دراسة سعودية تحذر من ارتفاع أسعار بطاريات الليثيوم أيون

شهدت أسعار بطاريات الليثيوم أيون ارتفاعًا قويًا خلال العام الماضي (2022)، مع اضطرابات سلاسل التوريد العالمية، ما قد يهدد طفرة السيارات الكهربائية، كون البطاريات الجزء الأغلى ثمنًا في هذه المركبات.

وأكدت دراسة حديثة لمركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية (كابسارك)، أن أسعار البطاريات تؤثر كثيرًا في صناعة السيارات الكهربائية، كونها تمثّل 30% من التكلفة الإجمالية بالنسبة إلى المستهلكين.

وتوضح الدراسة -التي اطلّعت عليها وحدة أبحاث الطاقة- أن متوسط أسعار بطاريات الليثيوم أيون شهدت ارتفاعًا خلال العام الماضي، بعد انخفاض كبير امتد لعقد من الزمن، فهل يُعد ارتفاعًا مؤقتًا أم تحولًا جديدًا قد تشهده صناعة السيارات الكهربائية؟

أسعار بطاريات الليثيوم أيون

رغم ذكر الدراسة أن الزيادة الأخيرة في أسعار بطاريات الليثيوم، جاءت بفعل عوامل مؤقتة ستنتهي قريبًا، فإنها لم تستبعد استمرار ارتفاع الأسعار في المستقبل.

وأرجعت ذلك الاحتمال إلى تسبب الأسعار المرتفعة -حاليًا- في حدوث تغيّرات هيكلية في السوق يمكنها أن تؤدي إلى استدامة التكلفة العالية.

وتوصلت الدراسة إلى أن التغيّرات الهيكلية في ديناميكيات السوق المتضمنة زيادة الطلب والسياسات التي تؤثر في أسعار المواد الخام للبطاريات والتحولات الجيوسياسية المؤثرة في العرض، تشير إلى أن ارتفاع أسعار البطاريات العام الماضي ليس مجرد ارتفاع مؤقت.

ومن جانبها، أرجعت مؤسسة بلومبرغ نيو إنرجي فاينانس، التي تتابع أسعار بطاريات الليثيوم أيون منذ عام 2010، ارتفاع الأسعار، خلال العام الماضي (2022)، إلى زيادة معدلات التضخم وأسعار مكونات البطاريات والمواد الخام ، مثل الكوبالت والنيكل والليثيوم .

ورغم أن أسعار معادن النيكل والكوبالت شهدت انخفاضًا مؤخرًا، ما يشير إلى إمكان تراجع أسعار بطاريات الليثيوم أيون، تتوقع الدراسة أن يظل متوسط سعر البطارية مرتفعًا خلال العام الجاري (2023) عند 152 دولارًا لكل كيلوواط/ساعة.

وتشير الدراسة إلى أن سوق بطاريات الليثيوم أيون المستعملة في السيارات الكهربائية، خلال النصف الأول من عام 2010، كانت تتميز بزيادة المعروض من تلك البطاريات نتيجة التنافس بين الشركات المصنعة لها، ما أسهم في انخفاض الأسعار.

ومع تراجع التكلفة الإجمالية للبطاريات منذ ذلك الوقت، ارتفعت في المقابل حصة مكونات تكلفة المواد الخام، فعلى سبيل المثال، ارتفعت حصة مواد الكاثود المستعملة في البطاريات إلى ما يقرب من 25% بنهاية عام 2021، مقابل 5% فقط عام 2011.

وبحسب وكالة الطاقة الدولية، كان ارتفاع تكاليف مواد الكاثود في عام 2021 وراء زيادة أسعار بطاريات الليثيوم أيون بنسبة 5%، مقارنة بمستوياتها في عام 2020.

العرض والطلب

نقلت الدراسة، توقعات شركة ألبيمارل -وهي أكبر منتج لليثيوم عالميًا- أن يؤدي ارتفاع الطلب على المركبات الكهربائية إلى استمرار عدم التوافق بين العرض والطلب لسنوات، وبدوره ينعكس على أسعار بطاريات الليثيوم أيون.

وترى دراسة كابسارك، أنه في حالة استمرار ارتفاع أسعار المواد الخام، من المحتمل حدوث تأثير واضح في الأسعار المستقبلية لبطاريات السيارات الكهربائية، كما أن شركات التعدين قد تتردد في زيادة الإنتاج خوفًا من تسبب الفائض في تراجع الأسعار.

ورغم أن ارتفاع أسعار السلع الأساسية يؤدي إلى تحفيز الاستثمارات المستقبلية في الإنتاج، فإن تشغيل القدرات الجديدة يستغرق مدة زمنية تتراوح ما بين 6 و10 سنوات، إذ تتضمن مجموعة من الأنشطة منها التنقيب والحصول على التصاريح والتشييد والبناء والتشغيل.

ورغم المخاوف التي قد تسيطر على شركات التعدين، رجحت الدراسة أن يؤدي ارتفاع الأسعار والاتجاه إلى اعتماد المركبات الكهربائية إلى أن تكون الشركات أكثر ميلًا لزيادة القدرة الإنتاجية، وهو ما قد يسهم في خفض الأسعار مستقبلًا.

وتُجدر الإشارة إلى وجود محادثات تتبنى فكرة إنشاء مجموعة شبيهة بمنظمة أوبك بين الدول المنتجة لمعدن الليثيوم، للعمل على إحكام السيطرة على أسعار المواد الخام، وذلك في ظل زيادة تبني صناع السياسة حول العالم نشر السيارات الكهربائية واعتمادها.

• أكبر منتجي الليثيوم في أميركا اللاتينية يقترحون منظمة على غرار أوبك

وحذرت الدراسة من أن عدم وجود استثمارات كبيرة في التقنيات منخفضة الانبعاثات بخلاف السيارات الكهربائية، مثل المركبات التي تعمل بالهيدروجين والبنية التحتية المرتبطة بها، قد يتسبب في ارتفاع أسعار المواد الخام المستعملة في بطاريات المركبات الكهربائية، وسط السياسات التي تفرض التحول إلى التقنيات خالية الانبعاثات.

دور العولمة في تحريك الأسعار

تشير الدراسة إلى أن سلاسل الإمداد المحدودة في ظل محاولة التصدي للعولمة، ومنها على سبيل المثال اتجاه الغرب لتقليل اعتماده على الصين، ستؤدي إلى ارتفاع أسعار البطاريات، مؤكدة أن عولمة تجارة البطاريات أسهمت في انخفاض أسعار التقنيات الخضراء سابقًا.

ونقلت عن دراسة نشرتها مجلة نيتشر العالمية العام الماضي (2022)، توضح أن سلاسل الإمداد، التي استفادت من العولمة، وفرت نحو 67 مليار دولار من تكاليف إنتاج الألواح الشمسية في المدّة ما بين 2008 و2020.

وهو ما أرجعته الدراسة بصورة رئيسة إلى شبكات التجارة والاستثمار عبر الحدود، ما حافظ على انخفاض التكاليف وشجع على التعلم والابتكار.

وفي المقابل، هناك اتجاه متنامٍ -حاليًا- نحو التوطين، وهو ما يظهر بصفة خاصة في قانون خفض التضخم بالولايات المتحدة الذي يربط الائتمان الضريبي للمركبات الكهربائية بشراء مواد البطاريات المحلية وتصنيعها.

كما أصدر الاتحاد الأوروبي لائحة خاصة بالبطاريات تلزم الشركات تصنيع البطاريات في السوق الأوروبية بمعايير صارمة للحوكمة البيئية والاجتماعية حتى تتنافس على عوامل أخرى غير السعر.

وبناءً على ذلك، توقع العديد من الخبراء زيادة محتملة في أسعار بطاريات الليثيوم للمركبات الكهربائية نتيجة لزيادة مستويات التوطين، حسب الدراسة.

موضوعات متعلقة..

• أين تتجه صناعة بطاريات أيون الصوديوم في ظل ارتفاع أسعار المعادن؟
• السيارات الكهربائية.. صراع كوري صيني للهيمنة على سوق البطاريات
• الطلب على الليثيوم يستمر بقوة مع تراجع الأسعار (تقرير)

اقرأ أيضًا..

• تصعيد أميركي جديد ضد أوبك.. القانون المثير للجدل يطل برأسه من جديد
• قطاع الغاز في موريتانيا يؤدي دورًا محوريًا بإزالة الكربون ودعم التصنيع (تقرير)
• حقل غاز أنشوا المغربي يشهد تطورات مهمة لبدء الإنتاج.. ورقم ضخم محتمل
• الغاز الجزائري يطيح بأميركا من صدارة الإمدادات إلى إسبانيا