الحافلات الكهربائية المدرسية تغزو أميركا.. والطلاب يودّعون 5 ملايين طن من الانبعاثات
هبة مصطفى
خلال رحلة تحول الطاقة والتوسع في النقل النظيف برزت الحافلات الكهربائية المدرسية في أميركا باعتبارها حلًا يجنب صحة ما يزيد على 25 مليون طفل الانبعاثات التي تخلّفها حافلات الديزل.
وبدأت مناطق تعليمية بولايات أميركية عدة رحلة التحول من الحافلات العاملة بالديزل إلى مثيلاتها الكهربائية بدءًا من شهر مارس/آذار العام الجاري (2022)، وفق صحيفة إنترستنغ إنجينيرنغ (Interesting Engineer).
وتواجه خطة التوسع في تلك الحافلات تحديات تتعلق بالتكلفة والبنية التحتية قد تهدد مستهدفات نجاحها في ظل العام الدراسي الأميركي، بحسب ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وداعًا لانبعاثات الديزل
يستعد 25 مليون طالب أميركي موزعون على المراحل الدراسية بالكامل يرتادون الحافلات المدرسية، لتوديع 500 ألف حافلة تعمل بوقود الديزل واستبدال حافلات أخرى كهربائية بها.
ويسهم نشر الحافلات الكهربائية المدرسية في تجنّب انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بما يقدر بنحو 5 ملايين طن تطلقها حافلات الديزل في أميركا.
وبجانب ذلك، يؤدي نشر الحافلات الكهربائية دورًا مهمًا حيال صحة الأطفال، ولا سيما أن الدراسات تؤكد تأثير ملوثات الهواء والجسيمات الدقيقة وعوادم حافلات الديزل في زيادة معدل أمراض الجهاز التنفسي وخفض وظائف الرئة.
وتكمن المخاوف من الأوقات التي تتوقف بها حافلات الديزل لصعود الطلاب أو هبوطهم من نقاط التجمع أو منازلهم؛ إذ تنتشر خلالها أدخنة عوادم الديزل ويتعرض لها الأطفال بصورة مباشرة وعن قرب.
ومن زاوية أخرى، يسمح نشر الحافلات الكهربائية المدرسية بمعدل أكبر بتوسعة رقعة الطلاب المستفيدين من الحافلات بالولايات المختلفة وخاصة المنتمين لأسر من ذوي الدخل المنخفض.
ووفق البيانات التي اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة؛ فإن معدل الإقبال على ارتياد الحافلات المدرسية يشكّل 60% بالنسبة لشريحة الطلاب التابعين لأسر من ذوي الدخل المنخفض، مقارنة بنحو 45% من بقية الطلاب.
تحديات التحول
تواجه خطط التحول نحو نشر الحافلات الكهربائية المدرسية في أميركا بالكامل تحديات ضخمة؛ أبرزها: التكلفة وتوافر التمويل، والبنية التحتية للشحن وما تتطلبه من مساحات.
- التكلفة والتمويل
تُقدر تكلفة الحافلات المدرسية العاملة بالكهرباء بما يصل إلى 400 ألف دولار؛ ما يفوق تكلفة الحافلات العاملة بالديزل بضعفين إلى 3 أضعاف.
وتعد تلك التكلفة أمرًا صعبًا على المناطق التعليمية للولايات الأميركية التي تتولى بشكل منفصل التدابير اللازمة لنشرها وإصدار القرارات المنظمة لذلك.
وتُبدد تكلفة التشغيل المنخفضة للحافلات الكهربائية المدرسية في أميركا مخاوف التمويل بصورة نسبية؛ إذ إن نفقات تشغيلها توفر للمناطق التعليمية ما يتراوح بين 4 و11 ألف دولار سنويًا لكل حافلة.
وبجانب نفقات التشغيل؛ فإن محركات الحافلات الكهربائية تتطلب إجراء صيانة بمعدل ينخفض عن محركات الحافلات العاملة بالديزل؛ إذ إن محركها يضم 20 قطعة غيار فقط مقارنة بنحو ألفي قطعة لمحرك حافلة الديزل.
- محطات الشحن
تمثل البنية التحتية اللازمة لخطط نشر الحافلات الكهربائية المدرسية في أميركا تحديًا جديدًا يقيد توسعاتها؛ إذ إن إنشاء محطات ونقاط شحن يتطلب توفير التمويل وكذا المساحات حسب خطوط ومسار الحافلات ومدى بطارياتها.
وفي ظل استمرار العمل بنوعي الحافلات (سواء الكهربائية أو العاملة بالديزل) يتعين على المناطق التعليمية توفير المساحات اللازمة لبنيتهم التحتية ونقاط الشحن والطرق؛ ما يشكل عائقًا قد يدفع الولايات للتراجع عن خططها.
توفير الكهرباء
تؤدي الحافلات الكهربائية المدرسية في أميركا وبنيتها التحتية دورًا مهمًا لحفظ الكهرباء؛ إذ إنه يمكن استخدام نقاط الشحن باعتبارها موقعًا لتخزين الحافلات وتزويدها بالكهرباء وقت الحاجة فقط خلال أوقات الطلب المنخفض؛ ما يعمل على توازن الطلب والضغط على الشبكة بالولاية بالكامل.
ووفق مقترحات، يمكن أن تزود الشركات المُصنعة الحافلات الكهربائية المدرسية بسعة شحن مزدوجة ثنائية الاتجاه ترسل فائض الاستهلاك للشبكة في حالة عدم اتصالها.
وقد تؤدي تلك الحافلات دورًا فائق الأهمية خلال أوقات العطلات الدراسية التي تتزامن مع موجات الحرارة المرتفعة خلال فصل الصيف؛ إذ يمكن التواصل بين المرافق الكهربائية بالولايات والمناطق التعليمية للاستفادة من الحافلات المخزنة بشحن الكهرباء في التخفيف من ضغط الطلب.
ووفق مقترح آخر، قد تعمل الحافلات الكهربائية المدرسية في أميركا بمثابة "مُولّد" خلال أوقات انقطاع الكهرباء.
ويمكن لأسطول يضم 14 ألف حافلة كهربائية مدرسية أن يزود الشبكة خلال عطلة نهاية الأسبوع بنحو 2.5 غيغاواط/ساعة، وفق دراسة أجراها باحثون بجامعة نورث كارولينا العام الجاري (2022).
ويسمح ذلك -وفق الدراسة- بخفض اعتماد المرافق على الغاز الطبيعي، وكذا تجنب حجم انبعاثات يومية لثاني أكسيد الكربون تقدر بنحو 1130 طنًا.
إنجازات الولايات
أخذت المناطق التعليمية بالولايات الأميركية -منذ مارس/آذار العام الجاري (2022)- على عاتقها التوسع بالحافلات الكهربائية المدرسية على حساب حافلات الديزل.
ونُشرت 12 ألفًا و275 حافلة كهربائية مدرسية تابعة لما يقرب من 415 منطقة تعليمية، وكانت لولاية كاليفورنيا الصدارة في وضع سياسات النقل النظيف وأطلقت أولى الحافلات الكهربائية المدرسية في أميركا بشوارعها عام 2014.
وفي الآونة الحالية، تخصص الولاية نحو 70 مليون دولار لنشر حافلات كهربائية تحل محل 200 حافلة تعمل بالديزل، في إطار تنفيذ أهدافها البيئية.
ولم تكن ولاية كاليفورنيا وحدها صاحبة الإنجاز في هذا المجال؛ إذ تخطط ولاية ماريلاند ومقاطعة مونتغومري -أكبر المناطق التعليمية بها- للتخلي عن 326 حافلة عاملة بالديزل بحلول 2025 ونشر حافلات كهربائية مدرسية بدلًا منها.
كما تسعى المنطقة التعليمية بالولاية إلى بناء 5 نقاط لشحن الحافلات الكهربائية، ولا سيما أنها تتسع إلى 160 ألف طالب موزعين على 210 مدرسة.
وبدأت ولاية فيرجينيا مبكرًا ومنذ عام 2019 وهي تعمل على تزويد 16 منطقة تعليمية بنحو 50 من الحافلات الكهربائية المدرسية في أميركا لنشرها بأنحاء الولاية.
فوائد صحية وتعليمية
خصصت وكالة حماية البيئة الأميركية -في مارس/آذار عام 2022- تمويلًا لنحو 11 ولاية قررت تطبيق 23 برنامجًا للتخلي عن حافلات الديزل والتوسع في الحافلات الكهربائية المدرسية في أميركا وبنيتها التحتية.
وانفردت ولاية نيويورك باشتراط ضوابط إضافية في ميزانية العام المقبل (2023) تتضمن تحول جميع حافلاتها المدرسية إلى كهربائية بداية من يوليو/تموز عام 2027، تمهيدًا لنشر حافلات مدرسية خالية من الانبعاثات بشكل كامل على طرق المناطق التعليمية ومساراتها بحلول عام 2035.
وتتضمن تلك الميزانية -المقرر طرحها للتصويت في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الجاري- مخصصات بنحو 500 مليون دولار للإنفاق على تحويل الحافلات المدرسية إلى كهربائية.
وعلى الصعيد التربوي والنفسي، يؤدي هذا التحول دورًا في تغيير مفاهيم ملايين الطلاب والأطفال ونظرتهم عن المستقبل الخالي من الانبعاثات بتوفير رحلات مدرسية أكثر نظافة لهم بدلًا من رحلات معبأة بأدخنة عوادم الديزل.
وعلى الصعيد الصحي، رصدت دراسة عام 2019 أن إضافة مكونات تعمل على خفض الانبعاثات لحافلات الديزل المدرسية بولاية جورجيا تنعكس إيجابًا على الجهاز التنفسي للأطفال والطلاب.
ولم تكتفِ الدراسة بذلك، بل تطرّقت إلى مدى انعكاس تعديلات حافلات الديزل بمكونات خافضة للانبعاثات على درجات اختبارات الطلاب وأدائهم المدرسي.
وتُشير التوقعات إلى أن نشر الحافلات الكهربائية المدرسية في أميركا قد يزيد من الفوائد التعليمية والصحية والنفسية للطلاب.
اقرأ أيضًا..
- وزيرة الطاقة ليلى بنعلي: المغرب يتفاوض على صفقة غاز مسال تغطي 10 سنوات (حوار - فيديو)
- مشروع أنبوب الغاز النيجيري المغربي يمر عبر 13 دولة.. (بالأرقام والخرائط)
- طرح أول مولد يعمل بالهيدروجين.. بديل مثالي لمولدات الديزل والبنزين (فيديو)
- أكبر حقل نفط في ليبيا.. الشرارة ضحية الاضطرابات الأمنية