إنتاج الهيدروجين الأخضر من مياه البحر.. تقنية جديدة تبشّر بمصدر لا ينضب (تقرير)
قد يُنهي الاعتماد على المياه العذبة
نوار صبح
- زيادة إنتاج الهيدروجين الأخضر قد تؤدي إلى تفاقم النقص العالمي في المياه العذبة
- يمكن للهيدروجين الأخضر أن يحل محل هذا الهيدروجين الملوث
- يُصنع حاليًا جميع الهيدروجين تقريبًا عن طريق تفكيك الميثان
- يتطلب إنتاج كيلوغرام واحد من الهيدروجين باستعمال التحليل الكهربائي نحو 10 كيلوغرامات من الماء
أعلنت عدة فرق بحثية عن إحراز تقدم في إنتاج الهيدروجين الأخضر من مياه البحر بصورة مباشرة، الذي يمكن أن يصبح مصدرًا لا ينضب لهذا الوقود المهم، ما يقلل استهلاك المياه العذبة في مصانع إنتاجه.
ويمكن للهيدروجين الأخضر -المصنوع باستعمال الطاقة المتجددة لتفكيك جزيئات الماء- تشغيل المركبات الثقيلة وإزالة الكربون من الصناعات مثل صناعة الفولاذ دون إطلاق ثاني أكسيد الكربون، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
ونظرًا إلى أن آلات فصل المياه، أو المحلل الكهربائي، مصممة للعمل مع المياه النقية، فإن زيادة إنتاج الهيدروجين الأخضر يمكن أن تؤدي إلى تفاقم النقص العالمي في المياه العذبة، حسبما نشره موقع ساينس (Science) التابع للجمعية الأميركية لتقدم العلوم في 15 مارس/آذار الجاري.
ويقول العالم الفيزيائي في جامعة هيوستن الأميركية، زيفينغ رِنْ: "هذا هو الاتجاه نحو المستقبل". ويرى كيميائي المواد في جامعة كالغاري الكندية، إم دي كيبريا، أنه يوجد حاليًا حل أرخص تكلفة، وهو تلقيم مياه البحر في أجهزة تحلية المياه التي يمكنها إزالة الملح قبل تدفق المياه إلى أجهزة التحليل الكهربائي التقليدية.
ويُصنع حاليًا جميع الهيدروجين تقريبًا عن طريق تفكيك الميثان، وحرق الوقود الأحفوري لتوليد الحرارة والضغط اللازمين، لكن كلتا الخطوتين تطلق ثاني أكسيد الكربون.
تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر
يمكن للهيدروجين الأخضر أن يحل محل هذا الهيدروجين الملوث، لكنه في الوقت الحالي يكلف أكثر من ضعف ذلك، أي ما يقرب من 5 دولارات للكيلوغرام.
ويرجع ذلك جزئيًا إلى التكلفة العالية للمحلل الكهربائي، الذي يعتمد على المحفزات المصنوعة من المعادن الثمينة.
ويبدو في التصميم التالي -الذي أعدته منصة الطاقة المتخصصة- أنواع الهيدروجين حسب طريقة الإنتاج:
في سياق متصل، أطلقت وزارة الطاقة الأميركية -مؤخرًا- محاولة تستمر 10 سنوات لتحسين أجهزة التحليل الكهربائي وخفض تكلفة الهيدروجين الأخضر إلى دولار واحد للكيلوغرام.
وفي حالة نجاح الخطة وحدوث زيادة كبيرة في إنتاج الهيدروجين الأخضر، فقد يتراكم الضغط على إمدادات المياه العذبة في العالم.
ويتطلب إنتاج كيلوغرام واحد من الهيدروجين باستعمال التحليل الكهربائي نحو 10 كيلوغرامات من الماء، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وقد يتطلّب تشغيل الشاحنات الثقيلة والصناعات الرئيسة باستعمال الهيدروجين الأخضر ما يقرب من 25 مليار متر مكعب من المياه العذبة سنويًا، وهو ما يعادل استهلاك المياه في بلد يبلغ عدد سكانه 62 مليون نسمة، وفقًا للوكالة الدولية للطاقة المتجددة.
إنتاج الهيدروجين الأخضر من مياه البحر
على الرغم من أن مياه البحر متوافرة بغزارة فإن تفكيكها ينطوي على مشكلات خاصة.
ويُصنع المحلل الكهربائي مثل البطاريات، باستعمال زوج من الأقطاب الكهربائية محاط بإلكتروليت مائي.
في أحد التصميمات، تفكّك المحفزات في الكاثود (المهبط، القطب السالب) جزيئات الماء إلى أيونات الهيدروجين (H+) والهيدروكسيل (OH-).
وتربط الإلكترونات الزائدة في أزواج قطب الكاثود أيونات الهيدروجين في غاز الهيدروجين (H2)، التي تخرج من الماء.
وفي غضون ذلك، تنتقل أيونات الهيدروكسيد OH عبر غشاء بين الأقطاب الكهربائية للوصول إلى القطب الموجب، إذ تربط المحفزات الأكسجين في غاز الأكسجين (O2) الذي يُطلق.
وعند العمل على إنتاج الهيدروجين الأخضر من مياه البحر، فإن الصدمة الكهربائية نفسها التي تولد غاز الأكسجين O2 في القطب الموجب الأنود تحوّل أيونات الكلوريد في المياه المالحة إلى غاز كلور شديد التآكل، ما يؤدي إلى تآكل الأقطاب الكهربائية والمحفزات.
ويتسبب هذا في تعطُّل المحلل الكهربائي في غضون ساعات فقط، على الرغم من أنه يمكنه العمل بصورة طبيعية لسنوات.
محاولات لوقف التآكل
حاليًا، أبلغت 3 مجموعات من الباحثين عن محاولات لوقف هذا التآكل.
وأفاد باحثون بقيادة عالم المواد في معهد ملبورن الملكي للتكنولوجيا، ناصر محمود، في عدد 8 فبراير/شباط من مجلة "سمول"، بأنه من خلال طلاء أقطابهم الكهربائية بمركبات سالبة الشحنة مثل الكبريتات والفوسفات، يمكنهم صد أيونات الكلوريد سالبة الشحنة ومنع تكون غاز الكلور.
وأبلغ فريق معهد ملبورن الملكي للتكنولوجيا عن عدم وجود أي تآكل تقريبًا في أقطابهم الكهربائية لمدة تصل إلى شهرين، على الرغم من أنها أنتجت فقط القليل من الهيدروجين، حسبما نشره موقع ساينس (Science) التابع للجمعية الأميركية لتقدم العلوم في 15 مارس/آذار الجاري.
منذ ذلك الحين، عزّز الباحثون خطتهم لإنتاج الهيدروجين بسرعة مثل استعمال المحلل الكهربائي التجاري في المياه العذبة، حسبما يقول ناصر محمود.
وأجرى عالم تكنولوجيا النانو في جامعة أديليد الأسترالية، شيجانغ تشاو، وزملاؤه تغييرات على نوع ثانٍ من المحلل الكهربي الذي يستعمل غشاءً منفذًا فقط لأيونات الهيدروجين H+.
ويقسّم هذا الجهاز جزيئات الماء في القطب الموجب "الأنود" بدلًا من نظيره السالب "الكاثود"، ما يؤدي إلى انتزاع الإلكترونات لتحرير أيونات الهيدروجين H+.
بعد ذلك، تهاجر الأيونات عبر الغشاء إلى القطب السالب، إذ تتحد مع الإلكترونات لتكوين غاز الهيدروجين H2.
وغطى تشاو وزملاؤه أقطابهم بأكسيد الكروم، ما جذب فقاعة من أيونات الهيدروكسيد OH التي تصد أيونات الكلوريد.
ويفكك الجهاز مياه البحر لمدة 100 ساعة بوجود تيارات عالية دون تراجع، حسبما أفادوا في عدد 30 يناير/كانون الثاني من مجلة نيتشر إنرجي.
وقال عالم فيزياء المواد بجامعة هيوستن، شو تشين: "أنا سعيد جدًا برؤية مثل هذا التصميم الذكي".
في المقابل، اتخذ المهندس الكيميائي بجامعة نانجينغ للتكنولوجيا في الصين، زونغبينغ شاو، وزملاؤه مسارًا ثالثًا لدرء الكلوريد. فقد أحاطوا الأقطاب الكهربائية بأغشية لا تسمح إلا لبخار الماء العذب بالمرور من حوض مياه البحر المحيط بها.
ونظرًا إلى أن المحلل الكهربائي يحوّل المياه العذبة إلى هيدروجين وأكسجين، فإنه يخلق ضغطًا يسحب المزيد من جزيئات الماء عبر الغشاء، ما يعيد إمداد المياه العذبة.
في إصدار 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2022 من مجلة نيشتر، أفاد شاو وزملاؤه بأن جهازهم تم تشغيله لمدة 3 آلاف و200 ساعة دون أي علامة على التدهور.
ويقول عالم الفيزياء التطبيقية في جامعة رايس، هاوتيان وانغ: "إنها تشبه عملية التقطير الداخلية".
تُجدر الإشارة إلى أن الأغشية التي تحجب الملح تشبه تلك الموجودة في محطات التحلية التجارية، التي تتمتع بالكفاءة الكافية لإنتاج المياه العذبة مع إضافة نحو 0.01 دولارًا للكيلوغرام فقط إلى تكلفة الهيدروجين الأخضر.
اقرأ أيضًا..
- لأول مرة تاريخيًا.. مولدات خلايا وقود الهيدروجين تظهر في السعودية
- أنس الحجي: أسعار النفط تنهار بسبب "سيليكون فالي".. وهذا المتوقع من أوبك+
- أبرز الحقائق عن مشروع ويلو النفطي المثير للجدل في أميركا (إنفوغرافيك)
لازال التساؤل لسؤال يطرح نفسه
بعد أبحاث النظرية في هذا المجال
فقد لاحظت أن توليد الهيدروجين ليس مصدر من مصادر الطاقة ولكن شكل من أشكال تخزينها، والسبب أن الطاقة اللازمة لتوليده هي نفس الطاقة الناتجة من استثماره