بريطانيا تؤمن واردات الغاز المسال بصفقات طويلة الأجل.. ومفاوضات مع الجزائر
دينا قدري
تسعى الحكومة البريطانية إلى إبرام صفقات طويلة الأجل لاستيراد الغاز المسال، وسط أزمة طاقة متزايدة في مختلف أنحاء العالم، تفاقمت بسبب الانهيار الأخير في قيمة الجنيه الإسترليني.
وتؤمن بريطانيا احتياجاتها من الغاز عبر اتفاقيات استيراد تلبي نحو نصف طلبها، مع تصدّر النرويج لقائمة أكبر المورّدين، إذ استحوذت على نحو ثلثي واردات البلاد العام الماضي (2021)، وفقًا لما نقلته منصة "إس آند بي غلوبال" (S&P Global) عن بيانات حكومية.
وتأتي بقية واردات الغاز من الولايات المتحدة وقطر، فضلًا عن شحنات نادرة من كل من أستراليا وسلطنة عُمان وصلت الشهر الماضي، في وقت تسعى فيه أوروبا إلى تنويع إمداداتها عقب الغزو الروسي لأوكرانيا.
ومن المحتمل إجراء مفاوضات مع الجزائر، للحصول على شحنات غاز مسال مع بداية العام المقبل (2023)، لضمان أمن الإمدادات، وفق معلومات خاصة حصلت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
مباحثات توريد الغاز المسال في بريطانيا
تمتلك بريطانيا 3 محطات عاملة لاستيراد الغاز الطبيعي المسال، مع نقل بعض الكميات عبر خط الأنابيب إلى البر الرئيس في أوروبا، بحسب المعلومات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
ومع ذلك، تُعدّ بريطانيا معرضة نسبيًا للسوق الفورية لعمليات شراء الغاز الطبيعي المسال الإضافية؛ لذا تبحث الحكومة الآن في إمكان إبرام صفقات توريد جديدة طويلة الأجل.
وقال متحدث باسم وزارة الأعمال والطاقة والإستراتيجية الصناعية في المملكة المتحدة لـ"إس آند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس"، في 23 سبتمبر/أيلول: "نتحدث إلى السوق لفهم الصفقات التجارية المتاحة".
وأضاف: "بدأ فريق عمل جديد معني بإمدادات الطاقة مفاوضات مع المورّدين المحليين والدوليين، للاتفاق على عقود طويلة الأجل تقلّل السعر الذي يفرضونه مقابل الطاقة، وتزيد من أمن الإمداد".
أميركا.. الموّرد الرئيس للغاز المسال
كانت الولايات المتحدة الموّرد الرئيس للغاز المسال إلى بريطانيا في عام 2022، مع شحنات تعادل 7.1 مليار متر مكعب في الأشهر الـ8 الأولى، تليها قطر بـ 6.4 مليار متر مكعب، وفقًا لبيانات من "إس آند بي غلوبال".
وتُعدّ الولايات المتحدة أيضًا في مقدمة الدول التي تتركز عليها جهود بريطانيا لعقد صفقات توريد الغاز المسال الجديدة طويلة الأجل.
وجرى الاتصال بعدد من كبار مصدّري الغاز المسال في الولايات المتحدة، بما في ذلك شنيير وفريبورت للغاز المسال، بشأن تقديم العروض، وفقًا لمصادر السوق.
ويسعى فريق العمل -بقيادة المصرفية السابقة لعمليات الاندماج والاستحواذ، مادلين ماكترنان- للحصول على مقترحات من مصدّري الغاز المسال الأميركيين لتزويد المشترين المحليين بموجب صفقات تستمر حتى 20 عامًا، وفق ما نقلته وكالة بلومبرغ.
يأتي ذلك بعد 6 أشهر من زيارة قام بها كواسي كوارتنغ -الذي كان وزيرًا للأعمال في ذلك الوقت قبل تعيينه وزيرًا للخزانة في الحكومة البريطانية الجديدة- إلى واشنطن، إذ عقد اجتماعات أولية مع مطوّري منشآت تصدير الغاز المسال في الولايات المتحدة.
ويوضح الرسم التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- أكبر مستوري الغاز المسال الأميركي:
واردات بريطانيا من الغاز المسال القطري
في إطار سعيها إلى إمدادات طويلة الأجل عبر عدّة خيارات، كانت بريطانيا تتودد إلى قطر الأشهر الأخيرة، في محاولة للحصول على المزيد من الغاز المسال طويل الأجل.
ومن المقرر أن يزور وزير الطاقة القطري سعد بن شريدة الكعبي، لندن، في أوائل شهر أكتوبر/تشرين الأول، ومن المتوقع أن يُجري محادثات مع وزارة الأعمال والطاقة والإستراتيجية الصناعية في بريطانيا بشأن شحنات الغاز الطبيعي المسال.
وقال متحدث باسم الوزارة، إن أيّ اجتماع سيُعلَن في الوقت المناسب.
كانت بريطانيا ثاني أكبر سوق لقطر في أوروبا العام الماضي (2021)؛ إذ بلغ إجمالي الواردات 6.2 مليار متر مكعب من الغاز المكافئ، في المرتبة الثانية بعد إيطاليا، وفقًا لبيانات نقلتها منصة "إس آند بي غلوبال" (S&P Global).
وأظهرت البيانات أن قطر شحنت 2.55 مليار متر مكعب من الغاز المكافئ إلى بريطانيا في الأشهر الـ4 الأولى من عام 2022.
زيادة شحنات الغاز النرويجية
في غضون ذلك، كانت شركة المرافق البريطانية "سنتريكا" نشطة نسبيًا، الأشهر الأخيرة، في البحث عن شحنات الغاز المسال على المدى الطويل.
في يونيو/حزيران، وافقت الشركة على الحصول على مليار متر مكعب إضافي سنويًا من الغاز من شركة إكوينور النرويجية، ليصل إجمالي الحجم المتعاقد عليه الذي ستقوم شركة إكوينور بتزويده إلى سنتريكا، إلى 10 مليارات متر مكعب سنويًا.
وقالت إكوينور، إنها زوّدت بريطانيا بما مجموعه 20-22 مليار متر مكعب سنويًا من الغاز، وهو ما يكفي لتغطية أكثر من 25% من الطلب على الغاز في بريطانيا.
وفي أغسطس/آب الماضي (2022)، وقّعت سنتريكا أيضًا اتفاقًا رئيسًا لشراء مليون طن متري سنويًا من الغاز المسال الأميركي، من مشروع تصدير الغاز الطبيعي المسال العائم لشركة دلفين ميدستريم قبالة ساحل لويزيانا.
ومن المقرر أن يكون العقد -حال الانتهاء منه- لمدة 15 عامًا على أساس التسليم على ظهر السفينة، ويدخل حيز التنفيذ في عام 2026، عندما تبدأ المنشأة عملياتها.
انهيار العملة البريطانية وارتفاع الأسعار
يُعدّ الانهيار الأخير في قيمة الجنيه الإسترليني مقابل الدولار، من أحد الأسباب الرئيسة لزيادة تكاليف شراء الغاز الطبيعي المسال في بريطانيا.
فقد انخفض الجنيه الإسترليني إلى مستوى قياسي أدنى من 1.04 دولارًا في التعاملات المبكرة في 26 سبتمبر/أيلول (2022)، بسبب المخاوف بشأن الوضع المالي لبريطانيا بعد إعلان الحكومة الجديدة عن تخفيضات ضريبية ضخمة.
وقبل عام، كان الجنيه الإسترليني يساوي 1.38 دولارًا.
وبالنسبة لمشتري الغاز المسال في بريطانيا، فإن ضعف الجنيه الإسترليني يجعل الشراء الفوري أغلى بكثير.
كانت شحنة بقيمة 200 مليون دولار قبل عام ستكلّف المشتري البريطاني نحو 145 مليون جنيه إسترليني، في حين إن الشحنة نفسها ستبلغ قيمتها 192 مليون جنيه إسترليني اليوم.
موضوعات متعلقة..
- أكبر موقع لتخزين الغاز في بريطانيا يقترب من إعادة التشغيل
- بريطانيا تدرس خفض مواصفات جودة واردات الغاز من بحر الشمال
- الغاز النرويجي يستعد لإنقاذ أوروبا بكميات قياسية في الشتاء
اقرأ أيضًا..
- رغم انخفاض أسعار النفط دون 90 دولارًا.. فما زالت أوبك+ بحاجة للتريث والمراقبة (مقال)
- المضخات الحرارية تضمن تدفئة المنازل بأقل تكلفة.. وتعمل بالطاقة الشمسية
- أول منزل يعمل بخلايا وقود الهيدروجين في أوروبا (صور وفيديو)
- رئيس لوسيد: سياراتنا الكهربائية تتفوق عالميًا.. وهذه أبرز الميزات