10 توقعات لمستقبل الطاقة العالمي.. أبرزها التوترات مع أوبك+ وإلغاء "الدولرة" (تقرير)
نوار صبح
- • الطلب الصيني على النفط ينمو بنحو 900 ألف برميل يوميًا على أساس سنوي.
- • من المحتمل أن تضطر الهند إلى شراء الفحم وحرق المزيد من الغاز الطبيعي.
- • حجم الأزمة سيعتمد إلى حد كبير على عوامل الطقس وعلى انتعاش الاقتصاد الصيني.
- • كانت روسيا في عام 2022 أكبر مصدر للوقود الأحفوري في جميع أنحاء العالم.
- • العديد من الأمور ستجعل قرارات أوبك+ تبدو مسيّسة، في حين أنها ليست كذلك.
- • بحلول نهاية العام قد نشهد انخفاض الإنتاج الروسي بنحو 15% وانخفاض الصادرات بنسبة 20%.
- • من المتوقع أن تنكمش صادرات الصين بنسبة 10% على الأقل في الأشهر المقبلة.
ناقشت الدورة السابعة من منتدى الطاقة العالمي في أبوظبي، خلال المدة من 14 إلى 15 يناير/كانون الثاني الجاري، مستقبل الطاقة في العالم، في مرحلة يشهد فيها نظام الطاقة العالمي تطورات متسارعة تتسم بالضبابية والاضطراب على صعيد أمن الطاقة وإمداداتها وآفاقها ووتيرة تحول الطاقة.
وشارك في المنتدى، شخصيات فاعلة من أصحاب القرار وواضعي السياسات وخبراء بهدف تسليط الضوء على احتياجات نظام الطاقة واستشراف آفاق مستقبلية واعدة لمواجهة تداعيات التغير المناخي واستنباط ممارسات ومنهجيات ومعايير جديدة، بحسب ما نشرته مجموعة "غَلْف إنتليجنس" (Gulf Intelligence).
ومُواكَبةً لانعقاد منتدى الطاقة العالمي، أصدرت "غَلْف إنتليجنس"، وهي مجموعة استشارية إستراتيجية رائدة في الشرق الأوسط تُعنى بصناعة الطاقة والموارد الطبيعية الدولية، تقريرًا خاصًا رصد أبرز 10 توقعات لمستقبل الطاقة عالميًا، وأسهم فيه محللون وخبراء عالميون في مجالات عديدة.
أسعار النفط إلى 100 دولار
ردًا على سؤال بشأن مستقبل الطاقة ونطاق أسعار النفط، خلال العام الجاري 2023، قالت المؤسسة المشاركة رئيسة الأبحاث لدى إنرجي أسبكتس بالمملكة المتحدة، أمريتا سين: "يمكن أن يكون نطاقًا مشابهًا لما كان عليه خلال 2022، لمجرد أننا بدأنا بسعر منخفض للغاية".
وأضافت: "الاتجاه الصاعد قد يكون كبيرًا جدًا بسبب إعادة انفتاح الصين، التي تُعَد المحرك الأول للأسعار.. لقد بدأنا فعلًا في رؤية بعض علامات التعافي بشأن الطلب على وقود الطائرات والبنزين، وبدأت صادرات المنتجات الصينية بالفعل في الانخفاض بشكل حاد للغاية".
وتتوقع أمريتا سين أن ينمو الطلب الصيني على النفط الخام بنحو 900 ألف برميل يوميًا على أساس سنوي، وأن شركات التكرير الصينية تشير إلى أن الرقم قد يصل إلى مليوني برميل يوميًا؛ لذا يمكن أن تتجاوز أسعار النفط 100 دولار، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
نظام نفطي عالمي جديد
تعليقًا على إمكان استمرار الهند في الوصول إلى النفط الروسي المخفض بحلول عام 2023، قال خبير الطاقة البارز في الهند، ناريندرا تانيجا، إن النفط الوارد من روسيا بسعر مخفّض يعد تمهيدًا لنظام نفطي عالمي جديد، بينما قد يشهد العالم إلغاء "دَوْلَرة النفط"، أي وقف استخدام الدولار في تسعيره.
وضمن رؤيته لمستقبل الطاقة في العالم، أوضح الخبير الهندي أن هناك صفقات جديدة تحدث بين الصين ودول الخليج، جرى فيها التوافق على التوجه فعليًا لشراء النفط باليوان، ومن ثَم فإن الطلب الجديد سيكتسب مزيدًا من الزخم.
وأضاف "لا يمكننا أن نذهب إلى أقصى الحدود مع الصين، إذا كان ذلك ينطوي على تكلفة باهظة لعلاقاتنا الإستراتيجية؛ فمصالحنا العالمية تتماشى بقوة مع الغرب والدولار الأميركي والاتحاد الأوروبي واليابان وأستراليا ودول أخرى؛ لذا علينا أن نحقق التوازن".
وتابع: "إذا فعلنا ذلك، فسيقتصر الأمر على النفط فقط، وليس الطاقة ككل، لأننا نحتاج إلى الغرب للحصول على تكنولوجيا الطاقة المتجددة؛ كما نحتاج للغرب والخليج العربي للحصول على الغاز الطبيعي".
وفي إشارة إلى سياسة الهند في تلبية نمو الطلب على الطاقة، قال ناريندرا تانيجا: "من المحتمل أن نضطر إلى شراء الفحم وحرق المزيد من الغاز الطبيعي؛ ما يعني أيضًا المزيد من الاعتماد على الغاز المستورد".
وأردف: "نحتاج إلى بناء مزيد من محطات الغاز المسال وقد نحتاج لحرق المزيد من الديزل. نحن ننتج 80 ألف ميغاواط من الكهرباء باستخدام الديزل بالفعل، ومن المحتمل أن يرتفع ذلك لأنك عندما تُوسّع الاقتصاد، ولا يمكننا الانتظار، على سبيل المثال، لتتوافر الطاقة المتجددة بالوتيرة نفسها".
سياسة الدرع الدفاعية الألمانية
توضيحًا لمستقبل الطاقة في ألمانيا واستمرار سياسة "الدرع الدفاعية" بشأن الغاز، قالت العضوة المنتدبة لوكالة الطاقة الألمانية، كريستينا هافركامب، إن معدل التضخم عاد الآن إلى أقل من 10%، ويمكن بوضوح ملاحظة أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لخفض أسعار الطاقة، أصبحت سارية المفعول.
وأضافت: "لا نرى أسعار الطاقة باقية على ما هي عليه اليوم، ولكن من غير المرجح أيضًا أن تعود إلى المستويات المنخفضة التي كانت لدينا قبل الحرب"، وفق التصريحات التي اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وتابعت: "ستستمر سياسة "الدرع الدفاعية" التي تبلغ قيمتها 200 مليار يورو (216.47 مليار دولار) حتى نهاية عام 2023 أو بداية عام 2024، لأننا نتوقع انخفاض أسعار الطاقة. ونتيجة لذلك نتوقع انخفاض أسعار الغاز والكهرباء أيضًا".
وأشارت هافركامب إلى أن المرحلة التالية ستشهد وجود وضع طبيعي جديد، متوقعة أن يبدأ مكون توفير الطاقة وزيادة مصادر الطاقة المتجددة للمساعدة في تخفيف العبء الذي كان سيبقى في ذلك الوقت.
ولفتت إلى أن حجم الأزمة سيعتمد إلى حد كبير على عوامل الطقس، وعلى انتعاش الاقتصاد الصيني، الذي لم يطلب الطاقة بالقدر الذي كان عليه في السابق،" حسب تقرير اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وأردفت: "إذا تعافت الصين بالفعل، يجب أن نضع ضمن افتراضاتنا لمستقبل الطاقة أن الأسعار سترتفع، خصوصًا بالنسبة للغاز الطبيعي المسال. الذي سيوفر نحو ثلث طلب ألمانيا على الغاز بحلول نهاية العام المقبل، مع تخزينه في كل من محطاتنا الثابتة والعائمة".
أزمة الطاقة وصدمة السبعينيات
سلّط كبير اقتصاديي الطاقة لدى وكالة الطاقة الدولية في فرنسا، تيم غولد، الضوء على أزمة الطاقة العالمية، قائلًا: "كانت لدرجة الاضطراب الذي حدث عندما قطعت روسيا شحناتها من الغاز إلى أوروبا بنحو 80%، تأثيرات واسعة النطاق للغاية حول العالم".
وأردف: "زادت أوروبا وارداتها من الغاز الطبيعي المسال العام الماضي بمقدار 50 مليار متر مكعب، وواجهت البلدان -ولا سيما في جنوب آسيا- صعوبات شديدة فيما يتعلق بأمن الكهرباء والجوانب الأخرى لأمن الطاقة.
وأوضح أن مقارنة هذه الصعوبات بصدمات النفط في السبعينيات، فإنها كانت مركزة إلى حد كبير على الوقود بمفرده، وكانت روسيا في عام 2022 أكبر مصدر للوقود الأحفوري في جميع أنحاء العالم، بزيادة نحو 50% عن المملكة العربية السعودية.
وألمح كبير اقتصاديي الطاقة لدى وكالة الطاقة الدولية إلى أن هناك تداعيات اليوم تنذر بأن مستقبل الطاقة سيشهد تداعيات يمكن أن تكون بعيدة المدى، مضيفًا: "لدينا مجموعة من تقنيات الطاقة النظيفة الناضجة، ونقدّر أنه خلال السنوات الـ5 المقبلة ستكون كمية الطاقة المتجددة المثبتة في جميع أنحاء العالم هي نفسها التي رُكِّبَت خلال الأعوام الـ20 الماضية".
توترات بين أوبك+ والغرب
توقعت نائبة رئيس مكتب "إنرجي إنتليجنس" الإمارات، أمينة بكر، حدوث توترات جيوسياسية بين تحالف أوبك+ والغرب في عام 2023، قائلة: "ستظل عوامل الجغرافيا السياسية قوة رئيسة في أسواق الطاقة هذا العام".
وأضافت: "العديد من الأمور ستجعل قرارات أوبك+ تبدو مسيّسة، في حين أنها ليست كذلك.. من المحتمل أن يُنظر إلى أي إجراء يتخذه التحالف في عام 2023 على أنه إجراء سياسي لدعم روسيا، ولا يزال هناك احتمال لسوء تفاهم آخر بين أوبك+ والغرب هذا العام".
وتطرّقت أمينة بكر إلى توقعات ميزان العرض والطلب، خلال العام الجاري، قائلة إنه "استنادًا إلى بحثنا في إنرجي إنتليجنس، فيما يتعلق بالنصف الأول من العام، نتوقع أن يتجاوز العرض الطلب بنحو مليون برميل يوميًا.. وفي النصف الثاني نتوقع عجزًا يبلغ نحو 1.4 مليون برميل يوميًا".
وبالنسبة لنمو إجمالي الطلب لهذا العام، توقعت بكر أن يكون نحو 1.6 مليون برميل يوميًا؛ منها نحو 700 ألف من الصين، ولكن هذا الأمر يعتمد على مدى سرعة إعادة انفتاحها وتخفيف إجراءات الإغلاق، وفق التوقعات التي اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
640 مليار دولار استثمارات
علّق الأمين العام لمنتدى الطاقة الدولي، جوزيف ماكمونيغل، على مستقبل الطاقة العالمي والاستثمارات المطلوبة، قائلًا: "نعتقد الآن أن الاستثمار السنوي في التنقيب عن النفط والغاز سيحتاج إلى زيادته من نحو 500 مليار دولار في عام 2022 إلى 640 مليار دولار في عام 2030".
وأضاف: "توصلنا إلى تقدير أعلى مما كان قبل عام بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج والتضخم. وبشكل تراكمي، ستكون هناك حاجة إلى 4.9 تريليون دولار بين عامي 2023 و2030 لتجنب حدوث عجز".
وأكد أنه دون عمليات حفر إضافية؛ من المحتمل أن ينخفض الإنتاج من خارج أوبك بمقدار 9 ملايين برميل يوميًا بحلول عام 2026، و17 مليون برميل يوميًا بحلول عام 2030. وهذا يمثل تراجعًا بنسبة 31%.
تراجع الصادرات الروسية والعقوبات
استعرضت الباحثة لدى مركز سياسة الطاقة العالمية في قبرص، الدكتورة تاتيانا ميتروفا، تأثير العقوبات على صادرات الطاقة الروسية حتى الآن، موضحة أن التأثير كان محدودًا للغاية، على الرغم من العقوبات شديدة الصرامة على قطاع النفط والغاز والنظام المالي الروسي.
وأوضحت أن أحجام إنتاج النفط وصادراته ظلت مستقرة تمامًا حتى نهاية نوفمبر/تشرين الأول 2022. وكان أداء الصناعة جيدًا للغاية؛ حيث تجاوز حجم عام 2021، إضافة إلى نمو إنتاج النفط بنسبة 2% واستمرار حجم الصادرات عند المستوى نفسه كما كان قبل الحرب.
وأشارت إلى أن الحظر النفطي وسقف الأسعار، منذ منتصف ديسمبر/ كانون الأول، بدأ بالتأثير في الصادرات، مضيفة: "السؤال الرئيس اليوم هو ما إذا كان هذا التراجع سيستمر أم أنه سيتعافى كما حدث في أبريل/نيسان من العام الماضي بعد تطبيق العقوبات الأولى".
وتوقعت أنه بحلول نهاية العام، قد يشهد العالم انخفاض الإنتاج الروسي بنحو 15% وانخفاض الصادرات بنسبة 20%، لكن هذا لن يحدث بين عشية وضحاها؛ حيث إن العقوبات تؤتي ثمارها، لكن ببطء شديد.
انفتاح الصين وسلاسل التوريد
أشار الخبير بشؤون الصين لدى شركة الاستشارات أوليفر وايمان، بن سيمبفيندورفر، إلى تأثير إعادة انفتاح الصين في سلاسل التوريد الإنتاجية والتضخم، وقال: "تمثل الصين نحو 35% من صادرات المستهلكين في العالم".
وأضاف أن الصين تمثّل المكان الذي قد نشهد فيه أكبر ضغط مع عمال المصانع وسائقي الشاحنات غير القادرين على القدوم إلى العمل بسبب المرض. وأوضح أن صادرات السلع الرأسمالية أقل إثارة للقلق، عند نحو 25%.
وتابع: "علينا أن ندرك أننا نعمل في عالم مختلف مقارنةً بما كان عليه الحال قبل 12 شهرًا، مع ضعف الطلب، ومن المتوقع أن تنكمش الصادرات بنسبة 10% على الأقل في الأشهر المقبلة. وفيما يتعلق بالتضخم، يجب أن نتوقع أن تُسهِم الصادرات الصينية في تفاقمه".
ارتفاع صادرات الغاز المسال الأميركي
قالت مسؤولة الشؤون الإستراتيجية لدى شركة تيلوريان في الولايات المتحدة، رينيه بيرونغ: "لا شك في أن أوروبا ستستمر في طلب إمدادات الغاز الطبيعي المسال حتى عام 2023 وما بعده، والولايات المتحدة هي المصدر الأقرب للإمداد".
جاء ذلك ردًا على سؤال عما إذا ستظل الولايات المتحدة مصدرًا حيويًا للغاز الطبيعي المسال لأوروبا في عام 2023.
وأضافت أنه قبل الحرب في أوكرانيا، كانت أوروبا تستورد نحو 170 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي من روسيا، وهو ما يعادل نحو 16 مليار قدم مكعب يوميًا في الولايات المتحدة. اليوم، يبلغ هذا الرقم نحو 1.7 مليار قدم مكعب يوميًا.
وبيّنت أنه لكي تُعيد أوروبا ملء كل الغاز الذي كانت تحصل عليه من روسيا؛ فإنها ستحتاج إلى 120 مليون طن إضافي من إمدادات الغاز الطبيعي المسال على أساس سنوي؛ ما يضع إجمالي متطلبات الغاز الطبيعي المسال على المدى الطويل بنحو 150 إلى 160 مليون طن.
وأوضحت أن هذا يُعَد تحديًا كبيرًا وسيتطلب ليس فقط إمدادات الغاز الطبيعي المسال التي تمتلكها الولايات المتحدة اليوم، وإنّما يتطلب أيضًا قدرًا كبيرًا من البنية التحتية الجديدة والمشروعات المقبلة.
اضطراب الإمدادات والضبابية الجيوسياسية
تطرّق العضو المنتدب لمجموعة أوراسيا للطاقة والمناخ والموارد في الولايات المتحدة، رعد القادري، إلى توقعات مستقبل الطاقة والأسواق في عام 2023، قائلًا: "سيكون عامًا من الضبابية الجيوسياسية؛ حيث تعتمد الأسواق على أسس أكثر غموضًا مما كانت عليه في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.
وأشار إلى أن روسيا، التي فقدت قدرًا كبيرًا من نفوذها الجيوسياسي الواسع، وأن طريقة تفاعلها مع ذلك، ليس فقط في ساحة المعركة وإنّما من حيث احتمال حدوث مزيد من الاضطراب في تدفقات الطاقة وتأثير العقوبات، سيكون أمرًا مهمًا.
وأضاف أن صندوق النقد الدولي يشير إلى أن ثلث الاقتصاد العالمي سيكون في حالة ركود في مرحلة ما في عام 2023. ويمكن أن يكون الجانب المشرق هو قدرة الولايات المتحدة على تجنب الركود وأن أوروبا ستعاني ركودًا أكثر اعتدالًا مما كان متوقعًا.
اقرأ أيضًا..
- بالأرقام.. حصة مصر في اكتشاف الغاز الضخم بحقل النرجس (خاص)
- أسعار الغاز في أوروبا تسجل أدنى مستوياتها في 16 شهرًا (تقرير)
- الطلب على النفط خلال 2023.. مفاجأة في الصين والشرق الأوسط (تقرير)
- الإعلان عن ثاني اكتشاف غاز في مصر خلال أقل من أسبوع
- تطوير أول مفاعل يعمل بالطاقة الشمسية لتحويل النفايات إلى وقود