نائبة أوروبية تهاجم شركات الوقود الأحفوري.. وشركات كبرى في مقدمة الاتهام
رجب عز الدين
يتسع نفوذ شركات الوقود الأحفوري داخل دوائر اتخاذ القرار الأوروبي بصورة متزايدة، لتقف حائلًا أمام تمرير مقترحات القوانين الراغبة في وضع حد للتلوث والانبعاثات الكربونية داخل الاتحاد الأوروبي وخارجه، حسب مقال لعضوة البرلمان الأوروبي ماري توسان.
ويقترب البرلمان الأوروبي من أول مناقشة جادة لمسألة ضغوط شركات الطاقة الملوثة للبيئة على مراكز صنع القرار خلال الأسبوع المقبل، وفقًا لموقع يورو نيوز (euro news).
ويترقب نشطاء البيئة والمناخ والمنظمات البيئية نتائج الاجتماع المرتقب لأعضاء البرلمان الأوروبي في بروكسل، وسط حالة من التحفز لاحتمال الفشل في محاصرة شركات الوقود الأحفوري الأوروبية، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وعادة ما تُتهم شركات الوقود الأحفوري بتسببها في أزمات الاحتباس الحراري والمناخ مع كل حادثة حريق هائل في الغابات، أو فيضان مدمر، أو كارثة بيئية في أحد البحار أو المحيطات.
وتتصدّر قارة أوروبا دول العالم -منذ عقدين على الأقل- في تبنّي قضايا البيئة والمناخ والتلوث والانبعاثات والطاقة المتجددة، لكنها ما زالت عاجزة عن وضع حد صارم لشركات النفط والغاز والفحم العاملة في أوروبا والعالم.
قلة خبرة المنتخبين
تفسّر النائبة في البرلمان الأوروبي ماري توسان، هذا العجز بالنفوذ الواسع لشركات الوقود الأحفوري داخل مراكز صنع القرار الأوروبي، ما يكبّل مناصري المناخ عن اتخاذ قرارات تنفيذية ضد الملوثين منذ سنوات طويلة.
وتروي النائبة عن فرنسا -حسب مقال نشرته في موقع يورو نيوز- مشاهد متعددة لاختبار هذا التغلغل المعرقل لاتخاذ إجراءات جادة بشأن المناخ في أوروبا حتى الآن.
وتُعدّ منظمات قطاع الطاقة المتجددة، أحد أبرز مظاهر الخداع الذي يمارس على أعضاء الاتحاد الأوروبي، ليتراجعوا عن اتخاذ مواقف متشددة تجاه قطاع النفط والغاز والفحم في أوروبا.
وتستغل هذه المنظمات قلة خبرة الأعضاء المنتخبين على مستوى الاتحاد وندرة تخصصاتهم في مجالات الطاقة والبيئة وغيرها، ما يسهّل عليها مهمة التضليل باسم الحياد العلمي والتخصص، وفقًا لنائبة البرلمان الأوروبي ماري توسان.
منتدى الطاقة الأوروبي
تشير توسان إلى منتدى الطاقة الأوروبي بوصفه إحدى المنظمات التي تمارس عمليات تزييف الوعي لأعضاء البرلمان الأوروبي بصور مختلفة تحت لافتة الحياد.
وتقول توسان، إنها حضرت جلسات إحاطة نظّمها هذا المنتدى في عام 2019، واكتشفت عددًا من المغالطات التي تروّجها منشورات المنتدى وتقاريره المرسلة إلى الأعضاء البرلمانيين.
ويضم منتدى الطاقة الأوروبي ممثلين عن كبريات شركات الطاقة في العالم، من أبرزها شركة النفط البريطانية بي بي، وتوتال إنرجي الفرنسية، وإكسون موبيل الأميركية، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
واكتشفت النائبة -المؤيدة للمناخ بشدة- أن هذه الشركات تضغط على صناع القرار الأوروبي بصورة احترافية ناعمة تحت اسم الحياد والتخصص الذي ينقص المنتخبين.
وتتهم النائبة شركات أوروبية مثل: يورو غاز، وفيولز يوروب، وهيدروجين يوروب، بممارسة دور "خيول طروادة" لشركة شل الأنغلوهولندية العملاقة.
مقولة الحياد "الخادعة"
تحذّر توسان من صعوبة اتخاذ مؤسسات الاتحاد الأوروبي أي قرارات جادة بشأن المناخ، في ظل السماح لشركات الوقود الأحفوري وعملائها بحرية العمل على تزييف الوعي والتأثير في صناع القرار.
وتقدّم المنظمات المحايدة نفسها إلى مؤسسات الاتحاد وأعضائه بوصفها مصدرًا موثوقًا غير متحيز، يقدم معلومات دقيقة يمكن الاعتماد عليها في اتخاذ القرارات المتصلة بسياسات الطاقة والمناخ وخططهما في أوروبا.
وغالبًا ما يسير أعضاء البرلمان الأوروبي وراء توصيات هذه المنظمات قبل التصويت على أي قرار يخص مستقبل الوقود الأحفوري ومشروعاته في أوروبا.
ويلجأ أعضاء البرلمان الأوروبي إلى الإشارة لأوراق تقدير الموقف المقدمة من منتدى الطاقة الأوروبي وغيرها من المنظمات التي تبدو محايدة، في حالة سؤالهم عن موقفهم من قضايا الوقود الأحفوري المطروحة للنقاش.
تزييف ناعم!
تحرص هذه المنظمات على أن يكون التأثير خفيًا، ما يدفع كثيرًا من نواب البرلمان الأوروبي إلى تجنّب الاعتراف بأنهم تعرضوا للخداع دون وعي من قِبل جماعات ضغط الوقود الأحفوري، وفقًا لما لاحظته النائبة الفرنسية.
وتمارس شركات الوقود الأحفوري ضغوطًا ملحوظة خلال السنوات الماضية، لإدراج الاستثمار في مشروعات الغاز الطبيعي ضمن المشروعات الخضراء، استنادًا إلى أنها أقل تلويثًا من غيرها.
ولم تغب بصمات جماعات الضغط الأحفوري عن تصويت البرلمان الأوروبي الأخير بشأن الإصلاح المقترح لسوق الغاز الطبيعي في أوروبا.
وكان من المتوقع أن يسير القرار في اتجاه تقييد القطاع بمعايير بيئية أشد صرامة فيما يتعلق بحدود الانبعاثات المسموح بها، إلا أن بصمة جماعات الضغط حرفته عن مساره، ليخرج بصيغة تجعل الباب مفتوحًا أمام الغاز لأعوام مقبلة، ما أضاع فرصة التخلص منه على المدى المتوسط.
حظر جماعات التبغ نموذجًا
تقترح النائبة الفرنسية ماري توسان تقييد حركة جماعات الضغط الأحفوري ومحاصرتها على غرار ما حصل مع جماعات الضغط الروسية بعد غزو أوكرانيا التي قرر البرلمان الأوروبي حظرها.
كما تطرح الاستفادة من الاتفاقيات العالمية التي قيّدت جماعات ضغط شركات التبغ الكبرى من التأثير في سياسات الصحة العامة.
وتنفذ أوروبا هذا الأمر في مسألة التبغ فقط، ما أسهم في اتخاذ قرارات جريئة على مستوى الصحة العامة أنقذت ملايين الأوروبيين من مخاطر التدخين.
وتتصاعد الأصوات المنادية بتقييد الشركات الملوثة للبيئة وإلزامها بخفض الانبعاثات وهجر الوقود الأحفوري داخل الاتحاد الأوروبي عامًا بعد عام، كما يتزايد الوعي المناخي بين الجمهور بصورة متزايدة عبر استطلاعات الرأي المتخصصة.
وسائل نشطاء المناخ
تقول ماري توسان إنها ستذهب إلى جلسة البرلمان الأوروبي، لنقل رسائل 100 ألف مواطن عبّروا عن رغبتهم في طرد الملوّثين خارج دائرة السياسة واتخاذ القرار.
وتحثّ النائبة الفرنسية أعضاء البرلمان والأحزاب الممثلة في البرلمان الأوروبي والتيارات السياسية كافّة على مناقشة المسائل التي تتعلق بضغوط شركات الوقود الأحفوري بحرية تامة واتخاذ القرارات والقوانين المناخية التي تلبي طموحات الفئات الأكثر ضعفًا.
ويستعمل نشطاء البيئة والمناخ في أوروبا وسائل متنوعة للضغط على الحكومات والشركات، لوضع حد لمشروعات الوقود الأحفوري الملوث للبيئة والغلاف الجوي.
ويُعد الضغط على البرلمانات إحدى الوسائل المشهورة، بالإضافة إلى تنظيم الوقفات الاحتجاجية في مناسبات مهمة، وصولًا إلى الحملات الإعلامية والملاحقات القضائية في المحاكم المحلية والدولية، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
موضوعات متعلقة..
- توسعة منجم فحم في ألمانيا تجدد الاشتباكات بين الشرطة ونشطاء المناخ (صور)
- الأوروبيون يحرقون القمامة للتدفئة.. ونشطاء المناخ يحاربون الغاز (مقال)
- احتجاجات نشطاء المناخ تثير خلافًا قويًا داخل حزب العمال البريطاني
اقرأ أيضًا..
- قيمة تجارة الغاز المسال العالمية تتضاعف إلى 450 مليار دولار في 2022
- وكالة الطاقة الدولية تحذر من مخاطر نقص إمدادات الغاز الطبيعي في 2023
- أهم 5 دول أفريقية منتجة للمعادن في 2023