تقارير الغازتقارير الهيدروجينرئيسيةروسيا وأوكرانياغازهيدروجين

تصدير الغاز المسال والهيدروجين من كندا إلى ألمانيا.. معضلة البحث عن ملاذ آمن

مي مجدي

اقرأ في هذا المقال

  • تصدير الغاز المسال من كندا إلى ألمانيا يمثّل تحديًا لوجستيًا وماليًا، والمحادثات مستمر بين الشركات من الطرفين
  • الأولوية في كندا للحلول العاجلة، وزيادة إمدادات الغاز والطاقة في الأسواق العالمية
  • مشكلة ألمانيا مع تطوير البنية التحتية اللازمة، وليس توفير الغاز المسال
  • ألمانيا تراهن على الهيدروجين لتحقيق الحياد الكربوني، وكندا ستؤدي دورًا مهمًا
  • القرار الكندي بإعادة توربين نورد ستريم 1 جاء ليقضي على الأعذار الروسية، واستخدام الطاقة سلاحًا

تسعى ألمانيا إلى توفير حلول قصيرة الأجل لضمان أمن الطاقة، وجاءت زيارة المستشار الألماني، أولاف شولتس، الأخيرة إلى كندا للبحث في كيفية تصدير الغاز المسال والهيدروجين من أوتاوا إلى برلين، لتؤكد المخاوف من نقص إمدادات الطاقة على المدى القصير والمتوسط.

وخلال زيارته التي تستغرق 3 أيام، يأمل شولتس بحث سبل التعاون مع ثاني أكبر دولة في العالم من حيث المساحة، وتعزيز المحادثات مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، بهدف تأمين البنية التحتية المناسبة في المستقبل.

وفي هذا الصدد، قال جاستن ترودو، إن تصدير الغاز المسال من الساحل الشرقي لكندا إلى ألمانيا يمكن أن يحدّ من أزمة الغاز في أوروبا، لكن تصريحاته أثارت جدلًا واسعًا، لا سيما أن المشكلة تكمن في توفير بنية تحتية مناسبة، حسبما نقل موقع بوليتيكو (Politico).

وسينصبّ تركيز المفاوضات مع ألمانيا -أيضًا- على إمكان تصدير الهيدروجين، إذ راهنت على الخيارات النظيفة لمساعدتها في تحقيق الحياد الكربوني، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

هل يمكن تصدير الغاز المسال الكندي؟

قال رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، مساء أمس الإثنين 22 أغسطس/آب (2022)، إن بلاده تدرس السبل لمعرفة مدى جدوى تصدير الغاز المسال مباشرة إلى أوروبا من الساحل الشرقي، في ظل بحث الدول الأوروبية عن مصادر بديلة للإمدادات الروسية.

وأشار إلى أن هذه الصادرات تشكّل تحديًا لوجستيًا وماليًا، مؤكدًا استمرار المحادثات الاقتصادية المتعلقة بصادرات الغاز المسال المحتملة بين الشركات الكندية والألمانية.

الغاز المسال
رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو- الصورة من بيزنس إنسايدر

وأضاف -خلال لقائه المستشار الألماني أولاف شولتس في مونتريال- أن بلاده ستبذل قصارى جهدها لتعزيز إمدادات الطاقة العالمية، عن طريق زيادة القدرات الإنتاجية على المدى القصير.

في الوقت نفسه، أقرّ رئيس الوزراء أن تصدير الغاز المسال من كندا إلى أوروبا لن يكون سهلًا، موضحًا أن ضعف دراسات الجدوى حدّ من تطوير مرافق التصدير المقترحة، إلى جانب بُعد الساحل الشرقي لكندا عن حقول الغاز بغرب البلاد.

وقال: "هذه الخطوة قابلة للتنفيذ، لكننا نبحث عن أفضل السبل لتقديم المساعدة".

وأكد ترودو أن الأولوية للحلول العاجلة والبنية التحتية القائمة، مشددًا على أن أقصى ما يمكن فعله الآن هو زيادة إمدادات الغاز والطاقة في السوق العالمية.

وفي وقت سابق من العام الجاري (2022)، استجابت كندا لأزمة الطاقة التي خلّفتها الحرب الروسية في أوكرانيا، وتعهدت بزيادة إنتاج النفط والغاز بنحو 300 ألف برميل يوميًا بحلول نهاية 2022، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

ومع ذلك، لا تمتلك أوتاوا مرافق تصدير ساحلية، لذلك يُنقل كل النفط والغاز الكندي -تقريبًا- إلى سوق واحدة، وهي الولايات المتحدة، ويقضي تعهّد الحكومة الكندية بإرسال النفط والغاز إلى أوروبا من الشركات إرسال شحنات من ساحل الخليج الأميركي.

أهمية البنية التحتية لألمانيا

جاءت زيارة المستشار الألماني أولاف شولتس إلى كندا لتعزيز التجارة والاستثمار بين البلدين، وتحديدًا في قطاعات المعادن ومصادر الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر.

واصطحب معه نائبه ووزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك، ووفدًا تجاريًا يضم مديرين تنفيذيين من شركة فولكس فاغن ومرسيدس بنز.

وبحسب وكالة بلومبرغ، فإن شركتي فولكس فاغن ومرسيدس ينز ستوقّعان صفقات لتأمين المواد الخام للبطاريات، خلال زيارتهما لمدينة تورنتو.

وفي مؤتمر صحفي مشترك في مونتريال، قال المستشار الألماني، إن برلين تعمل على تسريع تطوير بنية تحتية لمواني الغاز المسال وخطوط الأنابيب لتعزيز الواردات، وتتواصل مع دول أخرى، مثل كندا، لزيادة الإنتاج.

وتمثّل البنية التحتية، بخلاف خطوط أنابيب الغاز الروسية، أهمية كبيرة لألمانيا، خاصة أنها تخطط للحدّ من الاعتماد على الإمدادات الروسية، وفقًا لتصريحات وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك في وقت مبكر من يوم الإثنين 22 أغسطس/آب (2022)، للتلفاز الألماني.

وقال: "في ألمانيا لا تكمن المشكلة في توفير الغاز المسال، وإنما في توفير بنية تحتية بديلة لخطوط أنابيب الغاز الروسية.. نقوم ببناء منشآت مؤقتة، ثم محطات دائمة، ويتوافر الغاز لذلك".

وتحدّث هابيك -أيضًا- عن الاضطرابات الاقتصادية التي اندلعت في الأشهر الأخيرة بسبب الحرب في أوكرانيا، وجهود الحكومة الألمانية لمكافحتها من خلال تنويع إمدادات الطاقة.

استيراد الأمونيا الخضراء

في غضون ذلك، أعلنت شركتا الطاقة الألمانيتان "يونيبر" و"إي.أون"، اليوم الثلاثاء 23 أغسطس/آب (2022)، توقيع مذكرة تفاهم مع شركة "إفرويند" الكندية، وهي مطوّر لإنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا في نوفا سكوشا، لشراء إجمالي قدره مليون طن من الأمونيا الخضراء سنويًا بدءًا من منتصف العقد، حسب وكالة رويترز.

وستنتج الأمونيا في منشأة "بوينت تابر" التابعة لشركة "إفرويند"، والتي من المتوقع أن تبدأ التشغيل التجاري في مطلع عام 2025.

ويمكن استخدام الأمونيا الخضراء المنتجة بوساطة الطاقة المتجددة، إمّا في شكل غاز، أو تحويلها إلى هيدروجين أخضر؛ لدعم الاقتصاد المحلي.

وقالت يونيبر: "فور إبرام الاتفاق، ستسهّل الإمدادات عمليات إزالة الكربون في جميع أنحاء ألمانيا والدول الأوروبية الأخرى، إلى جانب تقليل اعتماد ألمانيا على المنتجات القائمة على الوقود الأحفوري الروسي".

ووصف المستشار الألماني، أولاف شولتس، هذه الخطوة بأنها مهمة لتعزيز العلاقات الاقتصادية الثنائية، وتوفير إمدادات طاقة مستدامة في المستقبل.

الغاز المسال
المستشار الألماني أولاف شولتس- الصورة من صحيفة تليغراف

ماذا بعد ذلك؟

يتوجه المستشار الألماني ونائبه، اليوم الثلاثاء 23 أغسطس/آب (2022)، إلى مقاطعة نيوفندلاند الكندية لبحث سبل التعاون في قطاع الهيدروجين بين البلدين.

ومن المتوقع أن يوقّع المستشار الألماني ورئيس الوزراء الكندي، اليوم الثلاثاء 23 أغسطس/آب (2022)، صفقة ضخمة لتزويد ألمانيا بالهيدروجين النظيف.

وأوضح شولتس أن ألمانيا راهنت على الهيدروجين لمساعدتها في تحقيق الحياد الكربوني، مؤكدًا أن كندا ستؤدي دورًا مهمًا في تطوير الهيدروجين الأخضر مستقبلًا.

وتتطلع ألمانيا إلى كندا بصفتها موردًا طويل الأجل للمصادر المحايدة مناخيًا، في الوقت الذي تسعى فيه للابتعاد عن النفط والغاز الروسيين.

فكندا، مثل الولايات المتحدة، تعدّ واحدة من مجموعة الدول الصناعية الـ7 الكبرى، ومنتجًا رئيسًا للنفط والغاز، وتغازل المستثمرين لدفع ثورتها الصناعية الخضراء.

مشروع مثير للجدل

أدت الصفقة المتوقعة لتسليط الضوء على مشروع مقترح لتطوير مزرعة رياح ومحطة لإنتاج الهيدروجين الأخضر على الساحل الغربي لنيوفندلاند.

وأعلنت شركة "ورلد إنرجي"، وقسمها المتخصص بالهيدروجين "ورلد إنرجي جي إتش 2"، أن المشروعين يمكنهما توفير جزء من احتياجات ألمانيا من الطاقة المتجددة، لكن لم يحظَ المشروعان بالموافقة، ويجب خضوعهما لتقييم بيئي قبل الحصول على الضوء الأخضر.

وصرّح رئيس الشركة، جون ريسلي، عشية توقيع الاتفاقية، أنه في حال عدم الموافقة على توربينات الرياح في المشروع، فسيكون من الصعب تنفيذه.

وقال، إن شركة نيوفندلاند هيدرو ليس لديها قدرة لتوليد الكهرباء لتزويد محطة الهيدروجين.

وتقترح الشركة بناء 164 توربينًا للرياح في "بورت أو بورت بنينسيلا"، والتي ستولّد كهرباء بقدرة 1 غيغاواط في مرحلتها الأولى، لتشغيل منشأة لإنتاج الهيدروجين والأمونيا بقدرة 0.5 غيغاواط في منطقة ستيفنفيل.

وتقول الشركة، إنه في حال الموافقة على المقترح، سيكون أول مشروع في البلاد لإنتاج الهيدروجين والأمونيا من طاقة الرياح.

بينما كشفت حكومة المقاطعة، في 5 أغسطس/آب (2022)، أنه يتعين تقديم بيان التأثير البيئي الذي يوفر معلومات حول مواقع التوربينات، وتأثيرها في الحيوانات والنباتات والممرات المائية.

وتعرّض المشروع لانتقادات من بعض السكان المحليين ومخاوفهم إزاء التأثير البيئي للمشروع.

وفي هذا الشأن، أقرّ ريسلي بوجود مشكلات بيئية في مزارع الرياح، لكن الشركة ستعمل على تقليلها.

الغاز المسال
مشروع للهيدروجين – الصورة من إنوفيشن نيوز

الاتفاق بين كندا وألمانيا

قال رئيس شركة ورلد إنرجي، جون ريسلي، إن الاتفاقية بين كندا وألمانيا مهمة، وتدل على دعم كندا لحلفائها في أوروبا.

فمع استمرار الحرب في أوكرانيا وخفض روسيا صادرات الغاز إلى أوروبا، تبحث ألمانيا عن مصادر جديدة للطاقة لتدفئة المنازل وتشغيل المصانع، ويبدو أن ذلك ليس الأمر الوحيد الذي يجب أن يقلق الناس حياله، حسبما قال ريسلي.

ويرى ريسلي أن هناك حربًا أخرى يجب إدراكها، وهي الحرب التي يخوضها العالم مع تغير المناخ، مستشهدًا بالأحوال الجوية القاسية، مثل الحرائق والجفاف وموجات الحر الشديدة.

وقال: "نحن نعلم أننا نخسر الحرب ضد المناخ، وسيساعد مشروعه في تعويض انبعاثات الكربون".

وأضاف أن مواصلة تعطيل المشروع تعني زيادة الانبعاثات من السيارات والشاحنات والعبّارات وغيرها، والتأثير في المناخ.

على الجانب الآخر، وصف وزير الموارد الطبيعية بمقاطعة نيوفندلاند، أندرو بارسونز، اتفاقية كندا وألمانيا بأنها رمزية، ورغم أنه لم يطّلع على كل تفاصيل مذكرة التفاهم الفيدرالية، يأمل أن يزور رجال الأعمال الألمان المقاطعة للتأكيد أنها تفتح ذراعيها للاستثمارات.

وقال، إن المقاطعة تمتلك موقعًا مميزًا وأفضل الموارد، ما يضعها في الصدارة، مؤكدًا أنها تحظى باهتمام العديد من الشركات لتطوير طاقة الرياح منذ رفع الحظر عن توربينات الرياح البرية في نيوفندلاند ولابرادور في أبريل/نيسان (2022)، والذي كان ساريًا منذ عام 2007.

وتشتهر مقاطعة نيوفندلاند ولابرادور بمشروعات واحتياطيات نفطية بحرية، إلّا أن الإنتاج من طاقة الرياح والهيدروجين لن يتفوق على هذا القطاع في أيّ وقت قريب، حسب تصريحات بارسونز.

وقال: "بالنظر إلى العديد من الموارد المتجددة وغير المتجددة التي تزخر بها المقاطعة، أعتقد أن ذلك يبشّر بالخير".

ماذا عن أزمة نورد ستريم 1؟

لم يخلُ المؤتمر الصحفي، الذي عُقد في مونتريال، من الحديث عن أزمة توربين نورد ستريم 1، الذي عاد إلى ألمانيا في شهر يوليو/تموز (2022).

وتورطت كندا في الأزمة بسبب خضوع التوربين للصيانة في منشأة تابعة لشركة سيمنس على أرضها، إذ أدت العقوبات المفروضة على صناعة النفط والغاز الروسي منذ مارس/آذار (2022) إلى صعوبة إعادته.

وفي النهاية، وافقت كندا على إعفاء 6 توربينات تابعة لنورد ستريم من المقرر إصلاحها من قبل شركة سيمنس كندا.

وقال ترودو، إن حكومته اتخذت قرارًا صعبًا بإعادة تلك التوربينات، محاولةً سدّ باب الذرائع أمام روسيا، التي تستخدم الطاقة سلاحًا ضد أوروبا.

وعقّبت سفيرة أوكرانيا في كندا، يوليا كوفاليف، على ذلك، بأنها أخبرت لجنة برلمانية خلال شهر يوليو/تموز (2022) أن إلغاء العقوبات المفروضة على التوربين يمثّل سابقة خطيرة، مسلّطةً الضوء على الثغرات في نظام العقوبات ضد روسيا.

وأبلغت اللجنة أنه حتى هذه الخطوة، لم تسفر عن عودة تدفقات الغاز إلى أوروبا.

وكانت شركة غازبروم الروسية قد ألقت باللوم على العقوبات الغربية في انخفاض إمدادات الغاز إلى أوروبا، ورفضت ألمانيا هذه الحجج، مؤكدةً عودة أحد التوربينات واستعدادها لتسليمه للشركة.

وقال المستشار الألماني، أولاف شولتس، إن روسيا لم تطلب بعد التوربين، والموجود -حاليًا- في ألمانيا-، وأظهرت المزاعم الروسية بشأن عرقلة الإمدادات بسبب المشكلات الفنية أنها مجرد خدعة.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق