تغير المناخ سيكون كارثيًا في إيران بحلول عام 2040 (مقال)
أومود شوكري - ترجمة: نوار صبح
- • تأثيرات تغير المناخ ليست متشابهة في جميع أنحاء إيران
- • قبول تغير المناخ لا ينبغي أن يكون سببًا للهروب من المسؤولية
- • إيران مُدرجة على قائمة الدول الـ10 الأولى عالميًا في إنتاج غازات الاحتباس الحراري
- • معظم الوقود الأحفوري في إيران يُستخدم لتوليد الكهرباء، وهو عامل رئيس لتلوث الهواء
- • تحت ذريعة العقوبات، لم تتخذ إيران إجراءات فعالة للتعامل مع أزمة تغير المناخ
يرى الخبراء أن آثار تغير المناخ في إيران، بحلول عام 2040 ستكون كارثية، إذ سيواجه مناخ الدولة مشكلات عديدة، مثل انخفاض هطول الأمطار بنسبة 35%، وزيادة 4.5% في درجات الحرارة، وزيادة الأمطار الغزيرة بنسبة 40%، وزيادة حالات الجفاف.
وتُظهر نتائج الاستطلاعات أن بيئة الهضبة الإيرانية قد تغيرت الآن، وأصبحت مقلقة.
ويقول الخبراء، إن تأثيرات تغير المناخ غير متشابهة في جميع أنحاء البلاد، كما إن ضعف كل منطقة مختلف.
في المقابل، يؤكد بعض الباحثين أن الإقرار بالتغيرات المناخية لا ينبغي أن يكون سببًا للهروب من المسؤولية.
ويعتقد بعض الخبراء أن غازات الاحتباس الحراري تُعدّ السبب الرئيس لتغير المناخ، مشيرين إلى أنه إذا لم تأخذ إيران إدارة وخفض إنتاج هذه الغازات على محمل الجدّ، فإن الظروف الصعبة تنتظر الأجيال المقبلة.
وبحسب الدراسات، فإن إيران مُدْرجة على قائمة الدول الـ10 الأولى في العالم في إنتاج غازات الاحتباس الحراري، وهذه ليست إحصائيات إيجابية بنظر الجمهورية الإسلامية، ويجب على الجمهورية أن تتعاون مع جميع القطاعات والمجتمع لتحسين هذا الوضع.
تداعيات تغير المناخ في إيران
تُعدّ إيران -تحديدًا- معرّضة للتغيرات المناخية بسبب موقعها الجغرافي ومناخها الجاف (80% من البلاد جافة أو شبه قاحلة)، وبسبب الآثار الضارة لتغير المناخ وتقلّبه.
وبالنظر إلى الجفاف المستمر ودرجات الحرارة المرتفعة وقلة هطول الأمطار خلال العقود الماضية، لا تزال النظم البيئية والموارد البيئية في البلاد عُرْضة التهديد.
ويتراوح متوسط درجة الحرارة السنوية بين 11 درجة مئوية و28 درجة مئوية حسب المنطقة، ويصل تفاوت درجات الحرارة في أشهر الصيف إلى أكثر من 50 درجة مئوية.
ومن المتوقع بشكل مقلق أن يرتفع متوسط درجة الحرارة السنوية في إيران بمقدار 6 درجات مئوية بحلول عام 2100، بسبب إطلاق الغازات السامة.
تجدر الإشارة إلى أن معظم الوقود الأحفوري في إيران يُستخدم لتوليد الكهرباء، وهو عامل رئيس في تلوث الهواء.
وتتمثل المشكلة المزدوجة في أن كفاءة محطات الكهرباء منخفضة للغاية، وأن استخدام الطاقة المتجددة في إيران لا يزال نحو 1.5%.
وتُعدّ كثافة الطاقة العالية أحد الأسباب الرئيسة لتصاعد تلوث الهواء في إيران، والإنتاج غير المسبوق لغازات الاحتباس الحراري في هذا البلد.
الجهود الحكومية لتحسين استهلاك الوقود
بذلت الحكومة الإيرانية، في السنوات الأخيرة، جهودًا لتحسين استهلاك الوقود وتقليل كثافة الطاقة، لكن هذه الجهود ظلت محدودة ولم تمتد إلى بعض المجالات الأساسية.
وتوجد نقطة مهمة مُهمَلة بتحسين استهلاك الوقود في إيران، تتمثل في التركيز الجادّ على زيادة كفاءة محطات الكهرباء، وهي حاجة مُلِحّة؛ لأن الطاقة المستهلكة في تلك المحطات تضيع وتبقى غير فعّالة.
ومن بين المراكز الرئيسة لاستهلاك الطاقة في إيران، تأتي محطات الكهرباء بوصفها أكبر مستهلك للطاقة الأحفورية في البلاد، إذ تستهلك 30% من إجمالي إنتاج الطاقة.
وفقًا للعلماء، يمكن أن يؤدي اشتداد التغيرات المناخية إلى تقليل تنوع المنتجات الزراعية، والهجرة الداخلية، وتقليل موارد المياه، والتسبب في ظاهرة الغبار.
وتُعدّ مؤسسة البيئة في إيران بصفتها الوصية على مجموعة العمل الوطنية، مسؤولة عن التنسيق بين الهيئات ورصد أنشطتها في مجال الحدّ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والتكيف مع آثار تغير المناخ.
ويشارك في عضوية مجموعة العمل الوطنية وزارات النفط والطاقة والزراعة والصناعة والتعدين والتجارة والصحة والدفاع والعلوم والاتصالات.
وتُشَكَّل مجموعة العمل على المستوى الوزاري، وتستعرض تقارير المؤسسات في اجتماعاتها.
وطورت المجموعة، حتى الآن، برنامج الاقتصاد منخفض الكربون والإستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية، ويتطلب الأمر وجود تصميم وطني لتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
ذريعة العقوبات
تحت ذريعة العقوبات، لم تتخذ إيران أيّ إجراءات فعالة للتعامل مع أزمة التغيرات المناخية، وطالب صنّاع القرار الإيراني دول الغرب مرارًا برفع العقوبات حتى تتمكن إيران من مكافحة تغير المناخ.
وقد واجهت إيران عقوبات غربية عدّة مرات في السنوات الأخيرة؛ بسبب برامجها النووية والصاروخية.
ويشير الإنفوغرافيك التالي، الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة، إلى المسار الصحيح لمواجهة تغير المناخ، من جانب الدول الملتزمة بأهداف الحياد الكربوني بحلول 2050:
علاوة على ذلك، كانت إيران قد وعدت في البداية أنه حتى إذا لم تُرفع العقوبات، ستعمل على تقليل إنتاج ثاني أكسيد الكربون، لكن الوضع كان مختلفًا إلى حدّ ما، على الصعيد العملي.
في إيران، ازداد التلوث الكربوني، وصنّف معهد تعقُّب العمل المناخي أداء هذا البلد في مجال التعامل مع التلوث بأنه "غير ملائم للغاية". ولم تقدّم إيران، منذ عام 2015، خطة لخفض الكربون.
ويقول الخبراء، إنه بحلول عام 2030، من المتوقع أن تزيد انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في إيران بنسبة 50%.
السؤال الرئيس المطروح هنا هو: كيف ستتعامل إيران، بصفتها دولة تعتمد بشدة على صادرات النفط والغاز، مع عالم قد يشهد انخفاضًا في الطلب على الوقود الأحفوري؟
وعلى الرغم من أن دول العالم الأخرى تشارك في مناقشات حول تقليل انبعاثات الكربون وزيادة الموارد المالية للبلدان النامية، لا يوجد مجال كبير للنقاش في حالة إيران.
على هامش مؤتمر الأمم المتحدة الـ26 لتغير المناخ في غلاسكو، أكد رئيس دائرة حماية البيئة، علي سلاجقة، أهمية البيئة والاحتباس الحراري بالنسبة لإيران.
وأوضح أن أيّ تنفيذ من جانب إيران لالتزامات اتفاق باريس للمناخ يخضع لرفع جميع العقوبات. وبيّن أن شرط رفع العقوبات مُدرَج في المسودة التي وقّعتها إيران، والتزمت البلاد بخفض الغازات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة 4%، كما ذكر أن "هذه الـ 4% ستكلفنا نحو 56 مليار دولار".
دور مجلس الشورى في إيران
جدير بالذِّكر أن إيران كانت من أوائل الدول التي انضمت إلى اتفاق باريس للمناخ، لكن مجلس الشورى الإسلامي الإيراني لم يوافق على عضوية إيران الرسمية في اتفاقية باريس.
وتُعدّ إيران غير قادرة على الاستفادة من مزايا العضوية في هذه الاتفاقية؛ لأن العقوبات تخلق عقبة أمام البلاد.
بناءً على التجارب السابقة المتعلقة بوثيقة كيوتو، يمكن الاستنتاج أنه عندما لم تكن إيران خاضعة للعقوبات، لم تكن إيران قادرة على جذب القدرات المالية والتكنولوجيا اللازمة لتقليل آثار تغير المناخ.
وصيغَ اتفاق باريس للمناخ على غرار وثيقة كيوتو، ولكن بهدف دعم البلدان النامية.
وتعود العقبة، التي تحول دون موافقة إيران على اتفاق باريس، إلى أن مجلس الشورى الإسلامي يبحث عن وثيقة لالتزامات إيران في اتفاق باريس، التي يجب عرضها رسميًا على البرلمان.
عمومًا، في وثيقة الالتزام التي لم تقدّمها الحكومة بعد، يجب على المسؤولين الحكوميين شرح الإجراءات التي سيتخذونها.
ونظرًا لعدم تقديم تلك الوثيقة حتى الآن، فإن التزامات الحكومة لا تزال غير واضحة.
وتزداد حدّة أزمة تغير المناخ في إيران يومًا بعد يوم، بسبب تعليق المحادثات النووية وعدم رفع العقوبات، يضاف إلى ذلك أنه ليس لدى الحكومة الإيرانية خطة شاملة للتعامل مع التغيرات المناخية.
في الانتخابات الرئاسية الإيرانية الأخيرة، لم يقدّم أيّ من المرشحين الـ6 خطة محددة للتعامل مع التغيرات المناخية وعملية تحوّل الطاقة.
وستجد إيران صعوبة في التغيرات المناخية على جميع الأحوال، إذا وُقِّعَ الاتفاق النووي في الأشهر المقبلة، ورُفِعت العقوبات.
الدكتور أومود شوكري، كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".
*هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.
اقرأ أيضًا..
- أسعار شحن الغاز المسال في المحيط الأطلسي تترقب ارتفاعًا قياسيًا (تقرير)
- غازبروم الروسية تقطع الغاز عن إيطاليا بدءًا من اليوم
- توقعات اجتماع أوبك+ المرتقب وهل تعلن السعودية خفضًا طوعيًا؟.. 5 خبراء يجيبون