب زيادة أسعار تصدير الغاز المسال عالميًا.
وتُعَدّ مصر الدولة الوحيدة التي تمتلك محطات إسالة في شرق المتوسط، إذ إن محطات إسالة الغاز في دمياط وإدكو من أهم الركائز الرئيسة في التسهيلات والبنية التحتية التي تمتلكها مصر لتجارة وتداول الغاز الطبيعي، وتفوق قدراتهما الإنتاجية 12 مليون طن سنويًا.
الإنفوغرافيك التالي، من إعداد منصة الطاقة، يكشف الوجهات التي استقبلت صادرات الغاز المسال المصرية في 2022:
موضوعات متعلقة..
- مشروع إسرائيل لخط أنابيب شرق المتوسط يهدد صادرات الغاز المصرية
- أوروبا تتسابق على غاز شرق المتوسط.. مصر تتصدر المشهد وتركيا تنافس
اقرأ أيضًا..
- صندوق تحوط دولي: أسعار النفط ستصل إلى 140 دولارًا
- صفقات النفط والغاز في الشرق الأوسط وأفريقيا تنتعش.. هذه أبرز 5 خلال فبراير
- هل مصادر الطاقة المتجددة خالية من الانبعاثات الكربونية؟ تقرير يوضح