التغير المناخيتقارير التغير المناخيرئيسيةقمة المناخ كوب 27

خبير: كوب 27 يضع مصر على خريطة مواجهة التغيرات المناخية عالميًا (حوار)

أجرت الحوار: داليا الهمشري

قال أستاذ الطاقة والتنمية المستدامة بالجامعة الأميركية الدكتور صلاح الحجار، إن مؤتمر المناخ كوب 27 سيضع مصر على الخريطة العالمية لمواجهة التغيرات المناخية.

وأوضح الحجار أن المؤتمر يُعدّ فرصة لتوصيل وجهة نظر مصر فيما يتعلق بالقضايا المناخية، إذ إن وفود دول العالم ستأتي للاطّلاع على جهودها بإجراءات التكيف والتخفيف، والتقدم الذي أحرزته في هذا المجال.

وحذّر الحجار من تبعات التغيرات المناخية على الدول النامية، التي تفتقر إلى التكنولوجيات التي تمكّنها من تحقيق التكيف مع الظواهر المناخية الجديدة.

والتقت منصة الطاقة المتخصصة الدكتور صلاح حجازي، لمناقشته بشأن واقع التغيرات المناخية في العالم، واستعداد مصر لاستضافة مؤتمر المناخ كوب 27، وأجرت معه الحوار التالي:

ما تأثير التغيرات المناخية في العالم بصفة عامة.. وعلى مصر بصفة خاصة؟

تؤثّر التغيرات المناخية في دول العالم -ومن بينها مصر- بالعديد من الأنشطة، إذ إنها تتسبب في تبخّر المياه، مما يقلل كمية مياه نهر النيل القادمة إلى مصر، ويؤثّر في عملية الري.

كما يؤثّر ارتفاع درجات الحرارة الناجم عن الاحتباس الحراري في المحاصيل الزراعية صيفًا أو شتاءً، إذ أصبح الصيف أكثر حرارة، ويشهد الشتاء -حاليًا- موجات حرارة مرتفعة كذلك.

ومن ثم أصبح هناك تغير في درجات الحرارة للمحاصيل الزراعية، مما جعل نقص المواد الغذائية أهم الظواهر التي يشهدها العالم أجمع هذه الأيام.

كما أن تبخّر المياه أدى إلى زيادة نسبة الرطوبة في الجو، متسببًا في ظهور عديد من الأمراض، ولا سيما لكبار السن والأطفال.

ومن المتوقع أن يتسبب ارتفاع درجات الحرارة الناجم عن التغيرات المناخية في انصهار جبال الثلج، ومن ثم ارتفاع مستوى سطح البحر.

على سبيل المثال، إذا ارتفع مستوى البحر المتوسط 55 سنتيمترًا ستغرق منطقة الدلتا بأكملها، وهذا ليس قاصرًا على مصر فقط، فهناك دول أخرى معرّضة للغرق مثل هولندا وولاية فلوريدا الأميركية وغيرها من المناطق على مستوى العالم، وهذا سيؤثّر بالتأكيد في كثير من السكان.

وبدأ العالم -بالفعل- يدرك الظاهرة، ولا سيما أن الارتفاع الشديد في درجات الحرارة تسبَّب بجفاف بعض الأنهار في أوروبا، حتى ظهر قاع النهر.

لذلك، فإن تأثير ظاهرة الجفاف لم ينعكس على مصر فقط، بل على العديد من دول العالم.

وكانت الأمم المتحدة قد بدأت عام 1992 المطالبة بالحدّ من آثار التغيرات المناخية، والتي عدّها بعضهم في هذا الوقت نوعًا من التجارة أو الخرافة، ولكن اتفاق باريس عام 2015 أكد أنها حقيقة واقعة.

ولأول مرة يجتمع العالم بأكمله على مبدأ واحد، وهو محاولة المحافظة على درجة الحرارة، وألّا ترتفع عن 1.5 درجة مئوية خلال المدة المقبلة لحماية كوكب الأرض.

كوب 27
أستاذ الطاقة والتنمية المستدامة بالجامعة الأميركية الدكتور صلاح الحجار

ما مدى تأثّر مصر والدول الأفريقية بالتغيرات المناخية؟

العالم بأكمله سيتضرر نتيجة التغيرات المناخية، ولكن بمعدلات متفاوتة.

والدول النامية، وخاصة الدول الأفريقية ومصر -رغم أن مشاركتها في الانبعاثات الكربونية المُسببة للتغيرات المناخية ليست كبيرة- ستعاني بشدة من الآثار السلبية لهذه التغيرات.

مصر -على سبيل المثال- تمثّل 6.% فقط من المشاركة في الانبعاثات المُتسببة في التغيرات المناخية، ولكن التأثير السلبي في مصر أعلى بكثير من حجم مشاركتها في الأزمة.

ويرجع تأثّر الدول النامية والدول الأفريقية ومصر بالتغيرات المناخية بصورة أكبر من غيرها إلى نقص التكنولوجيات التي تستطيع الاعتماد عليها لتخفيف آثار التغيرات المناخية.

ولذلك طالبت اتفاقية باريس عام 2015 دول العالم المتقدمة -المُتسببة أساسًا في الانبعاثات- بتمويل الدول النامية بمبلغ 100 مليار دولار سنويًا، ولكن للأسف حتى هذه اللحظة لم تفِ هذه الدول بتعهداتها المناخية.

إلى أين يجب توجيه أموال تمويلات التغيرات المناخية؟

علي سبيل المثال، هناك خطة مصر للتحول نحو الغاز الطبيعي، لما له من تأثير أقلّ من الوقود السائل في خفض الانبعاثات الكربونية.

فعملية التحول من الوقود الأحفوري السائل إلى الغاز الطبيعي تقلل من شدة التغيرات المناخية، بالإضافة إلى التوسع في مصادر الطاقة المتجددة بجميع أنواعها، والتوجه نحو التكنولوجيا الخضراء.

وهناك 3 قطاعات أساسية تؤثّر في الانبعاثات المُسببة للاحتباس الحراري، وهي الصناعة والنقل والمباني.

ويُعدّ قطاع المباني أكثر القطاعات تأثيرًا في التغيرات المناخية، بنسبة تتراوح ما بين 39% و40%.

لماذا يؤثّر قطاع المباني في المناخ بهذه النسبة الهائلة؟

عندما أتحدث عن قطاع المباني، فإن ذلك يشمل الصناعات المسؤولة عن مُنتَجات هذا القطاع.

على سبيل المثال، عندما ننظر إلى تحليل استهلاك الطاقة على مستوى الدولة، نجد أن قطاع المباني يستهلك 42% من الطاقة، بينما لا يتجاوز استهلاك قطاع الزراعة 5%، وقطاع الصناعة يستهلك نحو 17%، وقطاع الخدمات الحكومية من محطات المياه والصرف الصحي نحو 15% من استهلاك الكهرباء.

ومن ثَمَّ، تُعدّ استهلاكات قطاع المباني هي الأعلى للكهرباء، ولذلك في عام 1990 نظّم العالم بأكمله مبادرة لإنشاء المباني الخضراء، وكانت أولى الدول التي اتّخذت هذه المبادرة هي بريطانيا.

وصممت بريطانيا أول مواصفة للمباني الخضراء، وأطلقت عليها اسم "غرين"، وبعد ذلك بنحو 8 أعوام، في عام 1998، صممت الولايات المتحدة أشهر المواصفات المعروفة الآن على مستوى العالم، وهي الـ"ليد".

واليوم، لدى أميركا 1.7 مليون مبنى أخضر، وبريطانيا لديها نحو 600 ألف مبنى أخضر، وهنا في مصر نطبّق 4 مواصفات لكفاءة المباني، هي الليد و"جي بي آر إس" و"ترشيد ريتنج سيستم" و"إتش".

وبالرغم من أن مصر لديها 4 مواصفات لكفاءة المباني، فلا تتعدى المباني الخضراء في مصر 100 مبنى، وإذا أجرينا مقارنة بين مصر وأميركا وبريطانيا، سنجد أن مصر تحتاج إلى مواكبة دول العالم والتوسع في هذا الاتجاه.

كوب 27
اتجاه عالمي نحو التوسع في المباني الخضراء

ما الشروط الواجب توافرها في المباني الخضراء؟

تتميز المباني الخضراء بقدرتها على توفير الطاقة بنسبة تتراوح ما بين 40 و50%، وتوفر المياه بنسبة تتراوح بين 50 و70%، وتقلل من كمية المواد المُستعمَلة في المبنى، بالإضافة لتحسين البيئة الداخلية للمبنى، وتقليل الانبعاثات المتسبّبة في التغيرات المناخية.

لذا، لا بدّ أن نؤكد أن قطاع المباني مهم للغاية بالنسبة للمجتمعات، ولا بدّ من التعامل معه بجدّية، والحرص على تحويل المباني والمدن المصرية إلى مبانٍ ومدن خضراء.

اليوم، يتجه العالم بأكمله للتوسع في هذا المسار، والإمارات أكثر دولة في الشرق الأوسط لديها مدن ومبانٍ خضراء، ومبانٍ صفرية الانبعاثات، أي إنها تُنتج طاقة حتى تتمكن من إدارة المبنى بأكمله، دون الاعتماد على شبكة الكهرباء الحكومية.

وهناك توجّه كبير في الإمارات نحو تحويل المباني الخضراء إلى مصانع لإنتاج الطاقة؛ لاستعمالها في أغراض أخرى.

كما تحولت مدينة شرم الشيخ إلى مدينة خضراء خلال المدة الأخيرة، وهذا شيء عظيم للغاية، ولا بد من عدم الاكتفاء بمدينة شرم الشيخ، والتوسع في هذا الاتجاه في المدن والقرى المصرية كافةً.

كيف تنفّذ مصر خطّتها المناخية؟

أطلقت مصر عددًا من المبادرات للحدّ من الانبعاثات المُتسببة في التغيرات المناخية، مثل مبادرة التحول من استعمال النفط إلى الغاز الطبيعي، التي انطلقت منذ عام، إذ صممت مصر أفضل شبكة نقل مستدامة في الشرق الأوسط.

كما أصبحت مصر تمتلك لأول مرة شبكة نقل مستدامة، سواء تحت الأرض "أندر جراوند" أو القطار الترددي أو القطار الخفيف أو القطار السريع.

وستعمل هذه الشبكة على تقليل الانبعاثات بدرجة كبيرة للغاية، بالإضافة إلى ما تشهده مصر من توسّع في مجال الطاقة الشمسية، إذ إن لديها أكبر محطة طاقة شمسية في بنبان بأسوان.

وهناك مبادرة كذلك لإنتاج الهيدروجين الأخضر، فالطاقة الحرارية الناتجة عن الهيدروجين تعادل 4 أضعاف الطاقة الحرارية المتولدة عن الوقود الأحفوري، ومن ثم فهو يتميز بإنتاج طاقة حرارية عالية، وانبعاثاته لا تتعدى كونها بخار ماء، وأكاسيد نيتروجين، ويُعدّ صفري الانبعاثات.

وأول إنتاج للهيدروجين الأخضر في مصر سيكون في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل (2023)، بجانب عدد من مشروعات طاقة الرياح.

تعمل الجامعة الأميركية على قياس البصمة الكربونية لأنشطة الطلاب للحدّ من انبعاثاتها.. هل هناك أيّ مقترح لتعميم هذه الفكرة في مصر؟

هناك مبادرة بدأت منذ مدة في مصر بصفة عامة، تحت اسم "البصمة الكربونية"، تقيس مشاركة الأفراد في الانبعاثات الكربونية في البيئة المحيطة، ثم تُوضع خطة لتقليل هذه البصمة بحيث يتحقق الحياد الكربوني بحلول 2050.

والجامعة الأميركية من أوائل الجامعات في مصر التي اهتمت بقضية البصمة الكربونية، وتُصدر التقرير سنويًا منذ نحو 5 أعوام.

وهناك بعض المصانع والشركات متعددة الجنسيات -كذلك- وضعت مبادرة لقياس البصمة الكربونية، في محاولات للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول 2050.

 

كيف تقيّم استضافة مصر لمؤتمر المناخ كوب 27؟

 

تعدّ مؤتمرات "كوب" المناخية من أهم المؤتمرات على مستوى العالم، وتنعقد بحضور معظم رؤساء وقادة الدول الكبرى.

كوب 27

فعلى سبيل المثال، مؤتمر المناخ السابق كوب 26 الذي عُقد في مدينة غلاسكو، شارك فيه 130 رئيس دولة وعدد كبير من الوفود، وهذا يُعدّ أهم حدث عالمي تشارك فيه دول العالم كافةً.

ومن المنتظر أن يمتد مؤتمر كوب 27 على مدار أسبوعين، وهذا الحدث سيضع مصر على خارطة العالم، لأن العالم سيبدأ يستمع إلى وجهة النظر المصرية فيما يتعلق بالقضايا المناخية.

كما ستأتي وفود من دول العالم كافةً لرصد الجهود المصرية في إجراءات التكيف والتخفيف ومدى التقدم في الأنشطة المصرية، فهناك العديد من المشروعات القومية التي ستُقدَّم خلال فعاليات المؤتمر، حتى يشهد العالم التقدم الذي أحرزته مصر في هذا الملف.

إلى أيّ مدى نجح مؤتمر المناخ السابق كوب 26 في تحقيق أهدافه؟

نجح مؤتمر كوب 26 في تحقيق هدف واحد، وهو وضع مبادرة لتحقيق أهداف الحياد الكربوني، ووقّعت دول العالم كافةً التزاماتٍ بتنفيذ تعهداتها المناخية بحلول 2050.

وهذه من أهم المبادرات التي أُطلقت في مؤتمرات المناخ خلال المدة الماضية.

ومن المفترض أن يضع مؤتمر المناخ كوب 27 آلية لتطبيق المبادرة التي أُطلقت خلال مؤتمر كوب 26 إلى واقع ملموس على الأرض.

ثم تقييم ما ينُفَّذ خلال مؤتمر كوب 28 المقرر عقده في الإمارات العام المقبل 2023، بهدف تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050 على أقصى تقدير.

كيف ستسهم مشاركتكم في مؤتمر المناخ كوب 27 بوضع خطة للوصول للانبعاثات الصفرية؟

من خلال اقتراحين، إمّا عن طريق تحقيق الحياد الكربوني، أي تعادل الانبعاثات الكربونية، بامتصاص ثاني أكسيد الكربون من الجو بواسطة الأشجار، وبعد ذلك دراسة الأنشطة التي يمارسها الإنسان، ومعادلتها بوسيلة لامتصاص ثاني أكسيد الكربون.

فعلى ساحل البحر الأحمر، توجد الآلاف من أشجار المانغروف، وهي تُعدّ محمية من قبل الدولة، لأنها تمثّل غابات تجتمع تحتها الأسماك بكميات ضخمة، وتضع بيضها.

ومن ثم فإن الدولة تحمي هذه الأشجار للحفاظ على الثروة السمكية تحتها، وتتميز أشجار المانغروف بأنها تنمو على المياه المالحة في البحر الأحمر، التي تتراوح نسبة الملوحة فيها ما بين 30 و35 ألف جزء في المليون.

ومن ثم، يمكن أن نأخذ خطًا "ماسورة" من البحر، ونمدّه إلى 100 أو 200 ألف فدان مسطح، ونبدأ في زراعة شجر المانغروف في هذه الأماكن بصورة صناعية، وبعد ذلك ستنجذب الأسماك، وستكوّن مزرعة سمكية طبيعية.

كما ستعمل أشجار المانغروف على امتصاص ثاني أكسيد الكربون.

ويمكن استغلال الساق في الحصول على الأخشاب والأوراق واستخدامها علفًا للحيوانات، ونكون بذلك قد نفّذنا مشروعًا قوميًا بالاعتماد على المياه المالحة للحصول على الثروة السمكية والأخشاب وعلف الحيوانات، بجانب خفض الانبعاثات الكربونية في الجو.

كيف يمكن إقناع الدول الكبرى بتنفيذ التزاماتها المناخية في دفع 100 مليار دولار سنويًا للدول النامية؟

احتراق الغابات، وما نتجَ عنه من ارتفاع شديد في درجات الحرارة تسبَّب في أزمات كبرى لقارة أوروبا، مما جعل قادة القارة العجوز على دراية تامة بتأثير التغيرات المناخية السلبي.

ومن المفترض أن تكون هذه الدول أول من يبدي اهتمامًا بدفع هذه المليارات، لدعم إجراءات التخفيف من آثار التغيرات المناخية.

هل تعتقد أن أزمة الطاقة في أوروبا تمثّل تحديًا لمؤتمر كوب 27؟

للأسف، أصبحت الكثير من الدول الأوروبية تتجه للفحم، في ظل نقص إمدادات الغاز الروسي، وهذه كارثة؛ لأن نسبة الانبعاثات الكربونية من الفحم أعلى بكثير من الوقود الأحفوري السائل والغازي.

ولكن في أوروبا، ليس لديهم غاز ولا نفط، وفي أمسّ الحاجة إلى الطاقة، وهذه الأزمة سيكون لها تأثيرات سلبية بقضية التغيرات المناخية، ويمكن مناقشة هذا الأثر خلال مؤتمر كوب 27.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق