هل يحل تمويل تغير المناخ أزمة دعم البنزين في نيجيريا؟ (تقرير)
مي مجدي
تشير التحليلات الحديثة إلى أن الجهود المبذولة في مواجهة تغير المناخ وبدء تحول الطاقة في نيجيريا، يمكن أن يؤديا دورًا كبيرًا في حلّ أزمة دعم البنزين التي تواجه البلاد.
وتحوّل دعم البنزين إلى عبء على الدولة مع تفاقم الأوضاع الاقتصادية العالمية والأزمات المحلية -مثل سرقة النفط- فضلًا عن ارتفاع أسعار النفط الناجم عن الغزو الروسي لأوكرانيا، وأدى كل ذلك إلى زيادة تكلفة البنزين، ومن ثم زيادة مدفوعات الدعم، حسبما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وفي الماضي، أدى إلغاء الدعم إلى حدوث اضطرابات في البلاد لمواجهة ارتفاع تكاليف المعيشة، ومن المتوقع أن تؤدي الأسعار الحالية إلى زيادة تكلفة البنزين، وقد يكلف ذلك السياسيين في صناديق الاقتراع.
وأمام ذلك، يمكن أن يساعد التحول إلى تمويل تغير المناخ في تخفيف وقع الأزمة على المستهلكين، وجعل نيجيريا تواكب الأهداف العالمية الحالية، وفق تحليل نشره موقع بريميوم تايمز النيجيري (Premium Times).
ورطة الحكومة
تعدّ نيجيريا واحدة من أكبر مصدّري النفط الخام في أفريقيا، وتعتمد على هذا القطاع في قدر كبير من إيرادات النقد الأجنبي والإيرادات الحكومية.
وأسهمت عمليات سحب الاستثمارات من إنتاج النفط البري، المدفوعة بسرقة النفط وتغير المناخ، في انخفاض صادرات النفط.
كما إن قدرة التكرير غير كافية، وتزيد من اعتماد نيجيريا على استيراد النفط المكرر.
وأصبح ارتفاع أسعار النفط أكثر ضررًا على الاقتصاد بدلًا من تنشيطه، لا سيما أن دعم البنزين كان بمثابة إجراء مؤقت لتعويض المستهلكين عن الزيادة العالمية في الأسعار.
إلّا أن الحكومة في ورطة الآن، وتضطر لدفع فرق سعر السوق للحفاظ على أسعار البنزين منخفضة وثابتة، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
دعم البنزين
في عام 2021، خُصصت 96% من إيرادت الحكومة البالغة 4.39 تريليون نايرا نيجيرية (10.59 مليار دولار أميركي) لإدارة ديونها المتزايدة.
وخلال العام الجاري، من المتوقع أن تصل مدفوعات الدعم إلى 4 تريليونات نايرا (9.6 مليار دولار أميركي).
وسعت الحكومات المختلفة لإنهاء الدعم، لكن أدى قرار الإلغاء في عام 2012 إلى تأجّج الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد، وسارعت الدولة لإعادته.
وفي عام 2020، شهدت الإدارة الحالية تبعات محدودة بعد إلغاء الدعم مع انهيار أسعار النفط العالمية، لكن بعد ارتفاع الأسعار منذ العام الماضي، واصلت دعم الوقود، وزاد ذلك من العبء على الدولة.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، قررت الحكومة النيجيرية إلغاء الدعم، لكنها تراجعت في وقت سابق من هذا العام.
تأثير إلغاء الدعم
يعدّ البنزين وقودًا رئيسًا في البلاد، ليس فقط لتزويد المركبات بالوقود، بل للمولدات -أيضًا-، ويعني أيّ نقص في إمدادات الكهرباء أن العديد من الشركات الصغيرة والمنازل تعتمد على المولدات التي تعمل بالبنزين.
وتوفر المولدات قرابة 48.6% من الكهرباء في نيجيريا، ويشمل هذا الرقم المولدات التي تعمل بالديزل والغاز، لذا، فإن ارتفاع أسعار البنزين يزيد من تكاليف النقل ومن أزمة الكهرباء.
بالإضافة إلى ذلك، يستفيد النيجيريون ذوو الدخل المرتفع من الدعم، لكنّ رفْعه سيؤثّر لدى المواطنين ذوي الدخل المحدود، إذ سيؤدي ارتفاع التكاليف إلى ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية في بلد يعاني من تضخم شديد، وقد تؤثّر -أيضًا- في الأعمال التجارية الصغيرة والمتناهية الصغر، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وتدرك الحكومة ضرورة إنهاء مدفوعات الدعم، إذ يتطلب قانون صناعة النفط الأخير التخلص التدريجي من الدعم، وتقترض الإدارة لتغطية التكاليف.
ومع تصاعد المشكلات الأمنية والاقتصادية، أدت تكلفة الدعم إلى خفض الحيز المالي للدولة بدرجة كبيرة، ولن يكون الاقتراض حلًا دائمًا، لا سيما أن البلاد تواجه أزمة ديون ناجمة عن تحديات الإيرادات.
تغير المناخ
في الوقت نفسه، أصبح هناك حاجة ملحّة للتخفيف من وطأة حدّة ارتفاع أسعار الوقود على النيجيريين والاقتصاد، ويتمثل أحد الخيارات في الاستفادة من التركيز العالمي الحالي على تغير المناخ وتحول الطاقة.
ويسهم البنزين الرخيص في نيجيريا بإنتاج انبعاثات كربونية وزيادة التلوث الناجم عن أبخرة المولدات، وربما تدفع أسعار البنزين المرتفعة المستهلكين إلى استخدام الطاقة المتجددة، والتي من بينها الطاقة الشمسية المناسبة للمناخ النيجيري، وبدء تحول الطاقة في نيجيريا.
فالاعتراف العالمي بضرورة تمويل الدول الغربية لانتقال الطاقة في البلدان النامية يمثّل فرصة كبيرة للبلاد، وعند إعادة صياغة المطالب بإلغاء الدعم للتركيز على اعتبارات مناخية بدلًا من مجرد مشكلات مالية فقط، فإنه يمكن زيادة الموارد والاستثمارات للتخفيف من آثار رفع الدعم.
وهذا الإجراء ليس جديدًا، لكن تباينت النتائج بسبب سوء التنفيذ، إذ يجب تكثيف الجهود؛ نظرًا لأنه يتوافق مع خطة انتقال الطاقة في نيجيريا والخطة الرئيسة للطاقة المتجددة.
فسوق الطاقة المتجددة في نيجيريا تنمو بوتيرة سريعة، وسيساعد حشد الموارد لتعزيز صناعة الطاقة المتجددة في الحفاظ على توفير الكهرباء رغم ارتفاع أسعار الوقود، كما سيسهم في دعم القدرات التصنيعية في البلاد.
وبناءً على ذلك، ستسهم مساعدة المستهلكين في التحول إلى الطاقة المتجددة في حلّ بعض المشكلات المالية للبلاد، مع الوفاء بالتزامات خفض آثار تغير المناخ.
اقرأ أيضًا..
- أوروبا تعيد إحياء محطات الفحم لمواجهة نقص إمدادات الغاز الروسية
- واردات الصين من النفط الروسي تقفز 55% في مايو
- كيفية إنتاج الهيدروجين وتاريخ اكتشافه