تستعد إحدى الشركات الصينية لاستكمال أكبر محطة كهرباء حرارية في باكستان، وسط أزمات متفاقمة تحيط بإسلام آباد من كل جانب.
وأعلنت شركة شنغهاي إلكتريك الصينية خططًا حديثة لاستكمال أكبر مشروع من نوعه في البلاد عبر الاستفادة من مشروع " ثار" المتكامل لإنتاج الفحم والكهرباء في إقليم السند، وفقًا لموقع نيوز واير المحلي المتخصص (News Wire).
وأعلنت الشركة الصينية دخول مشروع "ثار" لإنتاج الفحم والكهرباء إلى مرحلة التعامل التجاري رسميًا في 5 فبراير/شباط 2023، بعد نجاحها بتجريب وحدتين للتشغيل، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
تطوير أكبر محطة كهرباء حرارية
تخطط شنغهاي إلكتريك للاستفادة من عمليات المشروع المتكامل، بإنشاء أكبر محطة كهرباء حرارية في باكستان، ما قد يسهم في توفير الكهرباء النظيفة لأكثر من 4 ملايين أسرة باكستانية.
ونجحت الشركة في اختبار وحدتين بمشروع "ثار" بقدرة 660 ميغاواط، مع معدلات تحميل موثوقة لمدة 168 ساعة.
وتخطط الشركة لتوليد 9 مليارات كيلوواط/ساعة من الكهرباء سنويًا عبر هذا المشروع، الذي يعدّ أكبر محطة كهرباء حرارية، ما يعادل احتياجات 4 ملايين أسرة باكستانية على الأقلّ، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
البداية من 2019
تعمل شنغهاي إلكتريك في مشروع تطوير أكبر محطة كهرباء حرارية بنظام تعاقد البناء والتملك والتشغيل "بي أو أو"، المشهور في التعاقدات مع شركات المرافق والبنية التحتية حول العالم.
وبدأ العمل في مشروع "ثار" المتكامل لإنتاج الفحم والكهرباء منذ مارس/آذار 2019، بتكلفة استثمارية تصل إلى 3 مليارات دولار.
وتقول شركة ثار كول بلوك باور جينيريشن، إن هذا المشروع يسهم في حل أزمات الطاقة بباكستان بصور مختلفة عبر استعمال الإمكانات المحلية، مثل الفحم.
كما يساعد في خفض فاتورة الاستيراد الخارجي وأسعار الكهرباء المحلية، ما يعزز أمن الطاقة في باكستان، من خلال الشراكة مع أصحاب المصلحة المحليين، وفقًا للرئيس التنفيذي للشركة دونغهاي منغ.
وتبلغ سعة مشروع "ثار" الإجمالية قرابة 1320 ميغاواط، مدعومًا بمنجم فحم مفتوح في إقليم السند ينتج قرابة 7.8 مليون طن من الفحم البني سنويًا.
وتُطوّر شنغهاي إلكتريك أكبر محطة كهرباء حرارية في باكستان بصورة شبه متكاملة، بداية من توريد التقنيات اللازمة، مثل التوربينات البخارية، والغلايات، والسخانات ذات الضغط العالي والمنخفض، إلى تقديم المولدات الكهربائية ونظم التهوية، وعدد كبير من مراوح السحب و108 من المحركات الداعمة، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
15 ألف فرصة عمل
تقول الشركة الصينية، إن هذا المشروع يسهم في التنمية الاجتماعية والاقتصادية للمجتمعات المحلية في باكستان بصورة مختلفة، أبرزها توفير 15 ألف فرصة عمل غير دائمة، خلال عمليات البناء والتشييد.
كما سيسهم في إنعاش خزانة الدولة المنهكة بمبلغ كبير من الضرائب السنوية يصل إلى 120 مليون دولار، إضافة إلى الخبرة الفنية المنقولة إلى المهندسين والفنّيين الباكستانيين المشاركين في المشروع.
كما تبرعت الشركة الصينية بملايين الدولارات لإنشاء مدرسة لتعليم اللغة الصينية ضمن محيط المشروع لتعزيز التبادل الثقافي بين البلدين.
وتحرص الشركة على التعاون مع أصحاب المصلحة المحليين في مشروعاتها، عبر جولات من المحادثات والمشاورات مع الحكومات المحلية ورؤساء القرى وممثلي القبائل والأعراق المختلفة لضمان توفير مصدر طاقة مستقر في جميع أنحاء المنطقة المحيطة بالمنجم المفتوح.
تدابير لتجنّب المخاوف البيئية
توصلت شنغهاي إلكتريك مع الأطراف المحلية إلى اعتماد نظام الري بالرش بدلًا من الغمر لتجنّب المخاوف البيئية في المناطق الزراعية المحيطة بالمنجم.
وأسهم مشروع "ثار" في مساعدة الحكومات المحلية على إعادة توطين السكان الأصليين في منطقة التعدين وتحسين ظروفهم المعيشية عبر الحصول على المياه النظيفة والكهرباء، وفقًا للشركة الصينية.
وتعاني باكستان من أزمة طاقة مزمنة، ارتفعت وتيرتها منذ الصيف الماضي، على أكثر من مستوى بداية من نقص إمدادات الغاز الطبيعي للمنازل والصناعة ومحطات توليد الكهرباء العاملة بالغاز.
كما تواجه مشكلة في انقطاع التيار الكهرباء، إضافة إلى نقص المشتقات النفطية الحيوية، مثل البنزين والديزل، ما أدى إلى سلسلة اضطرابات متكررة في الحياة اليومية والصناعة.
أزمة الغاز
تتزامن هذه الأزمات مع تدهور حادّ في الاحتياطي النقدي الأجنبي للبلاد، ما يكبّل قدرة الحكومة الباكستانية على الاستيراد، في ظل ارتفاع أسعار الغاز العالمية بسبب الحرب الأوكرانية المندلعة منذ العام الماضي (2022)، ولم تهدأ حتى الآن.
وتعاني باكستان عجزًا في إمدادات الغاز الطبيعي يتراوح بين 800 مليون قدم مكعبة في الفصول المعتدلة، إلى 1.35 مليار قدم مكعبة يوميًا في فصل الشتاء، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وانخفضت واردات إسلام آباد من الغاز المسال بنسبة 17% خلال عام 2022، بسبب أسعاره العالمية المتضاعفة منذ الحرب الأوكرانية، وهو أدنى مستوى للواردات منذ 5 سنوات (2017)، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وأدى ذلك إلى انخفاض قدرات التوليد في محطات الكهرباء العاملة بالغاز بنسبة 4.4% إلى 129 غيغاوط/ساعة خلال 11 شهرًا ممتدة حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2022.
الاعتماد على الغاز بنسبة 35%
تعتمد باكستان على الغاز في توليد الكهرباء بنسبة الثلث تقريبًا، بينما تعتمد على المحطات العاملة بالمشتقات النفطية، مثل الديزل وزيت الوقود إضافة إلى الفحم، في توليد النسبة الأكبر من الكهرباء في البلاد.
كما تعاني البلاد من تقادم محطات توليد الكهرباء العاملة في البلاد، سواء المعتمدة على الغاز أو زيت الوقود، ما يؤدي إلى كثرة الأعطال المؤثّرة في اضطراب التيار وضعف استمراره على مستوى أغلب أقاليم البلاد.
ويشتكي وزير الطاقة الباكستاني خورام خام من تقادم المحطات العاملة بالديزل وزيت الوقود، وارتفاع تكلفة تشغيلها، مقارنة بالمحطات العاملة بالغاز، رغم ارتفاع أسعاره.
وعالجت وزارة الطاقة الباكستانية مشكلة نقص إمدادات الغاز خلال الشتاء المنصرم، عبر خطة قاسية لقطع الإمدادات عن المنازل لمدة 16 ساعة يوميًا، على أمل تخفيف حدّة الأزمة في الصيف المقبل.
كما تفرض الحكومة على مراكز التسوق والمحلات التجارية إغلاق أعمالهم من الساعة الـ8 مساءً، لتوفير الكهرباء المستهلكة في القطاع التجاري، وسط شكاوى عديدة من التجّار وأصحاب المحلّات.
وتدرس الحكومة في الوقت الحالي رفع الدعم المقدّم على أسعار الغاز للمستهلكين في المنازل، ومحطات توليد الكهرباء، ومصانع الأسمدة، بصورة جزئية لسدّ فجوة التكاليف المرتفعة بسبب أسعار الغاز العالمية.
كما تفكر في زيادة ضريبة القيمة المضافة على استهلاك المشتقات النفطية مثل البنزين والديزل، بمعدلات أعلى من السابق، في محاولة لتعزيز حصيلة الضرائب في بلاد تعاني أوضاعًا اقتصادية متردّية منذ سنوات.
موضوعات متعلقة..
- زيادة مرتقبة بأسعار الغاز في باكستان تتجاوز 300%
- باكستان تخطط لقطع إمدادات الغاز الطبيعي عن المنازل 16 ساعة يوميًا
اقرأ أيضًا...
- حقل أريدو النفطي في العراق يشهد صفقة للاستفادة من 12 مليار برميل
- السودان يكشف عن مشروع ضخم لاستغلال الغاز المصاحب (صور)
- وزير البترول المصري يبحث مع شيفرون زيادة صادرات غاز شرق المتوسط إلى أوروبا