النفايات البلاستيكية.. خطر جسيم يهدد الأحياء المائية ويفاقم تداعيات المناخ (تقرير)
وحدة أبحاث الطاقة - أحمد شوقي
- خطر النفايات البلاستيكية يهدد حياة الإنسان والنظم البحرية
- انبعاثات النفايات البلاستيكية في البحار والمحيطات قد ترتفع 3 مرات
- تحلّل النفايات البلاستيكية يُسبب أمراضًا خطيرة للإنسان
- التكاليف الاقتصادية للنفايات البلاستيكية البحرية تصل لـ19 مليار دولار
- إعادة التدوير قد تؤدي دورًا رئيسًا في تقليل انبعاثات البلاستيك
تُهدد النفايات البلاستيكية النظم البيئية البحرية وصحة الإنسان والتكاليف الاجتماعية الاقتصادية ذات الصلة، كما تُهدد المستقبل فيما يتعلق بتزايد آثار تغيّر المناخ، خاصة أن صناعة البلاستيك تعتمد على الوقود الأحفوري في الأساس.
وعبر دورة حياة صناعة البلاستيك، تحدث أكبر الخسائر في أثناء مرحلتَي الاستعمال ونهاية العمر الافتراضي بنسبة تصل إلى 36% و55% على التوالي، حسب تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة.
ومن المتوقع زيادة انبعاثات النفايات البلاستيكية في الأحياء المائية 3 مرات تقريبًا بحلول عام 2040، حال عدم اتخاذ إجراءات صارمة لخفضها، وفق التقرير الذي تابعت تفاصيله وحدة أبحاث الطاقة.
حجم النفايات البلاستيكية
بلغ إنتاج البلاستيك عالميًا 368 مليون طن سنويًا في عام 2019، قبل أن يتراجع قليلًا بنحو 0.3% في عام 2020، بسبب تداعيات وباء كورونا، وحال الاستمرار بالمعدل الحالي قد يرتفع الإنتاج إلى 1.1 مليار طن سنويًا بحلول منتصف القرن الحالي (2050).
ومن إجمالي إنتاج البلاستيك التراكمي البالغ 9.2 مليار طن بين عامي 1950 و2017، أصبح نحو 7 مليارات طن نفايات بلاستيكية، ثلاثة أرباعها (76%) ذهبت إلى مكبّات النفايات أو النظم البيئية المختلفة، بما في ذلك البحر، في حين حُرق 14% منها.
ويتوقع برنامج الأمم المتحدة للبيئة أن يصل الإنتاج العالمي التراكمي من المواد البلاستيكية إلى 34 مليار طن بحلول 2050، ما يعني ضرورة الاستعداد لمنع تزايد النفايات البلاستيكية أو التخطيط للحدّ من الإنتاج.
وبصفة خاصة، تشير التقديرات إلى أن أحجام المواد البلاستيكية في المحيطات تتراوح بين 75 و199 مليون طن، وفق التقرير، الذي اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.
الأكثر من ذلك، أن تقديرات البنك الدولي تشير إلى أنه في كل دقيقة، تُلقى في المحيطات كمية من النفايات البلاستيكية تعادل حجم شاحنة قمامة.
وتمثّل المواد البلاستيكية أكثر من 85% من إجمالي النفايات البحرية، كما أنها الأكثر مقاومةً للتحلل، ما يجعلها الأكثر ضررًا على البيئة والاقتصاد وصحة الإنسان في الوقت نفسه.
التداعيات على النظم البيئية والمناخ
تتسبب النفايات البلاستيكية في آثار مميتة وشبه مميتة للأحياء المائية، إذ يؤدي ابتلاعها من قبل الحيتان والسلاحف والطيور والأسماك واللافقاريات إلى تمزقات في النظم الداخلية والجوع الشديد، فضلًا عن موت الشعاب المرجانية، ما يؤدي إلى نقص الأكسجين والضوء.
كما يمكن أن تتحلل المواد البلاستيكية في البيئة البحرية إلى مواد كيميائية سامة وجسيمات دقيقة تنقل كائنات مسببة للأمراض تضرّ الحياة البحرية وصحة الإنسان.
وفي هذا الصدد، وجدت دراسة، نشرها موقع "نيوز روم" النيوزيلندي، أن النفايات البلاستيكية تهدد حياة حيتان خليج هوراكي في نيوزيلندا، إذ تبتلع كميات هائلة من الجسيمات الدقيقة يوميًا.
وفضلًا عن ذلك، فإن النفايات البلاستيكية البحرية قد تغير من دورة الكربون في العالم، من خلال إضرارها بأشجار المانغروف والأعشاب البحرية والمرجان، ما يؤثّر في قدرة احتجاز الكربون من الغلاف الجوي، ومن ثم تتزايد آثار تغيّر المناخ.
ومن المتوقع أن ترتفع انبعاثات النفايات البلاستيكية في النظم البيئية المائية 3 مرات تقريبًا، من معدل يتراوح بين 9 و14 مليون طن في عام 2016 إلى 23 و37 مليون طن بحلول عام 2040.
وباستعمال نهج آخر في التقييم، يمكن أن يصل انبعاثات المواد البلاستيكية التي تدخل في الأحياء المائية إلى 53 مليون طن بحلول 2030، مقابل ما يتراوح بين 19 و23 مليون طن عام 2016.
وبصفة عامة، من المرجح أن ترتفع الانبعاثات الناتجة عن صناعة البلاستيك عبر دورة حياتها من 1.7 غيغا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون عام 2015 إلى 6.5 غيغا طن بحلول عام 2050، ما يمثّل 15% من ميزانية الكربون عالميًا.
التداعيات على صحة الإنسان والاقتصاد
يمثّل حرق النفايات البلاستيكية في الهواء الطلق مخاطر جسيمة على صحة الإنسان، من خلال استنشاق الغازات السامة والمواد الكيميائية المسببة للسرطان وغيره من الأمراض.
أمّا مخاطر النفايات البحرية على صحة الإنسان فتأتي من تناول المأكولات البحرية التي ابتلعت المواد البلاستيكية، ما يجعل الإنسان عرضة للعديد من أنواع البكتيريا المسببة للأمراض، والتي تنقلها هذه الجسيمات البلاستيكية أو المواد الكيميائية الناتجة عن تحلّلها، مثل ميثيل الزئبق.
وبعيدًا عن الأضرار الصحية، فإن تزايد النفايات البلاستيكية يضرّ رفاهية العيش، عبر منع الناس من زيارة الشواطئ والسواحل وغيرها من الأنشطة المتعلقة بالنشاط البدني.
وفي مثال على تأثير النفايات البلاستيكية برفاهية الإنسان، أدى تراكم مواد البلاستيك في مياه بحيرة كيفو إلى إغلاق التوربينات بأكبر محطة للطاقة الكهرومائية لدى جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومن ثم نقص الكهرباء.
أمّا بالنسبة إلى التكاليف الاقتصادية، فهي كبيرة للغاية، حتى دون النظر إلى الخسائر المحتملة لآثار تغير المناخ الناتجة عن النفايات البلاستيكية، كونها تهدد سبل العيش في العديد من المدن الساحلية.
وتُقدَّر التكاليف الاقتصادية السنوية للتلوث البلاستيكي البحري، فيما يتعلق بالسياحة ومصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية والتكاليف الأخرى، بما في ذلك أنشطة التنظيف، بما يتراوح بين 6 و19 مليار دولار على الأقلّ، وهي نسبة صغيرة من إجمالي سوق البلاستيك العالمية البالغة 580 مليار دولار في عام 2020.
وفي الواقع، التكاليف أكبر بكثير، لأن عدم وجود دراسات كافية للتقييم الشامل جعل هذه التقديرات لا تشمل التداعيات السلبية على صحة الإنسان والنظم البيئية البحرية، وفق تقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة.
وفضلًا عن ذلك، من المتوقع أن يمثّل تزايد المواد البلاستيكية في المحيطات بحلول عام 2040 خطرًا ماليًا بقيمة 100 مليار دولار سنويًا على الشركات، إذا أجبرتها الحكومات على تغطية تكاليف إدارة النفايات وإعادة تدويرها.
التحديات والحلول المتاحة
يُنظر إلى عملية إعادة التدوير على أنها الحل الأمثل حتى الآن لتقليل النفايات البلاستيكية، لكن هذه العملية تواجه العديد من التحديات، وعلى رأسها نقص المعلومات حول مكونات المنتجات البلاستيكية.
ويبلغ معدل إعادة التدوير أقلّ من 10% من إجمالي إنتاج البلاستيك التراكمي، رغم وجود خسائر تتراوح بين 80 و120 مليار دولار سنويًا في قيمة نفايات التعبئة والتغليف وحدها.
وأمام ذلك، فإن تكلفة إدارة النفايات البلاستيكية تمثّل تحديًا كبيرًا أيضًا، إذ من المتوقع أن تنمو من 38 مليار دولار عام 2019، إلى 61 مليار دولار بحلول عام 2040، حسب التقرير.
وحتى الآن، لا توجد معاهدة عالمية واحدة للحدّ من النفايات البحرية، لكن يساعد العديد من الالتزامات والأنشطة العالمية والإقليمية على دفع المجتمع العالمي لوضع حدّ للتلوث البلاستيكي.
وفي ظل التركيز على الاستدامة البيئية، تتوقع الشركة السعودية للصناعات الأساسية سابك نمو السوق العالمية للبلاستيك المعاد تدويره من 27.9 مليار دولار عام 2021، إلى 43.5 مليار دولار بحلول عام 2026.
وفضلًا عن إعادة التدوير، ترى شركة الأبحاث وود ماكنزي ضرورة تقليل البصمة الكربونية لإنتاج البلاستيك وتنويع المواد الأولية بدلًا من الوقود الأحفوري، إلى جانب خفض الطلب على المواد غير الضرورية.
اقرأ أيضًا..
- إنتاج الغاز في أميركا الشمالية قد يرتفع 29 مليار قدم مكعبة يوميًا بحلول 2033
- هل يصل الطلب على الغاز الطبيعي إلى ذروته قريبًا؟ (تقرير)
- كاسحات الجليد النووية سلاح روسيا لزيادة صادرات النفط والغاز (إنفوغرافيك)
I see You're truly a excellent webmaster. The web site loading pace is incredible.
It kind of feels that you are doing any unique trick. Moreover, the contents
are masterwork. you have done a great activity on this matter!