هل يصل الطلب على الغاز الطبيعي إلى ذروته قريبًا؟ (تقرير)
وحدة أبحاث الطاقة - أحمد شوقي
- استهلاك الغاز الطبيعي عالميًا قد يصل إلى ذروته هذا العقد.
- غزو أوكرانيا يسرع الوصول إلى ذروة استهلاك الوقود الأحفوري.
- قطاع الكهرباء يقود انخفاض الطلب على الغاز الطبيعي عالميًا.
- أسعار الغاز المرتفعة ونمو الطاقة المتجددة يثبطان استهلاك الغاز.
- الطلب على الغاز الطبيعي المسال قد يستمر في النمو حتى 2050.
قبل أزمة غزو أوكرانيا، لم يستحوذ الحديث عن ذروة الطلب على الغاز الطبيعي على مساحة كبيرة من المناقشات العالمية، خاصة أن العديد من الإستراتيجيات الحكومية تركز عليه بصفته وقودًا انتقاليًا نحو الطاقة المتجددة.
ومع التغيّرات التي أحدثها الغزو الروسي لأوكرانيا، شهد التقرير السنوي لآفاق الطاقة عالميًا، الصادر عن وكالة الطاقة الدولية، الإشارة إلى ذروة الطلب على الغاز الطبيعي لأول مرة على الإطلاق، في سيناريو السياسات الحالية.
وتتوقع الوكالة -التي تتخذ من باريس مقرًا لها- أن يصل الغاز الطبيعي والنفط والفحم إلى ذروة الاستهلاك مع قرب نهاية العقد الحالي (2030)، خاصة مع تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا.
ويرى المحلل المشارك في تقرير آفاق الطاقة، بيتر زينيفسكي، عبر سلسلة من التغريدات على صفحته الشخصية في تويتر، أن توقعات ذروة الطلب على الغاز الطبيعي تعني نهاية العصر الذهبي للغاز، الذي قد يكون بدأ عام 2011.
ذروة الطلب على الغاز الطبيعي
نما استهلاك الغاز الطبيعي بنسبة 20% بين عامي 2011 و2020، لكن تتوقع وكالة الطاقة أن تتباطأ وتيرة النمو إلى 5% هذا العقد، ليكون من المتوقع أن يصل الإجمالي لنحو 4.372 تريليون متر مكعب عام 2030، قبل أن يستقر إلى حد كبير بعد ذلك ليسجل 4.357 تريليون متر مكعب عام 2050.
ويوضح الرسم البياني الآتي -الذي أعدته وحدة أبحاث الطاقة- الطلب العالمي على الغاز الطبيعي بين عامي 1965 و2021:
ويؤدي الغزو الروسي لأوكرانيا دورًا كبيرًا في تسريع الوصول إلى ذروة الغاز الطبيعي والوقود الأحفوري عامةً أواخر هذا العقد بغض النظر عن التعهدات المناخية المعلنة.
وأدّت أسعار الغاز الطبيعي المرتفعة إثر الحرب الروسية الأوكرانية إلى تثبيط نمو الطلب، خاصة من قبل أوروبا، التي وجّهت خططها سريعًا نحو الطاقة المتجددة.
وفي هذا الصدد، يرى "زينيفسكي" أنه فضلًا عن تأثير أسعار الغاز المرتفعة في الطلب؛ فإن مصادر الطاقة المتجددة باتت تتمتع بميزة تنافسية في قطاع الكهرباء؛ ما جعل التحول من الفحم والنفط إلى الغاز بعيدًا عن أولويات الحكومات، إلى جانب ذلك يؤدي تباطؤ النمو الاقتصادي وتحسين كفاءة الطاقة دورًا في خفض استهلاك الغاز.
ورغم أن ذروة الطلب على الغاز باتت قريبة؛ فإن حصته في مزيج الطاقة لن تتغيّر كثيرًا؛ إذ يُتوقع أن تنخفض من 23% في 2021 إلى 20% عام 2050، في سيناريو السياسات الحالية، وفق ما ذكره "زينيفسكي".
اختلاف مسارات الاستهلاك
أوضح "زينيفسكي" أن ذروة الطلب على الغاز الطبيعي تخفي مسارات مختلفة تمامًا في الاقتصادات المتقدمة مقابل الاقتصادات الناشئة.
وأشار إلى أن انخفاض استهلاك الغاز في أوروبا واليابان والولايات المتحدة من بين دول أخرى في الاقتصادات المتقدمة سيؤدي إلى تعويض النمو المستمر في الشرق الأوسط والأسواق النامية في آسيا.
وفي مثال على ذلك، تتوقع وكالة الطاقة الدولية نمو الطلب على الغاز الطبيعي في آسيا والمحيط الهادئ من 920 مليار متر مكعب عام 2021 إلى 1.173 تريليون متر مكعب عام 2050، في المقابل يتراجع استهلاك أوروبا من 625 مليار متر مكعب ليصبح 395 مليار متر مكعب خلال المدّة المقارنة.
وأوضحت وكالة الطاقة الدولية أن تداعيات غزو أوكرانيا تُسهم في الإسراع في نشر مصادر الطاقة المتجددة وتعزيز كفاءة الطاقة في أوروبا، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى خفض الطلب على الغاز الطبيعي والنفط في الاتحاد الأوروبي بنسبة 20% والفحم 50% هذا العقد.
أما فيما يتعلق بالقطاعات؛ فإن القطاع الصناعي هو الوحيد الذي يتمتع بنمو ملحوظ في الطلب على الغاز الطبيعي، خاصة بالنسبة للصلب؛ إذ من المتوقع ارتفاع إجمالي استهلاك القطاع من الغاز إلى 1.116 تريليون متر مكعب عام 2050، مقابل 882 مليار متر مكعب عام 2021.
بينما يُتوقع أن تنخفض حصة الغاز في إجمالي توليد الكهرباء بوتيرة كبيرة من 23% حاليًا إلى 13% بحلول عام 2050، لكنه سيظل يؤدي دورًا مهمًا للغاية في موازنة الشبكة الكهربائية ودعم موثوقيتها.
ويوضح الرسم التالي، مزيج توليد الكهرباء في العالم، حسب تقديرات مؤسسة بلومبرغ نيو إنرجي فاينانس:
استهلاك الغاز الطبيعي المسال
يختلف مسار الطلب على الغاز المسال تمامًا عن الغاز الطبيعي، بسبب توقعات نمو استهلاك آسيا، حسبما يرى "زينيفسكي".
ومن المتوقع أن ينمو استهلاك الغاز الطبيعي المسال بنسبة 60% بين عامي 2021 و2050، في مراحل متدرجة، وفق سيناريو السياسات الحالية، لكن هذا النمو قد يتباطأ بوتيرة كبيرة في سيناريوهي التعهدات المناخية المعلنة والحياد الكربوني.
وتتوقع وكالة الطاقة الدولية ارتفاعَ حجم التجارة العالمية للغاز إلى 944 مليار متر مكعب بحلول 2030، قبل أن يصل إلى 991 مليار متر مكعب بنهاية 2050، بفضل الطلب على الغاز المسال.
وتحتاج سعة تصدير الغاز المسال العالمية إلى الارتفاع 240 مليار متر مكعب سنويًا أعلى من السعة الحالية أو السعة قيد الإنشاء، من أجل تلبية الطلب، حسب التقرير الذي اطلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.
موضوعات متعلقة..
- وكالة الطاقة الدولية تتوقع اتجاهات الغاز عالميًا في 3 سيناريوهات (تقرير)
- وكالة الطاقة الدولية تتوقع الوصول لذروة استهلاك الوقود الأحفوري هذا العقد
اقرأ أيضًا..
- سقف أسعار النفط الروسي لن يكون مجديًا.. وعدد السفن عقبة أمام موسكو (تقرير)
- باحث فرنسي يتراجع عن هجومه على الغاز المغربي وجدوى الاكتشافات
- بفضل المركبات الكهربائية.. العالم قد يتجنّب 1.7 مليون برميل نفط يوميًا في 2022 (تقرير)