الغاز الجزائري يتدفق إلى أسواق جديدة في 2023.. وأوروبا أولوية (خاص)
وخبير لـ"الطاقة": توجه لإنشاء خط أنابيب ثالث
عبدالرحمن صلاح - أحمد بدر
يواصل الغاز الجزائري طريقه لفتح أسواق جديدة، لا سيما في دول أوروبا، التي تواجه في الوقت الحالي أزمة طاقة، بعد تراجع إمدادات الغاز الروسي، مع تصاعد التوترات بسبب استمرار الحرب في أوكرانيا.
وفي هذا الإطار، تعمل الحكومة الجزائرية على زيادة صادرات البلاد من الغاز بنوعيه، الطبيعي والمسال، إلى أسواق جديدة، خاصة إلى دول أوروبا، سواء التي تعقد معها اتفاقيات، أو أسواق أخرى لم تطأها من قبل، وفق معلومات اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وتأتي مساعي وزارة الطاقة والمناجم لتصدير الغاز الجزائري إلى الأسواق الخارجية خلال العام الجاري (2023)، وفق توجيهات الرئيس عبدالمجيد تبون، بضرورة تعظيم إيرادات البلاد من تصدير الطاقة، حسب المعلومات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
ومن المقرر أن تركّز وزارة الطاقة والمناجم على صادرات الغاز الجزائري إلى أسواق أوروبا بشكل أكبر، وذلك للاستفادة من الأسعار المرتفعة، خاصة بعد سريان العقوبات الأوروبية على روسيا، التي أعلنت -بردّ فعل- أنها لن تصدّر النفط والغاز للدول الموقّعة على سقف الأسعار.
الغاز الجزائري إلى أوروبا
يعدّ الغاز الجزائري صاحب أهمية كبيرة بالنسبة للأسواق الأوروبية، بالإضافة إلى أنه يحظى بموثوقية فيما يتعلق بتأمين إمدادات الطاقة للقارة العجوز، مع تصاعد أزمة الطاقة العالمية التي خلّفتها الحرب الروسية الأوكرانية.
ومع قرار أوروبا التوجه بعيدًا عن مصادر الطاقة الروسية، يزيد توجّه دول الاتحاد إلى الجزائر، بصفتها مصدرًا مهمًا لإمدادات الغاز، إذ أعلنت سلوفينيا، في شهر ديسمبر/كانون الثاني الماضي 2022، مقترحًا لتطوير خط أنابيب يتجه للمجر.
ومن المقرر، وفق إعلان رئيس وزراء سلوفينيا روبرت غولوب، أن ينقل خط الأنابيب الغاز الجزائري من بلاده إلى المجر، بما يسهم في التخلي عن إمدادات الغاز من روسيا، وفق ما نشرت صحيفة فينانشال تايمز الاقتصادية البريطانية.
وكانت مفوضة الطاقة الأوروبية كادري سيمسون قد أعلنت خلال الاجتماع السنوي الرابع للحوار السياسي رفيع المستوى حول الطاقة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، يوم 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي 2022، أن تأمين إمدادات الغاز من الجزائر لأوروبا أمر يحظى بأولوية لدى الجميع.
يشار إلى أن الجزائر كانت قد وقّعت اتفاقًا مع الاتحاد الأوروبي عام 2013، يهدف لتطوير وتعزيز علاقات الطاقة بين الطرفين، بما يراعي توازن المصالح بينهما، إذ يندرج الغاز ضمن هذه المصالح المشتركة، وفق المعلومات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
إنشاء خط أنابيب ثالث
من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي في الجزائر، الدكتور مراد كواشي، أن العام الجاري 2023 سيشهد زيادات كبيرة في إنتاج الغاز الجزائري، بنوعيه الطبيعي والمسال، لافتًا إلى أن الرئيس عبدالمجيد تبون طالب شركة سوناطراك الحكومية قبل أيام بزيادة حجم الإنتاج، لترتفع إيرادات البلاد إلى 100 مليار دولار خلال هذا العام من المحروقات.
وأوضح كواشي، في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة، أن هناك -أيضًا- تفكير في إضافة أنبوب ثالث، للأنبوبين الحاليين لتصدير الغاز الطبيعي، حيث أن الأنبوب الأول يصل من الجزائر إلى إسبانيا مباشرة، والثاني إلى إيطاليا مرورًا بتونس، والخط الثالث سيكون إلى إيطاليا مباشرة، لضخ كميات إضافية إليها.
وأضاف: "في عام 2022، حققت البلاد اكتشافات كبيرة مؤكدة من الغاز الطبيعي، وزاد الاحتياطي الخاص بها، وبالتالي هناك إمكانية الآن لزيادة حجم إمدادات الغاز الجزائري، لا سيما مع رغبة الحكومة في استغلال فرصة ارتفاع أسعار الطاقة على المستوى العالمي".
ولفت الخبير الاقتصادي الجزائري مراد كواشي، إلى أن بلاده راجعت خلال العام الماضي عقود الغاز مع شركائها الأوروبيين، ورفعت أسعاره بعد أن كانت منخفضة، وذلك من خلال تحيين الأسعار لتتماشى مع الزيادات الحالية.
وأشار كواشي إلى أن هناك إستراتيجية لترشيد استهلاك الغاز داخليًا في الجزائر، لا سيما أن نحو 50% من إنتاج الغاز يتم استهلاكه محليًا، وتعتمد هذه الإستراتيجية أيضًا على التوجه إلى مصادر الطاقة المتجددة لتوفير كميات الغاز المستهلكة.
وعن توجيه الغاز الجزائري إلى أوروبا، قال الخبير الاقتصادي مراد كواشي إن السوق الأوروبية تحظى بأولوية في هذا الجانب، وهذا بحكم قرب المسافة بين الجزائر وقارة أوروبا، بالإضافة إلى وجود خطي أنابيب نقل الغاز إلى إسبانيا وإيطاليا.
بالإضافة إلى ذلك، وفق كواشي، اقتنت الجزائر بواخر لنقل الغاز المسال إلى أوروبا، ما يشير إلى أن أغلب كميات الغاز الجزائري ستتجه إلى القارة العجوز بهدف تعويض جزء من الغاز الروسي الذي يغيب عن المشهد الأوروبي.
مخزونات الغاز الإيطالية
أسهم الغاز الجزائري، خلال الربع الثالث من العام الماضي 2022، في ملء المخزونات الإيطالية من الغاز تحسبًا للشتاء، إذ اعتمدت إيطاليا على الواردات القادمة من الجزائر في الاستعداد لأزمة الطاقة التي خلّفها غياب الغاز الروسي.
وكانت شركة "سنام" الإيطالية قد أعلنت، في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أن الغاز الجزائري قد أسهم بملء منشآت تخزين الغاز في إيطاليا بنسبة 95%، وذلك مع اقتراب فصل الشتاء القارس، وفق معلومات اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وكانت إيطاليا تعتمد بشكل كبير على واردات الغاز من روسيا، إلّا أنها مع بدء العقوبات الأوروبية ضد موسكو، وامتناع الأخيرة عن بيع النفط والغاز للدول التي وافقت على سقف أسعار الطاقة، وجدت نفسها في حاجة إلى بديل سريع وموثوق، وهو ما وفّرته لها الجزائر.
يشار إلى أن الجزائر وإيطاليا وقّعتا خلال العام الماضي 2022 عددًا من الصفقات لزيادة الواردات من خلال خط أنابيب نقل الغاز "ترانسميد"، الذي يربط البلدين من خلال البحر المتوسط، إذ تسعى الدولتان لتشغيله بكامل طاقته، للوصول إلى 9 مليارات متر مكعب إضافية من الغاز سنويًا في 2023-2024.
غياب الإمدادات الروسية عن أوروبا
تسعى وزارة الطاقة إلى أن يحلّ الغاز الجزائري محلّ الإمدادات الروسية خلال عام 2023 في أوروبا، لا سيما بعد أن قررت موسكو عدم بيع منتجات الطاقة من نفط وغاز إلى الدول الموافقة على تطبيق سقف الأسعار.
وكان الحظر الأوروبي على واردات الطاقة الروسية المنقولة بحرًا قد دخل حيز التنفيذ في 5 ديسمبر/كانون الأول الماضي 2022، في توقيت طبّقت فيه مجموعة الدول الصناعية الـ7 سقف أسعار للنفط الروسي، عند 60 دولارًا للبرميل.
موضوعات متعلقة..
- كم يبلغ سعر الغاز الجزائري المُصدر إلى إسبانيا؟.. مصدر يكشف تفاصيل الصفقة
- الغاز الجزائري يتدفق إلى دولة أوروبية بعد توقفه عنها 12 عامًا
- تعتمد على الغاز الجزائري.. هل تصبح أيبيريا قوة جديدة للطاقة في أوروبا؟ (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- طفرة عربية في صفقات النفط والغاز البحرية خلال 2022.. والصدارة لـ3 شركات خليجية (تقرير)
- الغاز المسال العماني يتدفق إلى تركيا قريبًا.. ومصادر تكشف ملامح الاتفاق
- توقعات أسعار النفط في 2023 وأعلى مستوى قد يصل إليه البرميل.. 10 خبراء يتحدثون