التقاريرتقارير الطاقة النوويةرئيسيةطاقة نووية

الطاقة النووية في بنغلاديش أمل الدولة لحل أزمة الكهرباء المزمنة (تقرير)

خبراء: محطة روبور النووية ستحل المشكلة

نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • • منذ الصيف تعاني بنغلاديش انقطاع التيار الكهربائي وسط ارتفاع أسعار الوقود
  • • بنغلاديش تخطط لتقليل اعتمادها على الغاز الطبيعي في السنوات المقبلة
  • • بنغلاديش تكثّف توليد الكهرباء بالفحم على المدى القصير لسدّ الفجوة
  • • مصادر الطاقة المتجددة تمثّل نحو 950 ميغاواط فقط من إجمالي سعة توليد الكهرباء
  • • تكاليف النقل والتأخير في التنفيذ قد تجعل المشروع أكثر تكلفة مما كان متوقعًا

أصبحت الطاقة النووية في بنغلاديش أملًا للبلاد للنجاة من أزمة الطاقة والوفاء بالتزاماتها المناخية، وذلك بعد انقطاع الكهرباء عن 80% من سكان الدولة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي (2022)، وارتفاع أسعار الوقود اللازم للتوليد في جميع أنحاء العالم.

وستتيح محطة روبور للطاقة النووية، التي تبلغ سعتها المرتقبة لتوليد الكهرباء 2400 ميغاواط، لبنغلاديش فرصة الانضمام إلى قائمة أكثر من 30 دولة لديها مفاعلات عاملة، حسبما أوردته وكالة رويترز (Reuters) مؤخرًا.

وتظهر أهمية الطاقة النووية في بنغلاديش في وقت تعاني فيه البلاد من قِلّة احتياطيات النقد الأجنبي وتقنين استهلاك الغاز، إذ ينظر إليها بعض الخبراء على أنها مخرج محتمل من هذه المشكلات، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

محطة روبور للطاقة النووية

قال عميد كلّية الهندسة في جامعة بنغلاديش للهندسة والتكنولوجيا بالعاصمة دكا، إعجاز حسين، إن الطاقة النووية في بنغلاديش، ممثلة في محطة روبور، يمكنها المساعدة بتخفيف مشكلات الكهرباء في البلاد، وزيادة استعمالها للطاقة منخفضة الكربون.

الطاقة النووية في بنغلاديش
محطة روبور للطاقة النووية في بنغلاديش - الصورة من فينانشيال تايمز

ويشير محللون إلى أن التأخير في أعمال البناء والمخاوف بشأن التكلفة والقلق العام بشأن السلامة النووية تؤثّر في التوقعات حول المحطة الجديدة.

وعلى الرغم من أن قدرة توليد الكهرباء في بنغلاديش تتجاوز الطلب حاليًا، فإن الوقود اللازم لتشغيل المحطات الحالية يعتمد جزئيًا على الواردات، بما في ذلك ربع كمية الغاز الطبيعي المستعمل، جرّاء ارتفاع الأسعار هذا العام بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.

وقد عانت بنغلاديش، الواقعة في جنوب آسيا، من انقطاع التيار الكهربائي اليومي هذا الصيف؛ بسبب نقص إمدادات الغاز، التي تراجعت مع حلول فصل الشتاء وتراجُع الطلب على التبريد، خصوصًا في العاصمة دكا.

ومن المقرر أن ترتفع أسعار الوقود والكهرباء وسط تفكير الحكومة في إلغاء الدعم لخفض التكاليف.

وقال إعجاز حسين، إن الطاقة النووية يمكنها -مع تعزيز أمن الطاقة- أن تساعد البلاد على الوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاقية باريس للمناخ للحدّ من انبعاثات الاحتباس الحراري عن طريق الحدّ من استعمال الوقود الأحفوري.

وخلال السنوات المقبلة، تخطط بنغلاديش للاعتماد بشكل أقلّ على الغاز الطبيعي، الذي يمثّل الآن نحو نصف إنتاج الكهرباء، على الرغم من أنها تكثّف توليد الكهرباء بالفحم على المدى القصير لسدّ الفجوة.

إزاء ذلك، أعلنت وزارة الطاقة البنغلاديشية، العام الماضي، هدفًا طموحًا لتوليد 40% من الكهرباء في البلاد من مصادر الطاقة المتجددة، بما في ذلك الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الكهرومائية، بحلول عام 2041.

وتمثّل مصادر الطاقة المتجددة، حتى الآن، نحو 950 ميغاواط فقط من إجمالي سعة توليد الكهرباء البالغة 25 ألفًا و700 ميغاواط.

تصنيف الطاقة النووية

لا تزال الطاقة النووية مصنفة حتى الآن بصفتها مصدرًا للطاقة المتجددة أو الخضراء، وهو أمر مثير للجدل في جميع أنحاء العالم، إذ إن الوقود المستهلك المتبقي بعد إنتاج الكهرباء غير قابل لإعادة التدوير بالكامل، والنفايات النووية خطرة.

وانخفضت الطاقة النووية إلى أقلّ من 10% من توليد الكهرباء العالمي في عام 2021، على الرغم من أن أزمة الطاقة الأخيرة التي سبّبها الغزو الروسي لأوكرانيا قد شهدت بعض الاهتمام من جديد.

التعاون مع روسيا

يعود هدف تطوير محطة الطاقة النووية في بنغلاديش إلى عقد الستينيات، لكن الخطط التي اعتمدتها الحكومات المتعاقبة على مدى العقود لم تُنَفَّذ بسبب نقص التمويل والمهندسين المهرة، حسب تقرير لوكالة رويترز.

في عام 2011، أُبرِم اتفاق مع روسيا لبناء محطة نووية، وفي عام 2017 بدأ البناء أخيرًا في محطة روبور، على مسافة 140 كيلومترًا غرب العاصمة دكا، على وحدتين للطاقة النووية قادرتَين على توليد 1200 ميغاواط لكل منهما.

وتقوم شركة روساتوم الروسية للطاقة النووية المملوكة للدولة ببناء المحطة باستعمال التكنولوجيا الروسية، وتمّ تمويل 90% من المشروع بقرض روسي بقيمة 11.38 مليار دولار سيُسَدَّد على مدى عقدين بدءًا من عام 2027، حسب تقرير اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

انطلاقة متأخرة

قال نائب الرئيس، مدير مشروع محطة الطاقة النووية في بنغلاديش "روبور" الذي تديره شركة "أتومستروي اكسبورت" (إيه إس إي) المساهمة، وهي شركة هندسية روسية تابعة لشركة روساتوم، أليكسي ديري، إن أعمال البناء تتقدم بأقصى سرعة.

الطاقة النووية في بنغلاديش
جانب من أعمال تشييد أول محطات الطاقة النووية في بنغلاديش "روبور" قبل عام

في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، افتتحت رئيسة وزراء بنغلاديش، الشيخة حسينة، تركيب الحاوية الروسية الصنع التي ستضم المفاعل للوحدة الثانية بالمحطة، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

وأوضحت الحكومة أن إتمام محطة الكهرباء، التي كان من المقرر أصلًا أن تبدأ العمل في 2022-2023، سيتأخر، ما يعني أنها قد لا تكون قادرة على المساعدة بالتخفيف من نقص الكهرباء في المدى القريب.

وقال الوزراء ومسؤولو المشروع، الشهر الماضي، إن بناء البنية التحتية لنقل المحطة يستغرق وقتًا أطول مما هو مخطط له بسبب جائحة كوفيد-19 ومشكلات شراء أجزاء لمحطتها الفرعية.

وذكرت وسائل إعلام محلية أنها تتوقع الآن أن تبدأ المحطة في توفير الكهرباء في منتصف عام 2024، بدلًا من أواخر عام 2023.

على صعيد آخر، مُنعت سفينة روسية تحمل مواد للمحطة النووية من دخول ميناء بنغالي في ديسمبر/كانون الأول، بعد أن أفادت الولايات المتحدة أن السفينة كانت تخضع لعقوبات ردًا على الغزو الروسي لأوكرانيا.

وقال ديري، إن شركة "أتومستروي اكسبورت "تبذل قصارى جهدها لضمان جاهزية موقع محطة روبور لتسلُّم الدفعة الأولى من الوقود النووي هذا العام، مضيفًا أن إمدادات الكهرباء "تعتمد على العديد من العوامل، وليست جميعها تحت سيطرتنا".

وقال الخبراء، إنه بسبب التأخر في البدء والسرّية للمعلومات المالية للمشروع، فإن القدرة على تحمّل تكاليف الكهرباء من المحطة النووية الجديدة غير واضحة.

وأوضح ديري أن التكاليف الأولية لبناء محطة نووية مرتفعة، لكن الكهرباء ستكون أرخص على مدار 60 عامًا من عمرها، وستكون أكثر موثوقية من مصادر الطاقة المتجددة، لأنها ستولّد الكهرباء على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع، وستُهدر أقلّ من الطاقة الشمسية أو الرياح.

وقال أستاذ العلوم النووية الزائر في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، شفيق إسلام، إنه في غياب التقديرات الرسمية، تشير حساباته إلى أن الطاقة النووية من محطة روبور ستكون منافسة تجاريًا مقارنة باستعمال الوقود الأحفوري المستورد والمصادر المتجددة.

وأضاف أن تكاليف النقل والتأخير في التنفيذ قد تجعل المشروع أكثر تكلفة مما كان متوقعًا.

في عام 2014، أظهر بحث من جامعة آرهوس الدنماركية أن تجاوز التكاليف قد أثّر في أكثر من 97% من مشروعات الطاقة النووية حول العالم منذ خمسينيات القرن الماضي.

توفير وظائف للمواطنين

يعتقد العديد من سكان منطقة روبور، وهي مقرّ محطة الطاقة النووية في بنغلاديش، أن العمل في المحطة سيستمر إلى ما بعد الجدول الزمني الأولي.

وقال أحد سكان المنطقة، مسعود رنا، 45 عامًا، الذي يطبخ الأطباق الروسية في مطعم صغير على جانب الطريق، إن السكان المحليين بحاجة إلى اكتساب المهارات والخبرات بسرعة حتى يتمكنوا من العمل في المحطة النووية عند بدء تشغيلها وعدم الاعتماد على روسيا في السنوات المقبلة.

وقال نائب الرئيس، مدير مشروع محطة الطاقة النووية روبور الذي تديره شركة "أتومستروي اكسبورت"، أليكسي ديري، منذ عام 2018، دُرِّبَ أكثر من 660 متخصصًا بنغاليًا من قبل روساتوم للعمل في المشروع.
وأضاف أن نحو 1120 موظفًا تشغيليًا و 305 من أفراد الاحتياط سيخضعون للتدريب عمومًا.

مخاوف تتعلق بالسلامة

يشعر بعض الخبراء والأشخاص بالقلق بشأن السلامة، في أعقاب كارثة تشيرنوبيل عام 1986 بأوكرانيا وأزمة محطة فوكوشيما النووية في اليابان عام 2011.

وألمح عميد كلّية الهندسة في جامعة بنغلاديش للهندسة والتكنولوجيا بالعاصمة دكا، إعجاز حسين إلى أن قدرة بنغلاديش على إدارة كارثة نووية كبيرة محدودة.

وقال أستاذ العلوم النووية الزائر في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، شفيق إسلام، إن هناك خطرًا ضئيلًا بحدوث أزمة مثل فوكوشيما؛ لأن الجيل الثالث من المفاعلات المستعمَلة في محطة روبور يمكن أن ينطوي على انهيار نووي.

وأوضح أن لدى تلك المفاعلات العديد من طبقات الحماية التي يجب أن تمنع إطلاق النشاط الإشعاعي في البيئة.

وقال نائب الرئيس مدير لمشروع محطة الطاقة النووية في بنغلاديش، أليكسي ديري، إن الخصائص التقنية والاقتصادية المحسنة للمفاعلات توفر "أمانًا تشغيليًا مطلقًا، وتتوافق تمامًا مع معايير أمان ما بعد فوكوشيما للوكالة الدولية للطاقة الذرّية".

تجدر الإشارة إلى أن ضعف بنغلاديش أمام تأثيرات تغير المناخ هو اعتبار آخر، إذ تقع المحطة في منطقة معرضة لتأثيرات الطقس المتطرفة مثل الفيضانات.

وقال شفيق إسلام، إنه لا توجد معلومات عامة متاحة بشأن ما إذا كان تصميم محطة الطاقة النووية في بنغلاديش يأخذ المخاطر المتعلقة بالمناخ في الحسبان.

على ضوء ذلك، وحتى قبل اكتمال محطة روبور وتشغيلها، تدرس الحكومة إمكان بناء محطة نووية ثانية، مع إبداء دول مثل كوريا الجنوبية والصين اهتمامها.

ونصح شفيق إسلام بعدم التسرع في مشروع آخر واسع النطاق، قائلًا، إنه سيكون من الأفضل التعلم من تجربة تشغيل المحطة الأولى لعدّة سنوات.

وأضاف: "علينا أيضًا انتظار الجيل المقبل من التقنيات النووية الأكثر أمانًا، التي يمكن تمويلها وإدارتها محليًا".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق