تقلبات أسعار النفط وعوامل التباطؤ الاقتصادي (مقال)
فاندانا هاري – ترجمة: نوار صبح
- قفز خام برنت وكذلك العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط خارج المنطقة الهابطة.
- قطاع الغاز الأوروبي يعاني تقلص صادرات خطوط الأنابيب الروسية طوال أسابيع.
- أدى استئناف تدفقات الغاز عبر نورد ستريم 1 إلى تهدئة أسواق الغاز الأوروبية.
- شحنات خط أنابيب نورد ستريم 1 قد تنخفض إلى 20% من طاقتها.
- تتجه أوروبا إلى استخدام المزيد من الفحم لإنتاج الكهرباء.
شهد الأسبوع الماضي موجة جديدة من تفادي المخاطرة، أدت إلى هبوط أسعار النفط، وأعقبها انتعاش محدود في عمليات شراء الأسهم بأسعار منخفضة وكانت النمط السائد في العقود الآجلة لخامي برنت وغرب تكساس الوسيط منذ منتصف يونيو/حزيران.
وحفز استمرار المخاوف والتكهنات بشأن تأثير اقتراب التباطؤ الاقتصادي العالمي، دور عوامل المخاطرة الأساسية؛ حيث تفاقمت أحجام التداول الضعيفة نسبيًا بسبب مدة الهدوء خلال العطلة الصيفية، وعززت تقلبات الأسعار.
في المقابل، استمر انتعاش أسعار النفط، يوم الجمعة 15 يوليو/تموز، في وقت مبكر من الأسبوع؛ حيث قفز خام برنت وكذلك العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط خارج المنطقة الهابطة.
على الرغم من ذلك، اتجه كلا الخامين القياسيين في مسارين متباينين، جرّاء تراجع خام غرب تكساس الوسيط أمام خام برنت.
وأدى الانخفاض الأسبوعي الثالث على التوالي إلى تراجع سعر الخام الأميركي إلى أدنى مستوياته في 15 أسبوعًا عند 94.70 دولارًا للبرميل، في حين أغلق خام برنت على ارتفاع طفيف على مدار الأسبوع عند 103.20 دولارًا.
ويمثل التطوران المهمان على صعيد العوامل الأساسية في انخفاض بنسبة 15% في صادرات الخام الكندية إلى الولايات المتحدة إلى 590 ألف برميل يوميًا عبر خط أنابيب كيستون، وبوادر زيادة الإنتاج في ليبيا إلى 1.2 مليون برميل يوميًا بحلول نهاية الشهر.
وبدا أن هذين التطورين يلغي كل منهما الآخر؛ حيث لم يكن لأي منهما تأثير كبير في معنويات السوق.
أزمة الغاز الأوروبية
تركزت المخاوف والإشاعات في أسواق الطاقة العالمية بقطاع الغاز الأوروبي، الذي يعاني ضغوطًا متزايدة طوال أسابيع من تقلص صادرات خطوط الأنابيب الروسية.
وبدأ القادة الأوروبيون في وضع خطط طوارئ مع التركيز على موسم الشتاء القاسي المقبل الذي يرتفع فيه الطلب.
وقد استأنفت روسيا تدفقات الغاز عبر خط أنابيب نورد ستريم 1 إلى ألمانيا، يوم الخميس 21 يوليو/تموز بعد الانتهاء من أعمال الصيانة التي استمرت 10 أيام.
وبلغت الصادرات 40% من سعة خط الأنابيب البالغة 55 مليار متر مكعب/سنويًا (نحو 5.3 مليار قدم مكعبة/يوميًا)، وهي المستويات نفسها التي كانت موجودة قبل توقف الخط.
وأدى استئناف التدفقات عبر خط الأنابيب إلى بعض التهدئة والارتياح في أسواق الغاز الأوروبية التي شهدت حالة قلق شديد خوفًا من أن خط أنابيب نورد ستريم 1 قد لا يستأنف الضخ على الإطلاق.
علاوة على ذلك، لم يهدئ استئناف التدفقات من التوترات المتزايدة بشأن روسيا؛ ما أدى إلى مزيد من خفض إمدادات الغاز ودخول القارة في فصل الشتاء بمخزونات غاز دون المستوى الأمثل.
وقطعت روسيا، أو قلصت، إمدادات الغاز عن 12 دولة في الاتحاد الأوروبي في الأسابيع الأخيرة.
أسعار الغاز
من ناحية ثانية، ارتفعت العقود الآجلة للغاز القياسي الأوروبي في مؤشر "تي تي إف" الهولندي المتداولة في بورصة إنتركونتيننتال بشكل مطرد خلال النصف الثاني من الأسبوع.
واستقرت تلك العقود الآجلة عند 159.86 يورو لكل ميغاواط/ساعة (47.79 دولارًا/مليون وحدة حرارية بريطانية أو المكافئ النفطي بنحو 277 دولارًا للبرميل) يوم الجمعة 22 يوليو/تموز.
بدوره، حذّر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، خلال الأسبوع، من أن شحنات خط أنابيب نورد ستريم 1 قد تنخفض إلى 20% من طاقتها إذا لم يعد توربين آخر لضخ الغاز، من المقرر إرساله للصيانة في 26 يوليو/تموز، في الوقت المناسب.
تجدر الإشارة إلى أن شركة سيمنس إنرجي في كندا تقوم بصيانة توربينات الغاز، وأصبحت عملية الصيانة تثير تساؤلات بشأن ما إذا كانت تنتهك العقوبات الغربية ضد روسيا.
ودعا الاتحاد الأوروبي، يوم الأربعاء 20 يوليو/تموز، الأعضاء إلى خفض استهلاك الغاز طواعية بنسبة 15% مقارنة بمتوسط السنوات الـ5 الماضية بين 1 أغسطس/آب و31 مارس/آذار.
وتستهلك أوروبا عادة نحو 35 مليار قدم مكعبة/يوميًا من الغاز خلال أشهر الصيف وما يزيد على 80 مليار قدم مكعبة/يوميًا خلال فصل الشتاء.
خفض الاستهلاك
من المتوقع أن يناقش وزراء الطاقة في الاتحاد الأوروبي خطة الخفض الطوعي لاستهلاك الغاز في الأسبوع المقبل.
ويبدو أن الاتحاد الأوروبي مستعد لمواجهة تحديات في الحصول على موافقة جميع الدول الأعضاء البالغ عددها 27 دولة.
فقد تراجعت إسبانيا والبرتغال وإيطاليا والمجر واليونان والدنمارك وهولندا عن الفكرة، إما بذريعة أنها بحاجة إلى مزيد من الوقت للتداول، وإما أنهم لا يستطيعون تحمل تداعيات هذه الخطوة.
بصرف النظر عن اتخاذ تدابير للحفاظ على الغاز والكهرباء، تتجه أوروبا إلى استخدام المزيد من الفحم لإنتاج الكهرباء، وإذا لزم الأمر، ستطلب من محطات توليد الكهرباء والمستهلكين الصناعيين التحول من الغاز إلى النفط حيثما أمكن ذلك.
وعلى الرغم من أن النفط قد يجد طلبًا متزايدًا باعتباره وقودًا بديلًا في أوروبا، يبدو أن أسعار النفط لا تتأثر مباشرة بذلك.
وقد يعود الأمر إلى زيادة ملحوظة في الطلب على النفط حتى الآن، وإلى توقعات بتباطؤ حاد في النشاط الاقتصادي الأوروبي والإنتاج الصناعي في الأشهر المقبلة.
ونتوقع أن يستمر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في استخدام اعتماد الاتحاد الأوروبي الكبير على الغاز الروسي لمعاقبة دول الاتحاد، وإضعاف دعمها لأوكرانيا وإجبارها على التراجع عن عقوباتها ضد موسكو.
تدفقات النفط الروسي
لم يُلاحظ تحول جديد في سياسة الاتحاد الأوروبي، يوم الخميس 21 يوليو/تموز الجاري، بشأن العقوبات المفروضة على روسيا.
ومثّلت تلك العقوبات تطورًا مهمًا للشركات الرئيسة مثل فيتول وترافيغورا وغلينكور وغونفور، ومستوردي النفط في الصين والهند، والدول خارج الاتحاد الأوروبي ومجموعة الـ7 التي تتطلع إلى شراء المشتقات النفطية الروسية.
وبناءً على مجموعة من الاستثناءات من العقوبات الحالية التي تم تبنيها في 21 يوليو/تموز، سيسمح الاتحاد الأوروبي للشركات والمؤسسات بالدخول في معاملات مع الشركات المملوكة للدولة في روسيا لتوريد النفط والمشتقات النفطية إلى دول ثالثة.
بموجب لائحة تم تبنيها في 15 مارس/آذار، فرض الاتحاد الأوروبي حظرًا شاملًا على المعاملات المباشرة أو غير المباشرة مع عشرات الشركات الروسية المملوكة للدولة.
ودعت اللائحة، التي حظرت التعامل مع شركات روسنفط وترانسنفط وغازبروم نفط الروسية، إلى مواصلة مقاطعة تلك الشركات إلى ما بعد 15 مايو/أيار "ما لم يكن ذلك ضروريًا للغاية" لتزويد الاتحاد.
ودفع الحظر الأوروبي الشركات التجارية المذكورة إلى التوقف عن توريد النفط الروسي إلى دول ثالثة.
واستُبدِلَت بسرعة بشركات تجارية خاصة صغيرة وغير معروفة أنشئت لبيع كميات النفط الروسي المتزايدة التي تشتريها الصين والهند من خلال السوق الفورية.
يبقى أن نرى ما إذا كان الاستثناء الأخير سيدفع التجار العالميين للعودة إلى دائرة النفط الروسية.
وقد يؤدي فرض حظر على شركات الاتحاد الأوروبي من تقديم الخدمات المالية والتأمينية لشحنات النفط الروسية إلى دول ثالثة، الذي من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ في نهاية هذا العام، إلى استبعادها؛ ما لم يُلغَ هذا الحظر.
* فاندانا هاري، مؤسِّسة مركز "فاندا إنسايتس" المعني بأسواق الطاقة.
اقرأ أيضًا..
- أسعار النفط ومخاوف الركود واضطراب العرض في السوق العالمية (مقال)
- أسعار النفط ستواصل الارتفاع لهذه الأسباب.. وروسيا ليست الدافع الوحيد (مقال)