تعدين العملات المشفرة يضرب الكهرباء والتدفئة في مدينة قازاخستانية (تقرير)
نوار صبح
- حذّرت السلطات من أن الحكومة القازاخستانية قد تتحرك لتأميم شركات الكهرباء المتعثرة
- الرئيس القازاخستاني يُقيل الحاكم الإقليمي المسؤول عن مدينة إيكيباستوز
- نحو 65% من شبكات الكهرباء الإقليمية في قازاخستان تعاني حالة سيئة من التلف
- أصبح معدل انقطاع التيار الكهربائي قاسيًا بصورة خاصة العام الماضي
ارتبطت طفرة تعدين العملات المشفرة في قازاخستان بمعاناة مدينة إيكيباستوز، الواقعة في منطقة بافلودار شمال شرق البلاد، التي تعرّضت لانقطاع التيار الكهربائي خلال ظروف طقس تدنّت فيه الحرارة إلى أقل من 30 درجة مئوية.
وشهدت قازاخستان، الواقعة في آسيا الوسطى، تعثُّرًا شديدًا في شبكة الكهرباء لديها، بسبب تدفق الباحثين عن العملات المشفرة، الذين انتقل العديد منهم على عجل إلى قازاخستان من الصين، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
وجاء ذلك عندما فرضت بكين حملات صارمة على العملات المشفرة، وسط صعوبات واجهتها مقاطعات صينية مختلفة تعاني نقصًا في الكهرباء.
وفي العامين الماضيين، لاحظ العديد من وسائل الإعلام والمراقبين النمو السريع لطفرة تعدين العملات المشفرة في قازاخستان، وفقًا لما نشره موقع "نيوز بيز" (Newsbase) في 8 مارس/آذار الجاري.
وتندرج الأخبار المتعلقة بانقطاع التيار الكارثي على مستوى مدينة إيكيباستوز، في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني، الذي لم يتم حله بالنسبة إلى الكثيرين من سكانها حتى منتصف ديسمبر/كانون الأول على الأقل، ضمن متابعات الحكومة القازاخستانية، دون ذكر لتعدين العملات المشفرة.
انقطاع الكهرباء
استمر انقطاع الكهرباء في مدينة إيكيباستوز القازاخستانية حتى ديسمبر/كانون الأول. ورغم عودة التيار الكهربائي، ظلّ ما لا يقل عن 17 مبنى سكنيًا دون تدفئة.
وما تزال الأخبار عن أعمال الإصلاح -وبالتحديد في محطة التدفئة والكهرباء المشتركة في إيكيباستوز ومنازل المدينة التي تضررت من جراء الكارثة- تظهر حتى يومنا هذا، حسب تقرير اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وبعد الأحداث التي وقعت في مدينة إيكيباستوز، حذّرت السلطات من أن الحكومة القازاخستانية قد تتحرك لتأميم شركات الكهرباء المتعثرة، وتخوَّفَ السياسيون من أزمة شاملة.
علاوة على ذلك، أقال الرئيس القازاخستاني، قاسم جومارت توكاييف، الحاكم الإقليمي المسؤول عن مدينة إيكيباستوز، ولكن يأتي ذلك -على الأرجح- مناورة للتخفيف من الغضب الشعبي.
وأصدر قاسم جومارت توكاييف تعليماته إلى رئيس الوزراء علي خان إسماعیلوف بدراسة قضية تأميم أصول الطاقة الإشكالية، وفقًا لما جاء في منشور على موقع فيسبوك للمتحدث الرئاسي رسلان زيلديباي.
وغالبًا ما تحاول السلطات القازاخستانية اتخاذ مبادرات شعبوية، مثل دعوات التأميم، لإظهار وعي الحكومة الواضح بالقضايا، في محاولة لتحويل المسؤولية عن أدوار المسؤولين في الصعوبات التي حدثت.
وغالبًا ما تؤدي البنية التحتية المتقادمة من الحقبة السوفيتية في قازاخستان إلى اضطرابات في توفير الكهرباء.
في أكتوبر/تشرين الأول، أفادت الحكومة القازاخستانية بأن نحو 65% من شبكات الكهرباء الإقليمية تعاني حالة سيئة من التلف. ويتناقض الإحباط من حالة الشبكة الكهربائية مع وضع قازاخستان بصفتها مصدّرًا صافيًا للطاقة.
وأصبح معدل انقطاع التيار الكهربائي ملموسًا وصارخًا بصفة خاصة العام الماضي، وسط تدفق شركات تعدين العملات المشفرة إلى قازاخستان الذي بدأ عام 2021.
وعلى ضوء ذلك، فرضت شركة تشغيل شبكة الكهرباء القازاخستانية (كيه إي دي أو سي)، المملوكة للدولة، انقطاع التيار الكهربائي المجدول طوال أواخر عام 2021، للتخفيف من الحمل الزائد على النظام وسط الارتفاع في تعدين العملات المشفرة.
وفي عام 2021، كانت قازاخستان تدرس إمكان استيراد الكهرباء من روسيا، من أجل التعويض عن الضغط على الشبكة الناجم عن تعدين العملات المشفرة.
ونتيجة للحرب المستمرة في أوكرانيا، أصبح هذا الاحتمال غير مرجح، مع محاولة الدولة تقليص الاعتماد الاقتصادي على حليفها التقليدي.
ازدهار تعدين العملات المشفرة
بحلول منتصف عام 2021، ازدهرت صناعة تعدين العملات المشفرة في قازاخستان جرّاء استضافة مجموعة صغيرة من شركات التعدين بحلول عام 2017 بسبب الكهرباء رخيصة الثَّمَن، لتصبح ثاني أكبر قطاع تشفير عملات في العالم.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2021، استحوذت قازاخستان على 18.3% من معدل تجزئة العملات المشفرة في العالم، وفقًا لما نشره موقع "نيوز بيز" (Newsbase) في 8 مارس/آذار الجاري.
وفي ربيع عام 2022، بلغ ازدهار عملات البيتكوين في قازاخستان ذروته بعد أن فصلت السلطات فجأة شركات التعدين عن الشبكة.
وبحلول أواخر عام 2021، كانت هناك تقديرات محلية تُظهر أن تعدين البيتكوين في قازاخستان كان يستهلك أكثر من 1.5 غيغاواط من الكهرباء، وجاء ثلثا ذلك من شركات التعدين غير المشروعة أو الموازية، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
تداعيات نقص إمدادات الكهرباء
يرى المحللون أن نقص إمدادات الكهرباء عامل رئيس مساهم في التوترات الأولية في قازاخستان، التي أدت إلى اندلاع مظاهرات عامة واسعة النطاق في يناير/كانون الثاني 2022.
وبلغت التوترات ذروتها في الاضطرابات السياسية التي شهدتها البلاد (يناير/كانون الثاني الدامي)، التي شهدت مقتل ما لا يقل عن 238 شخصًا، وفقًا للرواية الرسمية.
وبعد الاضطرابات والمزيد من انقطاع التيار الكهربائي، تحركت الحكومة لإغلاق طفرة تعدين العملات المشفرة بصورة فعّالة، وقُيّد الوصول إلى شبكة الكهرباء، التي قطعت التيار عن عمليات التعدين التي يديرها مقرّبون من السلطة.
وبدأت شركات التعدين مغادرة قازاخستان تدريجيًا، وأوقفت عملياتها.
وتحولت مدينة إيكيباستوز من حضور كبير لمؤسسات التعدين المشفرة العاملة -التي جذبها المستوى العالي لتوليد الكهرباء في المنطقة المجاورة استنادًا إلى إنتاجها التقليدي من الفحم- إلى توقُّف عمليات التعدين فيها بحلول نهاية عام 2022.
العملات المشفرة تتطفل على طاقة التدفئة
لاحظ سكان مدينة إيكيباستوز القازاخستانية أن المشكلات المتعلقة بإمدادات التدفئة لمبانيهم السكنية ساءت بصفة كبيرة، بعد أن عيّنت السلطة المحلية للكهرباء والتدفئة عزت ساربيكوف، رئيسًا جديدًا، وفقًا لمقال نشره موقع إكسكلوسيف قازاخستان الإخباري القازاخستاني.
وتولى عزت ساربيكوف زمام القيادة في شتاء 2021-2022، وبدأت محطة الطاقة الكهروحرارية الرئيسة التي تزوّد المدينة بالتدفئة، في عهده، توجيه قدراتها إلى "جَنْي أرباح العملات المشفرة،" بحسب موقع إكسكلوسيف قازاخستان.
في ظل الوضع الحالي، شهدت قازاخستان انخفاضًا في معدل التجزئة العالمي إلى 6.4% (أقل من ذروة 18.4%) منذ الربع الأول من عام 2022، ما أدى إلى خفض انبعاثات الكربون لشبكة الكهرباء على مستوى البلاد بنسبة 10%، وفقًا لنائب رئيس شركة كلايمت تك، دانييل باتن.
ونظرًا إلى أن قازاخستان تعتمد على الوقود الأحفوري بنسبة 87.6%، فإن قلة التعدين في البلاد تؤدي إلى نسبة أعلى من الطاقة النظيفة في مزيج طاقة البيتكوين.
ومن غير المحتمل أن تصبح الدولة مرة أخرى لاعبًا رئيسًا في عالم تعدين العملات المشفرة ما لم تتمكن من معالجة مسألة تحويل جزء كبير من قطاع الكهرباء لديها إلى الطاقة المتجددة بصورة صحيحة.
ويتوقع المراقبون تشغيل العملات المشفرة مرة أخرى في قازاخستان إذا أنشأت الدولة السوفيتية السابقة محطة طاقة نووية متوقعة.
وبعد انهيار بورصة إف تي إكس للعملات المشفرة وصندوق التحوط في جزر البهاما العام الماضي، وهي فضيحة حدثت في الوقت نفسه تقريبًا مع قضية مدينة إيكيباستوز، تفكر قازاخستان الآن في مزيد من تشديد اللوائح التنظيمية لتعدين ذلك النوع من العملات.
اقرأ أيضًا..
- تصعيد أميركي جديد ضد أوبك.. القانون المثير للجدل يطل برأسه من جديد
- أنس الحجي: أسواق الغاز تأثرت بحرب أوكرانيا.. ما علاقة "الصخري" الأميركي؟ (صوت)
- تركيب أول محول لطاقة الأمواج في العالم (صور وفيديو)