فرصة ذهبية للمغرب.. مشروع هيدروجين المتوسط يجذب الاستثمار الأوروبي

يستعد مقترح خط أنابيب الهيدروجين بين إسبانيا وفرنسا -المعروف بمشروع هيدروجين المتوسط- لدخول مراحل متقدمة، وسط توقعات بحصوله على تمويلات أوروبية مرتقبة، وانضمام ألمانيا إليه قريبًا، في حين يراقب المغرب التطورات.

وأعلن بنك الاستثمار الأوروبي دخوله في محادثات استكشافية مع البرتغال وإسبانيا وفرنسا بشأن خط الأنابيب البحري للوقود المستقبلي الأخضر في أوروبا، وفقًا لموقع إنرجي نيوز المتخصص (energy news).

وعبّر نائب رئيس البنك ريكاردو مورينيو فيلكس عن استعداد البنك لإلقاء نظرة على مشروع خط الهيدروجين بين إسبانيا وفرنسا والمشروعات الأخرى ذات الطبيعة المماثلة، إلّا أنه قيد قبولها بالتأكد من نقلها منتجات منخفضة الكربون بنسبة 100%.

وقال فيلكس: "نسعى للاطّلاع على تفاصيل المشروع ودراسته بصورة شاملة للتأكد من درجة تؤهله للحصول على تمويلنا".

هل يلتحق المغرب بالمشروع؟

يتمتع المغرب بفرصة كبيرة للانضمام إلى هذا المشروع عبر إسبانيا المجاورة، بالتوازي مع خططه الطموحة لنقل الهيدروجين من شمال أفريقيا إلى أوروبا.

ويعزز من فرص انضمام المغرب لهذا المشروع الضخم اقتراحات أوروبية سابقة بالاستفادة المستقبلية من مرافق الغاز غير المستغلة في المغرب والجزائر لنقل هيدروجين شمال أفريقيا والشرق الأوسط إلى أوروبا.

واقترحت رئيسة المجلس الوطني للهيدروجين في ألمانيا كاثرينا رايتش، في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، الاعتماد على 85% من خطوط نقل الغاز الحالية في المغرب والجزائر وإعادة تهيئتها لنقل الهيدروجين في المستقبل، وفقًا لموقع هيدروجين سنترال (Hydrogen Central).

كما اقترحت رايتش إنشاء خط أنابيب جديد لنقل الهيدروجين، ويمتد من إيطاليا إلى اليونان، ثم إلى مصر عبر البحر المتوسط، ليصل إلى دول الشرق الأوسط عبر القاهرة.

ولم تردّ وزارة الانتقال الطاقوي والتنمية المستدامة في المغرب على طلب أرسلته منصة الطاقة المتخصصة، للتعليق على خط الهيدروجين الأوروبي المقترح بين إسبانيا وفرنسا والبرتغال، وإمكان مشاركة الرباط فيه من عدمه.

ويرتبط المغرب بحدود بحرية مع إسبانيا عند جزر الكناري وعلى طول مضيق جبل طارق وبحر البوران، إضافة إلى بعض المدن المتنازع عليها منذ عقود "سبتة ومليلة".

ويُجري الجانبان المغربي والإسباني مفاوضات لترسيم الحدود البحرية منذ سنوات (لم تنتهِ بعد)، وسط خلافات حول ما تطرحه مدريد من توسيع جرفها القاري غرب جزر الكناري بمساحة 220 ألف كيلو متر مربع.

ويطور المغرب مشروعات رائدة لإنتاج الهيدروجين الأخضر، بالشراكة مع شركة شاريوت البريطانية، وشركة أورت البريطانية، وجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية في المغرب.

وأعلنت وزارة الانتقال الطاقوي المغربية، في أبريل/نيسان 2022، خطة لتطوير البنية التحتية للغاز، باتجاه بناء شبكات متكاملة مؤهلة لتصدير الهيدروجين لأوروبا.

وتستند هذه الخطة إلى خبرات أوروبية سابقة في نقل الهيدروجين عبر خطوط نقل أنابيب الغاز الطبيعي الحالية مع إدخال تعديلات فنية على هيكل البنية التحتية للغاز.

حظر تمويل الوقود الأحفوري

يشدد بنك الاستثمار الأوروبي على رفض تمويل أيّ مشروعات أو تقنيات تعتمد على الوقود الأحفوري، في إطار التوجهات العالمية والخطط الطموحة للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050.

ويقدّم -في الوقت نفسه- تسهيلات لتمويل مشروعات الطاقة المتجددة و خطوط النقل النظيف، سواء في مجال الكهرباء أو الغازات منخفضة الكربون، وفقًا لنائب رئيس بنك الاستثمار الأوروبي.

وأطلقت الدول الثلاث الخطط الرسمية لإنشاء خط أنابيب نقل الهيدروجين بين إسبانيا وفرنسا في 22 يناير/كانون الثاني 2023، بدلًا من مقترح سابق تعرَّض لانتقادات بيئية وهجوم نشطاء المناخ في أوروبا.

ويُطلق على هذا الخط اسم "إتش 2 ميد" أو "هيدروجين المتوسط"، ومن المتوقع أن تصل سعته في نقل الهيدروجين إلى مليوني طن متري سنويًا بحلول عام 2030، وفقًا لتقديرات الحكومة الإسبانية.

التكلفة 2.6 مليار دولار

تبلغ تكلفة مشروع هيدروجين المتوسط قرابة 2.5 مليار يورو ( 2.6 مليار دولار)، ومن المتوقع أن يسهم في تلبية 10% من احتياجات الاتحاد الأوروبي من الهيدروجين بحلول 2030، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

(اليورو = 1.07 دولارًا).

وظهرت فكرة الخط البديل لأول مرة في أكتوبر/تشرين الأول 2022، بعدما تعرّض مخطط مشروع خط أنابيب مماثل يمر عبر جبال البرانس ويحمل اسم "ميدكات" لانتقادات نشطاء البيئة والمناخ في باريس.

وثار نشطاء المناخ ضد مقترح المشروع بسبب رغبة القائمين عليه استعماله في نقل الغاز؛ ما دفع فرنسا وإسبانيا لإحيائه عبر خطط بديلة لإنشاء خط أنابيب بحري متخلّين عن فكرة الخط السابق المارّ من جبال البرانس.

ومن المقرر أن تمتد أنابيب خط الهيدروجين الجديد بين إسبانيا ومدينة مارسيليا جنوب فرنسا، ثم إلى ألمانيا في مرحلة لاحقة، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

هل المشروع مؤهل للتمويل؟

أثنى نائب رئيس بنك الاستثمار الأوروبي ريكاردو فيلكس على مشروع خط الأنابيب واستعمالاته المستقبلية في نقل الهيدروجين، مع احتمال نقله مزيجًا يشمل الغاز الطبيعي، إلّا أنه ما يزال غير متأكد من خصائص المشروع.

يقول فيلكس: "يُحتمل -من منظور تقني- وجود مجموعة من الغازات منخفضة الكربون مع الغازات التي ما تزال من أصل أحفوري، وعلى هذا الأساس يمكننا النظر في هذا المشروع المهم لمستقبل الهيدروجين في أوروبا، بشرط أن يستوفي متطلبات معينة".

وتستند مشروعات الهيدروجين الأخضر إلى افتراضات علمية متداولة بإمكان نقله عبر خطوط الأنابيب المستعملة في نقل الغاز الطبيعي، مع تعديلات طفيفة على المواصفات وهيكل البنية التحتية للغاز.

مباحثات مع البرتغال

بدأ بنك الاستثمار الأوروبي أولى مباحثاته الاستكشافية مع البرتغال أحد الأطراف الـ3 الرئيسة الموقعة على اتفاق خط أنابيب نقل الهيدروجين المتوسطي الجديد.

وناقش فيلكس مشروع هيدروجين المتوسط مع بعض أعضاء الحكومة البرتغالية، وأبدى استعداده للتفاعل في الوقت المناسب، عندما يكتمل تطوير المشروع ويحظى بالدعم السياسي الكافي والخصائص الضرورية التي تؤهله للحصول على التمويل.

واتفقت حكومات البرتغال وفرنسا وإسبانيا على تسريع خطط الربط البيني في شبه الجزيرة الإيبيرية نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2022، متخلّيةً عن مشروع الربط السابق الذي كان مخصصًا لنقل الغاز فقط.

وتنازل الرؤساء الثلاثة عن فكرة مرور خط الأنابيب المقترح عبر جبال البرانس، في إطار تسهيل ممر الطاقة الخضراء الجديد الذي لفت أنظار أوروبا كلها.

كما اتفق رؤساء إسبانيا والبرتغال مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على ضرورة استكمال الربط المستقبلي لخطّ أنابيب الهيدروجين بين البرتغال وإسبانيا.

شرط الحصول على التمويل

يأمل الزعماء الثلاثة في تمويل المشروع الجديد بالكامل من خلال الصناديق الأوروبية عبر صندوق "كونكتنغ يوروب فاسيلتي" التابع للاتحاد الأوروبي في مجال تمويل البنية التحتية للنقل والطاقة.

ويحتاج هذا المشروع لإعادة صياغة حتى يتمكن من الحصول على تمويل الاتحاد الأوروبي؛ إذ يجب الاعتراف به مشروعًا مشتركًا يهمّ الدول الأعضاء كافة.

وإذا حصل المشروع على هذا الاعتراف، سيُدرج ضمن مشروعات البنية التحتية للطاقة في أوروبا، وسيكون بإمكانه الاستفادة من إجراءات التراخيص والتمويل السريعة داخل الاتحاد.

وتتيح البنية التحتية المقترحة لشبه الجزيرة الأيبيرية إمكان توزيع الهيدروجين الأخضر والغازات المتجددة الأخرى إلى عدّة دول أوروبية، لكنها ستعتمد في البداية على نقل الغاز الطبيعي بكميات صغيرة لمدة انتقالية لم يُحدَّد مداها بعد، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

هولندا تعلن الانضمام

رغم تصدُّر قادة الدول الثلاثة، إسبانيا وفرنسا والبرتغال، لإعلان خط أنابيب نقل الهيدروجين الجديد إلى أوروبا، فإن بعض الدول الأوروبية سارعت إلى ربط نفسها بهذا الأمل الطموح عبر مشروعات مختلفة.

ووقّعت 3 شركات هولندية، في 20 فبراير/شباط 2023، اتفاقًا مع شركة سيبسا الإسبانية لتوريد الأمونيا الخضراء إلى محطة في ميناء روتردام، وهو أحدث تعاون بين الشركات الأوروبية في مجال تقنيات الوقود الأخضر منخفض الانبعاثات، وفقًا لوكالة رويترز.

وتستثمر هولندا بكثافة منذ سنوات في البنية التحتية للهيدروجين، وتطمح لأن تكون لاعبًا رئيسًا في إنتاج وتوريد الأمونيا الخضراء على مستوى الاتحاد، بالطموح نفسه الذي تستهدفه إسبانيا من مشاركتها في خط نقل الهيدروجين مع فرنسا والبرتغال.

ويطمح وزير المناخ والطاقة الهولندي روب جيتين لمزيد من الشراكات مع إسبانيا والبرتغال في مجال توريد الهيدروجين والأمونيا الخضراء؛ ما يعزز مصلحة بلاده والدول الشريكة.

وقال جيتين، إن بلاده تخطط لإنشاء ممر بحري خاص يربطها بإسبانيا والبرتغال خلال 3 سنوات، في إطار الاستفادة من مشروع خط أنابيب نقل الهيدروجين الجديد.

ومن شأن التحالف الهولندي مع الدولتين أن يجعل من ممر الهيدروجين الأخضر المتوسطي حقيقة ملموسة تزيد من القدرة التنافسية الدولية لوادي الهيدروجين الأخضر الأندلسي، على حدّ تعبير الرئيس التنفيذي لشركة سيبسا الإسبانية مارتن ويتسيلار.

وتخطط سيبسا لاستثمار 3 مليار يورو (3.3 مليار دولار) في مشروعات الهيدروجين الأخضر جنوب إسبانيا، على أمل بدء تصديره إلى دول الاتحاد بحلول عام 2027.

موضوعات متعلقة..

• تطوير مشروع لإنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا في الإمارات
• مطالب بإنشاء خط أنابيب لتصدير الهيدروجين الأخضر من مصر إلى أوروبا
• دراسة: نقل الهيدروجين في خطوط الغاز "مُدمر".. هل تتبدد آمال الجزائر والمغرب؟

اقرأ أيضًا..

• أسعار الوقود في مصر تحمل مفاجأة بقرار من السيسي (خاص)
• 6 شركات طاقة إماراتية تكافئ مساهميها بتوزيعات تتجاوز 7 مليارات دولار
• كوارث التغير المناخي والزلزال تعمّق جراح المناطق الزراعية في سوريا (تقرير)