تأجيل تراخيص النفط والغاز في بحر الشمال حدادًا على الملكة إليزابيث
الحكومة البريطانية تعول على التراخيص لتعزيز الإمدادات المحلية
مي مجدي
في الوقت الذي تتهيأ فيه شركات الطاقة لانطلاق جولة تراخيص النفط والغاز في بحر الشمال، جاء خبر وفاة الملكة إليزابيث الثانية بمثابة صدمة للشعب البريطاني والعديد من دول العالم.
وأدى هذا الحدث إلى تأجيل العديد من الأعمال في المملكة المتحدة حتى انتهاء مدة الحداد الرسمية على الملكة في 20 سبتمبر/أيلول (2022).
وفي هذا الإطار، أكد متحدث باسم الهيئة الانتقالية لبحر الشمال (إن إس تي إيه) عدم نشر أيّ تفاصيل عن الجولة الجديدة حتى انتهاء مدة الحداد على الملكة إليزابيث، حسبما نشر موقع إنرجي فويس (Energy Voice).
ومنذ إعلان رئيسة الوزراء الجديدة ليز تروس الموافقة على أكثر من 100 ترخيص ضمن حزمة من الإجراءات لتعزيز أمن الطاقة والحدّ من ارتفاع الأسعار، كانت الصناعة تنتظر على أحرّ من الجمر طرح أيّ تفاصيل عن هذه الجولة، التي تعدّ الأولى من نوعها منذ عام 2019، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
جولة التراخيص الجديدة
قبل ساعات فقط من إعلان وفاة الملكة إليزابيث، يوم الخميس 8 سبتمبر/أيلول (2022)، وافقت رئيسة الوزراء ليز تروس على إطلاق جولة تراخيص جديدة في بحر الشمال.
وتتوقع رئيسة الوزراء توزيع أكثر من 100 ترخيص جديد لشركات النفط والغاز، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وتمثّل جولة تراخيص النفط والغاز في بحر الشمال العصب لحزمة الطاقة التي أعلنتها يوم الخميس 8 سبتمبر/أيلول (2022)، وتهدف إلى تعزيز إمدادات الهيدروكربونات في المملكة المتحدة، وزيادة انتشار مصادر الطاقة المتجددة.
وأكدت تروس أن الهدف النهائي هو أن تصبح المملكة المتحدة مصدرًا صافيًا للطاقة بحلول عام 2040.
بدوره، كشف وزير الأعمال جاكوب ريس موغ في وقت لاحق من ذلك اليوم، أنه يأمل إطلاق جولة تراخيص النفط والغاز الشهر المقبل، لكنّ تطوُّر الأحداث سيؤدي إلى تأجيل البيان الرسمي المتعلق بالتفاصيل حتى انتهاء مدة الحداد في 20 سبتمبر/أيلول (2020)، اليوم التالي لجنازة الملكة.
وقال متحدث باسم الهيئة الانتقالية لبحر الشمال، إن الهيئة لن تكشف عن أيّ تفاصيل حول أيّ موضوع، إلّا بعد انتهاء مدة الحداد.
تعزيز إمدادات بحر الشمال
لطالما كانت إمدادات بحر الشمال من بين الملفات المهمة على طاولة الحكومة البريطانية، خاصة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/شباط (2022).
فقد أسهم نقص إمدادات الغاز الروسي في السوق العالمية بارتفاع أسعار السلع الأساسية، وأسفر ذلك عن زيادة التضخم وارتفاع فواتير الطاقة.
وتعدّ الهيئة الانتقالية لبحر الشمال، التي كانت تُعرف سابقًا باسم هيئة النفط والغاز، مسؤولة عن إصدار تراخيص التنقيب عن النفط والغاز.
وشهدت البلاد آخر جولة تراخيص بريطانية للنفط والغاز في عام 2019، ومنحت من خلالها هيئة النفط والغاز -آنذاك- 113 ترخيصًا لـ65 شركة، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وكشفت الحكومة البريطانية أنها ستراجع سياستها المتعلقة بالتراخيص البحرية مستقبلًا، في إطار هدفها الرئيس لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
وأكدت هيئة النفط والغاز أنها ستوقف مؤقتًا جولة التراخيص السنوية، ولن تجري جولة ترخيص خلال المدة 2020/2021، لمنح الصناعة وقتًا للوفاء بالتزاماتها في مجموعة التراخيص الحالية.
تسريع تراخيص النفط والغاز
من جانبها، دعت صناعة النفط والغاز البحرية في المملكة المتحدة رئيسة الوزراء البريطانية لتسريع عملية الموافقة على تراخيص النفط والغاز في بحر الشمال؛ لتعزيز إمدادات الوقود المحلية.
وحددت الصناعة 26 مليار جنيه إسترليني (30 مليار دولار) من الاستثمارات المحتملة في بحر الشمال بحلول نهاية العقد، مشيرة إلى أن الإمدادات المحلية ستمكّن المملكة المتحدة من تلبية قرابة نصف الطلب على النفط والغاز.
وتعتقد الصناعة أنه دون هذه الخطوة ستلجأ بريطانيا إلى استيراد الوقود والاعتماد على هذه الواردات، حسب بلومبرغ.
ويهدد الوضع المتأزم في البلاد بتدهور أوضاع الأفراد والشركات خلال فصل الشتاء المقبل.
والنظر إلى مستقبل التنقيب في بحر الشمال كونه مخرجًا للأزمة، يمكن أن ينعش صناعة الوقود الأحفوري، في وقت تسعى فيه البلاد إلى التحول للطاقة النظيفة.
وقال مدير قسم الاستدامة في هيئة "أو إي يو كيه"، التي تمثّل صناعة النفط والغاز البحرية في الدولة مايك ثولين، إنهم بحاجة لتسريع إعلان الحكومة الجديدة عن الجولة التالية من تراخيص النفط والغاز وتسريع الموافقات على الإنتاج.
وتابع: "تعني احتياطياتنا في بحر الشمال أن المملكة المتحدة يمكنها تأمين نفسها بشرط مواصلة الاستثمار، بالإضافة إلى تطوير أنظمة منخفضة الكربون في المستقبل".
وأشار إلى النفط والغاز سيؤديان دورًا مهمًا في مزيج الطاقة بالمملكة المتحدة، فالغاز الطبيعي سيمنح البلاد مصدرًا موثوقًا للوقود وسيقلل الاعتماد على الواردات، مؤكدًا ضرورة توسيع إمدادات الطاقة منخفضة الكربون، مثل الرياح والهيدروجين.
بحر الشمال والملكة إليزابيث
جلست الملكة إليزابيث الثانية على العرش البريطاني لمدة 70 عامًا، وشهدت العديد من الأحداث المهمة في تاريخ المملكة المتحدة، من بينها اكتشاف النفط في بحر الشمال.
ومن بين أكثر اللحظات التي لا تُنسى افتتاح الملكة حقل فورتيز، الذي كانت تديره شركة النفط البريطانية بي بي في عام 1975، من خلال الضغط على زر مطلي بالذهب.
وفي عام 1988، التقت الملكة مع العديد من طاقم منصة "بايبر ألفا" بعد تعرّضها لكارثة مروعة أودت بحياة 167 شخصًا، ومنحت بعضهم وسام جورج، أعلى وسام مدني بريطاني، وحصل الباقون على ميداليات رفيعة.
أمّا في 9 مايو/أيار (1981)، فقد زارت الملكة شتلاند لافتتاح محطة "سولوم فو" النفطية الضخمة، لكن الحدث تحوّل إلى كارثة بعدما خطّط الجيش الجمهوري الأيرلندي لمحاولة اغتيال، وتمكّن من زرع قنبلة في المحطة، ليقع انفجار ضخم على بعد أقلّ من 500 ياردة من المكان الذي كانت تقف فيه الملكة، وتستمع إلى النشيد الوطني، لكن الحادث لم يسفر عن أيّ إصابات.
ورغم الحادث، ما تزال المحطة جزءًا أساسيًا من صناعة النفط والغاز في بحر الشمال.
اقرأ أيضًا..
- العراق يعتزم بدء أولى عمليات التنقيب عن النفط والغاز في الخليج العربي
- تحليل أسعار النفط وهل تواصل الارتفاع حتى نهاية 2022؟
- أكبر حقل نفط في الجزائر.. ماذا تعرف عن حاسي مسعود؟