هل يدعم الهيدروجين الأخضر إسكتلندا في معركة الاستقلال عن بريطانيا؟ (تقرير)
عمرو عز الدين
تعوّل إسكتلندا -البلد الأوروبي الصغير الساعي للاستقلال عن بريطانيا- على صناعة الهيدروجين الأخضر بصورة أساسية، في إطار إستراتيجيتها لبناء اقتصاد مستقل عن كيان المملكة المتحدة الأم.
وتشير دراسة حديثة صادرة عن وزارة الطاقة في إسكتلندا إلى أن التوجه إلى صناعة الهيدروجين ينطوي على فرص تصديرية كبيرة، تعزز نموذج الاستقلال الاقتصادي على المدى الطويل، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
ويقول وزير الطاقة الإسكتلندي ميشيل ماثيوسن، إن الهيدروجين الأخضر يمكن أن يوفر لبلاده أكبر فرصة صناعية منذ اكتشاف النفط والغاز في ستينيات القرن الماضي، وفقًا لموقع أيرلاند لايف (Ireland live).
وأضاف ماثيوسن، أن الهيدروجين الأخضر الذي يمكن استخدامه في إنتاج خلايا الوقود لتوليد الكهرباء أو الحرارة يمكنه أن يساعد إسكتلندا في تحقيق الحياد الكربوني والاستقلال الاقتصادي معًا.
5 غيغاواط بحلول 2030
نشرت الحكومة الإسكتلندية العام الماضي (2021) خطة عمل أولية تستهدف دعم استقلال اقتصاد البلاد عبر تعزيز إنتاج الهيدروجين الأخضر، بهدف الحصول على 5 غيغاواط من الطاقة الإنتاجية المركبة بحلول 2030.
وتطمح إسكتلندا إلى أن ترتفع هذه النسبة إلى 25 غيغاواط بحلول عام 2045، وفقًا لخطة العمل التي اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
ويحضر وزير الطاقة الإسكتلندي هذا الأسبوع في بروكسل، أسبوع الهيدروجين الأوروبي، المنعقد خلال 24-28 أكتوبر/تشرين الأول 2022، للترويج لفرص الاستثمار في إنتاج الهيدروجين الأخضر ببلاده.
ويأمل ماثيوسن في أن يؤدي الهيدروجين دورًا رئيسًا في تحقيق إستراتيجية تصفير الانبعاثات في مجالات الصناعة والنقل الثقيل والاقتصاد المحلي في بلاده.
كما يأمل الوزير في أن تحل الطاقة المولدة من الهيدروجين محل الطاقة التقليدية المستخدمة في تدفئة المنازل والمباني، مع توفير فائض كبير قابل للتصدير، بما يعظّم عوائد الدولة الخارجية ويفتح أسواقًا جديدة على العالم.
ورغم أن إسكتلندا تُعَد من البلاد النفطية الغنية بالموارد، فإنها باتت تعوّل على الهيدروجين ليس بوصفه البيئي المحفز على انتقال الطاقة فحسب، وإنما بوصفه مفتاحًا اقتصاديًا مركزيًا يمكّنها من تحرير سوق الطاقة وضمان إمدادت أقوى بمرونة أعلى وتكاليف أقل.
تجربة الطهي بالهيدروجين
تولي حكومة البلاد -الواقعة شمال غرب أوروبا- اهتمامًا كبيرًا بدعم مبادرات إحلال الهيدروجين محل الوقود التقليدي في المجتمعات المحلية.
وفي هذا السياق، بدأ 300 منزل إسكتلندي تجربة فريدة في استخدام أجهزة تسخين وطبخ تعتمد على الهيدروجين الأخضر منذ نوفمبر/تشرين الثاني (2020).
وتموّل هذه التجربة مؤسسة الطاقة والكهرباء الحكومية البريطانية "أوفغيم"، بنسبة 100%، عبر منحة قيمتها 18 مليون جنيه إسترليني للأسر المنخرطة في التجربة.
كما تدعم حكومة إسكتلندا هذا المشروع بنحو 6.9 مليون جنيه إسترليني، وفقًا لتفاصيل التجربة التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
وبموجب هذه المنحة تحصل الأسر التي تستمر في التجربة لمدة أطول نسبيًا (أكثر من 4 سنوات)، على الأجهزة البديلة مجّانًا، بالإضافة إلى شراء الغاز الأخضر دون تكلفة إضافية.
وتهدف هذه التجربة في مرحلتها الأولى إلى التحقق من مدى قدرة الهيدروجين المُنتج من مصادر الطاقة المتجددة على تحقيق خطط بريطانيا المناخية والوصول إلى الحياد الكربوني.
وتشمل خطط إسكتلندا وبريطانيا تعزيز هذه التجربة في حالة نجاحها، بإضافة مرحلة ثانية تصل إلى 1000 منزل، على أمل تعميمها بصورة أوسع في مدن ومقاطعات كاملة في المستقبل.
وتعتمد هذه التجربة على تشابه استخدام الهيدروجين الأخضر مع غاز الوقود التقليدي في مجالات الطبخ والطهي، بما يسهّل من عمليات انتقال المنازل إلى هذا الغاز في حالة نجاح التجربة.
وتُعدّ عمليات التسخين من أبرز أسباب التلوّث، إذ ينجم عنها ثلث انبعاثات الكربون، بسبب اعتماد 85% من سكّان بريطانيا على غلّايات تعمل بالغاز.
(الجنيه الإسترليني = 1.15 دولارًا أميركيًا)
مشكلة النفط مع بريطانيا
تُعَدّ إسكتلندا واحدة من 4 مقاطعات (دول) تتكون منها المملكة المتحدة، إذ تسعى للاستقلال عنها منذ عقود، لكنها لم تحقق ذلك حتى الآن، في ظل خلافات شديدة حول تقاسم موارد النفط والغاز في بحر الشمال.
وتُقدّر احتياطيات النفط في بحر الشمال بنحو 15 إلى 24 مليار برميل، في حين تُقدر احتياطيات الغاز الطبيعي في حدود 198 مليار متر مكعبة، وفق معلومات اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
ورغم وقوع أغلب هذه الاحتياطيات في مناطق تابعة لإسكتلندا بنسبة 90% تقريبًا فإنها لا تحصل على عوائد كبيرة منها، ما يدفعها إلى الرهان على مسألة الاستقلال عن بريطانيا.
وتقدّمت حكومة إسكتلندا في أكتوبر/تشرين الأول الجاري (2022) بطلب إلى المحكمة العليا في المملكة المتحدة بشأن تنظيم استفتاء على مسألة الاستقلال عن بريطانيا خلال العام المقبل 2023، ولكن لم يُفصل في مدى شرعية الطلب بعد.
وتُشكّل صناعة النفط والغاز نحو 7% من حجم اقتصاد إسكتلندا التي تسعى إلى تنويع مصادر دخلها عبر مصادر أخرى أكثر استدامة وعلى رأسها الهيدروجين الأخضر.
وتأمل وزارة الطاقة الإسكتلندية استغلال فرصة أسبوع الهيدروجين الأوروبي (24-28 أكتوبر/تشرين الأول 2022)، لعرض تجربتها وإمكاناتها في هذه الصناعة الواعدة بالتعاون مع الشركاء الأوروبيين.
اقرأ أيضًا..
- السعودية تمهد لبيع حصة من أرامكو بقيمة 85 مليار دولار
- قطاع الطاقة صداع في رأس ريشي سوناك.. وأسعار الفواتير أبرز الأزمات
- وزير الطاقة السعودي يتحدث عن الخلاف مع أميركا.. و"خسارة باهظة الثمن" (فيديو)