محطات الفحم في الصين تسابق الزمن.. تصريحان أسبوعيًا
وأعلى مستويات تسجيل المحطات منذ 2015
هبة مصطفى
دخلت محطات الفحم في الصين بسباق مع أزمة الطاقة التي شهدتها الأسواق العالمية خلال العام الماضي (2022)، ومع تنامي وتيرة التعافي من تداعيات جائحة كورونا سجلت تصاريح بناء المحطات الجديد رقمًا قياسيًا.
وترفع تلك التوسعات والمنشآت الجديدة المعتزم بناؤها سعة الكهرباء المولدة من الفحم لدى بكين إلى ما يزيد عن الكهرباء المولدة منه في أنحاء العالم كافة بنحو 6 أمثال، حسب تقرير صادر عن مركز إنرجي أند كلير إير للأبحاث (CERA).
وزادت سعة كهرباء الفحم لدى بكين خلال العام الماضي عن مثيلتها للعام السابق له (2021) بنحو 50%، وشرعت الجهات المعنية في بناء المحطات في أعقاب صدور تصاريحها بنحو أشهر قليلة، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
تصاريح قياسية
شهد العام الماضي (2022) تسجيل التصاريح الجديدة لمحطات الفحم في الصين أعلى مستوياتها منذ عام 2015، وأُعلن عدد من المشروعات، وبدأت أعمال بناء مشروعات أخرى.
ووافقت الجهات المعنية على مشروعات جديدة للكهرباء المولدة من الفحم بسعة إجمالية تصل إلى 106 غيغاواط، بما يعادل محطتين أسبوعيًا.
وتشكّل السعة الإجمالية المُصرَّح بها خلال العام الماضي -البالغة 106 غيغاواط- ما يزيد عن 4 أمثال سعة عام (2021) المقدَّرة بنحو 23 غيغاواط.
وبدأ بناء سعة تُقدَّر بنحو 50 غيغاواط خلال العام الماضي (2022)، عقب إصدار التصاريح بأشهر قليلة، بما يزيد عن العام السابق له (2021) بنحو 50%.
ومن المتوقع أن تتواصل وتيرة بناء محطات الفحم في الصين خلال العام الجاري (2023)، إذ حصل مشروع بسعة 60 غيغاواط على الموافقة العام الماضي، دون البدء في البناء حتى يناير/كانون الثاني الماضي.
وتُشير التوقعات إلى أن المشروع سيشهد خطوة جديدة في غضون وقت قريب، ليفتتح أعمال بناء محطات الكهرباء المعتمدة على الوقود الملوث خلال العام الجاري.
توصيات التوازن
في ظل مخاوف مناخية من تسارع وتيرة بناء محطات الفحم في الصين والتوسع في تصاريح الموافقة عليها خلال العام الماضي، أطلق "سيرا" دعوة للتوازن المشروط.
وأكد المركز أن التوسعات في إضافات الفحم يجب أن تقترن بنمو متسارع أيضًا للطاقة غير الأحفورية (الطاقة الشمسية، طاقة الرياح، الطاقة النووية)، بجانب هدوء معدلات الطلب على الكهرباء.
وأوصى سيرا بضرورة التحكم في السعة الجديدة للكهرباء المولدة من الفحم، والتخلّي عن المشروعات غير الداعمة لاستقرار الشبكة.
وطالب أيضًا بزيادة استثمارات توليد الكهرباء عبر مصادر الطاقة النظيفة، إذ شدد على أن تعهدات خفض الكربون مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بإجراء تعديلات رئيسة على البنية التحتية لشبكات الكهرباء.
ولفت المركز إلى أن التركيز على تخزين الكهرباء وضمان قرب مرافق التخزين من مواقع الشبكات يسهم في قدرات تلبية الطلب خلال أوقات الذروة.
وأورد تقرير سيرا أن هناك مصادر عدّة للطاقة النظيفة في الصين -مثل الطاقة الكهرومائية وغيرها- باتت مؤهلة لتلبية الطلب مثل الكهرباء المولدة من الفحم تمامًا، غير أنها تحتاج إلى زيادة الاستثمارات فقط.
وأطلق سيرا جرس إنذار، بإشارته إلى أن إضافة المئات من محطات الفحم في الصين إلى أسطول البلاد ستزيد من صعوبة الوفاء بالتعهدات المناخية.
ويعكس الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- انخفاض حصة الفحم ضمن مزيج الكهرباء في الصين بين عام 2025 وحتى تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060:
شبكات الكهرباء
رغم أعمال البناء، فإن سعة الكهرباء الجديدة المولدة من الفحم المضافة إلى الشبكة (المقدّرة بنحو 26.8 غيغاواط) واصلت استقرارها خلال العام الماضي (2022)، بمستويات قريبة من مستويات العام السابق له (2021)، التي سجلت 26.2 غيغاواط.
ويعكس ثبات السعة المضافة إلى الشبكة انخفاض معدل بناء محطات الفحم في الصين خلال المدة بين عامي 2017 و2020، ويُشير ذلك أيضًا إلى أن انعكاس التصاريح الجديدة على سعة الشبكة قد يستغرق سنوات، إلى أن تؤتي المشروعات الجديدة التي بدأ البناء بها العام الماضي ثمارها.
ويبدو أن معدلات الطلب إثر موجات الحرارة المرتفعة دفعت نحو زيادة الاعتماد على الوقود الملوث، والتوسع في بناء محطات الكهرباء العاملة به.
وبالتزامن مع إصدار الجهات المعنية موافقات على بناء منشآت جديدة لمحطات الفحم في الصين -بما يعادل محطتين أسبوعيًا-، شهد العام ذاته تباطؤ وتيرة تقاعد المحطات وإغلاقها، إذ تخلّت بكين عن سعة كهرباء مولدة من الفحم قدرها 4.1 غيغاواط فقط، مقابل 5.2 غيغاواط خلال العام السابق له (2021).
أمن الطاقة
كشفت البيانات الواردة في تقرير سيرا أن المخاوف حول ضمان أمن الطاقة دفعت الجهات المعنية إلى زيادة وتيرة الموافقات على محطات الفحم في الصين، خلال العام الماضي (2022)، إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2015، و4 أمثال العام السابق له (2021).
ومع دخول سعة قدرها 50 غيغاواط من السعة الجديدة -من أصل سعة قدرها 106 غيغاواط حصلت على موافقات- في مرحلة البناء، سجلت الوتيرة المتسارعة مخاوف أكبر.
بدورها، أكدت المحللة في غلوبال إنرجي مونيتور "فلورا تشامبينوا" أن الوتيرة المتسارعة لتطور المشروعات كانت غير عادية، مبدية اندهاشها من طرح المشروعات وحصولها على موافقات وتوافر التمويل وبدء البناء خلال أشهر قليلة.
ولفت تقرير "سيرا" إلى أن ذريعة الموافقة على تلك المشروعات بوتيرة سريعة كانت "ضمان استقرار الشبكة" وخفض مخاطر انقطاع التيار، غير أن المواقع التي وقع الاختيار عليها لبدء البناء كانت تتمتع بزيادة في السعة، بحسب ما أورده موقع (CNBC).
وتصدّرت الصين -وفق الرسم البياني أدناه الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- أعلى 10 دول استعمالًا للفحم في إنتاج الكهرباء خلال 2021، بحسب بيانات شركة النفط البريطانية بي بي:
الانقطاعات والطاقة المتجددة
تسعى بكين -عبر زيادة تصاريح محطات الفحم في الصين- إلى تهدئة المخاوف من تكرار انقطاعات التيار التي شهدتها البلاد خلال شهر سبتمبر/أيلول عام 2021، ودفعت نحو معاناة المنازل والشركات من الظلام وفصل الأحمال.
ويأتي هذا بجانب مخاوف تكرار موجات الجفاف التي امتدت لأوقات طويلة العام الماضي (2022)، وكان لها بالغ الأثر في توليد الطاقة الكهرومائية، وإطلاق دعوات ترشيد الاستهلاك.
وتكافح أكبر الاقتصادات الآسيوية نحو التعافي من تداعيات جائحة كورونا، والإغلاقات التي لحقتها، وألقت بظلالها على الاقتصاد والخطط المناخية لخفض الكربون.
وفي موقف يناقض زيادة تصاريح محطات الفحم في الصين، واصلت سعة الطاقة المتجددة المضافة خلال العام الماضي (2022) تسجيلها مستوى قياسيًا، في ظل إضافة تركيبات شمسية جديدة وصلت إلى 87 غيغاواط، ويُنتظر ارتفاعها لمستويات تفوق ذلك خلال العام الجاري (2023).
اقرأ أيضًا..
- توقعات سهم لوبريف السعودية بعد حصد أرباح سوقية تتجاوز نصف مليار دولار
- النفط القازاخستاني يتدفق إلى ألمانيا عبر روسيا لأول مرة
- عام على الغزو الروسي لأوكرانيا.. دبابات موسكو تقلب موازين الطاقة (تغطية خاصة)
- تقنية مميزة لتوليد الكهرباء في الليل تعمل بكفاءة تصل لـ65%