محطة براكة للطاقة النووية.. مشروع إماراتي غير مسبوق في الشرق الأوسط
أحمد بدر
ما زالت الإمارات تتطلع إلى الحصول على ترخيص لتشغيل المرحلة الثانية من محطة براكة للطاقة النووية، التي سبق أن أعلنت الانتهاء من الأعمال الإنشائية فيها أواخر شهر نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي.
ودخلت المرحلة الثانية من المحطة النووية الضخمة حيز التشغيل التجاري في 24 مارس/آذار الماضي، في توقيت أعلن فيه مسؤول في مؤسسة الإمارات للطاقة النووية، أن هذه المحطة توفر للدولة نحو 7.4 مليار دولار سنويًا، إلى جانب أنها مشروع غير مسبوق في منطقة الشرق الأوسط.
يأتي ذلك مع اقتراب حصول شركة نواة للطاقة -التي تتولى تشغيل محطة براكة للطاقة النووية- على الوفاء بالشروط كافة، الأمر الذي سيترتب عليه الحصول على ترخيص التشغيل للمرحلة الثالثة لبدء الإنتاج منها.
وترصد منصة الطاقة المتخصصة أبرز المعلومات عن المشروع النووي منذ بداية إنشائه، وصولًا إلى المرحلة الحالية التي بلغت فيها أعمال تنفيذ المحطة الثالثة نحو 95%، والمحطة الرابعة 91%.
عدد المفاعلات في محطة براكة
بدأت دولة الإمارات العربية المتحدة أولى خطوات إنشاء محطة براكة للطاقة النووية عام 2008، بهدف استخدامها في الأغراض السلمية، وأهمها توليد الكهرباء.
وتضمن المشروع بناء 4 مفاعلات نووية، في موقع براكة بمنطقة الظفرة في أبوظبي، بطاقة إجمالية قدرها 5 آلاف و600 ميغاواط من الكهرباء، ليمثل إنتاجها في النهاية نحو 25% من الكهرباء النظيفة في البلاد، تمهيدًا للوصول إلى الحياد الكربوني.
وستعمل المحطة على منع 21 مليون طن من الانبعاثات الكربونية سنويًا، أي ما يعادل إزالة 3.2 مليون سيارة من طرق الدولة سنويًا.
أهمية محطة براكة
أصدرت أبوظبي وثيقة في 2008، لإعلان سياستها نحو تطوير الطاقة النووية للأغراض السلمية، ترتكز على 6 مبادئ أساسية، وفي 2009 أصدرت تشريعًا للطاقة النووية، أسست بموجبه مؤسسة الإمارات للطاقة النووية، التي تتولى الإشراف على تنفيذ البرنامج النووي الإماراتي.
اُختير موقع محطة براكة للطاقة النووية، في موقع براكة بمنطقة الظفرة، على بُعد 52 كيلومترًا جنوب غرب مدينة الرويس، قبل أن تتقدم مؤسسة الإمارات للطاقة النووية في عام 2010، بطلب لترخيص إنشاء المحطات الأولى والثانية.
واختصت الهيئة الاتحادية للرقابة النووية -التي أنشأتها الإمارات- بأن تكون الجهة الرقابية المشرفة على القطاع النووي، التي أصدرت رخصتين للبدء في الأعمال الأولية في براكة.
واختارت الإمارات الشركة الكورية للطاقة الكهربائية (كيبكو)؛ لتكون المقاول الرئيس للمحطات النووية السلمية، لتتولى مسؤولية تصميم المحطات وتنفيذ عمليات الإنشاء، بالإضافة إلى الإسهام في تشغيلها.
وفي 2012، صدرت الرخصة الأولى لإنشاء محطات براكة الأولى والثانية، وهما مفاعلان من تصميم الشركة الكورية، ويعتمدان على الماء المضغوط لإنتاج ما يصل إلى 1400 ميغاواط من الكهرباء لكل مفاعل، أي 2800 ميغاواط للمفاعلين.
تراخيص التشغيل والإنشاء
طلبت مؤسسة الإمارات من هيئة الرقابة النووية، في عام 2015، ترخيصًا لتشغيل المحطتين الأولى والثانية، وذلك مع بدء إنشاء المحطة الرابعة، قبل أن توقّع في 2016 أول اتفاقية لشراء الكهرباء المنتجة من محطة براكة للطاقة النووية، مع شركة أبوظبي للماء والكهرباء.
وفي العام نفسه، وقّعت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية اتفاقية لتمويل مشروع براكة، بقيمة 24.5 مليار دولار، مع الشركة الكورية، كما نجحت في تركيب حاوية المفاعل بالمحطة الثالثة لبراكة ومولدات البخار.
وفي عام 2017، تسلّمت المؤسسة الإماراتية رخصة تشغيل المحطة الثالثة والرابعة في موقع محطة براكة للطاقة النووية.
وأكملت الإمارات في عام 2021 تنفيذ الأعمال الإنشائية للمحطة الثالثة في موقع براكة، في حين كشفت أحدث البيانات عن انتهاء أعمال إنشاء المحطة الرابعة بنسبة 91%.
يُذكر أن شركة براكة الأولى أُسِّست عام 2016، وتتبع الائتلاف المشترك بين مؤسسة الإمارات للطاقة النووية والشركة الكورية للطاقة الكهربائية (كيبكو)، بهدف إدارة محطة براكة للطاقة النووية السلمية، وتأمين تمويل مشروع المحطات من المقرضين، واستقبال عوائد الكهرباء من المحطات الـ4، عند تشغيلها تجاريًا.
كما يتضمن عمل الشركة بيع الكهرباء التي تنتجها المحطات النووية، وتلقي الأموال المستلمة من شركات المرافق التابعة لدائرة الطاقة في أبوظبي، وذلك بموجب اتفاقية شراء الكهرباء الموقعة.
تشغيل المحطات الأولى
أصدرت هيئة الرقابة النووية الإماراتية في عام 2020 أول رخصة لتشغيل الوحدة الأولى لمحطة براكة للطاقة النووية.
وبعد حصول مؤسسة الإمارات للطاقة النووية على هذه الرخصة، استكملت تحميل أحزمة الوقود النووي، ونجحت في تحقيق الربط الآمن لأولى المحطات مع شبكة الكهرباء الرئيسة، قبل بدء إنتاج أول ميغاواط من الكهرباء النظيفة.
وبدأت الإمارات التشغيل التجاري الأول لمحطة براكة للطاقة النووية في شهر أبريل/نيسان 2021، في حين أصدرت الهيئة الرقابية رخصة التشغيل للوحدة الثانية في ديسمبر/كانون الأول 2020، وبدأ التشغيل التجاري في 24 مارس/آذار 2022.
وتستعد مؤسسة الإمارات -حاليًا- للحصول على تراخيص تشغيل المفاعل الثالث في محطة براكة للطاقة النووية، وإدخاله مرحلة التشغيل التجاري، لتتقدم خطوة أخرى باتجاه حلمها في توفير 25% من الكهرباء النظيفة لمواطنيها، وهو أحد أهدافها الممهدة للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
- محطات براكة النووية تجتاز مراجعات معايير السلامة والجودة العالمية
- الإمارات تعلن تشغيل ثاني محطات براكة النووية تجاريًا
مفاعلات الجيل الثالث
تنتمي المفاعلات الـ4 في محطة براكة للطاقة النووية إلى مفاعلات الجيل الثالث، أو ما يُعرف باسم مفاعلات الطاقة المتقدمة، وهي من أحدث التقنيات المتطورة التي أنتجتها مصانع المفاعلات النووية عالميًا.
ويُصنّف المفاعل "إيه بي آر 1400" الموجود في الإمارات على أنه من مفاعلات الماء المضغوط، إذ تصل قدرته الإنتاجية من الكهرباء إلى نحو 1400 ميغاواط.
ويصل العمر التشغيلي للمفاعل من هذا الطراز إلى 60 عامًا، ويستند تصميمه إلى المفاعلات التي تعمل بنظام 80+، وهي معتمدة من مفوضية الطاقة النووية في الولايات المتحدة.
وتعد أهم مميزات هذه المفاعلات، تصميمها المقاوم للحوادث الخطيرة وقدرته على تخفيف آثارها، ولديه نظام أمن يوقف تشغيل المفاعل ويخفض الحرارة في حالات الطوارئ، ويمنع الانبعاثات الإشعاعية.
وبعد اعتماده للعمل، أدخلت الإمارات تعديلات على المفاعل، ليتناسب مع الطقس الحار في الدولة، من خلال استخدام مضخات ومبادلات حرارية وأنابيب أكبر حجمًا لزيادة معدل تدفّق المياه في أنظمة التبريد.
اقرأ أيضًا..
- ألمانيا قد تعيد تشغيل محطات الفحم المعطلة لتعويض نقص الغاز الروسي
- مسؤول: تطوير قطاع التعدين في الجزائر للتحول بعيدًا عن إيرادات النفط والغاز
- هل يسهم خفض أسعار الوقود في إشعال أزمة الطاقة؟