هل يستفيد إنتاج الهيدروجين الأخضر في أميركا من الإعفاءات الضريبية؟
بموجب قانون خفض التضخم
وحدة أبحاث الطاقة - أحمد عمار
من المتوقع أن يؤدي إنتاج الهيدروجين الأخضر دورًا رئيسًا وحاسمًا في تحقيق الولايات المتحدة هدف الحياد الكربوني بحلول 2050، بصفته وقودًا نظيفًا يدعم خفض الانبعاثات من القطاعات التي يصعب إزالتها منها.
وترى شركة وود ماكنزي، في تقرير حديث، أن الإعفاءات الضريبية التي يتضمنها قانون خفض التضخم الأميركي يمكن أن تؤدي إلى إنتاج هيدروجين أخضر بصورة تنافسية ومُجدية اقتصاديًا، حال تطبيقها بطريقة صحيحة.
وهناك مخاوف من أن التوجيه غير الصحيح للإعفاءات الضريبية قد يؤدي إلى زيادة الانبعاثات عبر دعم مشروعات إنتاج الهيدروجين ذات كثافة عالية للكربون.
ويهدف قانون التضخم الأميركي -الذي أقرته الولايات المتحدة في 2022- إلى تحفيز نشر الهيدروجين منخفض الكربون، عبر العمل على تخفيض تكاليف الاستثمار وزيادة العائد.
ويقدّم قانون خفض التضخم حوافز جديدة لإنتاج الهيدروجين الأخضر أو منخفض الكربون من خلال منح ائتمان ضريبة الإنتاج (PTC)، لمدة 10 سنوات يصل إلى 3 دولارات لكل كيلوغرام للهيدروجين، بدءًا من تاريخ تشغيل المنشأة، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
كثافة الكربون
يشير تحليل وود ماكنزي إلى أنه رغم إعلان الإعفاءات الضريبية فإن القواعد المستعملة في قياس كثافة الكربون للهيدروجين، وآليات تعويض الانبعاثات وشهادات الطاقة المتجددة ما تزال قيد التطوير، ودعم إنتاج الهيدروجين الأخضر يتوقف على كيفية تنفيذ هذه القواعد.
وأكد أن تلك القواعد التي ما زالت قيد المراجعة من قبل وزارة الخزانة الأميركية يمكن أن تكون لها آثار كبيرة في القدرة التنافسية الاقتصادية لمشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر.
ولذلك، أصبح تحديد كثافة الكربون للهيدروجين الأخضر موضوعًا مهمًا في الآونة الأخيرة ويشغل الأوساط الصناعية والسياسية، إذ يتركز النقاش حول المحلل الكهربائي ونوعية الكهرباء المستهلكة به.
ووفقًا لما نقلته وود ماكنزي، تطالب بعض المؤسسات أن يثبت منتجو الهيدروجين الأخضر اعتمادهم على طاقة متجددة بنسبة 100%، من خلال مطابقة استهلاك المحلل الكهربائي مع توليد الكهرباء المتجددة على أساس كل ساعة حتى يحصلوا على شهادات الطاقة المتجددة والائتمان الضريبي.
ويوضح الإنفوغرافيك التالي أنواع الهيدروجين حسب طريقة الإنتاج:
وعلى الطرف الآخر، تؤكد آراء أن تلك المقترحات ستؤدي إلى الحد من نشر مشروعات الهيدروجين الأخضر مع جعلها غير مُجدية اقتصاديًا.
واتفقت وود ماكنزي مع الرأي الأخير، معتبرة أن قصر ساعات التشغيل على تلك التي تتوفر فيها الموارد المتجددة سيؤدي إلى تقليل عامل سعة المحلل الكهربائي، الأمر الذي يتسبّب في اقتصادات غير مواتية لاعتماد الهيدروجين.
وهو ما قد يضطر عندها المشغلون إلى توزيع تكاليفهم على حجم أصغر من إنتاج الهيدروجين، ما يتطلب سعرًا أعلى لاسترداد رأس المال لكل كيلوغرام من الهيدروجين المَبيع.
وأوضح التقرير أن زيادة التكلفة يمكن أن تؤدي إلى عرقلة القدرة على إنتاج الهيدروجين الأخضر، وهو الأمر الذي يعوق في نهاية المطاف القدرة التنافسية للنوع الأخضر مقابل الأزرق أو الرمادي، واعتماده بصورة كاملة كونه وقودًا منخفض الكربون.
ومن جانبه، قال رئيس الاتصالات في شركة نكست إيرا، ديفيد رويتر، لشبكة سي إن بي سي الأميركية، إن اشتراط المطابقة الزمنية الدقيقة -مثل المحاسبة بالساعة- من شأنه أن يدمر اقتصاد الهيدروجين الأخضر، لأنه يمنح ميزة كبيرة للهيدروجين الأزرق المعتمد على الوقود الأحفوري.
القياس السنوي لكثافة الكربون في الهيدروجين
في المقابل، ترى شركة الأبحاث أن المطابقة السنوية لشروط الحصول على الائتمان الضريبي (المحاسبة السنوية) هي الحل الأفضل لقياس كثافة الكربون في إنتاج الهيدروجين الأخضر، وجعل المشروعات مُجدية اقتصاديًا.
ومع اعتبار أن المحاسبة السنوية هي الأكثر ملاءمة، توضح وود ماكنزي أن هناك سلسلة من مقايضات الانبعاثات وكثافة الكربون يجب مراعاتها.
ففي هذه الحالة، يعتمد المحلل الكهربائي على الشبكة في نسبة تتراوح بين 19% و35% من متطلبات الكهرباء.
وعلى الرغم من أنه خلال ساعات معينة يجب أن تستمد الشبكة المزيد من الكهرباء من مصادر الطاقة الحرارية، فإن التوليد المتجدد في أثناء ذروته يزيح -أيضًا- الطاقة الحرارية، ما يؤدي إلى انخفاض في كثافة الكربون للشبكة الكهربائية.
وأكدت وود ماكنزي أن المحاسبة على أساس سنوي لمدى اعتماد المحلل الكهربائي على الطاقة المتجددة هي الحافز الذي يحتاج إليه إنتاج الهيدروجين الأخضر ليكون قادرًا على المنافسة، ولدعم نمو تلك الصناعة الناشئة منخفضة الكربون.
ومن جانبها، أوضحت شركة "بي بي أميركا" التابعة لشركة النفط البريطانية بي بي، ضرورة منح شهادات الطاقة المتجددة على أساس المحاسبة السنوية، مشيرًا إلى أنها أكثر الطرق ملاءمة لتطبيق قانون خفض التضخم، الذي يساعد في دعم الاستثمارات الضرورية للقطاع.
وبحلول عام 2030، يمكن أن تصبح المحاسبة بالساعة هي الآلية الأكثر ملاءمة لدعم إنتاج الهيدروجين الأخضر المتجدد بنسبة 100%، وإزالة الكربون من الشبكة الكهربائية، بحسب التقرير.
وأرجعت وود ماكنزي تلك الرؤية إلى أن أصول توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية والرياح والتخزين ستدعم شبكات الكهرباء منخفضة الكربون في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وتنخفض عندها تكاليف المحلل الكهربائي.
موضوعات متعلقة..
- الائتمان الضريبي لإنتاج الهيدروجين في أميركا يثير الجدل.. هل يزيد الانبعاثات؟ (تقرير)
- قانون خفض التضخم الأميركي يتمتع بمزايا عديدة رغم أوجه القصور (تقرير)
- كيف يؤثر مشروع قانون خفض التضخم الأميركي في تكاليف صناعة الطاقة؟
اقرأ أيضًا..
- الجزائر تحذر من انهيار جهود أوبك+ لاستقرار سوق النفط
- السعودية تهدد بعدم تصدير النفط.. وتصريحات حاسمة بخصوص "لا لأوبك"
- حقن الكربون يشهد تنافسًا بين السعودية والإمارات.. ما القصة؟