الهند وسيطًا لنقل الهيدروجين الأخضر بين ألمانيا وأستراليا.. هل تتجه للتصدير؟
هبة مصطفى
تتطلع أوروبا إلى تعزيز مساحة الهيدروجين الأخضر خلال السنوات المقبلة، سواء بزيادة الإنتاج المحلي أو توسعة رقعة الواردات، في إطار اتجاهها لتنويع مواردها للتخلص من الاعتماد على الوقود الأحفوري الروسي.
ومع الحاجة إلى استيراد المزيد من التدفقات، ركّزت ألمانيا -أكبر الاقتصادات الأوروبية- على الإنتاج الأسترالي من الوقود النظيف، وبالنظر إلى طول مسافة سلسلة التوريد، برز دور الهند وسيطًا انتقاليًا.
جاء ذلك وفقًا لما نقلته صحيفة إنرجي وورلد (Energy World) عن المفوض الألماني السابق للهيدروجين في ألمانيا مستشار مجموعة "تيسين كروب" لصناعة الصلب "ستيفان كوفمان"، خلال مشاركته في قمة "إيكونوميك تايمز" العالمية للأعمال.
ومع زيادة الطلب على الهيدروجين، قد تتجه القارة العجوز إلى زيادة الواردات مقابل خفض الصادرات، رغم تطلّعها إلى إنتاج 100 غيغاواط من الهيدروجين الأخضر بحلول نهاية العقد (2030)، بحسب ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة.
ولم يعد تركيز أوروبا على منح الهيدروجين الأخضر مساحة أوسع نطاقًا من ذي قبل اتجاهًا فرديًا، بل يترسخ ذلك عالميًا بارتفاع عدد مشروعات الهيدروجين الكبيرة إلى 680 مشروعًا واستثمارات قد تصل إلى 240 مليار دولار بحلول 2030.
الهند وسيطًا
أكد ستيفان كوفمان أن ألمانيا استطلعت إمكانات إنتاج الهيدروجين الأخضر في 31 دولة أفريقية، بخلاف تعاونها الإستراتيجي مع أستراليا في هذا الشأن.
وأضاف أن استيراد الهيدروجين عبر مسافات طويلة من أستراليا إلى ألمانيا يعوق سلسلة التوريد، ويتطلب البحث عن دولة وسيطة مثل "الهند"؛ نظرًا لموقعها المثالي بين الدولتين.
وذهب كوفمان إلى أبعد من ذلك، بإمكان أن تُصبح نيودلهي مُوردًا، وقال، إن الهيدروجين الأخضر يكتسب ميزة تضاف إلى كونه وقودًا نظيفًا؛ إذ إن تكلفة نقله لا تمثّل سوى 10% فقط من تكلفته الإجمالية حال إنتاجه في دولة تملك إمكانات من الرياح والطاقة الشمسية.
وسواء كانت الهند وسيطًا لنقل الهيدروجين من أستراليا إلى ألمانيا أو أوروبا، وكانت جزءًا من سلسلة القيمة، أو ورّدت إنتاجها، يعزز ذلك إستراتيجية التعاون الموقّعة عام 2021 بينها وبين الاتحاد الأوروبي.
النقل أم الإنتاج والتصدير؟
رغم المزايا التي تعود على الهند من انضمامها لسلسلة توريد الهيدروجين من أستراليا إلى أوروبا، فإن انتقالها من دور "الوسيط" إلى "المُورّد" قد يضعها في حيرة ما بين استعمال الوقود محليًا للتخلص من الكربون أو الاستفادة من عوائد تصديره، بحسب ستيفان كوفمان.
وتبنّت الهند خلال العام الماضي (2022) إستراتيجية تهدف إلى إنتاج 5 ملايين طن سنويًا من الهيدروجين الأخضر بحلول نهاية العقد (2030).
وقد تبدو الإستراتيجية الطموحة صعبة التنفيذ في ظل وقوع البلاد بين الحين والآخر تحت طائلة أزمات الكهرباء المتكررة، التي تدفعها نحو معاودة أدراجها مرة أخرى إلى الفحم.
وأعلنت وزارة الكهرباء الهندية -مساء الإثنين 20 فبراير/شباط الحالي- حزمة إجراءات وُصفت بأنها بمثابة حالة "طوارئ" استعدادًا لتلبية الطلب خلال فصل الصيف وذروة درجات الحرارة المرتفعة.
واستندت في ذلك إلى البند رقم 11 من قانون الكهرباء في البلاد، والذي يتيح لها إصدار توجيهات إلى الشركات أو المحطات حول معدلات الإنتاج خلال الأوقات الاستثنائية، بالإضافة إلى إلزام المحطات العاملة بالفحم بالعمل بكامل طاقتها.
الفحم والطلب على الكهرباء
بدلًا من التركيز على مشروعات الطاقة المتجددة (الطاقة الشمسية، الرياح) والتوسع في خطط الهيدروجين الأخضر المحلية والعالمية، قد تدفع مخاوف عجز الكهرباء نحو زيادة استيراد الهند للفحم.
ويأتي هذا في ظل توقعات ببلوغ الطلبرذروته (المقدّرة بنحو 229 غيغاواط) في أبريل/نيسان المقبل، ارتفاعًا من 215 غيغاواط سجلها الطلب على الكهرباء في الهند خلال صيف العام الماضي، بحسب ما نقلته بلومبرغ.
ولتلبية الطلب، تحتاج الهند إلى تشغيل محطات بقدرة 193 غيغاواط في شهر الذروة "أبريل/نيسان"، وقد تضع تلك الإجراءات محطات كهرباء هندية في ورطة، لا سيما الملتزمة بعقود توريد ذات سعر ثابت.
ومن ضمن تلك المحطات: محطة "ماندرا" التابعة لشركة "أداني باور"، وتصل قدرتها إلى (4 غيغاواط و620 ميغاواط)، ومحطة تابعة لشركة "تاتا باور" بقدرة 4 غيغاواط، وقد تعمل أسعار الفحم المستورد المرتفعة على زيادة الضغط على المحطات.
اقرأ أيضًا..
- انبعاثات الميثان من قطاع الطاقة ترتفع للعام الثاني على التوالي
- احتياطيات الجزائر من الغاز.. كلمة السر في صفقات التصدير الجديدة (إنفوغرافيك)
- المغرب يخسر إيرادات نقل الغاز.. وإسبانيا تجمع 2.1 مليون دولار سنويًا
- توربينات الرياح الصينية تواجه مخاوف من الحرائق لسبب غير متوقع