4 دروس من أزمة الكهرباء الأوروبية يمكن للخليج العربي الاستفادة منها (دراسة)
وحدة أبحاث الطاقة - أحمد عمار
- تطبيق أسواق الكهرباء الفورية قد يفشل في خفض الأسعار
- العقود طويلة الأجل مهمة للدول التي لا توجد بها أسواق فورية مثل السعودية
- أهداف الخليج العربي لنشر الطاقة المتجددة تختلف عن الدول الأوروبية
- اعتماد أوروبا على الغاز أضعف قدرتها على مواجهة اشتعال الأسعار
أظهرت أزمة الكهرباء الأوروبية أن الوقت الحالي مناسب لدول مجلس التعاون الخليجي، وفي مقدمتها السعودية، للاستفادة من الخبرات الخارجية في إصلاح سوق الكهرباء وتحريرها تدريجيًا.
وأكد مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية (كابسارك)، في دراسة حديثة، أن التجربة الأوروبية في إصلاح سوق الكهرباء لمواجهة أزمة الارتفاع الشديد لأسعار الجملة خلال العام الماضي، تُعد ملهمة لجميع دول العالم ويمكن الاستفادة منها.
وأشارت الدراسة إلى أهمية العقود طويلة الأجل ودعم الطاقة المتجددة والنظر في الخيارات القابلة للتطبيق سريعًا ومواجهة عدم اليقين، بصفتها 4 دروس مستفادة من أزمة الكهرباء الأوروبية.
وأدى اشتعال أسعار الغاز في أوروبا نتيجة انخفاض الإمدادات الروسية إلى ارتفاع أسعار الكهرباء خلال 2022، وتسبب ذلك في تحديات تتعلق بالأمن الاقتصادي وتصميم سوق الكهرباء، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
العقود طويلة الأجل
استعرضت الدراسة، 4 دروس رئيسة من أزمة الكهرباء الأوروبية يمكن الاستفادة منها في دول الخليج العربي، مؤكدة أن أسواق الكهرباء الفورية لا تعد حلًا سحريًا لتحقيق الرؤية المناسبة لأي دولة للتحول في مجال الطاقة.
كما أن الأزمة الأوروبية تشير إلى أن تطبيق أسواق الكهرباء الفورية لا يكفي لتحقيق التوقعات السياسية والمجتمعية، إذ من الممكن أن تفشل في تحقيق الانخفاض المتوقع بالأسعار.
وأكدت الدراسة، أن أنظمة الكهرباء المُحررة تظهر الحاجة إلى مجموعة من الآليات لتمكين التحول في مجال الطاقة، ومنها تسعير غازات الدفيئة أو تسعير الكربون، بالإضافة إلى خطط دعم الطاقة المتجددة والعقود طويلة الأمد.
ورغم أن القارة العجوز اتجهت منذ العقد الماضي إلى تمكين مصادر الطاقة المتجددة فإن أزمة الكهرباء الأوروبية حوّلت دول القارة نحو الحد من ارتفاع أسعار البيع بالجملة، وجعل أسعار التجزئة أقل تضررًا من الصدمات مقارنة بتكاليف الكهرباء بالجملة.
وتوضح الدراسة، أنه تحقيقًا لذلك الهدف، تعمل أوروبا على إعادة النظر في العقود طويلة الأجل، لكي تكون أكثر تنافسية وذات تكلفة منخفضة، وتساعد في الحفاظ على ثبات أسعار بيع الكهرباء بالتجزئة مع التنبؤ بها على المدى الطويل.
وتؤكد أنه يمكن استغلال العقود طويلة الأجل كذلك في خفض علاوة المخاطر، خاصة في الدول التي لا توجد فيها أسواق فورية للبيع بالجملة مثل السعودية.
الانتقال إلى الطاقة المتجددة
ترى الدراسة أن أزمة الكهرباء الأوروبية أظهرت أهمية الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة مع تطبيق أنظمة تخزين الكهرباء، في تخفيف الآثار السلبية عند حدوث أزمة في إمدادات الوقود مثل الغاز الطبيعي، ومع ذلك لا يمكن استبعاد عدم ارتفاع الأسعار.
ورغم أن أوروبا اتجهت إلى التوسع في نشر مصادر الطاقة المتجددة، فإنها ما زالت تعتمد على الغاز في توليد الكهرباء، ما تسبب في أزمة الكهرباء الأوروبية الحالية.
ونتيجة لتلك الأزمة، تستهدف المفوضية الأوروبية إنهاء اعتماد دول الاتحاد الأوروبي على الوقود الأحفوري الروسي، وهي الخطة التي أطلقتها في مارس/آذار 2022، وتعتمد على تسريع نشر الطاقة المتجددة والهيدروجين، ما يقلل الاعتماد على الغاز.
وترى الدراسة، أن الوضع في دول مجلس التعاون الخليجي يختلف عن الدول الأوروبية، إذ تُعد دول الخليج منتجة للوقود الأحفوري بصورة كافية، ما يجعل دافعها إلى نشر المصادر المتجددة ليس بهدف تحقيق الاستقلال في مجال الطاقة.
وبناءً على ذلك، يتمثّل اتجاه الخليج العربي إلى نشر الطاقة المتجددة في التزاماته المناخية، بالتوازي مع المسار المتطور لتكاليف الطاقة النظيفة والتخزين، والعمل على إدراج الصناعات المتعلقة في مجال تحول الطاقة ضمن أهداف التنمية الاقتصادية.
الطاقة النووية وتسريع الابتكار
تسبب اتجاه أوروبا إلى الوقف المبكر لبعض محطات توليد الكهرباء مثل الفحم والطاقة النووية، في زيادة اعتماد القارة على الغاز، ما جعلها تفشل في مواجهة اشتعال الأسعار وقت الأزمة.
ولمواجهة أزمة الكهرباء الأوروبية واشتعال أسعار الغاز، اضطرت ألمانيا، على سبيل المثال، إلى إعادة تشغيل بعض محطات الفحم، بصفتها حلًا طارئًا للتعامل مع الأسعار المرتفعة، وذلك على حساب أهداف خفض الانبعاثات لتحقيق أهداف أمن الطاقة على المدى القريب.
وتؤكد الدراسة أنه ينبغي النظر في جميع الخيارات القابلة للتطبيق مثل الطاقة النووية واحتجاز الكربون المنبعث من محطات توليد الكهرباء وتسريع الابتكار في مجال الطاقة.
مواجهة عدم اليقين
برزت أزمة الكهرباء الأوروبية الأخيرة الضرورة الملحة للاستعداد بصورة أفضل للاستجابة إلى الصدمات والشكوك التي تحيط بالقطاع.
وشددت الدراسة على ضرورة معالجة عدم اليقين الذي تتسم به جميع أنظمة الطاقة، مع سعي الدول التي لا توجد فيها أسواق كهرباء فورية إلى الاستمرار في التخطيط على مستوى الحكومة والمرافق.
وتوضح، أنه يجب أن تحدد تلك الخطط أوجه عدم اليقين ووضع طرق الاستجابة لها بصورة قوية وفاعلة فيما يتعلق بالتكلفة.
وأشارت كذلك إلى ضرورة النظر في إستراتيجية إعادة تشغيل محطات توليد الكهرباء المتوقفة عن العمل بصفة مؤقتة إذا لزم الأمر.
ورأت الدراسة أن تكلفة إعادة تلك المحطات للعمل مرة أخرى قد تساعد في تجنب التكاليف المرتبطة بالصحة العامة والأضرار الاقتصادية لنقص الكهرباء وارتفاع الأسعار، وهو ما تشهده أوروبا في الوقت الحالي.
وتوصلت الدراسة إلى أن أسواق الكهرباء تعد وسيلة لتحقيق خفض التكاليف، مع التنمية الاقتصادية وأمن الطاقة والتحسينات البيئية.
وأكدت أن أبرز الدروس المستفادة من أزمة الكهرباء الأوروبية هي ضرورة متابعة الدول أنواع أسواق الكهرباء وتحري الوقت المناسب لتنفيذها بما يتناسب مع الظروف، ومع سياسات مكملة تساعدها على تحقيق تلك الأهداف.
موضوعات متعلقة..
- وكالة الطاقة الدولية تتوقع هيمنة المصادر المتجددة على نمو إمدادات الكهرباء
- إمدادات الوقود في فرنسا تتوقف مجددًا.. وإنتاج الكهرباء ينخفض 4%
- استثمارات الكهرباء منخفضة الكربون قد ترتفع إلى 46 تريليون دولار بحلول 2050
اقرأ أيضًا..
- المغرب يخسر إيرادات نقل الغاز.. وإسبانيا تجمع 2.1 مليون دولار سنويًا
- 5 دول تستحوذ على نصف إنتاج الغاز في أفريقيا بحلول 2038.. المغرب وموريتانيا بالقائمة
- استهلاك الكهرباء في الشرق الأوسط.. انخفاض متوقع بقيادة السعودية (تقرير)