كهرباءتقارير الكهرباء

انقطاع الكهرباء يخيّم على جنوب أفريقيا.. والمنظومة تفقد أكثر من 23 ألف ميغاواط

محمد عبد السند

استفحلت أزمة انقطاع الكهرباء في جنوب أفريقيا، بعدما تناقصت سعة التوليد من المحطات التابعة إلى مزود الكهرباء الحكومي "إسكوم" نتيجة ما طالها من أعطال، مع عدم القيام بأعمال الصيانة.

وغرقت الدولة، اليوم الأربعاء 11 يناير/كانون الثاني (2023)، في ظلام دامس، في حين قالت "إسكوم" إنها ستمدد فترات انقطاع التيار، في إجراء هو الأسوأ من نوعه على الإطلاق، حتى إشعار آخر، وفق ما أوردته وكالة رويترز.

وتعني المرحلة السادسة من انقطاع الكهرباء في جنوب أفريقيا البقاء من 6 إلى 8 ساعات يوميًا دون كهرباء لمعظم المواطنين، وتتطلب تلك المرحلة ترشيد سعة قدرها 6 آلاف ميغاواط، من الشبكة الوطنية.

ويمثّل انقطاع الكهرباء المتكرر في جنوب أفريقيا مصدرًا رئيسًا للإحباط العام، وسببًا كافيًا للاستياء من أداء حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم، الذي تتراجع شعبيته بصورة كبيرة في الشارع، ناهيك بانعكاسات هذا على آفاق النمو الاقتصادي في البلد الصناعي الأول في عموم القارة السمراء.

الكهرباء في جنوب أفريقيا

تلامس السعة الاسمية لتوليد الكهرباء في إسكوم 46 ألف ميغاواط، لكنها فقدت، اليوم الأربعاء 11 يناير/كانون الثاني (2023)، أكثر من 23 ألف ميغاواط، نتيجة تعطل الشبكة لعدم القيام بأعمال الإصلاح المقررة لها.

وذكرت إسكوم، في بيان، أن 11 من مولداتها قد طالتها أعطال منذ صبيحة أمس الثلاثاء 10 يناير/كانون الثاني (2023).

ويمد المرفق المأزوم جنوب أفريقيا بغالبية الكهرباء، معتمدًا في ذلك وبصفة أساسية على أسطول عتيق من محطات توليد الكهرباء بالفحم التي لا تتسم بالموثوقية، ناهيك بكونها عُرضة للأعطال بصفة متكررة.

وحدث انقطاع الكهرباء في جنوب أفريقيا لأكثر من 200 يوم في العام الفائت (2022)، وهو المعدل الأعلى من نوعه في عام، بل ومن الممكن أن يتفاقم الوضع بصورة أكبر في العام الجاري.

ومنذ وصوله إلى سُدة الحكم عام 2018، يحاول الرئيس سيريل رامافوزا إصلاح مرفق إسكوم المثقل بالديون، بغية رفع كفاءته، لكنه لم يُحرز سوى تقدم طفيف في هذا الخصوص.

انقطاع الكهرباء
محطة توليد كهرباء تابعة لإسكوم- الصورة من yahoo

جبل الديون

تلامس قيمة الديون المتراكمة على "إسكوم" نحو 400 مليار راند جنوب أفريقي (23 مليارًا و86 مليونًا و375 ألف دولار أميركي)، بيد أن إيراداتها المتحققة لا تكفي لتغطية تكاليف التشغيل، وسداد مدفوعات الفائدة، بحسب بيانات تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.

*(الراند الجنوب أفريقي = 0.058 دولارًا أميركيًا).

ويتمخض عن وضع إسكوم المتعثر ماليًا حصول نوبات متكررة من انقطاع الكهرباء في جنوب أفريقيا منذ عام 2008، إذ صارت محطات الكهرباء المتهالكة عاجزة عن التوليد بكميات تكفي لتلبية مستويات الطلب المتنامية.

الأوضاع المأزومة داخل إسكوم دفعت الرئيس التنفيذي للشركة أندريه دي رويتر، إلى تقديم استقالته في ديسمبر/كانون الأول (2022)، ليصير بذلك الرئيس الـ11 الذي يغادر منصبه في أكثر من عقد.

وفتحت الشرطة الجنوب أفريقية تحقيقًا فيما إذا كانت ثمة محاولة لتسميم "دي رويتر"، الذي أطلق حملة ضد الفساد والجريمة المنظمة في البلاد، التي اشتملت على تخريب البنية التحتية في محطات إسكوم ومنشآتها.

بداية الأزمة

شهدت جنوب أفريقيا أزمة انقطاع الكهرباء للمرة الأولى في عام 2008، لينتج عنها ركود اقتصادي، فاقمته جائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19"، في البلد الأكثر تطورًا تكنولوجيًا في عموم أفريقيا.

ويتوقع محللو الطاقة سقوط إسكوم عما قريب، لما تتسبب فيه من انقطاعات مزمنة في الكهرباء نتيجة تخفيفها الأحمال عن الشبكة بصفة متكررة، والجهود الفاشلة التي يبذلها مسؤولوها من أجل إعادتها مجددًا إلى المسار.

ولطالما دأبت الشركة على قطع إمدادات الكهرباء في جنوب أفريقيا على مراحل بجميع أنحاء البلد البالغ تعداد سكانه 60 مليون نسمة، من أجل "تخفيف الأحمال"، وفقًا لما نشرته صحيفة "ذي إيبك تايمز" المحلية.

ويأتي ذلك في إطار مساعي إسكوم لتقنين احتياطيات الطوارئ المتناقصة، متى تعرّضت شبكة الكهرباء لضغوط شديدة.

فاتورة الإهمال والفساد

في نوفمبر/تشرين الثاني (2022)، أقرت إسكوم -التي تُنتج 95% من الكهرباء في جنوب أفريقيا- بأن محطتين فقط من محطاتها الـ13 للكهرباء، تولدان كميات الكهرباء المطلوبة.

وعقب محلل الطاقة المستقل، المدير السابق لدى إسكوم، تيد بلوم، على الوضع المأساوي الذي آلت إليه إسكوم، بقوله إن الأزمة التي تجابهها الشركة كانت نتاج سنوات من الإهمال والفساد وسوء الإدارة والتقاعس عن إجراء الصيانة والتحديثات الأساسية للمعدّات.

وأشار بلوم إلى أن الدولة هي من تدفع حاليًا فاتورة كل تلك الأوضاع، زاعمًا أنه لا توجد نهاية تلوح في الأفق لتلك المآسي.

يُشار هنا إلى أن انقطاع الكهرباء في جنوب أفريقيا بصفة متكررة قد كبد الاقتصاد خسائر لامست قيمتها 25 مليار راند (1.7 مليار دولار)، في أول أسبوعين من نوفمبر/تشرين الثاني (2022)، بحسب تقديرات خبراء.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق