الطاقة المتجددة في أوكرانيا.. خطط إعادة بناء "خضراء" لما بعد الحرب (تقرير)
نوار صبح
- • الحكومة الأوكرانية ومجلسها الوطني لإنعاش أوكرانيا قدّما مشروع خطة إعادة الإعمار.
- • تشكّل مصادر الطاقة المتجددة في أوكرانيا نحو 10% من مزيج الكهرباء.
- • توقعات بأن تكون إزالة الكربون أحد المبادئ الأساسية في التنمية الاقتصادية الأوكرانية.
- • الاستهلاك الوطني للطاقة في أوكرانيا انخفض بنسبة 30-35% منذ بداية الحرب.
- • بناء السعة المتجددة والبنية التحتية للهيدروجين الأخضر سيتطلب دعمًا حكوميًا قويًا وتطمينات للمستثمرين.
اعتمادًا على مصادر الطاقة المتجددة، يمكن أن تتيح إعادة إعمار أوكرانيا، بعد توقف الحرب الشاملة التي تشنّها روسيا عليها، للاقتصاد الأوروبي -الأكثر كثافة في استخدام الطاقة- الفرصة ليصبح مركزًا لصادرات الهيدروجين والكهرباء الخضراء إلى أوروبا.
وبدأت كييف خططها لإعادة الإعمار "الخضراء" لمرحلة ما بعد الحرب، حتى مع استمرار الأعمال القتالية الروسية ضد أوكرانيا، حسب تقرير اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وفي المدة من 4-5 يوليو/تموز الماضي (2022)، شهدت مدينة لوغانو السويسرية، اجتماعًا للسلطات الأوكرانية والشركاء الدوليين، بمن فيهم المفوضية الأوروبية وبنك الاستثمار الأوروبي والبنك الدولي؛ لتحديد الخطط بالإضافة إلى الدعم المالي اللازم للتعافي في البلاد بعد الحرب.
وخلال ذلك المؤتمر، قدمت الحكومة الأوكرانية ومجلسها الوطني لإنعاش أوكرانيا، مشروع خطة إعادة الإعمار التي تضمنت زيادة نسبة مساهمة الطاقة المتجددة، حسبما تقول العضو المؤسس في منظمة "إيكو أكشن" غير الحكومية ومقرها أوكرانيا، محللة السياسات في المعهد الدولي للتنمية المستدامة، آنا أكرمان.
وقال وزير الطاقة الأوكراني، جيرمان غالوشينكو، خلال مؤتمر إعادة إعمار أوكرانيا: "لا نريد أن نفعل أشياء كما كنا نفعل من قبل، حسب التصريحات التي نقلها موقع "إنرجي مونيتور" (Energy Monitor) في 24 أغسطس/آب الماضي.
وأوضح الوزير أن بلاده تريد إعادة الأعمار على أساس الإمكانات الحديثة الموجودة في قطاع الطاقة.
وبيّن الإعلان الصادر عن المؤتمر أن إعادة الإعمار هذه "يجب أن تعيد بناء أوكرانيا بطريقة مستدامة تتماشى مع خطة التنمية المستدامة لعام 2030 واتفاقية باريس للمناخ، ودمج الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والبيئية بما في ذلك التحول الأخضر".
ترقية أهداف الطاقة المتجددة في أوكرانيا
قبل الغزو الروسي، حدّدت أوكرانيا لنفسها هدفًا للتخلص التدريجي من الفحم بحلول عام 2040، وفي عام 2035 في "سيناريو متفائل"، ووضعت هدفًا للوصول إلى 12% من مصادر الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة النهائي بحلول عام 2025، و17% بحلول عام 2030، و25% بحلول عام 2035.
وارتفعت حصة إمدادات الطاقة من مصادر الطاقة المتجددة بشكل مطرد منذ عام 2014، من 2.6% إلى 6.6% في عام 2020، وفقًا لمجموعة أبحاث السياسات "إيكونوميست إمباكت ريفورم تراكر أوكرانيا".
وتشكل مصادر الطاقة المتجددة نحو 10% من مزيج الكهرباء في البلاد، بينما تمثل الطاقة النووية أكثر من نصف الكهرباء في أوكرانيا، بينما يمثل الفحم نحو 28%.
وعلى الرغم من أن الحرب قد تعوق احتمالات تحقيق هذه الأهداف؛ فقد استأنفت الشركات الأوكرانية أنشطتها بعد مدة وجيزة من اندلاع الحرب، وهي حريصة على تحقيق هذه الأهداف خاصة فيما يتعلق بالطاقة المتجددة، بحسب رئيسة الاتصالات في رابطة الأعمال الأوروبية في أوكرانيا، أوكسانا ميرونكو.
وتوقعت أوكسانا ميرونكو أن تكون إعادة الإعمار مستدامة ووفقًا لأعلى المعايير الأوروبية؛ حيث توجد فرصة جيدة لإعادة بناء بلد أكثر تقدمًا وتكنولوجيًا، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
وأضافت أنها تتوقع أن تكون إزالة الكربون أحد المبادئ الأساسية في التنمية الاقتصادية الأوكرانية، مشيرة إلى أن الأولوية تتمثل في وقف الحرب.
ورفعت خطة إعادة الإعمار الأوكرانية التزام كييف بالتوجه إلى الطاقة المتجددة لجعلها تصل إلى 45% من مزيج الطاقة بحلول عام 2032، وتهدف البلاد الآن إلى بناء ما يصل إلى 30 غيغاواط من الطاقة الشمسية والكهرومائية وطاقة الرياح بحلول عام 2030.
وأشارت الخطة إلى احتمال تصدير جزء من تلك الطاقة المتجددة وإنتاج "الهيدروجين الأخضر" المخصص للتصدير.
الطاقة المتجددة في أوكرانيا
تقول رئيسة الاتصالات في رابطة الأعمال الأوروبية في أوكرانيا، أوكسانا ميرونكو، إن الاقتصاد الأوكراني كان قبل اندلاع الحرب الأكثر استهلاكًا للطاقة في أوروبا.
وأوضحت أن هذا يرجع إلى عدة عوامل: بنية الصناعة في أوكرانيا؛ حيث إن الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة مثل المعادن لها مواقع رئيسة تتسبب في خسائر كبيرة في الطاقة في الإسكان والخدمات المجتمعية بسبب رداءة نوعية المباني والبنى الأخرى.
وأضافت أن شبكات أوكرانيا الهندسية تتسبب في خسائر فادحة خلال نقل الطاقة الحرارية بسبب تآكل الشبكات، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وعلى الرغم من أن أوكرانيا بذلت جهودًا كبيرة لتقليل طلبها على الغاز؛ فإن ارتفاع استهلاكها للطاقة أدى إلى استمرار اعتماد البلاد على واردات الوقود الأحفوري، وخصوصًا النفط والغاز الروسي.
وأضاف تقرير مجموعة الأبحاث "إيكونوميست إمباكت" أن "تحوّل الطاقة الخضراء في أوكرانيا قد قُوِّضَ بشكل كبير بسبب الغزو الروسي".
بدوره، أدى نشوب الحرب في أوكرانيا إلى توقف تطوير بعض التشريعات الرئيسة، بما في ذلك إدخال إستراتيجية الطاقة في أوكرانيا لعام 2050. وعرّضت الحرب حصة كبيرة من سعة توليد الكهرباء بالطاقة المتجددة للخطر.
تقول الرابطة الأوكرانية للطاقة المتجددة إن نحو 47% من الطاقة المتجددة المثبتة في أوكرانيا تقع في المناطق التي تدور فيها أعمال عدائية نشطة؛ بما في ذلك مناطق زابوريزهيا وخيرسون وميكولايف وأوديسا في جنوب البلاد.
علاوة على ذلك، يقع ما يقرب من 90% من مزارع الرياح في البلاد في مناطق القتال وتوقف نصف مزارع الرياح فيها عن العمل.
وزادت حصة الطاقة النووية في مزيج الكهرباء في أوكرانيا لتعويض فقدان الطاقة المتجددة والحرارية بسبب الحرب، وفقًا لأكبر مرفق خاص للكهرباء في أوكرانيا "دي تي إي كي".
وتقدر وزارة الطاقة الأوكرانية أن الاستهلاك الوطني للكهرباء قد انخفض بنسبة 30-35% منذ بداية الحرب.
وخسرت موازنة الدولة نحو 200 مليون يورو (195.55 مليون دولار)؛ حيث لم تدفع 30% من الأسر الأوكرانية و40-50% من الشركات فواتير الكهرباء في الأشهر الأولى من الحرب، وفقًا لتقرير إيكونوميست إمباكت.
الكهرباء والهيدروجين في أوكرانيا
تحدد خطة التعافي في أوكرانيا 3 أهداف رئيسة للطاقة: إنتاج وتصدير الطاقة المتجددة والهيدروجين، والمباني ذات الكفاءة في استخدام الطاقة، وإنشاء اقتصاد "أخضر" ينتج الأمونيا المستدامة والفولاذ الأخضر والبطاريات. وحظت هذه الأهداف إلى حد كبير بدعم مجتمع الأعمال.
وعبّر الرئيس التنفيذي لأكبر مرفق خاص للكهرباء في أوكرانيا "دي تي إي كي"، ماكسيم تيمشينكو، في مؤتمر صحفي افتراضي في 21 يوليو/تموز، عن سروره لرؤية أن الحكومة تعتبر مصادر الطاقة المتجددة حجر الزاوية في صناعة الطاقة لدينا وتنميتها.
وسيساعد تصدير الهيدروجين الأخضر من أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي التكتل على تحقيق أهدافه بموجب إستراتيجية الاتحاد الأوروبي للهيدروجين، التي قدمتها المفوضية في أكتوبر/تشرين الأول 2020.
من جانبه، حدد المسؤول التنفيذي للاتحاد الأوروبي هدفًا للوصول إلى 40 غيغاواط من سعة المحلل الكهربائي المركّبة في أوروبا بحلول عام 2030، وكذلك لبناء 40 غيغاواط إضافية من المحلل الكهربائي خارج الاتحاد الأوروبي، ومعظمها في المناطق الشرقية والجنوبية المجاورة.
وأبدت ألمانيا حرصها على الدفع من أجل التعاون في مجال الهيدروجين الأخضر مع أوكرانيا.
في زيارة إلى كييف في يناير/كانون الثاني، قبل وقت قصير من اندلاع الحرب، قالت وزيرة الخارجية الفيدرالية الألمانية، أنالينا بربوك، إن الحكومة ستفتح مكتبًا لدبلوماسية الهيدروجين في العاصمة الأوكرانية.
وقد يصبح هذا مصدرًا إضافيًا للطاقة النظيفة لألمانيا، التي تهدف إلى التخلص التدريجي من الطاقة النووية بحلول نهاية هذا العام، حتى لو أدى الوضع الحالي إلى تحول في سياستها؛ حيث تفكر الحكومة في تمديد عمل محطاتها النووية الـ3 الأخيرة، ومحطات والفحم بحلول عام 2030.
في المقابل، أبرمت الشركات الأوروبية والأوكرانية بعض الصفقات الأولى في الأشهر الأخيرة.
اتفاقيات لدعم صناعة الهيدروجين والطاقة المتجددة
في نهاية شهر مايو/أيار، وقّعت شركة الطاقة "أوكر هيدرو إنرغو" المملوكة للدولة وشركة أندريتس هيدرو و"مان إنرجي سوليوشنز" مذكرة تفاهم لمشروع تجريبي لتركيب محطة للتحليل الكهربائي بقدرة 1 ميغاواط في أوكرانيا.
تجدر الإشارة إلى أن بناء السعة المتجددة والبنية التحتية للهيدروجين الأخضر سيتطلب دعمًا حكوميًا قويًا وتطمينات للمستثمرين.
- الطاقة المتجددة في أوكرانيا قد تخسر 9 مليارات دولار
- سعة تكرير النفط وأزمة الوقود بعد كورونا وحرب أوكرانيا.. الرابحون والخاسرون
وقالت رئيسة الاتصالات في رابطة الأعمال الأوروبية (إي بي إيه)، أوكسانا ميرونكو، إن الأولوية القصوى تتمثل في الدعم الحكومي لتخضير الأعمال التجارية.
وأوردت أمثلة على المنح المقدمة من الصناديق الحكومية والمنظمات الدولية، والمزايا الضريبية، وخصومات التصدير، والقروض التفضيلية طويلة الأجل لشراء معدات جديدة، وسداد أسعار الفائدة على القروض للمشروعات البيئية.
وأضافت أن الشركات تبحث عن تغييرات تنظيمية كبيرة، مثل تحسين الإجراءات البيروقراطية المرهقة في كثير من الأحيان خلال عمليات استصدار التراخيص.
اقرأ أيضًا..
- غازبروم الروسية تقطع الغاز عن إيطاليا بدءًا من اليوم
- ما آثار التغير المناخي في دول الخليج؟ خبيرة عُمانية تجيب (تقرير)
- توقعات اجتماع أوبك+ المرتقب وهل تعلن السعودية خفضًا طوعيًا؟.. 5 خبراء يجيبون