الهيدروجين الأخضر يتصدر التعاون بين لاتفيا وإستونيا في قطاع النقل
محمد عبد السند
فطنت لاتفيا وإستونيا (الدولتان المطلتان على بحر البلطيق) إلى أهمية الهيدروجين الأخضر الإستراتيجية؛ ما دفعهما إلى تبني مشروع مشترك في قطاع النقل؛ أملًا في التحول السريع إلى الوقود النظيف، بعيدًا عن مركبات الوقود الأحفوري.
ويسهم وقود الهيدروجين في تعزيز أمن الطاقة، في ظل ظروف عالمية بالغة الحساسية؛ إذ إن إنتاجه محليًا يقلص استهلاك الغاز الطبيعي والفحم، كما يمكن إحلاله محلهما في عدة صناعات، من بينها الصلب والميثانول والبناء وإنتاج المواد الكيميائية.
ومن المنتظر أن تعمل الرابطة اللاتيفية للهيدروجين على مدار الأعوام الـ3 المقبلة، مع شركة "زاد إيه إيه أو" العاملة في مجال إدارة النفايات، ومنطقة تخطيط فيدزيم شمال شرق لاتفيا، بجانب شركاء من إستونيا، وهولندا، سويًا على تخطيط وتطوير واختبار قدرات الهيدروجين الأخضر في قطاع النقل بالمناطق الصغيرة، حسبما ذكر موقع " 10 إل إس إم. آي في" ( 10 LSM.lv).
ويؤسس مشروع "دعم التنمية الإقليمية لسلسلة القيمة الخاصة بوقود الهيدروجين بقطاع النقل في إستونيا ولاتفيا" المعروف باسم "إتش 2 فاليو"، أول سلسلة لقيمة الهيدروجين الأخضر بين المناطق، في جنوب إستونيا (منطقة تارتو)، وشمال لاتفيا (منطقة فيدزيم)، وفق معلومات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
ويوضح التصميم التالي -الذي أعدته وحدة أبحاث الطاقة- الطلب العالمي على الهيدروجين في القطاعات الرئيسة بحلول عام 2030:
حلول الحياد الكربوني
مع تسارع نمو حركة نقل البضائع والسلع، وتنامي معدلات اقتناء السيارات، وبينما قطاع النقل ما زال أحد أكبر المصادر لانبعاثات غازات الدفيئة في بلدان الاتحاد الأوروبي، تتصدر الحلول الرامية لزيادة كفاءة المركبات وتعزيز استخدام المركبات منخفضة الكربون أو المحايدة كربونيًا، أجندة صناع القرار في كل الفعاليات الدولية والإقليمية المتخصصة.
وبالفعل تحل المركبات الكهربائية غالبًا محل محركات الاحتراق الداخلي؛ ففي لاتفيا، على سبيل المثال، يحق للمواطنين الحصول على دعم مالي لشراء سيارة كهربائية جديدة أو مستعملة، أو حتى سيارة هجينة جديدة.
ويخطو وقود الهيدروجين الأخضر، في مناطق عدة حول العالم، خطوات واسعة، بل يقترب من أن يصير وقود المستقبل المحايد كربونيًا دون منازع، وفق المعلومات التي اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
مصنع إنتاج الهيدروجين الأخضر
انطلق مشروع "إتش 2 فاليو" في نهاية العام المنصرم (2022)؛ حيث تركز أهدافه على تأسيس مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر من الطاقة الشمسية في منطقة تارتو، بجانب محطة للتزود بوقود الهيدروجين.
كما يركز المشروع على اختبار جدوى نقل الهيدروجين الأخضر عبر الطرق، ليُستخدم بوصفه مصدر وقود للسيارات المعدلة بشكل خاص، وفق المعلومات التي اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
ويُنتج الهيدروجين الأخضر، نتيجة عملية التحليل الكهربائي للمياه إلى هيدروجين وأكسجين، باستخدام الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح، وهي عملية لا انبعاثات لها.
وقالت رئيسة قسم التطوير والمشروعات في منطقة تخطيط فيدزيم ليلى غركان: "التكنولوجيا وإنتاج الطاقة المتجددة المستدامة التي تُصدر بكثافة، تمثل أولوية كبرى في التخصصات الذكية في منطقة فيدزيم، كما أنها واحدة من المهام التي نحملها على عاتقنا لضمان تطوير وتنفيذ النماذج والأنظمة الجديدة للطاقة المتجددة".
وفي أوروبا، تضع منطقة شمال هولندا هي الأخرى هدفًا طموحًا يتمثل في أن تصبح "وادي هيدروجين" بحلول عام 2026.
ويعني هذا أن تلك المنطقة تستهدف تجميع سلسلة قيمة الهيدروجين الأخضر بأكملها داخل حدودها، بدءًا من عمليات الإنتاج والنقل والتخزين، إلى استخدامه لتوليد الكهرباء، وتدفئة المنازل، وضمان سير خدمات التصنيع والنقل.
يُظهر التصميم أدناه -الذي أعدته منصة الطاقة المتخصصة- الهيدروجين ودوره في تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050:
تحديات قائمة
تبقى تلك الطاقة البديلة، في المناطق الصغيرة، مقترنة بعدد من التحديات نتيجة نقص المعرفة بكيفية استخدامها بشكل آمن في قطاع النقل.
وهنا يبرز تحديان رئيسان يتمثلان في التكلفة المرتفعة للتكنولوجيا اللازمة لإنتاج الهيدروجين الأخضر بالنسبة لمعدلات الاستهلاك الصغيرة، وكذلك انعدام البنية التحتية الضرورية، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
واتفق شركاء المشروع على خطوة أولى، وهي استحداث خطة لتطوير منظومة طاقة عالمية لوقود الهيدروجين الأخضر لحساب تكاليف التقنيات اللازمة لإنتاجه وتخزينه ونقله، والتي من المقرر أن تشكل السعر النهائي لكل كيلوغرام منه.
مساهمو المشروع
يتألف أعضاء مشروع "إتش 2 فاليو" -من الجانب اللاتفي- من رابطة الهيدروجين اللاتفية، وشركة "زاد إيه إيه أو" ومنطقة تخطيط فيدزيم.
أما المؤسسات الإستونية المشاركة في المشروع فهي بلدية تارتو (شريك رئيس)، ووكالة البلطيق للإبداع، ومرفق الكهرباء "إستكو إليكتر"، والرابطة الإستونية لتقنيات الهيدروجين، وشركة الطاقة العملاقة "أليكسيلا".
كما تشارك هولندا في المشروع عبر تحالف الطاقة الجديدة الذي سيسهم في "إتش 2 فاليو".
ويتلقى المشروع المذكور التمويل من الاتحاد الأوروبي بموجب اتفاقية المنح رقم 101083881.
مذكرة تفاهم
يعكف مساهمون آخرون على استكشاف الهيدروجين الأخضر بوصفه مسارًا محتملًا يقود في النهاية إلى الحياد الكربوني.
وخلال منتدى نظمه مكتب الاتصالات الإلكترونية في لاتفيا "5 جي تيكريتوري" بالعاصمة ريغا، وقع قادة في الصناعة محليًا مذكرة تفاهم تستهدف تطوير تقنية الهيدروجين في البلد الواقع شمال أوروبا.
وتستهدف مذكرة التفاهم تلك تعزيز تطوير بيئة هيدروجين قوية ومتماسكة، وما يرتبط بها من تكنولوجيا متعددة، بجانب تسريع وتيرة الإبداع في مجال الهيدروجين، وتوفير البنية التحتية بما يضمن سعة إنتاج كبيرة، وتطبيقات ممكنة عمليًا، في لاتفيا.
ويساعد هذا التوجه صناعة الهيدروجين الأخضر على التطور، بما يتوافق مع الأهداف المُحددة من قِبل الاتحاد الأوروبي، وبما يسهم في تعزيز الاقتصاد اللاتفي وتحقيق أهداف المناخ.
يُشار إلى أن إنتاج الهيدروجين الأخضر يحظى بأهمية متصاعدة، منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في 24 فبراير/شباط (2022)، وما نجم عنها من اضطرابات في إمدادات الوقود العالمية، وتقلب حاد في أسعار الغاز الطبيعي، بجانب دوره في تحقيق الحياد الكربوني.
موضوعات متعلقة..
- سوق التحليل الكهربائي لإنتاج الهيدروجين قد تتجاوز 120 مليار دولار (تقرير)
- الهيدروجين في مزيج الطاقة.. 10 تساؤلات عن أنواعه واستخداماته وأهميته
- مستقبل واعد أمام الهيدروجين في تركيا.. وخطط لتصنيع المحلل الكهربائي محليًا (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- تقرير جديد يكشف مستقبل أسواق النفط وسياسة أوبك+ خلال 2023
- إيران تفشل في استكشاف 30 تريليون قدم مكعبة من الغاز في حقل واحد
- دولتان خليجيتان تساعدان في وصول صادرات النفط الإيرانية للأسواق