طاقة المد والجزر في إسكتلندا تسجل أداءً قياسيًا عالميًا عبر مشروع ساحلي رائد
ما زالت ضعيفة الانتشار حول العالم
رجب عز الدين
سجلت مشروعات طاقة المد والجزر في إسكتلندا أداءً قياسيًا في توليد الكهرباء، عبر استغلال قوة الأمواج على سواحل بحر الشمال الأوروبي.
وأعلنت مجموعة إس أيه إي رنيوابلز نجاح أول منشأة من نوعها في التقاط طاقة أمواج المد والجزر البحرية في توليد 50 غيغاواط/ساعة من الكهرباء على مدار عمرها الافتراضي، وفقًا لموقع يو بي آي المتخصص (UPI).
وتقلّ السعة الإجمالية لجميع مشروعات طاقة المد والجزر المماثلة حول العالم بنسبة 50% عن معدل التوليد الذي سجّلته المنشأة الإسكتلندية التي تحمل اسم "ميغن"، ما يعدّ إنجازًا قياسيًا غير مسبوق عالميًا، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وقال الرئيس التنفيذي للشركة جراهام ريد، إن منشآتهم الواقعة على الساحل الشمالي في إسكتلندا وصلت إلى مرحلة جديدة منذ بدء العمليات التجارية في عام 2018.
مميزات طاقة المد والجزر
يتميز موقع المحطة بتيارات عالية من أمواج المد والجزر غير موجودة بأيّ مكان في العالم؛ ما يؤهّلها لتوليد أحجام أكبر من الكهرباء المتجددة في المستقبل.
وبدأت مشروعات طاقة المد والجزر بالظهور تدريجيًا في بعض الدول الأوروبية، مثل المملكة المتحدة وإسبانيا والبرتغال والدنمارك وإيطاليا والبرتغال، لكن معدل انتشارها ما يزال ضعيفًا.
كما بدأت أستراليا والصين والولايات المتحدة في تطوير نماذج منها ضمن إطار مشروعات طاقة الرياح البحرية الرائدة في العالم، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وتشير بعض التوقعات إلى قدرات عالية مستقبلية لهذا القطاع، إذ يمكنه أن يوفر 66% من الكهرباء في الولايات المتحدة إن حصل التوسع في مثل هذا النوع من المشروعات حول سواحل أميركا الممتدة، وفقًا لتقديرات إدارة معلومات الطاقة الأميركية.
كيف تلتقط الكهرباء؟
تتولد الكهرباء من طاقة المد والجزر عبر استعمال أجهزة تسمى "محولات طاقة الأمواج"، تعمل على التقاط الكهرباء من الأمواج عندما تهب الرياح على سطح الماء، وتحولها إلى كهرباء.
وغالبًا ما تُثَبَّت هذه الأجهزة تحت سطح الماء، أو في قاع المحيط، أو عن طريق صناعة ممرات ضيقة لدفع الأمواج إلى تشغيل توربينات في نهاية الممرات.
وتمتلك الأمواج كثافة أعلى في مجال الطاقة الكامنة التي يمكن التقاطها مقارنة بمصادر طاقة الرياح والطاقة الشمسية ولطاقة الحرارية الأرضية، غير أن الاهتمام بها ما يزال أقل عالميًا.
وتقول وكالة الطاقة الدولية، إن حجم الاستثمار في توليد الطاقة من المحيطات والبحار ما زال أقل من مأمول الخطط العالمية للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
وتشجع الوكالة الحكومات وشركات القطاع الخاص على زيادة الاستثمار في مشروعات طاقة المد والجزر، أملًا في زيادتها بنسبة 33% سنويًا بحلول عام 2030.
البداية منذ 13 عامًا
ركّزت الحكومة الإسكتلندية على تشجيع الاستثمار في مصادر طاقة المد والجزر منذ 13 عامًا تقريبًا، إذ بدأت شركة الطاقة الألمانية "آر دبليو إي" تطوير أول نموذج لتوربينات تعمل على المد والجزر في عام 2010.
وبدأ بناء المرحلة الأولى من مشروع " ميغن" في يناير/كانون الثاني 2015، بتركيب 4 توربينات مصممة للالتقاط من أمواج المد بقدرة 1.5 ميغاواط لكل واحد منها.
ومن المتوقع إطلاق المرحلة الثانية من المشروع أوائل عام 2027، بينما يُخَطَّط في المرحلة الحالية للمرحلة الرابعة من المشروع بطاقة 312 ميغاواط، على أمل إطلاقها بحلول 2030.
وعبّرت مجموعة "إس أيه إي رنيوابلز" الإسكتلندية عن سعادتها بما حققته في المشروع حتى الآن، بدعم أصحاب رأس المال والأعضاء الداعمين في حكومة إسكتلندا التي تخطط لجولة جديدة من الضغوط للاستقلال السياسي والدستوري عن المملكة المتحدة.
قرار المحكمة العليا
ربطت إسكتلندا جولة الاستقلال عن المملكة المتحدة، في عام 2014، بعوائد احتياطيات النفط والغاز الضخمة في بحر الشمال، والتي تناضل لاقتسامها مع بقية أقاليم المملكة في حالة الاستقلال.
وتقع 90% من احتياطيات النفط والغاز في بحر الشمال في مناطق تابعة لإقليم إسكتلندا، وتُقدَّر هذه الاحتياطيات بنحو 15 إلى 24 مليار برميل نفط، و198 مليار متر مكعب من الغاز.
وتراهن إسكتلندا- التي بدأت جولة استقلال جديدة خلال النصف الثاني من 2020- على صيغة لقسمة الثروات الطبيعية مع أقاليم المملكة المتحدة في حالة تكوين دولة مستقلة.
وتعدّ إسكتلندا واحدة من 4 مقاطعات تتكون منها المملكة المتحدة: (إنجلترا، وويلز، وأيرلندا الجنوبية)، وتسعى للاستقلال عنها منذ عقود، لكنها لم تحقق ذلك حتى الآن؛ بسبب رفض حكومة التاج البريطاني.
وتتمتع ويلز وإسكتلندا وأيرلندا الجنوبية بوضع استقلال داخلي فقط على أقاليمها، لكنها لا تتمتع بحرّية التواصل مع أيّ حكومة خارجية، إلّا بعد موافقة حكومة التاج البريطاني التي تتخذ من لندن مقرًا لها، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
ورفعت حكومة إسكتلندا دعوى لدى المحكمة العليا البريطانية، في أكتوبر/تشرين الأول (2022)، للسماح بتنظيم استفتاء شعبي على مسألة الاستقلال في أكتوبر/تشرين الأول عام 2023.
وأصدرت المحكمة العليا قرارها في 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، برفض السماح بتنظيم الاستفتاء إلّا بعد موافقة مسبقة من الحكومة البريطانية؛ ما أشعل الاحتجاجات المحلية في إسكتلندا مجددًا.
الرهان على الهيدروجين الأخضر
فكرت الحكومة الإسكتلندية المنتهية ولايتها في ترسيخ أسس اقتصاد مستقل عن المملكة على المدى الطويل لدعم الاستقلال السياسي والدستوري المرتقب.
وترتكز أسس هذه الخطط الطموحة على مشروعات الطاقة المتجددة بروافدها المختلفة، وعلى رأسها طاقة الرياح والطاقة الشمسية وطاقة المد والجزر ومشروعات الهيدروجين الأخضر.
ويمثّل قطاع النفط والغاز 7% من حجم اقتصاد إسكتلندا، وأظهرت أحدث بيانات محلية منشورة استحواذ مشروعات الطاقة المتجددة على 27% من حجم إنتاج الكهرباء في البلاد خلال عام 2020، وهو آخر عام قدّمت فيه الحكومة بيانات كاملة.
ورغم ذلك، تُعدّ هذه النسبة قياسية بالنظر إلى حجم اقتصاد إسكتلندا، وعدد سكانها الذي لا يتجاوز 6 ملايين نسمة، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وتطمح الحكومة الإسكتلندية في تعزيز مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر بهدف الحصول على 5 غيغاواط من الطاقة المركبة بحلول 2030، ترتفع فيما بعد إلى 25 غيغاواط بحلول 2045، وفقًا لمسودة خطة قومية نشرتها الحكومة في عام 2021.
موضوعات متعلقة..
- طاقة الأمواج.. هل تحل أزمة الطاقة العالمية ؟
- الاتحاد الأوروبي يمول مشروعًا لدراسة الفوائد الاقتصادية لطاقة المحيطات
- إسكتلندا تخطط لإنتاج 20 غيغاواط من طاقة الرياح البرية بحلول 2030
اقرأ أيضًا...
- مشروع محطة غاز إسرائيلية يهدد صادرات مصر
- صندوق الطاقة المتجددة في الأردن يوفر الدعم لـ170 مزارعًا
- العراق يستهدف تحقيق إيرادات بـ300 مليار دولار من تطوير حقول النفط الحدودية