الطاقة المتجددة تحرم الوقود الأحفوري من 6 مليارات دولار سنويًا (تقرير)
محمد عبد السند
رغم النتائج المبشرة للجهود التي تبذلها حكومات الدول في التحول التدريجي عن الوقود الأحفوري، وتبني مصادر الطاقة المتجددة في السنوات الأخيرة، ما تزال هناك بعض القوى الكبرى تبدي رعونة غير مُبررة في الالتزام بتعهداتها المناخية.
وتتجلى المواقف المائعة لتلك الدول في استمرار تخصيص التمويلات للصناعة المسببة للتغيرات المناخية، رغم مطالبتها المتكررة في المحافل الدولية بتكثيف جهود التصدي لتلك الظاهرة الخطيرة.
ومع ذلك، حُرمت صناعة الوقود الأحفوري العالمية من تمويلات بقيمة إجمالية لامست 5.7 مليار دولار سنويًا، نتيجة "بيان غلاسكو" -التزام مشترك أبدته الدول خلال مشاركتها في قمة المناخ 2021 كوب 26 في إسكتلندا-، حسبما خلص تقرير حديث صادر عن منصة "أويل تشينغ إنترناشيونال".
وأوضح التقرير، الذي حمل عنوان "بروميس بريكرز"، أن تلك الأموال حوّلت وجهتها إلى صناعة الطاقة المتجددة، مع احتمالية أن يقفز هذا الرقم إلى إجمالي قيمته 13.7 مليار دولار سنويًا، حال وفّت الدول الموقعة كافّة على بيان غلاسكو بالتزاماتها، وفق معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
تعهدات بقطع التمويلات
في مؤتمر كوب 26، تعهّدت 39 دولة ومؤسسة بقطع التمويلات العامة العالمية المُخصصة لصناعة الوقود الأحفوري، بحلول نهاية عام 2022، ما قاد بالتبعية إلى تغيير مسار تلك الأموال وتوجيهها إلى الطاقة المتجددة.
ويوضح الرسم البياني أدناه -الذي أعدته منصة الطاقة المتخصصة- الدعم السنوي للوقود الأحفوري عالميًا:
ويُعد تقرير "بروميس بريكرز" أول تقييم دولي من نوعه لتنفيذ التزام الموقعين بتعهداتهم منذ مرور المُهلة المحددة بنهاية العام المنصرم (2022).
وأوضح التقرير أنه وفي حين حافظت بعض الدول ذات الدخول المرتفعة على التزامها بموجب بيان غلاسكو، سلكت مجموعة من الدول الأخرى التي تُعد مزودة رئيسة للتمويلات العامة الدولية، منحى آخر مغايرًا، من بينها ألمانيا وإيطاليا والولايات المتحدة الأميركية.
8 دول مُلتزمة
أوضحت نتائج التقرير أن 8 دول وكيانات قد طبقت سياسات ساعدتها على الوفاء بتعهداتها التي قطعتها على نفسها خلال كوب 26، وهي كندا وبنك الاستثمار الأوروبي والمملكة المتحدة وفرنسا وفنلندا والسويد والدنمارك ونيوزيلندا، مشيرة إلى أن تلك الدول حوّلت ما قيمته 5.7 مليار دولار سنويًا كان من المفترض أن تذهب لصناعة الوقود الأحفوري، لتثبت أن بيان غلاسكو كان له تأثير عالمي حقيقي في أرض الواقع.
وذكر التقرير أن 4 دول موقعة (بلجيكا وسويسرا وهولندا وإسبانيا) استحدثت سياسات تزيد من شدة القيود المفروضة على دعم الوقود الأحفوري، بيد أنها تركت ثغرات كبيرة في تلك السياسات، ولم تلتزم بموعد المهلة في نهاية 2022.
ولم تنشر 4 دول أخرى (ألمانيا وإيطاليا والبرتغال والولايات المتحدة الأميركية) بعد سياسات جديدة أو حتى مُحدثة في هذا الصدد.
موقف أميركي مائع
تشير تقارير منفصلة إلى أن الولايات المتحدة قد تبنّت سياسة جديدة في هذا الخصوص، لكنها ترفض الكشف عن تفاصيلها.
وتخلص المناقشات السياسية التي جرت في كل من ألمانيا وإيطاليا إلى أن تلك الدول ستصنع -على الأرجح- ثغرات في أي سياسات وشيكة تجيز استمرار عمليات تمويل الوقود الأحفوري.
وبعد أيام من إعداد تقرير "بروميس بريكرز"، خرقت "إكسبورت ديفلوبمنت كندا" -وكالة تصنيف الصادرات الكندية- سياستها، عبر منح الضوء الأخضر لـ4 معاملات دولية في قطاعي النفط والغاز، بكلفة إجمالية قيمتها 5.5 مليون دولار في عام 2023.
ويشتمل تقرير "بروميس بريكرز" على تفاصيل بشأن السياسات التي تنتهجها كل الأطراف الموقعة على بيان غلاسكو، مع وجود توصيات لتحسين الأوضاع.
ويبيّن الرسم البياني التالي-الذي أعدته منصة الطاقة المتخصصة- استثمارات الطاقة المتجددة عالميًا:
الطاقة المتجددة هي الحل
سلط التقرير الضوء على فرص ذهبية تلوح أمام الدول والكيانات الموقعة على البيان، لزيادة مستويات التمويل للطاقة المتجددة، وسُبل العمل معًا لتعزيز التزاماتها بإنهاء التمويلات الدولية للوقود الأحفوري خلال قمة مجموعة الـ7، التي من المقرر أن تترأسها اليابان في مايو/أيار (2023)، إلى جانب التفاوض حول قيود تمويل صادرات النفط والغاز في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
ولطالما ذكرت وكالة الطاقة الدولية أن الطاقة المتجددة، وليس الوقود الأحفوري، هي الحل لمشكلة صعوبة تحمل تكاليف الطاقة، وأمن الطاقة، وأهداف التنمية والمناخ.
وما لم تفِ -بل وتوسع- الدول بالتزاماتها لكبح التمويلات العامة الدولية الممنوحة للوقود الأحفوري، ستصبح أهداف التنمية والمناخ وأمن الطاقة بعيدة المنال بدرجة أكبر.
وأظهرت دراسة بحثية سابقة أجرتها منصة "أويل تشينغ إنترناشيونال" أن التمويلات العامة الدولية ما تزال تجنح -بصورة كبيرة- إلى الوقود الأحفوري.
إجمالي التمويلات
وجدت الدراسة التي حملت عنوان "التمويل العام لقاعدة بيانات الطاقة" أنه ومنذ 2016 -العام الذي تلى توقيع اتفاقية باريس للمناخ- حتى عام (2021)، استقبلت صناعة الوقود الأحفوري تمويلات عامة عالمية لامست قيمتها 422 مليار دولار، مقارنة بنظيرتها المخصصة للطاقة المتجددة، وبلغت 173 مليار دولار.
وقال كبير مؤلفي التقرير، خبير التمويل في منصة "أويل تشينغ إنترناشيونال" آدم ماكغيبون: "يُظهر بحثنا أنه وفي حيز يعد بيان غلاسكو قصة نجاح لها تأثير إيجابي في تحول التمويلات بعيدًا عن الوقود الأحفوري، لم تفِ بعض الدول، مثل الولايات المتحدة الأميركية وألمانيا وإيطاليا، بوعودها في هذا الخصوص".
وأضاف ماكغيبون: "هذه الدول يتعيّن عليها فورًا تنفيذ سياسات للوفاء بتعهداتها التي قطعتها على نفسها في غلاسكو، والتخلص التدريجي من التمويلات العامة الدولية للوقود الأحفوري، وإلا فستواجه تدقيقًا عالميًا بوصفها كيانات مخالفة لتعهداتها المناخية".
موضوعات متعلقة..
- صناعة الوقود الأحفوري في إندونيسيا تحارب الانبعاثات بتقنيات احتجاز الكربون
- 8 اقتصادات آسيوية تُنتج 45% من الانبعاثات الكربونية في العالم (تقرير)
-
تمويل الوقود الأحفوري في المملكة المتحدة خلال 7 سنوات يكشف حقائق صادمة
اقرأ أيضًا..
- إنتاج النفط العالمي يهبط إلى أقل مستوى في 7 أشهر
- وزير هندي: أنقذنا أسعار النفط من الارتفاع إلى 300 دولار للبرميل
- خسائر أسعار النفط تتواصل.. والسعودية والجزائر تحذران من انهيار السوق