التقاريرتقارير الغازتقارير النفطرئيسيةغازنفط

انبعاثات الميثان من تسرب الغاز الطبيعي.. أرقام غير دقيقة وأخطر من الفحم

أحمد عمار

اقرأ في هذا المقال

  • انبعاثات الميثان الناتجة عن حرق الغاز أسوأ على المناخ
  • الغاز المفقود جراء تسربات خطوط الأنابيب والخزانات كارثة مناخية
  • هناك تقديرات خاطئة بشأن انبعاثات الميثان
  • الشركات تتفاجأ بحجم انبعاثاتها عندما تنفّذ عمليات مسح

رغم محاولة شركات النفط والغاز تقليل انبعاثات غاز الميثان من عملياتها، فإن أقمارًا صناعية وطائرات صغيرة التقطت صورًا تؤكد أن الأرقام المعلَنة أقلّ بكثير من الواقع؛ ما يطرح تساؤلًا بشأن مدى صحة الاعتقاد السائد بأن الغاز الطبيعي بديل نظيف للفحم.

ومقارنةً بالفحم، فإن انبعاثات الميثان الناتجة عن حرق الغاز الطبيعي تكون أسوأ للمناخ، بحسب تقرير نشرته وكالة بلومبرغ، نقلًا عن دراسات أميركية.

وتزيد نتائج هذه الدراسات الأمر تعقيدًا مع تسرب كميات غير مرئية من غاز الميثان إلى الغلاف الجوي؛ ما يعني إطلاق انبعاثات ضارة بالبيئة.

وتوصلت الأقمار الصناعية التي تستخدمها الشركة الأميركية للغاز الطبيعي "دوك إنرجي"، للبحث عن التسربات غير المرئية، إلى وجود انبعاثات للميثان خطيرة صادرة من بنيتها التحتية الخاصة بالشركة.

وتهدف دوك إنرجي، من خلال عمليات البحث غير المرئية تلك، إلى أمرين: الأول يتمثل في توفير الوقود، أمّا الآخر فهو المساعدة في وقف ظاهرة الاحتباس الحراري.

كارثة مناخية واقتصادية

انبعاثات الميثان
استخدام الأشعة تحت الحمراء للكشف عن تسرب الميثان

شدّد التقرير على أن الغاز المفقود من فجوات التسرب في خطوط الأنابيب وخزّانات ذلك الوقود الأحفوري يمثّل كارثة مناخية ونكسة اقتصادية حادّة.

وعلى الرغم من استمرار الارتفاعات القياسية في أسعار الغاز الطبيعي؛ بسبب الأزمة الروسية الأوكرانية وتصاعد استخدام الطاقة سلاحًا جيوسياسيًا، فإن هناك اندفاعًا نحو بناء بنية تحتية جديدة للغاز دون قياسات دقيقة لمقدار الغاز المُهدَر من خطوط الأنابيب والخزانات، وفقًا لما نقلته بلومبرغ.

ونتيجة تسربات الغاز الطبيعي غير المرئية بخطوط الأنابيب والخزّانات، هناك تقديرات خاطئة بشأن انبعاثات الميثان، وهو ما يعني أن تأثير الاحتباس الحراري يُقَدَّر بشكل أقلّ بكثير.

ويوضح التقرير أنه رغم إبلاغ 8 آلاف -تقريبًا- من محطات توليد الكهرباء وشركات النفط والغاز ومصافي التكرير في الولايات المتحدة عن حجم الانبعاثات الناتجة عنها إلى وكالة حماية البيئة سنويًا، فإن خبراء يعتقدون أن هذه الأرقام المعلنة تقلّل -بشكل ما- من تسبُّب الصناعة بارتفاع درجات الحرارة.

ورغم توافر تقنيات -مثل الأقمار الصناعية- للكشف عن انبعاثات الميثان، فإن الشركات غير ملزمة بمراقبة انبعاثات غاز الميثان من البنية التحتية، فضلًا عن أن المنظمين الفيدراليين نادرًا ما يجمعون بيانات في هذا الشأن، كما يشير التقرير.

ويُعدّ تتبّع انبعاثات غاز الميثان بدقة ومعرفة كيفية الحدّ منها، أحد أسرع الطرق لحماية كوكب الأرض من الاحتباس الحراري وتجنّب أسوأ آثارها؛ إذ إن الميثان قادر على احتباس الحرارة، ويتحلل بسرعة أكبر من ثاني أكسيد الكربون.

قواعد جديدة لخفض التسربات

تسعى الولايات المتحدة جاهدةً لمكافحة تسرب غاز الميثان على المستوى العالمي، وهو ما شهدته قمة المناخ للأمم المتحدة التي عقدت في غلاسكو العام الماضي.

ودفعت خطورة ذلك الدبلوماسيين الأميركيين والأوروبيين -في قمة المناخ العام الماضي- إلى التعهد بخفض انبعاثات الميثان بنسبة 30%، بحلول نهاية العقد الجاري.

كما اقترحت وكالة حماية البيئة في الولايات المتحدة قواعد جديدة لخفض التسربات من صناعة النفط والغاز، تضمنت مسح مواقع الآبار بكاميرات متخصصة تعمل بالأشعة تحت الحمراء كل 3 أشهر، مع إصلاح التسربات بشكل سريع.

بدوره، أكد أستاذ الميثان في جامعة ديوك الأميركية، درو شيندل، عدم معرفة كمية الميثان المنبعثة من صناعة الوقود الأحفوري، نتيجة تسرّب الغاز، بحسب ما نقلته وكالة بلومبرغ.

ووفقًا للتقرير، هناك تصدعات في خطوط الأنابيب ومحطات الضغط بجميع أنحاء الولايات المتحدة.

الشركات تتفاجأ بانبعاثاتها

انبعاثات الميثان
طائرات صغيرة مزوّدة بآلات تصوير للكشف عن انبعاثات الميثان

استعرضت بلومبرغ في تقريرها نموذجًا لشركة تريبل كراون ريسورسيز -وهي متخصصة في التنقيب عن النفط والغاز وتمتلك عمليات في حوض برميان بولاية تكساس- والتي تفاجأت بحجم انبعاثاتها عندما أجرت مسحًا لعملياتها لأول مرة.

واستأجرت شركة تريبل كراون طائرات صغيرة مزودة بآلات تصوير تعمل بالأشعة تحت الحمراء للكشف عن انبعاثات الميثان في مواقع عملياتها أواخر عام 2020.

وتوقعت الشركة وقتها أن يكون معدل التسرب قريبًا من حساباتها، ولكنها اكتشفت أنها تُسرِّب 20 ضعفًا من انبعاثات الميثان مقارنة بما تُقدّره وكالة حماية البيئة.

ويشير التقرير إلى أن عمليات الاستثمار والصيانة الدقيقة التي تطبّقها الشركة لم تمنع من تسرّب كميات هائلة من الغاز، وهو ما دفع تريبل كراون إلى إصلاح ذلك وتركيب أجهزة استشعار لمراقبة انبعاثات الميثان باستمرار.

واستطاعت الشركة توفير نحو 1.8 مليون دولار، العام الماضي، من خلال منع تسرب نحو 400 مليون قدم مكعبة من الغاز، بحسب المؤسس المشارك في شركة تريبل كراون، رايان كيز.

كما تدرس وكالة حماية البيئة الأميركية إجراء تغييرات على برنامج الإبلاغ عن غازات الاحتباس الحراري، وفقًا للمتحدثة باسم الوكالة، إنيستا جونز.

ويأتي ذلك مع اعتراف موظفي وكالة حماية البيئة السابقين بأن نظام رصد غازات الاحتباس الحراري معيب بشدة.

ودعت جوديث إنك، المسؤولة الإقليمية لوكالة حماية البيئة في عهد الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، إلى عدم اعتماد الحكومة الفيدرالية على الشركات للإبلاغ عن الانبعاثات، خصوصًا بعد أن أصبح الرصد المستقل ممكنًا.

وقدّرت وكالة حماية البيئة -بحسب بلومبرغ- أن 1.4% من إجمالي الغاز الطبيعي المنتَج في الولايات المتحدة يتسرب إلى الهواء، وذلك نقلًا عن دراسة حديثة أجراها باحثون في جامعة ستانفورد من خلال ربط آلات تصوير متخصصة بطائرات صغيرة.

ورصد قمر صناعي، تديره وكالة الفضاء الأوروبية، انبعاث غاز الميثان بكميات كبيرة عبر خطوط أنابيب غاز وآبار نفط وغاز في ولاية لويزيانا الأميركية.

وتُظهر تحليلات لشركة كايروس ساس أن سحابة الميثان المرصودة فوق ولاية لويزيانا، لها التأثير المناخي نفسه للانبعاثات الضارة الصادرة من 2000 سيارة.

تسربات الغاز أسوأ على المناخ من الفحم

انبعاثات الميثان
انبعاثات الميثان - صورة أرشيفية

نقل تقرير بلومبرغ عن دراسة لمجلة العلوم الأميركية، أن التسربات الكبيرة للغاز في روسيا وإيران وقازاخستان، أدت إلى زيادة انبعاثات الميثان للدول الثلاث بنسبة 20%، مقارنة بالأرقام الحكومية المبلَّغ عنها للأمم المتحدة.

وأسهمت التسربات الكبيرة للغاز في دولة تركمانستان -الغنية بالنفط- في مضاعفة إنتاجها السنوي من الكربون، وهو ما يثير التساؤل بشأن الاعتقاد السائد بأن الغاز الطبيعي بديل أنظف للفحم.

وتؤكد دراسة أعدّتها الأكاديمية الأميركية الوطنية للعلوم، بأن تسرب الغاز بأكثر من 3% يعدّ أسوأ للمناخ من الفحم.

واتفق مع الدراسة أستاذ علم البيئة والبيولوجيا البيئية في جامعة كورنيل روبرت هوارث، قائلًا: "انبعاثات الميثان الصادرة من الغاز الطبيعي تكون أعلى مقارنة بالفحم".

من جهتها، تُعِدّ شركة دوك إنرجي خطة لاستخدام الأقمار الصناعية لاكتشاف التسربات؛ بهدف الوصول إلى منع انبعاثات الميثان من الغاز الطبيعي نهائيًا في أعمالها بحلول 2030، فضلًا عن الحفاظ على الغاز الطبيعي من التسرب.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق