3 عوامل تشكّل أسواق النفط الآسيوية في 2023.. وإيران قد تُغيّر المشهد
دينا قدري
ستشهد أسواق النفط الآسيوية تحولًا جذريًا عام 2023، في ظل التغيرات التي طرأت على القطاع منذ بدء الحرب الروسية في أوكرانيا، فبراير/شباط المنصرم، وما تلاها من عقوبات أوروبية وأميركية.
وتستعد آسيا لاستقبال جزء من شحنات النفط الروسي التي تحوّلت بعيدًا عن أوروبا، في ظل سعي موسكو إلى إيجاد مشترين جدد لبيع ما يصل إلى مليون برميل يوميًا من الخام المنقول بحرًا، وهي الكميات التي كانت تذهب إلى أوروبا قبل دخول العقوبات حيز التنفيذ في 5 ديسمبر/كانون الأول.
من هذه الأحجام، قد يكون لدى آسيا القدرة على استيعاب النصف فقط، بالإضافة إلى أكثر من مليوني برميل يوميًا كانت تشتريها قبل عقوبات الاتحاد الأوروبي؛ ما سيساعد في سدّ فجوة العرض التي ستتّسع مع تحويل المزيد من الخامات الأميركية والأفريقية من آسيا إلى أوروبا، وفق معلومات منصة الطاقة المتخصصة، نقلًا عن منصة "إس آند بي غلوبال" (S&P Global).
وفي المقابل، تتدفق المنتجات النفطية الآسيوية إلى الدول التي تتطلع إلى سدّ الفجوة الناجمة عن عقوبات الاتحاد الأوروبي على المنتجات الروسية، والتي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ في فبراير/شباط 2023.
عوامل تتحكم في أسواق النفط الآسيوية
قال محللون ومصادر صناعية لـ"إس إند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس"، إن سياسة الصين الخاصة بجائحة فيروس كورونا ستكون العامل الأكبر لتحديد معدل التعافي في الطلب الآسيوي على النفط.
وسيظل مشترو النفط الآسيويون يأملون في عودة النفط الإيراني، على الرغم من أن الفرص قد تكون ضئيلة.
ومن المحتمل أن يجلب الخام الإيراني بعض الراحة إلى المعروض في أسواق النفط، في وقت يبدو فيه أن الصراع العنيف بين آسيا وأوروبا على خامات الشرق الأوسط يشتدّ.
وقال رئيس الطلب العالمي على النفط وتحليلات آسيا في "إس آند بي غلوبال"، كانغ وو: "سيكون العام الجديد عامًا مثيرًا لأسواق النفط الآسيوية".
وأوضح أن "قائمة العوامل التي ستهيمن على عناوين الأخبار ستكون طويلة، من زيادة تحويل النفط الروسي إلى آسيا، إلى الحاجة المتزايدة للمنتجات النفطية من قبل أوروبا، من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك آسيا".
وأضاف أن العوامل الرئيسة الإضافية التي يجب مراقبتها ستكون: تعافي الطلب في الصين وصادراتها من المنتجات النفطية، ونمو الطلب على وقود الطائرات في آسيا عمومًا، فضلًا عن معدلات تشغيل المصافي في المنطقة.
ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- الطلب العالمي على النفط في عامي 2021-2022، مع توقعات عام 2023:
ارتفاع الواردات الروسية إلى الهند
في أمر يدلّ على تحوّل التدفقات التجارية في أسواق النفط، ارتفعت شهية الهند للخامات الروسية إلى مستوى قياسي في أكتوبر/تشرين الأول، متجاوزًا الأحجام التي يشحنها بعض الموردين الرؤساء في الشرق الأوسط.
ومن حصة سوقية تقلّ عن 1% في سلة واردات الهند قبل بدء الصراع، ارتفعت حصة روسيا من الواردات في أكتوبر/تشرين الأول إلى 4.24 مليون طن متري، أو ما يقرب من مليون برميل يوميًا، لتستحوذ على حصة 21%.
وكانت هذه الأحجام قابلة للمقارنة مع العراق، وأعلى من واردات المملكة العربية السعودية التي تبلغ حصتها 15%.
وفي أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني، كانت المصافي الهندية في عجلة من أمرها لاقتناص شحنات وفيرة قبل أيّ عقبات محتملة للشحن أو السياسة، بسبب عقوبات الاتحاد الأوروبي على صادرات النفط الروسي.
ويرى المحللون أن الهند ستستمر في شراء كميات كبيرة من النفط الروسي عام 2023؛ إذ أكد صنّاع السياسة الهنود أن شراء الخام الروسي كان مفيدًا في إبقاء التضخم تحت السيطرة.
تأثير تعافي الطلب في الصين
الصين -كذلك- لم تفوّت فرصة للحصول على خامات روسية مخفضة السعر؛ إذ ارتفعت حصة روسيا من واردات الصين إلى 17.4% في المدة من يناير/كانون الثاني إلى أكتوبر/تشرين الأول، أو 1.74 مليون برميل يوميًا، من حصة سوقية تبلغ 15.5% من إجمالي واردات عام 2021.
واقترب النمو السنوي للتدفقات الروسية الوافدة من 10% خلال الـ 10 أشهر، على الرغم من انخفاض إجمالي واردات الصين من النفط الخام بنسبة 2.7% في المدة نفسها.
وتتجه الأنظار الآن إلى قرارات بكين بعد أن أعلنت قوانغتشو في 30 نوفمبر/تشرين الثاني خططًا لإزالة معظم القيود المتعلقة بالجائحة واستئناف وسائل النقل العامّ.
و على الرغم من أن طلب الصين على وقود النقل قد يرتفع بشكل طفيف في المدى القريب، فإن التعافي في الطلب على النفط لن يكون حادًا في ديسمبر/كانون الأول ويناير/كانون الثاني، وسط تزايد الإصابات، بحسب ما نقلته "إس آند بي غلوبال".
وسيصل طلب الصين على النفط إلى 15.7 مليون برميل يوميًا في عام 2023، بزيادة 700 ألف برميل يوميًا عن الطلب في عام 2022.
وقد يستمر الطلب الإجمالي في عام 2024 في الزيادة بمقدار 500 ألف برميل يوميًا، مقارنةً بمستويات عام 2023، وفقًا لـ "إس آند بي غلوبال".
ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- صادرات روسيا من الوقود الأحفوري حسب الدولة منذ غزو أوكرانيا:
عودة النفط الإيراني تُغيّر المشهد
قال المشاركون في الصناعة والسوق، إن المستهلكين وموزّعي الوقود والمصافي والشركات التجارية في الشرق الأقصى وجنوب آسيا يأملون جميعًا في زيادة تدفقات النفط الإيراني، للمساعدة بتحقيق التوازن في أسواق النفط الإقليمية وترويض التضخم المتسارع.
وقد رأى أكثر من نصف المشاركين في أسواق النفط الآسيوية -شملهم المسح الذي أجرته "إس آند بي غلوبال" من 31 أكتوبر/تشرين الأول إلى 22 نوفمبر/تشرين الثاني- فرصًا ضئيلة للغاية لرفع العقوبات، للسماح باستئناف صادرات النفط الإيراني عام 2023.
ومع ذلك، اتفقت الغالبية العظمى من المتخصصين في الصناعة على أن عودة الإمدادات الإيرانية ستعزز بشكل كبير أساسيات الطلب على النفط في آسيا، ما يؤدي إلى هوامش تكرير أكثر استدامة عمومًا.
كما أظهر المسح -الذي شمل 26 من المتخصصين في الصناعة في جميع أنحاء آسيا- أن 8% منهم كانوا يأملون في استئناف تداول النفط والمكثفات الإيرانية خلال النصف الأول من عام 2023.
وتوقّع 35% ممن شملهم المسح عودة الإمدادات الإيرانية بالكامل في النصف الثاني من عام 2023، بينما توقَّع 54% أن تظل الشحنات الإيرانية محظورة طوال عام 2023.
موضوعات متعلقة..
- هل تواجه أسواق النفط تراجعًا في الطلب بعد العقوبات ضد روسيا؟ (مقال)
- أسواق النفط في الصين.. هل تتنفس الصعداء مع بدء تخفيف قيود كورونا؟ (تقرير)
- تأثير الاضطرابات الاقتصادية في أسواق النفط (مقال)
اقرأ أيضًا..
- هل تعرف استخدامات النفط والغاز الأقل شهرة؟.. أبرزها العطور والمنتجات الصحية
- أوابك: انخفاض كبير في صادرات الجزائر من الغاز المسال.. وهذا هو السبب
- تقنية ترفع إنتاج الهيدروجين الأخضر 14 ضعفًا بتكلفة أقل
- الإمارات تزود السيارات اليابانية بألمنيوم مصنوع من الطاقة الشمسية