تقرير أممي عن تقنيات الطاقة المتجددة: تنطوي على تكاليف ومخاطر بيئية
مي مجدي
اعتاد العالم السماع عن لعنات النفط التي تلاحق الدول المنتجة للوقود الأحفوري، لكن أن تحل اللعنة على الطاقة المتجددة هو أمر صادم، خاصة أنها يُنظر إليها بصفتها خلاص العالم من الانبعاثات والاحتباس الحراري.
وجاء في آخر تقارير مكتب التنمية البشرية التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الصادر يوم الخميس 8 سبتمبر/أيلول (2022)، أن التقنيات المتجددة الجديدة تنطوي على تكاليف ومخاطر بيئية، بدءًا من التعدين إلى توفير المواد اللازمة لصناعة الألواح الشمسية وتوربينات الرياح حول العالم، حسبما نشرت صحيفة "إيكونوميك تايمز" الهندية (Economic Times).
وأفاد التقرير بأن التقنيات الجديدة منخفضة الكربون، مثل السيارات الكهربائية، ستتطلب مدخلات كبيرة من المعادن غير المتجددة أكثر مما تحتاج إليه مصادر الطاقة عالية الكربون، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
لعنة الطاقة المتجددة
قال التقرير إن التحول إلى التقنيات منخفضة الكربون والطاقة المتجددة يثير مخاوف من لعنة محتملة قد تواجه الموارد الخضراء.
وأضاف أن هذه المعادن موجودة في أماكن محدودة، أغلبها في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط.
وأشار التقرير إلى اللعنة التي عاناها العديد من البلدان الغنية بالموارد، مثل الوقود الأحفوري، والتي أدت إلى تأجيج الصراعات العنيفة وتزايد معدلات الفقر والتفاوت الاجتماعي.
ووفقًا للتقرير، سيعتمد التحول إلى الاقتصادات منخفضة الكربون -جزئيًا- على استخراج المعادن واستخدامها، وهي من العناصر المهمة لبعض تقنيات الطاقة المتجددة، مثل السيارات الكهربائية والألواح الشمسية.
وتعني عملية استخراج المعادن تغيير استخدام الأراضي وإصدار الانبعاثات، ولن تزيد من الضغوط على كوكب الأرض فحسب، لكنها مرتبطة -أيضًا- بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
صعوبة المهمة
رغم أن الاقتصاد الأخضر يمكنه إضافة أكثر من 24 مليون وظيفة في جميع أنحاء العالم بحلول عام 2030؛ فإن هذه الوظائف لن تكون بالضرورة في المناطق نفسها الأكثر تأثرًا بخسائر الوظائف مع إنهاء صناعات الوقود الأحفوري، وفقًا للتقرير.
وجاء في التقرير أن عملية تحول الطاقة لمواجهة أزمة المناخ ستكون صعبة حتى في أفضل الظروف، وستزداد صعوبة عندما تكون لها الأسبقية على عدم المساواة والتفكك الاجتماعي، وتسارع حدوث التكنولوجيات المُزعزعة وتغييرات خطيرة في كوكب الأرض.
والتكنولوجيا المُزعزعة أو المسببة للاضطراب هي التي تبدل طريقة عمل الشركات، وتحل محل التكنولوجيا الراسخة، ويؤدي ذلك لخلق سوق وقيمة جديدة، ومن ثم إزاحة الشركات والمنتجات الراسخة والرائدة في السوق.
وأضاف التقرير أن رد الفعل العنيف في بعض البلدان على شتى أشكال ضرائب الطاقة أو تسعير الكربون هو مثال على ذلك.
وأوضح أن التحول في الطاقة والمواد اللازمة في عصر الأنثروبوسين أو عصر البشر، وهي حقبة مقترحة توضح بصمة الإنسان في باطن الأرض وسطحها، يُنذر بمزيد من الاضطرابات، ويعتقد البعض أن تأثيرها يعادل التحول من المجتمعات الزراعية إلى المجتمعات الصناعية.
ولإعداد مسار جديد، أكد التقرير ضرورة تركيز السياسات على الاستثمار في الطاقة المتجددة والتأهب لمواجهة الأوبئة والوقاية والابتكار.
وأضاف أن الاستثمار الذي يمتد من الطاقة المتجددة إلى التأهب لمواجهة الأوبئة والمخاطر الطبيعية الجسيمة، سيحد من الضغوطات على كوكب الأرض، ويعد المجتمعات للتعامل بصورة أفضل مع الأزمات العالمية.
لعنة الاقتصاد الأخضر
في عام 2011، حذّر مؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية من مخاطر الفساد في البلدان الغنية بالمعادن النادرة.
وقال إن السباق للحصول على هذه المعادن يمكن أن يؤدي إلى تداعيات مماثلة للصراع والفساد الذي يلاحق الدول الغنية بالنفط.
ورغم أن ازدهار الطلب على هذه المعادن، مثل الليثيوم، يحمل مستقبلًا واعدًا لهذه الدول؛ فإنه يمثل تحديًا اجتماعيًا واقتصاديًا كبيرًا لبعض الدول، مثل بوليفيا وتشيلي والأرجنتين وبيرو والمكسيك، والتي تمثل معًا ثلثي احتياطيات الليثيوم العالمية.
وأشار التقرير إلى أن التعدين يعد نشاطًا ضروريًا لدعم الاقتصاد الأخضر، لكنه يحمل في طياته فرصًا للفساد.
ومن بين هذه المعادن النادرة الليثيوم والغاليوم والتانتالوم، وغيرها.
اقرأ أيضًا..
- تضرر أنشطة استكشاف النفط والغاز عالميًا مع انخفاض تراخيص الحفر (تقرير)
- شركات النفط الكبرى تنفق 12% من استثماراتها على أنشطة خفض الكربون (دراسة)
- هل تراجعت حصة النفط العراقي في آسيا مع دخول روسيا؟.. سومو تجيب