هل تقترب تكلفة شحن السيارات الكهربائية من البنزين؟ (تقرير)
وسط أزمة الطاقة الراهنة
وحدة أبحاث الطاقة - أحمد عمار
- تكاليف شحن السيارات الكهربائية تقترب من أسعار البنزين
- ضرائب نقاط الشحن العامة أحد أسباب ارتفاع تكاليفها
- ارتفاع أسعار الغاز يعزز زيادة مبيعات السيارات الكهربائية
- نصف السيارات الكهربائية المبيعة عالميًا يحدث في الصين
مع الزخم الذي تشهده صناعة السيارات الكهربائية وقيام العديد من الدول بسنّ تشريعات تحفز على انتشارها، كيف تؤثّر الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تشهدها غالبية دول العالم في تلك الصناعة؟
يُعَدّ رُخْص تكلفة شحن السيارات الكهربائية مقارنة بالمركبات التي تعمل بالاحتراق الداخلي، مع الحوافز الحكومية المقدّمة، من بين العوامل الرئيسة التي ساعدت على نمو مبيعات السيارات الكهربائية.
ويسعى صنّاع السياسات في العديد من الدول إلى نشر المركبات الكهربائية لتحلّ بديلًا عن تلك التي تعمل بالاحتراق الداخلي، بهدف تقليل انبعاثات قطاع النقل أحد أكثر القطاعات تلويثًا للبيئة.
وظهرت بعض المخاوف مؤخرًا، من تسبُّب بعض العوامل، مثل الارتفاع الكبير في أسعار الكهرباء، وتناقص الدعم الحكومي، وأزمة سلاسل التوريد، في إضعاف سوق السيارات الكهربائية عالميًا.
تكلفة الشحن
رغم أن السيارات الكهربائية تظهر بصفتها بديلًا منخفض التكلفة فيما يتعلق بالشحن مقارنة بالوقود الأحفوري، فإنه مع استمرار الأزمة الراهنة واستمرار ارتفاع أسعار النفط والغاز واستعمالهما في توليد الكهرباء، لم تعد تكلفة شحن البطاريات الكهربائية منخفضة.
ويؤكد تقرير لشركة راك لخدمات السيارات، وفق ما نقلته هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي، أن تكاليف شحن السيارات الكهربائية أصبحت تقترب من أسعار البنزين؛ نتيجة أسعار الطاقة المرتفعة.
وقالت الشركة البريطانية، في تقريرها: "إن مالكي المركبات الكهربائية الذين يستعملون نقاط الشحن العامة يدفعون أسعار تكلفة السيارات التي تعمل بالبنزين لكل ميل تقريبًا".
وعلى الرغم من أن تكلفة شحن السيارات الكهربائية في المنازل أرخص من نقاط الشحن السريعة العامة، فإن فواتير الكهرباء للمستهلك العادي آخذة في الارتفاع هي الأخرى.
وعبّر التقرير عن المخاوف من تسبُّب ارتفاع تكلفة الشحن واقترابها من أسعار البنزين في تراجع الأفراد عن شراء السيارات الكهربائية -صديقة البيئة-.
وتوضح شركة راك أن تكلفة شحن سيارة كهربائية من خلال النقاط العامة للشحن السريع في بريطانيا ارتفعت بنسبة 42% منذ مايو/أيّار (2022)، ليصل متوسطها إلى 63.29 دولارًا لكل كيلوواط في الساعة، وهو الرقم الذي يقلّ قليلًا عن تكلفة البنزين.
وتُظهر تلك الأرقام أن الفجوة بين سعري الشحن والبنزين تنكمش نتيجة للارتفاع الكبير في أسعار الكهرباء، مما يعني أن الأفراد الذين يستعملون النقاط العامة للشحن للسريع هم الأكثر تضررًا.
ومن جهته، قال المتحدث باسم شركة راك لخدمات السيارات سيمون ويليامز، "إن حزمة الدعم الحكومية لفواتير الكهرباء للأسرة تفيد بشكل أكبر الذين يقومون بشحن مركباتهم في المنزل.. ولكن الذين يعتمدون على نقاط الشحن العامة يواجهون وضع أكثر سوءًا".
وفي الوقت نفسه، يرى ويليامز أن الحدّ الأقصى لأسعار الغاز والكهرباء الذي وضعته الحكومة البريطانية للشركات سيؤدي لخفض في فواتير الكهرباء، ولذلك ينبغي أن يؤدي إلى تخفيضات في أسعار نقاط الشحن خلال الأسابيع المقبلة.
ويشير التقرير، كذلك، إلى أن الضرائب المفروضة على نقاط الشحن العامة أحد أسباب ارتفاع تكاليفها مقارنة بالشحن في المنزل، داعيًا إلى خفض ضريبة القيمة المضافة بمحطات الشحن العامة إلى 5% بدلًا من 20%.
وبدوره، دعا مؤسس حملة السيارات الكهربائية في بريطانيا كوينتين ويلسون الحكومة إلى التصرف بشأن تكاليف الشحن ووضع حدّ للزيادات وخفض ضريبة القيمة المضافة.
وحذَّر أنه حال عدم قيام الحكومة البريطانية بفعل ذلك، فإن الوعود بمستقبل خالٍ من الانبعاثات والهواء النظيف واستقلال الطاقة لن تحقق شيئًا.
الغاز يقفز بمبيعات السيارات الكهربائية
على الطرف الآخر، رأى تقرير نشرته مجلة فوربس أن الارتفاع الحادّ في أسعار الغاز دافع قوي نحو زيادة مبيعات السيارات الكهربائية مؤخرًا.
وأكد التقرير أن ارتفاع أسعار الغاز بشكل حادّ، خلال المدة الأخيرة، أدى إلى قفزة في الطلب على السيارات الكهربائية وتحقيق مبيعاتها مستويات قياسية.
وبالتوازي، قفزت كذلك أسعار المركبات الكهرباء المستعملة نتيجة النقص المستمر في الإمدادات المطلوبة لتصنيع السيارات الكهربائية الجديدة.
ويرصد الإنفوغرافيك التالي، الذي أعدتّه وحدة أبحاث الطاقة، مبيعات السيارات الكهربائية حول العالم خلال الربع الأول من العام الجاري (2022)، نقلًا عن بيانات وكالة الطاقة الدولية:
الدعم الحكومي يتناقص
تبرز الصين بصفتها أكثر الدول التي تبذل جهودًا من خلال سياسات تطبّقها أو دعم تقدّمه، في العمل على نشر السيارات الكهربائية، مما يجعلها سوقًا مزدهرة لذلك النوع من السيارات.
وتُظهر الأرقام أن نصف المركبات الكهربائية عالميًا يباع في الصين، كما أن ما يقرب من ربع السيارات المسجلة حديثًا في بكين سيارات كهربائية أو هجينة تعمل بالكهرباء، ما يعني أنها تتقدم على أوروبا والولايات المتحدة.
وهو الأمر الذي يرجع بشكل رئيس إلى الحوافز والمزايا التي تقدّمها الحكومة الصينية منذ عقد من الزمن.
وكانت جمعية صناعة سيارات الركاب الصينية، قد توقعت، في تقرير لها صادر يوليو/تموز الماضي، بيع نحو 6 ملايين سيارة كهربائية جديدة خلال العام الجاري.
وخلال شهر سبتمبر/أيلول الماضي، شهدت مبيعات الصين من السيارات الكهربائية الجديدة كافة -السيارات العاملة بالبطاريات والسيارات الهجينة والمركبات العاملة بخلايا الوقود- زيادة بنحو 93.9% على أساس سنوي.
ورغم أن السوق الصينية تُعدّ الأكثر تنافسًا لصناعة السيارات الكهربائية، فهناك مخاوف مع تراجع قيمة الإعانات التي تقدّمها الحكومة الصينية واقتراب انتهائها بحلول العام المقبل (2023)، وتسبُّبها في تراجع انجذاب الأفراد لذلك النوع من المركبات.
كما أن البنية التحتية لشحن المركبات الكهربائية غير موزّعة بشكل متساو، بالإضافة إلى قيام الحكومة بتقليص محطات الشحن مؤخرًا؛ بسبب انخفاض إنتاج الكهرباء الناجم عن الجفاف الذي تتعرض له البلاد، وهو ما يمثّل تهديدًا لزيادة رغبة الأفراد.
ودفعت كل تلك الأمور بعض المحللين إلى تفضيل المركبات الكهربائية الهجينة عن السيارات التي تعمل بالبطاريات فقط.
ويوضح الإنفوغرافيك التالي، وفق ما نقلته وحدة أبحاث الطاقة عن وكالة الطاقة الدولية، تطورات السيارات الكهربائية حول العالم طوال العام الماضي (2021):
موضوعات متعلقة..
- توقعات أسعار السيارات الكهربائية.. وهل ستكون الأرخص قريبًا؟
- نقص محطات شحن السيارات الكهربائية لا يعوق نمو المبيعات (تقرير)
- لماذا ما تزال السيارات الكهربائية باهظة الثمن رغم زيادة الاهتمام بتصنيعها؟
اقرأ أيضًا..
- الأزمة الأوروبية تنعش "سياحة الطاقة".. ومصر وتركيا تتصدران الدول المستفيدة
- سفير الاتحاد الأوروبي: نتفاوض مع دولتين عربيتين لتأمين الغاز.. والطاقة المتجددة لا تكفينا (حوار)
- السعودية والهند تدرسان مشروع كهرباء عملاقًا بـ 18 مليار دولار.. وأبوظبي تراقب