هل يزيح الهيدروجين الأخضر الوقود الأحفوري من عرش توليد الكهرباء؟.. ملياردير أسترالي يجيب
أمل نبيل
يرى الملياردير الأسترالي أندرو فورست أن الهيدروجين الأخضر يعد فرصة ذهبية لإنقاذ العالم من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية، مشددًا على ضرورة التحول الأخضر للطاقة والتخلص نهائيًا من توليد الكهرباء عبر مصادر الوقود الأحفوري.
وقال أندرو فورست -الذي بنى ثروته من الحديد الخام، ويُعد حاليًا رائدًا في مجال الطاقة المتجددة- إن مصادر إنتاج الطاقة يجب أن تتغير، مؤكدًا أن خطته لتوصيل 15 مليون طن من الهيدروجين الأخضر سنويًا بحلول عام 2030 ما تزال قائمة، على الرغم من أن شركته لم تُعلن بعد تفاصيل كيفية حدوث ذلك الأمر الذي يحتاج إلى كميات من طاقة الرياح والطاقة الشمسية أو الطاقة الكهرومائية بمئات الغيغاواط.
ويُعَد أندرو فورست ثاني أغنى شخص في أستراليا بثروة تتجاوز 18 مليار دولار، وصنع ثروته من خلال شركته للتعدين، وهي إحدى أكبر الشركات المصنعة للحديد الخام المستخدم في صناعة الصلب، بحسب معلومات اطّلعت عليها منصّة الطاقة المتخصصة.
أهمية الطاقة الخضراء
في إحاطة عن النتائج السنوية للشركة -التي حققت أرباحًا صافية بقيمة 6 مليارات دولار في السنة المالية 2021-2022، وتوزيعات أرباح بقيمة 2.3 مليار دولار أسترالي (1.57 مليار دولار أميركي) لفورست نفسه- قال الرئيس التنفيذي الحالي لشركة (فورتسكو ميتالز)، إن رؤيته لمستقبل الطاقة الخضراء -بما في ذلك مصادر الطاقة المتجددة والصلب الأخضر- إيجابية.
وقال الملياردير الأسترالي: "يمكن لشركة فورتسكو أن تقود ثورة الطاقة الخضراء وستقوم بذلك"، مشيرًا إلى أن مصادر توليد الطاقة يجب أن تتغير و"ليس لدينا خيار".
وأضاف: "إذا كنت تدافع عن أي مصدر آخر للطاقة فأنت إما جاهل اقتصاديًا وإما علميًا وإما كليهما"، وفقًا لموقع رينيو إيكونومي أستراليا.
وقال فورست: "نحن نقتطع -مثل الآخرين- بضعة مليارات من الدولارات سنويًا للوقود الأحفوري، سيكون يومًا رائعًا ومؤثرًا في تحسين الهوامش والإيرادات، حينما يمكننا تصنيع جميع أنواع الوقود الخاصة بنا".
وأخبر أندرو فورست المحللين أن مناقشات غير رسمية مع مديري صناديق عالمية تشير إلى قيمة محتملة تبلغ 20 مليار دولار أميركي (29 مليار دولار أسترالي) لشركة (فورتسكو فيوتشر إندستريز) التابعة، التي تقود الشركة إلى التحول الأخضر.
هذا بالطبع تقييم نظري، ويقول فورست إنه لا ينوي حاليًا إدراج الشركة التابعة بصفة منفصلة.
ويؤكد فورست أهمية التحول العالمي لمصادر الطاقة الخضراء التي يمكن أن تخفّض الانبعاثات والتكاليف في الصناعات الثقيلة، وتحد من إنفاق مليارات الدولارات في الوقود الأحفوري كل عام.
ويرى فورست أن سوق الهيدروجين الأخضر يمكن أن تدر عائدات تبلغ 12 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2050، وهي صناعة متفردة يمكنها أن تلبّي احتياجات الطاقة النظيفة في الكهرباء والنقل والصناعة.
(الدولار الأسترالي = 0.68 دولارًا أميركيًا)
الهيدروجين الأخضر
تجوّل فورست وفريقه حول العالم لإبرام اتفاقيات مع العملاء والموردين، بما في ذلك توقيع مذكرة تفاهم ضخمة مع شركة "إي. أو إن" الألمانية لتوريد 5 ملايين طن من الهيدروجين الأخضر، وكشف النقاب عن خطط عديدة في أستراليا لتصنيع المحلل الكهربائي وإنتاج الطاقة المتجددة.
ويُعَدّ الهيدروجين الأخضر وقودًا خاليًا من الكربون، مصنوعًا من التحليل الكهربائي، باستخدام الطاقة المتجددة من الرياح والطاقة الشمسية لتقسيم المياه إلى الهيدروجين والأكسجين.
وزاد عدد الفريق المعيّن في شركة (فورتسكو فيوتشر إندستريز) الآن إلى أكثر من ألف و100 موظف، ولديها ميزانية تزيد على مليار دولار للسنة المالية الحالية، بما في ذلك 110 ملايين دولار تُنفق على ما يُعد أكبر محلل كهربائي للهيدروجين في العالم بغلادستون، في ولاية كوينزلاند الأسترالية -موطن إحدى أكبر محطات تصدير الفحم في العالم-.
وتتطلّع السوق إلى معرفة كيفية تغلب فورتسكو على تحديات التكلفة المتمثّلة في تصدير الهيدروجين الأخضر إلى العملاء الأوروبيين والآسيويين.
وتوقع الرئيس التنفيذي الجديد لشركة فورتسكو فيوتشر إندستريز، مارك هاتشينسون، إعلان العديد من المشروعات خلال الأشهر المقبلة فيما يتوقع أن تكون سوقًا "بمليارات الدولارات" للهيدروجين الأخضر.
وقال: "لدينا الكثير من المشروعات للاختيار من بينها، كما أن هناك طلبًا كبيرًا، وتوقع إعلان المزيد من الصفقات المشابهة للاتفاقية الموقعة مع شركة (إي.أو إن) الألمانية".
وتحتاج الشركة إلى نحو 400 غيغاواط من مصادر الطاقة المتجددة لتنفيذ خطط الهيدروجين الأخضر.
وساعدت مزرعة شمسية بقدرة 60 ميغاواط في بيلبارا، الشركة في التخلص من 78 مليون لتر من الديزل في العام الماضي (2021)، وستُبنى مزارع شمسية جديدة وبطارية كبيرة لمشروع آيرون بريدج آيرون أور.
وتعمل الشركة على مشروعات مبتكرة مثل ما يُسمى "إنفينيتي تراينز"، وذلك باستخدام الجاذبية والبطاريات القابلة لإعادة الشحن لتشغيل القطارات الضخمة التي تنقل خام الحديد إلى المواني في بيلبارا، كما تكهرب أسطولها من الشاحنات.
وتدرس الشركة إنشاء محطة للطاقة الشمسية والرياح بقدرة 5.4 غيغاواط في بيلبارا، كما تدرس إنشاء محطة أخرى أكبر في جنوب غرب أستراليا، إذ توقع الشركة صفقات مع المزارعين لاستضافة مزارع رياح كبيرة.
الطلب الأوروبي على الهيدروجين الأخضر
قال الرئيس التنفيذي لشركة فورتسكو فيوتشر إندستريز، مارك هاتشينسون، إن الإقبال على الهيدروجين الأخضر يتزايد بسبب الأحداث الجيوسياسية مثل الغزو الروسي لأوكرانيا، وأزمة الغاز في أوروبا، وقانون خفض التضخم الأميركي الجديد الذي جعل الهيدروجين الأخضر منافسًا للهيدروجين المُنتج من الوقود الأحفوري.
وأضاف أن شركة فورتسكو فيوتشر إندستريز تركّز على مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر في أستراليا، بما في ذلك كوينزلاند وتسمانيا وغرب أستراليا.
وأكد أن استراليا وأوروبا تحتاجان إلى اتباع خطة الولايات المتحدة في تقديم خصومات ضريبية لتحفيز إنتاج الهيدروجين الأخضر، وأضاف إذا لم تتبع أوروبا هذا النهج، فإن جميع الاستثمارات ستتجه إلى أميركا.
ويتساءل العديد من المحللين ومراقبي السوق عن تكلفة نقل الهيدروجين الأخضر إذا وقعت فورتسكو صفقات ضخمة لتزويد أوروبا بالهيدروجين الذي تخطّط لإنتاجه في أستراليا.. كيف يمكن القيام بذلك اقتصاديًا؟
وأوضح هاتشينسون، أن الخيارات المتاحة هي شحن الهيدروجين على هيئة أمونيا خضراء، أو ميثان أخضر، مضيفًا: "نحن نبحث عن أفضل الطرق المختلفة للحصول عليه بأفضل تكلفة ممكنة لعملائنا في أوروبا".
ومع ذلك، قال الرئيس التنفيذي لشركة فورتسكو فيوتشر إندستريز، في تصريحات لاحقة، إنه يمكن بناء بعض مشروعات الطاقة المتجددة في أوروبا، بالقرب من الطلب، على الأقل في المراحل الأولية.
وقال: "نرى أن هناك طلبًا كبيرًا على الهيدروجين الأخضر من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك دول آسيا؛ لذلك ستؤدي أستراليا دورًا كبيرًا في ذلك".
وأكد مارك هاتشينسون أن منشأة تصنيع المُحلل الكهربائي الجديدة في غلادستون تتقدم بصفة جيدة، متوقعًا أن تدخل حيز التشغيل في عام 2023، بمعدل يصل إلى 2 غيغاواط سنويًا، ما يجعلها الأكبر في العالم.
موضوعات متعلقة..
- منتجو الغاز المسال في أستراليا يرفضون حظر التصدير: يضاعف أزمة الطاقة
- الطائرات العاملة بالهيدروجين تحلّق في سماء أستراليا بحلول 2026
- ماهو الهيدروجين؟
اقرأ أيضًا..
- قطاع الطاقة في سلطنة عمان يشهد قصص نجاح 5 قيادات نسائية بارزة (تقرير)
- صناعة السيارات الكهربائية في المغرب.. ثورة تجذب أنظار العالم (مقال)
- ماليزيا.. ثاني أكبر منتج للنفط والغاز في جنوب شرق آسيا