التغير المناخيالتقاريرتقارير التغير المناخيرئيسية

التغيرات المناخية تعصف بالصحة النفسية والعقلية.. بنغلاديش نموذجًا (دراسة)

أحمد أيوب

تؤكد دراسة حديثة أن التغيرات المناخية لا ينحصر تأثيرها فقط في الطبيعة، وإنما يمتد إلى الصحة العقلية والنفسية للإنسان، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

وتزيد درجات الحرارة والرطوبة العالية وغير ذلك من الأمور المتعلقة بالتغيرات التي تطرأ على المناخ، من اضطرابات الصحة العقلية مثل الاكتئاب والقلق، بحسب الدراسة المنشورة في مجلة "ذا لانسيت بلانيتري هيلث" -مؤخرًا- ونقلها موقع ساي ديف نت (SCI Dev Net) العلمي.

واعتمدت الدراسة على بيانات اختبرت الارتباط بين التغيرات المناخية والخصائص الاجتماعية للسكان في دولة بنغلاديش التي تُعَد واحدة من أكثر بلدان العالم عُرضة للتأثيرات المناخية.

المناخ والاعتلال النفسي

رصد الباحثون المتغيرات المتعلقة بالمناخ في 43 محطة أرصاد جوية ببنغلاديش، بهدف قياس التغيرات في درجات الحرارة والرطوبة الموسمية على مدار شهرين.

ومن بين المشاركين في الدراسة، حالات تعرضت للفيضانات، ومثلت هذه الشريحة مؤشرًا على إمكانية تأثير التغيرات الصغيرة للظواهر الجوية المرتبطة بالمناخ في استجابات الصحة العقلية.

التغيرات المناخية
آثار اضطرابات نفسية تبدو على أحد الأشخاص - الصورة من Stanford Woods Institute for the Environment

بالإضافة إلى ذلك، أجرى الباحثون استطلاعين لقياس معدلات الاكتئاب والقلق للبالغين لدى كل من الأسر الحضرية والريفية، من خلال مجموعتين بحثيتين.

وأُجري الاستطلاع الأول بين شهري أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول عام 2019، بينما أُجري الاستطلاع الثاني خلال المدة من يناير/كانون الثاني حتى فبراير/شباط 2020.

وانتقد الباحثون في البلاد عدم توافر البيانات المتعلقة بهذا الأمر على مستوى الدولة، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

وأوضحت الدراسة أن الأشخاص الذين تعرضوا لارتفاع في درجات الحرارة بمقدار (1) درجة مئوية واحدة خلال الشهرين السابقين للدراسة، من المحتمل أن تزيد إصابتهم باضطرابات القلق بنسبة 21%، ومن المرجح إصابتهم بكل من الاكتئاب واضطراب القلق في وقت واحد بنسبة 24%.

وأشارت الدراسة إلى أن التعرض لأخطار التغيرات المناخية في بنغلاديش -وأبرزها الفيضانات- أدى إلى زيادة احتمالية الإصابة بالاكتئاب بنسبة 31%، والقلق بمعدل 69%، والإصابة بكلتا العلتين بنسبة 87%.

بنغلاديش في مرمى الخطر

قال الأستاذ المساعد في قسم الصحة العالمية في كلية الصحة بجامعة جورج تاون، سيد شباب وحيد، المؤلف الرئيس للدراسة: "رصدنا مؤشرات خطيرة حول تأثير تغير المناخ في الصحة العقلية بواحد من البلاد الأكثر عرضة لهذه التغيرات، ويمكن أن تكون نتائج الدراسة بمثابة تحذير للدول الأخرى".

وأضاف: "تزداد معدلات التغيرات المناخية؛ حيث تستمر درجات الحرارة والرطوبة في الارتفاع، وتزداد كذلك الكوارث الطبيعية، مثل الفيضانات الشديدة، وكل ذلك يُنذر بتداعيات متزايدة على صحتنا العقلية الجمعية".

وتطرق "وحيد" إلى ما تواجهه بنغلاديش من مخاطر جمّة مرتبطة بالتغيرات المناخية؛ بما يشمل ارتفاع درجات الحرارة، وزيادة مستويات الرطوبة، وموجات الاحترار الكثيفة، والكوارث الطبيعية المتصاعدة؛ مثل الفيضانات والأعاصير الشديدة، لافتًا إلى أن اجتماع هذه الظواهر جعل البلدة الآسيوية اختيارًا أمثل لاختبار العديد من مظاهر الطوارئ المناخية.

وقال وحيد إن نتائج الدراسة تُثبت أن -لأول مرة على المستوى الوطني في بنغلاديش، وفي جنوب آسيا بشكل عام- العلاقة بين ارتفاع درجة الحرارة والرطوبة أو التعرض للفيضانات الشديدة وردة الفعل السلبية على الصحة النفسية واضطرابات الاكتئاب والقلق المرتبطة بتداعيات التغيرات المناخية.

وأضاف أن الباحثين وجدوا أن الفئات العمرية الأكبر سنًا كانت الأكثر عُرضة للإصابة بالقلق والاكتئاب، كما أشارت نتائج الدراسة إلى أن الإناث أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب من الرجال.

دراسات سابقة

قالت المؤسِّسة المشاركة لتحالف الطب النفسي المناخي ليز فان ساسترين، إن ما توصلت إليه هذه الدراسة من نتائج يتفق مع نتائج رُصدت عبر دراسات أخرى"، مطالبة بضرورة نشرها على نطاق واسع في إطار تجنب آثار التغيرات المناخية على الصحة النفسية.

التغيرات المناخية
آثار التغيرات المناخية - الصورة من Commonwealth Fund

وأضافت أن ظروف الطقس القاسية، التي تشمل ارتفاع درجات الحرارة وزيادة هطول الأمطار والفيضانات، تدق ناقوس الخطر إيذانًا بوجود آثار سلبية تتعلق بصحة الإنسان النفسية، وفق التصريحات التي اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

وتابعت: "الآثار المادية لتداعيات التغيرات المناخية يمكن رؤيتها بسهولة؛ ما يدفع نحو الاهتمام بها بصورة متزايدة، بينما في المقابل عادة ما تكون الاضطرابات النفسية خفية تتسرب دون وعي إلى الحياة اليومية وحياة العائلات والمجتمعات المحيطة، ويصعب الكشف عنها ومعالجتها".

واقترحت "ساسترين" ضرورة إنشاء تخصص علمي فرعي لدراسة الارتباط بين المناخ والصحة النفسية، لتثقيف الأفراد وتبني سياسات واضحة تقلل من المخاطر، مشيرة إلى أن تلك الخطوة تعد ضرورة مُلحة.

وأضافت أن الدراسة تشجع المنخرطين في ظاهرة التغيرات المناخية على الصعيد العالمي على أن يأخذوا نتائجها على محمل الجد، ولا سيما أن تلك الأمراض تمثل تهديدًا وتحديًا خطيرًا على الصحة والمستقبل.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق