الطقس الحار يعطّل إنتاج الطاقة النووية في فرنسا ويهدد إمدادات أوروبا
وشركة الكهرباء الفرنسية تفرض قيودًا على إنتاج محطة غولفيتش
هبة مصطفى
تؤدي موجات الحرارة المرتفعة إلى اضطراب إمدادات الطاقة النووية في فرنسا، فيما يبدو أن سيناريو انقطاع الكهرباء وارتفاع أسعارها لم يعد يهدد القارة الأوروبية خلال فصل الشتاء فقط.
وتلقي موجة ارتفاع درجات الحرارة، الأسبوع الجاري، بظلالها على القارة العجوز وسط توقعات بزيادة أسعار الكهرباء رغم أزمة الطاقة الأسوأ منذ عقود طويلة التي تعانيها بلدان القارة، بعدما شهدت إمدادات الغاز الروسي اضطرابًا عقب الغزو الروسي لأوكرانيا وخضوع موسكو لعقوبات غربية.
ومن جانب آخر، تعتزم فرنسا خفض إنتاج الكهرباء من أسطول المفاعلات النووية، ما يزيد من حدة الأمر ويؤثر في أسعار الكهرباء معززًا ارتفاعها، وفق ما نشرته وكالة بلومبرغ، اليوم الثلاثاء 12 يوليو/تموز.
ويأتي ذلك في حين سجّل مؤشر أسعار الكهرباء الفرنسية، اليوم الثلاثاء، أعلى مستوياته منذ 3 أبريل/نيسان الماضي، إذ دفع ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض الرياح إلى التأثير في إنتاج الكهرباء النووية وتداولها عند مستوى 432.43 يورو لكل ميغاواط/ساعة.
(1 يورو = 1 دولار أميركي)
أسعار الكهرباء وانتظام الإمدادات
يرتبط إنتاج الكهرباء عبر الطاقة النووية في فرنسا بدرجات الحرارة، وأوضحت شركة الكهرباء الفرنسية "إليكتريسيتي دو فرانس" أن ارتفاع درجة حرارة نهر غارون قد تفرض قيودًا على إنتاج محطة غولفيتش للطاقة النووية بداية من بعد غدٍ الخميس.
ووفق بيانات الجهات المختصة، ترتفع درجات الحرارة بفرنسا ومنطقة أيبيريا أعلى من متوسط معدلات الأيام الـ5 المقبلة، لتسجل المزيد من الارتفاعات الأسبوع المقبل أيضًا.
وتُلزم قواعد البلاد شركة الكهرباء الفرنسية بخفض إنتاج الكهرباء أو وقفه من الطاقة النووية لدى ارتفاع درجات حرارة النهر إلى مستويات محددة، نظرًا إلى اعتبارات بيئية تتعلق بمياه تبريد المحطات.
وفي غضون ذلك، كانت شركة الكهرباء الفرنسية قد حذرت الشهر الجاري من انقطاع الإنتاج، وهي خطوة تشكل تحديًا جديدًا أمامها، لا سيما أنها تضم 56 مفاعلًا تعمل بنصف طاقتها نظرًا إلى أعمال الصيانة، في الوقت الذي يُعد فيه إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية في فرنسا مصدرًا حيويًا لإمدادات الكهرباء إلى أوروبا بالكامل.
- الطاقة النووية في فرنسا تقوّض مسعى أوروبا للاستغناء عن الإمدادات الروسية
- الطاقة النووية.. فرنسا تعلن إستراتيجية جديدة تستهدف بناء 6 مفاعلات
وقُدّر إنتاج الطاقة النووية في فرنسا للعام الجاري بأنه سيكون الأقل منذ 30 عامًا، ما يُلزم الدول الأوروبية المجاورة بضرورة البحث عن بدائل للحفاظ على إمدادات الكهرباء.
زيادة الطلب
تُشير توقعات هيئات الطقس إلى تسجيل باريس درجات حرارة تصل إلى 35 درجة مئوية غدًا الأربعاء، وترتفع الأسبوع المقبل بالبلاد إلى ما يقارب 38 درجة مئوية، في حين تقفز إلى 41.5 درجة مئوية بالعاصمة الإسبانية مدريد.
وفي الوقت الذي تدفع خلاله موجة الحرارة المرتفعة نحو اضطراب إنتاج محطة غولفيتش للطاقة النووية في فرنسا، تتسبب أيضًا في زيادة الطلب على الكهرباء لتشغيل أجهزة تبريد الهواء للملايين من المنازل والمكاتب والمصانع التي تعاني ارتفاع الحرارة.
وقد يؤدي زيادة الطلب على الكهرباء إلى الضغط على النظام والشبكات بالتزامن مع إغلاق محطات عدة التزامًا بأعمال الصيانة السنوية الدورية.
- لتجنب اضطراب إمدادات الكهرباء.. فرنسا تدرس استيراد 11 غيغاواط الأسبوع الجاري
- الوقود الأحفوري يتصدر مصادر توليد الكهرباء في أوروبا خلال 2021
ويتزامن اضطراب إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية في فرنسا مع تعثر إنتاج طاقة الرياح في ألمانيا التي تُوصف بأنها الأكبر أوروبيًا، إذ تولد المزيد من الإمدادات بالاستفادة من أوقات الطقس العاصفة وتعمل على خفض الأسعار.
وعلى النقيض، تركز ألمانيا بقوة على توليد الكهرباء من محطات الكهرباء العاملة بالفحم والغاز الطبيعي في حال تعثر إنتاج طاقة الرياح الذي سجل صباح اليوم الثلاثاء ما دون 3 غيغاواط مقارنة بنحو 50 غيغاواط كانت قد سُجلت في فبراير/شباط الماضي.
فرنسا وإمدادات أوروبا
تحظى الطاقة النووية في فرنسا بحصة قدرها 70% من مزيج الكهرباء، وهو المعدل الأعلى عالميًا، غير أن تلك الصناعة باتت محاصرة بعوامل ضعف عدة، من ضمنها تهالك المعدات القديمة بالمحطات النووية وموجات الحرارة المرتفعة التي تعرقل عمليات تبريد المفاعلات القديمة.
وبدلًا من تقديم الطاقة النووية في فرنسا دعمًا للإمدادات المحلية ولأوروبا بالكامل، أصبحت فواتير الكهرباء تقفز إلى مستويات قياسية أضافت إلى التضخم الذي أعقب الغزو الروسي لأوكرانيا أعباء جديدة.
وتعاني شركة الكهرباء الفرنسية في الوقت ذاته ديونًا بلغت 43 مليار يورو، بجانب عدم جاهزية أسطولها من مفاعلات الطاقة النووية (البالغ 56 مفاعلًا) للعمل بكامل طاقته لتعويض نقص الكهرباء الأوروبية.
وتسهم الطاقة النووية من 12 دولة أوروبية بما يقدر بنحو "ربع" إمدادات الكهرباء بالقارة، تستحوذ فرنسا وحدها على نصف هذا المعدل.
اقرأ أيضًا..
- إنتاج أوبك النفطي يرتفع 234 ألف برميل يوميًا في يونيو
- الطاقة الكهرومائية في أفريقيا.. نمو متواضع رغم الإمكانات الهائلة (تقرير)
- هل يفي النفط السعودي بحصة أوبك+؟ مسؤول سابق يجيب
- النفط القازاخستاني ينجو من حكم قضائي روسي.. واستئناف الصادرات بعد دفع الغرامة