قفزة بصادرات الغاز المسال الروسي.. ودولة أوروبية في مقدمة المستوردين
خلال شهر أكتوبر
أمل نبيل
انتعشت واردات أوروبا وآسيا من الغاز المسال الروسي خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول (2022)، في ظل سعي دول القارتين إلى تأمين احتياجاتها من الطاقة قبل موسم الشتاء الذي يشهد ذروة الطلب.
وارتفعت صادرات الغاز الطبيعي المسال من روسيا بنسبة 1.1% على أساس سنوي في أكتوبر/تشرين الأول إلى أعلى مستوى منذ مارس/آذار من العام الجاري (2022)، وفقًا لبيانات تتبّع السفن التي جمعتها وكالة بلومبرغ منذ عام 2016.
وينقَل الغاز الطبيعي عبر خطوط أنابيب، أمّا الغاز المسال فيُنقَل سائلًا في خزّانات تبريد خاصة على ناقلات ضخمة تشبه ناقلات النفط، ثم يجري تفريغه وإعادته إلى حالته الغازيّة عن طريق تسخينه في موانٍ خاصة بالدول المستهلكة، بحسب تعريف منصة الطاقة للفرق بين النوعين.
صادرات الغاز المسال الروسي
تتناقض الزيادة في صادرات الغاز الطبيعي المسال الروسي، مع تراجع تدفقات خطوط الأنابيب إلى أوروبا بعد تدهور العلاقات بين الغرب والكرملين بسبب غزو أوكرانيا في فبراير/شباط من العام الجاري (2022).
ومثّلت إمدادات الغاز الروسي عبر خطوط الأنابيب الجزء الأكبر من واردات أوروبا قبل الحرب الأوكرانية، لكنها تراجعت بصورة كبيرة، خاصة مع توقّف التدفقات من خط أنابيب (نورد ستريم 1) في سبتمبر/أيلول (2022).
وتصدّرت فرنسا والصين واليابان قائمة الدول الأكثر استيرادًا للغاز المسال الروسي خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول، و لا يزال ما يقرب من نصف شحنات الغاز المنقول على متن السفن في طريقها إلى هذه الدول.
ويأتي جزء كبير من الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا من القطب الشمالي الروسي، ويُشحَن في الناقلات المخصصة له "آرك 7" القادرة على اجتياز الجليد.
ويُشحَن الغاز المسال الروسي من شبه جزيرة يامال ويمر على امتداد ساحل النرويج في طريقه إلى المحطات في أوروبا الغربية.
ولا توجد في الوقت الحالي أيّ عقوبات مباشرة على الغاز الطبيعي المسال الروسي، إلّا أن الزيادة في الصادرات تعكس قوة الطلب على الوقود استعدادًا لقصل الشتاء، إذ من المتوقع أن يعزّز الطقس البارد الاستهلاك ويقلص الإمدادات العالمية.
وقفزت واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز الطبيعي المسال الروسي بنسبة 41% على أساس سنوي حتى أغسطس/آب (2022، بحسب موقع أويل برايس (oilprice).
ولدى روسيا محطتان لإنتاج الغاز الطبيعي المسال، الأولى هي سخالين 2، بطاقة تصميمية تبلغ 11.5 مليون طن سنويًا، والأخرى هي محطة يامال، التي تبلغ طاقتها التصميمية 17.4 مليون طن سنويًا.
في الوقت ذاته، تتجه المرافق والحكومات إلى وقف عمليات الشراء الإضافية، أو وقف عمليات التسليم من روسيا تمامًا.
زيادة المشتريات الصينية
لم تستورد المملكة المتحدة الغاز المسال من روسيا منذ بدء الحرب الأوكرانية في فبراير/شباط (2022)، وستحظره رسميًا بدءًا من يناير/كانون الثاني (2023).
بينما زاد المشترون في الصين مشترياتهم من الغاز الطبيعي المسال الروسي للاستفادة من الخصم في السوق الفورية.
واستقبلت بكين شحنات الغاز المسال الروسي بنصف السعر الفوري الحالي، ما يمكّنها من بيع الشحنات الأغلى ثمنًا إلى أوروبا وآسيا.
وفي مطلع شهر سبتمبر/أيلول (2022)، باعت محطة (سخالين-2) لتصدير الغاز المسال من روسيا إلى الشرق الأقصى عدّة شحنات إلى الصين لتسليمها حتى ديسمبر/كانون الأول، بنصف السعر الفوري الحالي عبر مناقصة.
وتستهدف روسيا زيادة صادراتها من الغاز الطبيعي المسال من 34.7 مليون طن سنويًا حاليًا إلى ما يتراوح بين 80 إلى 140 مليون طن سنويًا بحلول عام 2035، حسب موقع إنرجي إنتيلغنيس (energyintel).
وفي محاولة لتقليص اعتمادها على الغاز الروسي، حلّت أوروبا مكان آسيا بصفتها وجهة أولى للغاز الطبيعي المسال الأميركي، إذ تتلقى حاليًا 65% من إجمالي الصادرات.
وتعهَّد الاتحاد الأوروبي بخفض استهلاكه من الغاز الطبيعي الروسي بنحو الثلثين قبل نهاية العام الجاري (2022)، بينما تعهدت دول البلطيق (ليتوانيا ولاتفيا وإستونيا) بإلغاء واردات الغاز الروسي تمامًا.
وعلى عكس غاز خطوط الأنابيب، فإن الغاز الطبيعي المسال فائق التبريد أكثر مرونة، ويمكن شحنه من المناطق النائية، بما في ذلك الولايات المتحدة وقطر.
تقليص استهلاك الغاز
تسعى دول الاتحاد الأوروبي إلى تقليص اعتمادها على الغاز الروسي، حتى التوقف نهائيًا عن استيراده بحلول عام 2027.
وفي سبيل تحقيق هذا الهدف، وافقت دول القارة العجوز على خفض الطلب على الغاز بنسبة 15%، ووضع حزمة من الإجراءات لتخفيف استهلاك الكهرباء خلال أوقات الذروة.
وتدرس دول الاتحاد الأوروبي مقترحًا بوضع سقف لأسعار الغاز المستورد، بما في ذلك الغاز الروسي، لكبح أسعار الطاقة والتضخم القياسي في أسعار المستهلكين، وهو المقترح الذي يلقى اعتراضًا شديدًا من موسكو، التي هددت بعدم بيع النفط أو الغاز للدول التي تضع سقفًا لمنتجاتها من الطاقة.
وفي أغسطس/آب من العام الجاري (2022)، حظر الاتحاد الأوروبي واردات الفحم الروسي، كما يعتزم حظر 90% من صادرات النفط الروسي المنقول بحرًا بحلول ديسمبر/كانون الأول، وحظر المنتجات النفطية في فبراير/شباط (2023).
ورغم تراجع الواردات الأوروبية عبر خطوط الأنابيب الروسية بنحو 40% تقريبًا في النصف الأول من عام 2022، نجحت دول القارة في ملء مرافق تخزين الغاز الآن بنسبة 94% تقريبًا، وهي نسبة أعلى بكثير من مستهدفات الاتحاد البالغة 80% بحلول نوفمبر/تشرين الثاني (2022).
ولتعويض غياب التدفقات الروسية، توسعت أوروبا في استيراد الغاز المسال من الولايات المتحدة وقطر والجزائر ودول أفريقيا، وتخطط لتوليد مزيد من الكهرباء عبر مصادر الطاقة المتجددة، واستمرار تشغيل محطات الفحم والطاقة النووية لأجل غير مسمى.
ومن المتوقع أن يبلغ متوسط واردات أوروبا من الغاز الطبيعي المسال 140 مليار متر مكعب سنويًا خلال المدة من 2022 وحتى 2027.
موضوعات متعلقة..
- إمدادات الغاز المسال الروسي إلى أوروبا ترتفع 15% رغم توقف ضخ الأنابيب
- دخول الغاز المسال الروسي في مواجهة مع نشطاء منظمة "غرينبيس"
- ما سر تمسك اليابان بالغاز المسال الروسي؟.. أكبر تكتلات الشحن يجيب
اقرأ أيضًا..
- مصر تترقب 15 مليار دولار لتمويل المشروعات الخضراء في قمة المناخ كوب 27
- أدنوك الإماراتية تدعم خطة زيادة إنتاج النفط لـ5 ملايين برميل يوميًا بعقود جديدة
- أول محطة عائمة للغاز المسال في أفريقيا تُطلق شرارة الإنتاج