الادعاء بأن حرق الوقود الأحفوري وراء موجات الحر الشديدة "هستيريا مناخية" (مقال)
مارك ماثيس – ترجمة نوار صبح
- مروّجو الأهوال المناخية الواثقون بأنفسهم يقولون أن موجة الحر هذه ليست سوى البداية.
- طور البشر العديد من الإستراتيجيات والتقنيات لمساعدة أنفسهم على البقاء.
- لا توجد طريقة للاستغناء عن النفط والغاز الطبيعي والفحم بسرعة كافية لإنقاذ أنفسنا.
- موجات الحر الشديدة في أميركا حدثت قبل الانتشار الواسع للوقود الأحفوري.
- الاستغناء عن النفط والغاز الطبيعي والفحم مسألة تستغرق وقتًا طويلاً.
يعزو مروّجو الهستيريا المناخية اشتداد موجات الحَرّ، التي تُعدّ حارقة في ولاية تكساس الأميركية، إلى حرق الوقود الأحفوري.
واستمرت درجات الحرارة في ولاية تكساس تجاوز معدّل 100 درجة فهرنهايت (37.78 مئوية) لمدّة شهر، دون أن تلوح في الأفق بوادر لتراجعها، كما ارتفعت درجات الحرارة بجزء كبير من الولايات المتحدة.
وأعلنت المملكة المتحدة حالة الطوارئ في البلاد في 15 يوليو/تموز جرّاء موجات الحر، وبدَورها، تعاني إسبانيا والبرتغال واليونان وفرنسا وإيطاليا وألمانيا كذلك من ارتفاع درجات حرارة الطقس وحرائق الغابات اللاحقة.
الترويج للأهوال المناخية
شاهد متابعو وسائل التواصل الاجتماعي المهتمون بشؤون الطاقة، منشورات متواصلة لمروّجي الأهوال المناخية – الواثقون بأنفسهم- تفيد أن موجة الحر هذه ليست سوى البداية.
وتُظهر إحدى الرموز والشعارات الرائجة على شبكة الإنترنت "الميمات" شخصية بارت سيمبسون، من مسلسل الرسوم المتحركة الساخر "عائلة سيمبسون"، وهو يشكو من أن فصل الصيف هذا كان الأكثر سخونة في حياته.
في إطار ثانٍ، يقول والد بارت سيمبسون، هومر سيمبسون: "إن هذا هو أبرد صيف في بقية حياتك!"
لقد ضاعت سخرية "الميم" على الشخص الذي يصف نفسه بـ "المُحاوِر العلمي" الذي نشره، وكما يعلم الجميع، فإن شخصية هومر سيمبسون تتصف بالحماقة.
لستُ مهتمًا كثيرًا بمناقشة السبب العلمي وراء تغير المناخ الكارثي الذي يسبّبه الإنسان، إذ تخرج الفكرة عن إطار النقاش.
وأعني أن الموضوع مستقطب وموجّه لدرجة أن هناك فرصة ضئيلة لإقناع أيّ شخص بالتفكير في وجهة نظر دقيقة.
لذلك ينصبّ اهتمامي على اللامنطقية الشاملة للفكرة والرسالة نفسها.
إنتاج الطاقة للدفاع عن الكوكب
إذا افترضنا أن الكوكب يشهد تغيرًا مناخيا (من صنع الإنسان أو طبيعي) من شأنه أن يهدد وجودنا ذاته، فما هو أفضل دفاع لنا ضد هذا التغيير الشديد الحاصل حاليًا؟
توجد طريقة واحدة فقط للتعامل مع هذا الظرف البائس، وهي أننا بحاجة إلى إنتاج الكثير من الطاقة!
وتُعدّ الطاقة هي أفضل وسيلة دفاع لدينا، وهي الوحيدة لمواجهة الكوارث الطبيعية في كوكب يريد لنا أن نموت.
نعم، فإن كل شيء طبيعي، بما في ذلك الحيوانات البرية والفيروسات والظواهر الجوية القاسية وما إلى ذلك، مصمّم لقتل الضعيف وإضعاف الأقوياء.
بمرور الوقت، طوّر البشر العديد من الإستراتيجيات والتقنيات لمساعدة أنفسهم على البقاء على قيد الحياة في هذا الكوكب المعادي.
ويتمثل القاسم المشترك لهذه الإستراتيجيات والتقنيات في الطاقة.
خلال الـ 150 عامًا الماضية، أنشأنا عالَمًا معتمِدًا على موارد قائمة على الكربون، وعلى افتراض أن استغناء عالمنا عن النفط والغاز الطبيعي والفحم ممكن، فسوف يستغرق الأمر وقتًا طويلًا.
ونحن لا نتحدث عن سنوات، أو حتى عقود، بل قرن أو أكثر.
ولم نكتشف حتى الآن أيّ مورد، أو نخترع أي تقنية، يمكن أن تحلّ محلّ الوقود الأحفوري على نطاق هادف وبنّاء.
بناءً على ذلك، تُعدّ حجج دعاة حماية المناخ واهية وغير منطقية، وتندرج في إطار الحملات الترويجية.
وعلى افتراض أن التهديد من تغيّر المناخ كان شديدًا -كما يقولون-، وكان ناتجًا عن حرق الوقود الأحفوري -كما يصرّون-، فلا توجد طريقة للاستغناء عن النفط والغاز الطبيعي والفحم بسرعة كافية لإنقاذ أنفسنا.
وعلى الرغم من هذه الحقيقة التي لا يمكن دحضها، فإن الإستراتيجية الفريدة التي يروّج لها المدافعون عن المناخ هي الإصرار على أن يقلل البشر بسرعة من استخدام موارد الطاقة، التي ستدعمنا لمدة كافية لإيجاد حلول طويلة المدى.
إنهم يرفضون لسبب غامض الاعتراف بأن تدمير الاقتصاد وسبل العيش لن يؤدي إلى تسريع أيّ تقدّم نحو أسلوب حياة جديد تمامًا، كما إن رفضهم هذا يعود بنتائج عكسية.
كما رأينا مؤخرًا في انهيار سريلانكا، فإن الزعماء الوطنيين الذين يتجاهلون واقع الطاقة يتسبّبون في جوع شعوبهم بسرعة، ثم يضطرون للتخلّي عن السلطة.
في المقابل، تركّز النخب الغربية على تغير المناخ، لكن الدول النامية في الصين والهند وإندونيسيا والقارّة الأفريقية، التي تشهد معدلات كبيرة في النمو السكاني، تكثذف من استخدامها للوقود الأحفوري بأسرع ما يمكن.
وتتشدّق الصين والهند أحيانًا بالكلمات بشأن القلق لتغير المناخ، لكن لا مصلحة لهما في تقليل استخدامهما للطاقة فعليًا.
ولم يكن القادة الصينيون والهنود بحاجة إلى رؤية انهيار سريلانكا أو ثورات المزارعين في هولندا ليعرفوا أن الطاقة هي المورد الرئيس للازدهار.
تعامل وسائل التواصل الاجتماعي مع موجات الحَرّ
خلال هذه الموجة الحارة "المحطمة للأرقام القياسية"، رأيت شيئًا آخر في وسائل التواصل الاجتماعي، جعلني أضحك ضحكة مكتومة وأهزّ رأسي.
إنه مقطع فيديو بُثَّ في عام 1978، واستضافه المخرج الأميركي ليونارد نيموي في مسلسل ستار تريك الشهير.
يقول نيموي: "إن ما يخبرنا به العلماء الآن هو أن خطر العصر الجليدي ليس بعيدًا كما كانوا يعتقدون من قبل".
ويضيف أنه، خلال حياة أحفادنا، يمكن لبرودة القطب الشمالي والثلوج الدائمة تحويل معظم الأجزاء الصالحة للسكن من الكوكب إلى صحراء قطبية.
وقد ظهرت توقعات بأهوال العصر الجليدي لنيموي قبل 34 عامًا.
قبل 4 عقود من ذلك، كانت الولايات المتحدة تعاني من العقد شديد الحرارة في ثلاثينيات القرن الماضي، وهو الأكثر سخونة منذ بدء تسجيل درجات الحرارة.
لم يكن صيفًا حارًا واحدًا، بل عقدًا من موجة بعد موجة الجفاف وحرارة الصيف الشديدة، وحدث هذا قبل الانتشار الواسع للوقود الأحفوري.
خلاصة القول
يتمثل الدرس المستفاد هنا في أن تنبؤات الأهوال المناخية شائعة مثل الظواهر الجوية المتطرفة.
سيكون لدى مروِّجي الأهوال المناخية مصداقية كبيرة إذا أظهروا تواضعًا بشأن ما "يعرفونه"، وإذا كانت إستراتيجيتهم للتعامل مع الأهوال الوشيكة منطقية.
وسيكون من المفيد أيضًا أن يكونوا على صواب.
* مارك ماثيس، مؤلف وصانع أفلام وثائقية متخصص في شؤون الطاقة.
اقرأ أيضًا..
- أمين عام أوابك يكشف لـ"الطاقة" توقعاته لأسعار النفط ودور أوبك+
- إعلان أرقام ضخمة لحقل غاز أنشوا المغربي قبل بدء الإنتاج المرتقب
- وكالة الطاقة الدولية تتوقع تباطؤ نمو الطلب على الكهرباء خلال 2022