التقاريرتقارير الطاقة النوويةتقارير الكهرباءروسيا وأوكرانياسلايدر الرئيسيةطاقة نوويةكهرباء

الطاقة النووية في فرنسا تقوّض مسعى أوروبا للاستغناء عن الإمدادات الروسية

نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • • شركة كهرباء فرنسا تواجه مشكلة التآكل الناجم عن الإجهاد داخل المحطات النووية
  • • ارتفاع حرارة الطقس يجعل من الصعب تبريد المفاعلات القديمة
  • • حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون ألمحت إلى احتمال تأميم شركة كهرباء فرنسا
  • • يأتي ربع توليد الكهرباء في أوروبا من الطاقة النووية في نحو 12 دولة
  • • صناعة الطاقة النووية الفرنسية عانت نقص الاستثمارات الجديدة لعقود من الزمن

تراهن فرنسا على محطات الطاقة النووية للتغلب على أزمة طاقة وشيكة، في الوقت الذي تبذل فيه أوروبا جهودًا حثيثة للاستغناء عن النفط والغاز الروسيين، في أعقاب حرب موسكو على أوكرانيا.

يأتي ذلك في وقت توفر فيه الطاقة النووية نحو 70% من كهرباء فرنسا، وهي حصة أكبر من أي دولة أخرى في العالم.

لكن الصناعة النووية دخلت في أزمة كهرباء غير مسبوقة، إذ تواجه شركة كهرباء فرنسا (إي دي إف) مشكلات تتراوح بين التآكل الناتج عن الإجهاد داخل المحطات النووية وارتفاع حرارة الطقس التي تجعل من الصعب تبريد المفاعلات القديمة.

وأدى انقطاع التيار الكهربائي في شركة كهرباء فرنسا، أكبر مصدر للكهرباء في أوروبا، إلى انخفاض إنتاج الطاقة النووية في فرنسا إلى أدنى مستوى له منذ ما يقرب من 30 عامًا، حسبما نشرت صحيفة نيويورك تايمز (nytimes) الأميركية في 18 يونيو/حزيران الجاري.

تداعيات انخفاض إنتاج الطاقة النووية

الطاقة النووية
مجمع شينون للطاقة النووية في فرنسا - الصورة من رويترز

أدى انخفاض إنتاج الطاقة النووية إلى ارتفاع فواتير الكهرباء الفرنسية إلى مستويات قياسية في الوقت الذي أدت فيه الحرب في أوكرانيا إلى تفاقم التضخم على نطاق أوسع.

وبدلاً من توجيه كميات هائلة من الكهرباء إلى بريطانيا وإيطاليا ودول أوروبية أخرى تعتمد على النفط الروسي، تواجه فرنسا احتمال بدء انقطاع التيار الكهربائي هذا الشتاء والاضطرار إلى استيراد الكهرباء، حسب أنباء وتقارير اطلعت عليها منصة "الطاقة" المتخصصة مؤخرًا.

وعلاوة على ذلك، فإن شركة كهرباء فرنسا، التي تبلغ ديونها 43 مليار يورو (نحو 45 مليار دولار)، معرضة أيضًا لصفقة نهائية تشمل شركة روساتوم الروسية المشغلة للطاقة النووية التي تدعمها الدولة، الأمر الذي قد يلحق أضرارًا مالية جديدة بالشركة الفرنسية.

وتسارعت الاضطرابات التي تحيط بشركة كهرباء فرنسا لدرجة أن حكومة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ألمحت إلى أن الشركة قد تحتاج إلى التأميم.

في هذا السياق، قالت وزيرة تحوُّل الطاقة في الحكومة الفرنسية، أنييس بانييه روناتشر، إنها لا تستبعد ذلك، نظرًا إلى الحاجة إلى استثمارات ضخمة في شركة كهرباء فرنسا.

أسعار النفط والغاز والتضخم

تأتي أزمة انخفاض سعة التوليد لدى شركة كهرباء فرنسا في وقت حرج.

فقد لامست أسعار النفط ارتفاعات قياسية بعد أن وافق الاتحاد الأوروبي على قطع النفط الروسي، ما زاد من حدة الضغط الاقتصادي في أوروبا، وزاد من أزمة تكلفة المعيشة التي تبذل فيها فرنسا ودول أخرى جهودًا كبيرة لمعالجتها.

من ناحية ثانية، ارتفع سعر الغاز الطبيعي الذي تستخدمه فرنسا لتعويض التقلبات في محطات توليد الكهرباء التي تعمل بالطاقة النووية.

الطاقة النووية

وبينما يعيد العدوان الروسي تحديد أولويات الطاقة في أوروبا، يقول المدافعون عن الطاقة النووية إنها يمكن أن تساعد في سد العجز في الوقود في أوروبا، وأن تعزز اعتماد طاقة الرياح والطاقة الشمسية وغيرها من مصادر الطاقة المتجددة لتلبية الأهداف المتعلقة بتغير المناخ.

أزمة شركة كهرباء فرنسا

يمتلك أسطول الطاقة النووية الفرنسي 56 مفاعلا، ويعدّ الأكبر بعد أسطول الولايات المتحدة، حسب تقرير اطلعت عليه منصة "الطاقة" المتخصصة.

ويأتي ربع الكهرباء في أوروبا من الطاقة النووية في نحو 12 دولة، وتنتج فرنسا أكثر من نصف الإجمالي.

الطاقة النووية
محطة نووية في فرنسا - الصورة من رويترز

ورغم ذلك، عانت صناعة الطاقة النووية الفرنسية، التي بُني معظمها في ثمانينيات القرن الماضي، نقص الاستثمارات الجديدة لعقود من الزمن.

ويقول الخبراء إن الصناعة فقدت خبرات هندسية مهمة بعد تقاعد موظفيها أو انتقالهم للعمل في أماكن مختلفة، وانعكس ذلك على قدرة شركة كهرباء فرنسا على صيانة محطات الكهرباء الحالية، أو بناء محطات لتحل محلها.

وقال المتخصص في مؤسسة الطاقة النووية نيغا واط -وهي مؤسسة فكرية في باريس- إيف مارينياك: إن إستراتيجية شركة كهرباء فرنسا، التي أقرتها الحكومة، تأثرت بتأخير إعادة الاستثمار وتحوُّل النظام.

في المقابل، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون -مؤخرًا- خطة بقيمة 51.7 مليار يورو لإعادة بناء البرنامج النووي الفرنسي.

وستبني شركة كهرباء فرنسا في البداية ما يصل إلى 14 مفاعلًا ضخمًا من مفاعلات الجيل التالي التي تعمل بالماء المضغوط بحلول عام 2035، بالإضافة إلى محطات نووية معيارية صغيرة، في إطار جهد أوسع لتعزيز استقلال الطاقة في فرنسا وتحقيق الأهداف المناخية.

تُجدر الإشارة إلى أن المفاعلات النووية الجديدة القليلة التي بنتها شركة كهرباء فرنسا تعطلت بسبب التجاوزات الضخمة في التكاليف والتأخيرات.

أحدث محطة للطاقة النووية

لن يبدأ مفاعل الماء المضغوط الذي صنعته شركة كهرباء فرنسا في محطة هينكلي بوينت، في جنوب غرب بريطانيا، العمل حتى عام 2027، متأخرًا 4 سنوات عن الموعد المحدد، ومتأخرًا للغاية لمساعدة بريطانيا على التحول السريع عن النفط والغاز الروسيين.

وكان من المفترض أن تكتمل أحدث محطة للطاقة النووية تابعة لشركة كهرباء فرنسا في فنلندا في عام 2009، لكنها بدأت العمل الشهر الماضي.

ويشير المحللون إلى أن مشكلات شركة كهرباء فرنسا الأخيرة بدأت في التصاعد قبل غزو روسيا لأوكرانيا.

وحذرت الشركة، الشتاء الماضي، من أنها لم تعد قادرة على إنتاج إمدادات ثابتة من الطاقة النووية، إذ تكافح من أجل معالجة التأخر لمدة عامين في أعمال الصيانة المطلوبة لعشرات المفاعلات القديمة التي أُجلت في أثناء عمليات الإغلاق بسبب تفشي فيروس كورونا.

وكشفت عمليات التفتيش عن قضايا السلامة -خصوصًا حوادث التآكل الناتج عن الإجهاد- على عيوب الأنظمة الحساسة المستخدمة لتبريد النواة المشعة للمفاعل.

وكان هذا حال محطة شينون النووية، وهي واحدة من أقدم محطات الوقود في فرنسا، وتنتج 6% من الطاقة النووية لشركة كهرباء فرنسا.

وتنظف شركة كهرباء فرنسا الآن جميع منشآتها النووية بحثًا عن مثل هذه المشكلات. وستبقى عشرات المفاعلات مستبعدة من عمليات فحص التآكل أو الإصلاحات التي قد تستغرق شهورًا أو سنوات.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق