رئيسيةالتغير المناخيالتقاريرتقارير التغير المناخيتقارير منوعةروسيا وأوكرانيامنوعات

صراع الفحم والأهداف البيئية.. السندات الخضراء قد تكون "حلًا سحريًا" للشركات الأوروبية

هبة مصطفى

رغم أن العودة الأوروبية إلى الفحم "مؤقتة"، ومدفوعة بتلبية الطلب المُلّح على الكهرباء والتدفئة، في ظل غياب إمدادات الطاقة الروسية، وقبيل فصل الشتاء، غير أنها شكّلت تحديًا أمام إمكان استثمارات الشركات.

وغالبًا ما يؤدي تقييم الشركات تبعًا لمعايير الحوكمة البيئية دورًا مهمًا لتعزيز استثماراتها، لا سيما المتعلقة بالاستدامة، وتخشى شركات عدّة تأثير عودتها إلى الوقود الملوث في جذبها للاستثمارات.

وتأخذ الشركات على عاتقها تقديم الدلائل والبراهين التي تؤكد تمسّكها بالخطط والأهداف المناخية، وأن العودة إلى الفحم ما هي إلّا خطوة تهدف لتوفير إمدادات بديلة للواردات الروسية التي تشهد اضطرابًا، وفق تحليل نشرته رويترز، أمس الثلاثاء 26 يويو/تموز.

وسارعت شركات لإعلان التزامها بمسارات الحياد الكربوني، في حين فضّلت شركات أخرى اللجوء إلى السندات الخضراء بصفتها حلًا سحريًا يضمن استمرار تقييماتها في حالة اتّساق مع معايير الحوكمة البيئية، بحسب ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

الفحم بديل للغاز الروسي

تنظر الشركات الأوروبية لاضطرارها العودة إلى الفحم وقودًا بديلًا للغاز الروسي، بصفته خطوة تهدد تقييماتها وفق معايير الحوكمة البيئية.

ويشكّل هذا التحدي عودة إلى الوراء لتلك الشركات، إذ يُدخلها في دائرة صراع لإقناع المستثمرين المنحازين لمبادئ الاستدامة بأن العودة للوقود الملوث ما هي إلّا خطوة مؤقتة.

الفحم
عمليات تعدين في منجم فحم - الصورة من (Bloomberg)

ومن جانب آخر، تمسَّك مستثمرون بعدم التخلي عن شروطهم البيئية المنحازة لأهداف الحياد الكربوني وخفض الانبعاثات بحلول منتصف القرن (2050)، وتعهدوا بمواصلة استخدام المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة طبقًا لمؤشر "إم إس سي آي" للأسواق الناشئة.

وتثير العودة إلى الفحم مخاوف المستثمرين المهتمين بالشؤون البيئية، وكذلك يزيد معدل التقييم السلبي للشركات، كون الانبعاثات الكربونية الناجمة عن عمليات حرق الوقود الملوث تفوق النفط والغاز.

وتسير التوقعات في اتجاه استمرار أزمة الطاقة الأوروبية، لمدة ليست بالقليلة، دون حلول واضحة لبدائل الغاز الروسي، لكن آفاق مدى تمسّك المستثمرين، وكذلك الشركات بمعايير الحوكمة البيئية ما زالت ضبابية.

حلول الشركات الأوروبية

في ظل غياب تدفقات الغاز الروسي، اضطرت شركات أوروبية لإعادة استهلاك الوقود الملوث بمعدلات أكبر، وكانت شركة لانكسيز الألمانية لتصنيع الكيماويات من المبادرين لتلك الخطوة، رغم تأثير استخدامه في بصمتها الكربونية.

وبررت ذلك بأن الخيارات أمامها كانت ضئيلة لضمان عدم إغلاق المحطات وفقد الكثيرين وظائفهم، وهو عامل مهم -أيضًا- لها لضمان تقييم طبقًا للمعايير الاجتماعية.

وكان لمرفق الكهرباء الإيطالي "إينل" مسار آخر، إذ اهتمت بإصدار سندات متعلقة بأداء الاستدامة العام، وهي سندات من شأنها توفير التمويل اللازم للمشروعات البيئية.

وبصورة إجمالية، تواجه تلك السندات، الآونة الأخيرة، مشكلات تتعلق باحتمال رفع سعر الفائدة والركود الاقتصادي للأسواق.

ورغم أن شركة الكهرباء الألمانية "آر دبليو إي" اعتادت إصدار السندات الخضراء في وقت سابق، فإن مسؤوليها أعلنوا الشهر الماضي الاضطرار لاستهلاك الفحم لتعويض نقص الغاز، وتمسّكت في الوقت ذاته بإستراتيجية توسعات الطاقة المتجددة والهيدروجين، التي لاقت ترحيب المستثمرين.

كما أعلنت شركة أوروبيس "أكبر منتجي النحاس في أوروبا" أنه رغم تداعيات العودة قصيرة الأجل إلى الوقود الملوث، فإن أهدافها تجاه التخلص من الكربون ما زالت قائمة.

الغاز الروسي

التقييمات البيئية وانحياز المستثمرين

اختلف الأمر لدى المحللين والمستثمرين عن توجّه الشركات، إذ اقترح مهتمون بالشأن البيئي حلولًا قد تسهم في تخطّي العقبة المؤقتة والتأثير السلبي للوقود الملوث.

وأوضح المدير التنفيذي لأبحاث استثمارات تغير المناخ بشركة "إم إس سي آي" لمؤشر الأسواق الناشئة، سيلفين فانستون، أن الاتفاق حول التزام جديد يمكنه إحداث توازن ما بين التزام الشركات الأوروبية بخططها المناخية، وبين رغبة المستثمرين في ضمان تنفيذ معايير الحوكمة البيئية، أمر جيد.

ورأى فانستون أن الالتزام المتوازن المقترح يجنّب الشركات مأزقًا محتملًا، في ظل تراجع تقييماتها، بعد زيادة معدل استهلاك الوقود الملوث، ومعدل انبعاثاتها أيضًا.

وقال المسؤول عن مخاطر المناخ في وكالة فيتش المستدامة، ديفيد ماكنيل، إن السندات الخضراء تؤخذ بالحسبان خلال تقييمات مرافق الكهرباء والشركات.

ومن جانب آخر، أكد مستثمرو شركات (أكسا لإدارة الاستثمارات، وأليانز غلوبال، وزيورخ للتأمين) عدم تأثير الحرب الأوكرانية في التزامهم بالخطط المناخية والتخلي عن الفحم، رغم أن أصولهم مجتمعة تبلغ 1.8 تريليون دولار.

وأوضح المسؤول عن استثمارات الحوكمة البيئية والاجتماعية بأصول موندريان، أليكس سيمكوكس، أن أهداف التخلص من الكربون تتناقض مع العودة الاضطرارية إلى الوقود الملوث، وإلحاح اعتبارات أمن الطاقة.

واستدرك في الوقت ذاته، مشيرًا إلى أن دفع توقّف إمدادات الغاز الروسي نحو العودة إلى الوقود الملوث وتوليد الكهرباء منه قد يكون حلًا واقعيًا بصورة مؤقتة.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق