كيف فكك قانون شيرمان الأميركي إدارة أسواق النفط عالميًا؟ أنس الحجي يجيب
يحاول الأميركيون استخدامه لمحاكمة أوبك بتهمة "الاحتكار"
أحمد بدر
قال مستشار تحرير منصة الطاقة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن قانون شيرمان الأميركي لم يمنع أوبك من دعم إدارة أسواق النفط والطلب العالمي عليه.
وأوضح الحجي، أنه بنظرة سريعة على أسعار النفط خلال الـ160 عامًا الماضية، نرى أنها كانت مستقرة نسبيًا في كل الأوقات التي تمت فيها إدارة الأسواق، وكانت متقلبة بصورة كبيرة في غياب مدير للسوق وتركها لحالها بحرية تامة، ما أدى إلى إهدار شديد للموارد.
وأضاف الحجي -في حلقة جديدة من برنامج "أنسيّات الطاقة"، الذي قدّمه على موقع تويتر، الثلاثاء 20 سبتمبر/أيلول (2022)، بعنوان "أوبك في الذكرى 62 لتأسيسها: المنجزات والأخطاء، ودورها في أسواق الطاقة"- أن "ستاندرد أويل" و"الأخوات الـ7" كانت تستهدف توصيل النفط إلى مختلف أنحاء العالم وزيادة الطلب عليه، قبل أن تواجهها أميركا بقانون شيرمان.
- تعرّف على تاريخ أوبك وأعضائها منذ تأسيسها عام 1960
- نجل مؤسس أوبك يكتب لـ"الطاقة": السبب الحقيقي لتأسيس المنظمة هو التخلّص من اعتمادها على النفط
هل تحتاج أسواق النفط إلى إدارة؟
طرح مستشار تحرير منصة الطاقة الدكتور أنس الحجي السؤال الذي تداوله الجميع قبل تأسيس منظمة أوبك، وهو: هل تحتاج أسواق النفط إدارة؟ ليجيب عنها بالقول: "الجواب هو نعم، تحتاج أسواق النفط إلى إدارة.. ولكن من سيتولى هذه الإدارة؟ وهل هو كفؤ في إدارتها؟".
وأضاف: "سبق أن تحدثنا عن تقسيم شركة روكفلر في عام 1911 بقرار من المحكمة العليا الأميركية بعد اتهامه من جانب الحكومة الفيدرالية بانتهاج ممارسات احتكارية غير أخلاقية في بناء ثروته، ولكن عند اتخاذ هذه الخطوة لم تدرس الحكومة وضع الأسواق".
وأوضح أن الأسعار انهارت بعد تقسيم الشركة إلى نحو 35 شركة، إذ إن "إكسون وموبيل" عبارة عن شركتين منها، وشيفرون الأميركية أيضًا واحدة منها، وهو ما يمكن أو يوضح مدى الثراء الذي وصل له جون روكفلر.
قانون شيرمان وأزمة أسواق النفط
أشار مستشار تحرير منصة الطاقة الدكتور أنس الحجي، إلى أن الحكومة الأميركية لم تدرك الآثار الضارة لقرار تقسيم شركة روكفلر إلا بعد سنوات، ولكنها لم تستطع العودة في قرارها وتنظيم هذه الشركات، لأنها كانت قد اتخذت هذه الخطوات وفق قانون شيرمان المعادي للاحتكار.
وقال الدكتور أنس الحجي، إن قانون شيرمان الذي سمح بتفكيك امبراطورية "روكفلر" المتمثلة في شركة "ستاندرد أويل" وتقسيمها إلى 35 شركة، هو نفسه القانون الذي يستغله الأميركيون في الكونغرس لمحاسبة منظمة أوبك، ومحاكمتها بتهمة الاحتكار.
وأكد أن السياسيين في الولايات المتحدة غير مستعدين في الوقت الحالي للتخلي عن قانون شيرمان، لأنه أداة مهمة تمكنهم من السيطرة على الشركات والأسواق، ولكن الأزمة والانهيار اللذين حدثا في أسواق النفط باستخدام هذا القانون، خلقا كثيرًا من المشكلات في ذلك الوقت.
ولفت إلى أن هذا الكم من المشكلات دفع الحكومة الفيدرالية في الولايات المتحدة إلى فعل ما كان روكفلر يقوم به بالظبط، وهو إدارة الإنتاج لتقليل أو وقف إهدار الموارد، وتحسين الكفاءة وتقليل التكلفة، ومن ثم خفض تقلبات الأسعار.
ولكن -وفق الحجي- في وجود قانون شيرمان لمنع الاحتكار، لا تستطيع الحكومة الفيدرالية في الولايات المتحدة الأميركية أن تقول للشركات إنها تمارس الممارسات نفسها التي سبق أن قالت إنها احتكارية وغير أخلاقية.
لذلك، لجأت الحكومة إلى التنسيق مع الولايات النفطية، وهي تكساس وأوكلاهوما ولويزيانا، لإدارة الوضع على الأرض، أي تدخلت في إدارة الأمور، ومن هنا جاء دور هيئة تكساس للسكك الحديدية في صناعة النفط والغاز، إذ وضعت لها القوانين والقرار التي تمكنها من أداء هذا الدور.
وأوضح الدكتور أنس الحجي، أن الحكومة لم تستطع تطبيق هذه القرارات والقوانين، لأنها لم تمتلك قوة على الأرض تمكنها من ذلك، فاستمرت -نتيجة لذلك- أسعار النفط في الانخفاض، وارتفع إهدار الموارد بصفة كبيرة في كل مكان.
كيف تجاوزت الشركات قانون شيرمان؟
قال خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن هناك إشكالية كبيرة واجهت الحكومة الأميركية، وهي أن شركات النفط العالمية، التي سبق الحديث عنها باسم "الشركات الـ7"، تنتج خارج الولايات المتحدة ولا ينطبق عليها -بالتالي- قانون شيرمان، إذ إنها استطاعت التنسيق فيما بينها للسيطرة على الأسواق العالمية.
وأضاف: "لكن مع الاكتشافات الجديدة وانهيار أسعار النفط، أصبحت تكساس تحديدًا تهدد السيطرة العالمية للشركات على أسواق النفط، ونتج عن ذلك أمر لم يكن في الحسبان، وهو التآمر بين الشركات العالمية والسياسيين الأميركيين".
وكانت نتيجة هذا التآمر، أن هيئة تكساس للسكك الحديدية لم تستطع السيطرة على الوضع، فاضطر حاكما تكساس وأوكلاهوما إلى إرسال الحرس الوطني المدجج بالسلاح لغزو حقول النفط المملوكة بصفة خاصة للشركات، وطردوا المنتجين وسيطروا على الإنتاج.
وتابع: "نحن هنا نتحدث عن أمور قامت بها الحكومة الأميركية التي تدعو إلى الرأسمالية وحماية الملكيات الخاصة والشخصية، والتي تدعو إلى حرية الأسواق، فقد استخدمت الجيش بالقوة -حينها- لنفي كل ما تقوله".
وقال إنه بعد دخول الحرس الوطني إلى الحقول النفطية والسيطرة على الإنتاج، أجبرت الحكومة المنتجين على العودة إلى حقولهم ومنحتهم حصصًا إنتاجية، لافتًا إلى أن كلمة "حصص" هي ذاتها التي تُستخدم مع أوبك الآن، ولكن الأميركيين مارسوها من قبل تأسيس المنظمة بنحو 40 عامًا.
اقرأ أيضًا..
- ألمانيا تبحث عن صفقة غاز مسال من الإمارات وقطر.. ومباحثات مع السعودية
- أحد أكبر حقول النفط عالميًا.. منيفة السعودي ينتج 900 ألف برميل يوميًا
- هل يرتبط التغير المناخي بالإرهاب والفقر والجريمة العالمية؟ (تقرير)
- مشروع أنبوب الغاز النيجيري المغربي يمر عبر 13 دولة.. (بالأرقام والخرائط)