تقارير الكهرباءالتقاريررئيسيةسلايدر الرئيسيةكهرباء

اعترافات ليز تروس.. دور أزمة الطاقة في إسقاط حكومتها وهل تعرضت لضغوط أميركية؟

هبة مصطفى

احتلّت حزمة الطاقة البريطانية صدارة أولويات حكومة رئيسة الوزراء السابقة ليز تروس، ومنذ اليوم الأول لتولّيها منصبها -في 5 سبتمبر/أيلول من العام الماضي (2022)- أخذت على عاتقها بدء دراسة الحزمة تمهيدًا لإعلانها رسميًا.

وتعاملت روس مع لحظة فارقة في تاريخ الاقتصاد البريطاني، مع دفع الغزو الروسي لأوكرانيا فواتير الطاقة نحو مستويات جنونية، أشارت التوقعات حينها إلى احتمال بلوغها 6 آلاف جنيهًا إسترلينيًا سنويًا للأسر.

(الجنيه الإسترليني = 1.21 دولارًا أميركيًا)

وشكّلت الحزمة دعمًا مباشرًا وطارئًا لتلك الكبوة، حسبما أوضحت تروس في أولى اعترافاتها من خلال مقال نشرته في صحيفة التيليغراف (The Telegraph) للكشف عن ملابسات 45 يومًا قضتها في منصبها، قبل أن تعلن استقالتها في 20 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وفي ظل عوامل اقتصادية خانقة وطاحنة، أُثيرت شكوك حول إمكان تحمّل ميزانية المملكة المتحدة أعباء دعم المستهلك وفواتير الطاقة، ويبدو أنها كانت القشة التي قصمت ظهر الحكومة الجديدة، قبل أن توغل أقدامها في قائمة أعمالها.

أهداف تروس

تضمنت بنود حزمة الطاقة البريطانية التي تبنّتها رئيسة الوزراء السابقة ليز تروس بنودًا تتعلق بالضريبة المفروضة على الشركات، لكن الدعم الطارئ المقدم لفواتير الطاقة كان الحصان الرابح في تلك الحزمة.

ليز تروس وحزمة الطاقة في بريطانيا
فواتير الطاقة في بريطانيا - الصورة من Manchester Evening News

وبررت تروس في مقالها انحيازها لدعم فواتير الطاقة للشركات والأسر بأن تلك الفئة كان عاجزة عن الصمود أمام ارتفاع الأسعار لمدة طويلة دون دعم أو تدخل حكومي، مشيرة إلى أن الحل الأمثل كان يجب أن يكون شاملًا.

وأضافت أن تخفيف أعباء التكاليف عبر توقيع المزيد من الاتفاقيات طويلة الأجل لتوريد الطاقة، كان أحد أبرز أدوات الدعم، مشيرةً إلى أنها كانت تستهدف تحقيق ذلك عبر زيادة الإنتاج في بحر الشمال والاعتماد على تقنيات التكسير المائي (الهيدروليكي) بالإضافة إلى تطوير الطاقة المتجددة.

وقالت ليز روس: "كنا نعمل على معالجة الأثر الفوري للحرب الأوكرانية وتداعيات المصالح الإستراتيجية لروسيا في قطاع الطاقة بإجراءات دعم فورية عبر حزمة الطاقة، بجانب التخطيط لتغيير نهج المملكة المتحدة المعتمد على سياسات قصيرة الأمد تعرِّض البلاد لمعايير أسعار الطاقة العالمية.

مكاسب اقتصادية

عددت ليز روس العوائد الاقتصادية من وراء تطبيق حزمة الطاقة البريطانية، إذ تضمنت خفض مستويات التضخم بنسبة 5% مع تعزيز النمو بنسبة 2.5%.

وفي إعلان مفاجئ قد يكون الأول من نوعه، أرجعت روس سبب استمرار عمل الشركات في المملكة المتحدة في ظل أزمة الطاقة التي ضربت أنحاء الدول الأوروبية إلى حزمتها المقترحة والإجراءات الملحقة بها.

وأشارت إلى أن تلك الإجراءات كانت محل ترحيب من قبل السوق البريطانية، كاشفة عن أن حزمة الطاقة كانت بمثابة حائط صدّ لحماية الشركات من الانهيار والإفلاس خلال فصل الشتاء، وكذلك حماية الأسر غير القادرة على سداد الفواتير الباهظة من الانزلاق إلى مستويات الفقر.

وأردفت أن خطة حكومتها للنمو عززت مبدأ المنافسة والحرية الاقتصادية ودعمت ذلك بمجموعة من الحوافز، موضحة أن الخطة الحكومية -التي كانت حزمة الطاقة البريطانية أحد أبرز أضلعها- انحازت إلى تسهيلات ضريبية بهدف حصد مكاسب على المدى الطويل.

تكلفة حزمة الطاقة

رغم الرؤى الطموحة لتطبيق خطة النمو، كان توفير المخصصات المالية لتطبيق حزمة الطاقة البريطانية صداعًا برأس حكومة ليز تروس، إذ حظيت بالنصيب الأكبر ضمن تكلفة تلك الخطة، كما شغلت التغييرات في الزيادات الضريبية نصيبًا إضافيًا من أعباء تكلفتها.

وقالت "تروس"، في مقالها الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، إن حالة عدم اليقين التي سيطرت على الاقتصادات العالمية وارتفاع أسعار الفائدة أدّيا إلى عدم منطقية تطبيق التخفيضات الضريبية المأمولة، بل وصل الأمر إلى تمهيد تلك التداعيات الطريق لزيادة معدلات الضرائب بدلًا من خفضها.

ويكشف الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة- حجم استهلاك الغاز في المملكة المتحدة حتى عام (2021) بحسب بيانات شركة النفط البريطانية بي بي:

استهلاك الغاز الطبيعي في المملكة المتحدة

وكشفت تروس أن الضغوط التي تقع على عاتق الحكومات داخليًا وخارجيًا تضطرها أحيانًا إلى الانحياز لقرارات مضرّة بالاقتصاد، مثل زيادة الضرائب على الشركات.

وحاولت رئيس الوزراء السابقة الدفاع عن احتمال توافر مخصصات حزمة الطاقة البريطانية لدى إعلانها قبل أشهر، مشيرة إلى حالة الاضطراب التي تشهدها الأسواق تجعل تقديرات تكلفة بعض الملفات الاقتصادية غير دقيقة.

واستشهدت بتقدير تكلفة حزمة الطاقة البريطانية بنحو 60 مليار جنيه إسترليني لدى إعلانها في سبتمبر/أيلول الماضي، غير أن تقديرات الأسواق خفضت تلك التكلفة إلى 43 مليار جنيه إسترليني، وقد تنخفض إلى مستويات أقل في الآونة الحالية.

وأضافت أن معاناة سياسات الضرائب والإنفاق المرتفعين لم تصب المملكة المتحدة وحدها، غير أن محاولتها لطرح حزمة الطاقة الداعمة للشركات والأسر كانت بمثابة اتجاه معاكس لما كانت الأسواق العالمية مندفعة باتجاهه.

عوامل الانهيار

ليز تروس وحزمة الطاقة في بريطانيا
أحد مشروعات الطاقة في بحر الشمال - الصورة من Greenpeace Unearthed

مع إضافة حزمة الطاقة البريطانية المزيد من الأعباء على كاهل ميزانية المملكة المتحدة في ظل الظروف الاقتصادية العالمية، تعرضت حكومة ليز تروس للمزيد من الضغوط.

وكشفت روس عن تدخلات أميركية للتعليق على سياستها لتطبيق حزمة الطاقة البريطانية، إذ تطرقت إلى رفض الرئيس جو بايدن سياسات المملكة المتحدة الاقتصادية في تلك الآونة، بالإضافة إلى جهود عالمية مكثفة لوضع قيود على المنافسة الاقتصادية بين دول مجموعة الـ7.

وقالت، إنها في ظل الضغوط الداخلية والخارجية، لم تتمكن من دعم خطة النمو التي طرحتها، لا سيما مع تلقّيها تحذيرات حول تأثير تلك التقلبات في قدرة المملكة على سداد ديونها.

وأزاحت الستار عن وقوف الجدل حول تكلفة حزمة الطاقة البريطانية وراء إقالتها وزير الأعمال كواسي كوارتنغ، موضحة أن اضطرارها لاتخاذ هذا القرار سبب لها "انزعاجًا"، لا سيما أن الحزمة التي كان يعكف على تنفيذها كانت "انتقالية" وشجاعة، بحسب وصفها.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق