هل يدعم قادة العراق الجدد قرار أوبك+ خفض سقف الإنتاج؟ (تقرير)
كسر الجمود السياسي يمهّد لاستثمار عائدات النفط الاستثنائية
نوار صبح
- كسر الجمود السياسي يمهّد الطريق أمام حكومة جديدة لبدء استثمار العائدات الاستثنائية.
- كان التصويت لانتخاب رئيس لجمهورية العراق رابع محاولة من نوعها هذا العام.
- لا يُعَد السوداني أول سياسي عراقي يطرح ادّعاءات قُطْرية عندما يتعلق الأمر بإنتاج النفط.
- العراق يخطط لخفض استهلاك الخام المحلي بدلًا من الصادرات للامتثال لحصته المنخفضة من الإنتاج.
بعد أن أوشك العراق على الانجراف إلى حرب أهلية، هذا العام، نجح القادة السياسيون في البلاد في كسر الجمود السياسي؛ ما يمهّد الطريق أمام حكومة جديدة لبدء استثمار العائدات الاستثنائية التي كانت البلاد تجنيها من ارتفاع أسعار النفط.
وصوَّت أعضاء البرلمان العراقي لاختيار عبداللطيف رشيد رئيسًا جديدًا؛ ما بدد أجواء التوتر المستمرة منذ عام، التي عصفت بالدولة ذات التوافقات السياسية الهشة منذ إجراء الانتخابات الأخيرة على مستوى البلاد، حسب تقرير اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
ويرى المحللون أن الإجماع الذي توصّلت إليه الأحزاب الطائفية الرئيسة مؤخرًا يشير إلى العودة إلى "الأساليب القديمة" لممارسة السياسة في العراق وإلى بوادر أزمة جديدة محتملة في طور التكوين.
التطورات السياسية في العراق
بعد مرور عام على انتخابات العام الماضي، قرر البرلمان العراقي، هذا الشهر، أخيرًا اختيار رئيس جديد، وزير الموارد المائية السابق عبداللطيف رشيد، السياسي المخضرم في إحدى المجموعتين السياسيتين الكرديتين الرئيستين في العراق.
وكان التصويت لانتخاب رئيس لجمهورية العراق رابع محاولة من نوعها هذا العام، وجرت بعد وقت قصير من سقوط 9 صواريخ على المنطقة الخضراء بالعاصمة التي تضم مباني حكومية وسفارات أجنبية.
ويُعَد حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي يتزعمه الرئيس عبداللطيف رشيد، (78 عامًا) حليفًا لإحدى الجماعتين السياسيتين الشيعيتين الرئيستين في البلاد، وهو "الإطار التنسيقي" المؤيد لإيران.
ويقود رجل الدين العراقي، مقتدى الصدر، المجموعة الشيعية الرئيسة الأخرى في العراق. ووضع أتباع رجل الدين الشيعي، مقتدى الصدر، الأساس لدورهم بصفتهم معارضة رئيسة، والعمل في مسار تصادمي مع "الإطار التنسيقي" من خلال رفض الانضمام إلى الحكومة الجديدة.
وعَيَّن رشيد، بعد انتخابه، مرشح "الإطار التنسيقي"، محمد شياع السوداني، رئيسًا للوزراء وكلّفه بتشكيل حكومة جديدة، وتقديمها إلى البرلمان في 12 نوفمبر/تشرين الثاني، حسبما نشرت وكالة أرغوس ميديا (Argus Media) في 21 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
ويرى العديد من العراقيين أن هذه الأخبار سارة بعد عام من الاضطرابات المتجذرة جرّاء نزاع سياسي مرير بين رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر وخصومه المدعومين من إيران، المعروفين باسم "الإطار التنسيقي"، الذين فشلوا في الاتفاق على تشكيل الحكومة.
ترشيح السوداني لرئاسة الحكومة
يمثل ترشيح محمد شياع السوداني رئيسًا مكلفًا للوزراء انتصارًا لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي، وهو شخصية بارزة في "الإطار التنسيقي" والخصم اللدود لرجل الدين العراقي الشيعي مقتدى الصدر.
وكان أتباع مقتدى الصدر قد عارضوا ترشيح السوداني، ويتوقع المحللون أن التطورات الأخيرة لن تؤدي إلا إلى تغذية العداء الطويل بين الصدر والمالكي.
في المقابل، ستلقى رئاسة السوداني للوزراء ترحيبًا في طهران؛ إذ إن المالكي هو أقرب حليف لإيران وأكثرهم موثوقية في بغداد.
وفازت جماعة الصدر بأكبر عدد من المقاعد في انتخابات أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لكنها فشلت في تأمين أغلبية كبيرة بما يكفي لتشكيل حكومة.
وتبيّن للمراقبين أن قرار الصدر، في الصيف الماضي، سحب 73 نائبًا منتخبًا من البرلمان، كان خطأً إستراتيجيًا فادحًا؛ إذ مهّد الطريق للإطار التنسيقي لانتزاع العديد من تلك المقاعد ويصبح الكتلة الأكبر.
وعلى الرغم من أن الصدر كان يريد تشكيل حكومة أغلبية والضغط على منافسيه الشيعة؛ يختار "الإطار التنسيقي" تشكيل حكومة وحدة وطنية بقيادة محمد شياع السوداني، وفقًا لما نشرته وكالة أرغوس ميديا (Argus Media) في 21 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
وسيمثل هذا عودة إلى السياسات التوافقية، وهو أمر احتج عليه العراقيون منذ عام 2019 بسبب التصور العام بأن الائتلاف الحاكم الكبير هو وصفة للفساد.
السيطرة على موارد النفط
خلقت صفقة الائتلاف الحاكم في العراق رفقاء غير مرتاحين، وربما أدى الضغط الذي مارسته بغداد على أربيل "في إقليم كردستان العراق" للسيطرة على موارد النفط في إقليم كردستان شبه المستقل في الأشهر الأخيرة إلى تغيير الحسابات الكردية.
ويمكن أن تنتهي الصفقة بتشكيل علاقة وفاقية بينهما، ومن المقرر أن يلتقي وفد من حكومة إقليم كردستان مسؤولين من وزارة النفط الاتحادية العراقية في بغداد، نهاية أكتوبر/تشرين الأول، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
الموقف من قرارات أوبك
قبل أيام من تعيينه، قال المكلف بتشكيل الحكومة العراقية، محمد شياع السوداني، لصحيفة وول ستريت جورنال، إنه إذا نجحت مجموعته السياسية في تشكيل حكومة جديدة؛ فإنها ستطلب من منظمة أوبك إعادة النظر في حصة العراق من إنتاج النفط الخام.
وأضاف أن اتفاق أوبك+ الأخير لخفض أهداف الإنتاج بمقدار 2 مليون برميل يوميًا لم يكن في صالح العراق.
ولا يُعَد السوداني أول سياسي عراقي يطرح ادعاءات قُطْرية عندما يتعلق الأمر بإنتاج النفط في البلاد، وقد يواجه صعوبة في متابعة هذه الطروحات، وفقًا لما نشرته وكالة أرغوس ميديا (Argus Media) في 21 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
في المقابل، أوضح ممثل العراق لدى أوبك، محمد سعدون محسن، لوكالة أرغوس ميديا، أن وزارة النفط وشركة تسويق النفط العراقية الحكومية "سومو" ملتزمتان بالاتفاق.
وقال محسن إن العراق يخطط لخفض استهلاك الخام المحلي بدلًا من الصادرات للامتثال لحصته المنخفضة من الإنتاج؛ الأمر الذي يقطع شوطًا في الرد على مخاوف السوداني المتعلقة بالقدرة على تحمل التكاليف.
ومثلت القدرة التصديرية المحدودة قيدًا ملحوظًا على الإنتاج العراقي، ويمكن أن تعرقل أي تغييرات في السياسة التي وضعها السوداني في ذهنه.
ويتوقع المحللون أن يؤدي تشكيل حكومة جديدة إلى تحرير الاستثمارات في قطاع النفط، وتوفير السيولة التي تشتد الحاجة إليها من أجل مشروعات الصيانة والتوسعة المؤجلة، بما في ذلك العمل على زيادة طاقة تصدير النفط الخام بمقدار 150 ألفًا إلى 200 ألف برميل يوميًا.
وسيساعد تشكيل الحكومة العراقية الجديدة في تقدم مشروعات النفط والغاز والطاقة المتجددة التي تغطيها صفقة بقيمة 27 مليار دولار وُقِّعَت مع شركة توتال إنرجي الفرنسية، في فبراير/شباط الماضي.
اقرأ أيضًا..
- كوب 27 في شرم الشيخ.. 3 تحديات صعبة أمام مؤتمر المناخ (تقرير)
- 3 دول تسبق المغرب والجزائر في مشروع نقل الهيدروجين عبر خطوط الغاز
- كيف دعّمت سياسة بايدن أسعار النفط أكثر من قرارات أوبك+؟ (تقرير)