تضخم مديونيات فواتير الطاقة يهدد سوق الكهرباء والغاز في المملكة المتحدة
ويدفع الشركات إلى الإفلاس
حياة حسين
- حكومة المملكة المتحدة تضع سقفًا لأسعار الطاقة للمنازل.
- خسائر شركات مرافق الغاز والكهرباء تتواصل منذ 2019.
- اتهامات للحكومة بدعم المستهلكين من المنازل على حساب الشركات.
- ارتفاع معدلات التضخم يهدد بزيادة إفلاس شركات الطاقة.
- توقعات بتحميل الحكومة للمستهلكين تكلفة إفلاس الشركات في وقت لاحق.
ارتفعت مديونيات فواتير الطاقة المعدومة للمنازل في المملكة المتحدة بصورة هائلة، جراء زيادة أسعار السلع، وصعود معدلات التضخم؛ ما حد من قدرة المستهلكين على السداد، وينعكس سلبًا في قدرات الشركات التي تزود المستهلكين بالغاز والكهرباء.
وما يزيد الأمر سوءًا، مواصلة مديونيات فواتير الطاقة معدومة النمو، بسبب استمرار ارتفاع الأسعار، وعدم وصولها إلى سقف تقف عنده حتى الآن.
تحذير الشركات
باتت شركات مرافق التزود بالكهرباء والغاز في المملكة المتحدة مهددة بسبب مديونيات فواتير الطاقة المعدومة، التي تواصل ارتفاعها لتتجاوز مليارات الدولارات، حسبما ذكرت وكالة بلومبرغ، أمس الأحد الموافق 15 مايو/أيار.
وحذرت شركات مثل "إيبردرولا إس إيه سكوتش باور" من أن تعاظم حجم مديونيات فواتير الطاقة المعدومة يهدد قدرة السوق على الاستمرار.
وعلى سبيل المثال، تتوقع شركة "إي أوه إن إس إي" الألمانية، التي تعمل في سوق المملكة المتحدة، أن ترتفع مستحقاتها لدى العملاء بنسبة 50% مع نهاية العام الجاري، لتبلغ 2.4 مليار جنيه إسترليني (3 مليارات دولار)، وفق تصريحات رئيسها، مايكل لويس، لإحدى لجان البرلمان، الشهر الماضي.
كما أوضحت شركة "سينشريا"، وهي أكبر مزود طاقة في المملكة المتحدة، أن نسبة 10% من عملائها الذين يبلغ عددهم 7.2 مليون عميل؛ متخلفون عن السداد؛ ما يعني أنهم قد يكونون من فئة أصحاب مديونيات فواتير الطاقة المعدومة.
دائرة مفرغة
يرى محللون في قطاع الطاقة والشركات أن تعاظم حجم مديونيات فواتير الطاقة المعدومة في المملكة المتحدة يُدخل السوق المحلية في دائرة مفرغة، في ضوء ارتفاع معدلات التضخم، التي توقع بنك إنجلترا المركزي لها أن تصل إلى رقمين -تزيد على 9%- واستمرار عملية تزويد العملاء بالغاز والكهرباء، مع تضاؤل قدرة المستهلكين على السداد.
وقال مستشار سياسات الطاقة للحكومة السابق، الأستاذ في جامعة أكسفورد، ديتر هلم: "من الواضح أن أزمة المعيشة الحالية متواصلة، ومن بين كل الفواتير التي يدفعها المستهلكون تظل فواتير الطاقة الأكثر ثباتًا".
وتحدد المملكة المتحدة سقفًا لأسعار الطاقة للمنازل؛ حمايةً للمستهلكين من الارتفاع الشديد لها، وقد قفزت الأسعار إلى مستويات قياسية في أبريل/نيسان الماضي، وبنسبة 54%؛ ما وضع ضغطًا إضافيًا على 22 مليون مستهلك.
ومن المتوقع أن تقفز مرة أخرى في مراجعة الأسعار المُقبلة في شهر أكتوبر/تشرين الأول؛ ما يدفع نحو 40% من السكان إلى دخول دائرة فقر الطاقة، ويزيد من مديونيات فواتير الطاقة المعدومة، وفق الشركات.
فرض ضرائب
ينادي بعض السياسين في المملكة المتحدة؛ بفرض ضرائب على شركات تزويد الطاقة؛ لتوفير تمويل يدعم المستهلكين، بينما ترد الشركات بأنها تحقق خسائر منذ عام 2019 تقريبًا، بسبب المنافسة بينها، وسقف الأسعار الذي تحدده هيئة تنظيم الطاقة "أوفغم"، حسب تقرير لـ"أوكيرا كونسلتينغ".
وعلى سبيل المثال، سجّلت شركة سكوتش باور خسائر بقيمة 250 مليون جنيه إسترليني (300 مليون دولار أميركي) من قطاع بيع الكهرباء والغاز إلى المنازل، لكن شركة سينشريا حققت خسائر من الكهرباء، وأرباحًا قيمتها 222 مليون جنيه إسترليني (266.4 مليون دولار أميركي) من الغاز.
وقال الشريك في "فلينت غلوبال" المستشار السابق للحكومة في قطاع الطاقة، جوش باكلاند: "إن المشكلة تتجه لتكون أكثر صعوبة، ومديونيات فواتير الطاقة المعدومة والرديئة أصبحت شديدة الضرر للشركات، ولا يوجد حل سريع لها".
أكبر صدمة سعرية
توقّع بنك إنجلترا المركزي مواصلة أسعار الطاقة ارتفاعها، فيما يعرف بـ"أكبر صدمة سعرية منذ السبعينات"؛ ما يدفع لارتفاعات جديدة في معدلات التضخم، وتحجيم معدلات النمو الاقتصادي، وضرب قدرات المواطنين الشرائية لسنوات مُقبلة.
وفي الوقت ذاته تثبت هيئة تنظيم الطاقة سقف الأسعار عند حدود معينة؛ حمايةً للمستهلكين من المنازل.
وتخطط "أوفغيم" إلى تعديل الأسعار 4 مرات في العام؛ لذلك تأمل الشركات في السماح لها بتمرير ارتفاع التكلفة إلى المستهلكين.
غير أن الحكومة كانت قد أعلنت في فبراير/شباط الماضي توقعات بزيادة دعمها للمستهلكين، بعدما خصصت، في وقت سابق، حزمة بقيمة 9 مليارات جنيه إسترليني (10.8 مليار دولار)، يحصل الفرد على دعم بقيمة 200 جنيه إسترليني.
ووصف الرئيس التنفيذي لشركة سكوتش باور، كيث أندرسون، في حوار مع تلفزيون بي بي سي، الأسبوع الماضي، "بأن الحكومة ترسل هذا النشاط إلى مراحل لا يمكنهم التعامل معها"، كما دعا إلى تغيير شامل وسريع في سياسات الحكومة.
تحميل الخسائر للمستهلكين
يرى أصحاب الشركات التي تزود المنازل في المملكة المتحدة بالكهرباء والغاز، أن فشلها بسبب أوضاع السوق، وزيادة حجم مديونيات فواتير الطاقة المعدومة، سيدفع الحكومة في النهاية إلى تحميل خسائرها للمستهلكين.
وقدرت الحكومة خسائر شركة "بالب إنرجي" وهي مزود الطاقة الأكبر في المملكة المتحدة، التي أعلنت إفلاسها نهاية العام الماضي، بنحو 2.2 مليار جنيه إسترليني (2.6 مليار دولار أميركي).
كما قدرت "أوفغيم" حجم التكلفة الإضافية التي سيتحملها المستهلكون جراء إعلان 25 شركة من مزودي الكهرباء والغاز في المملكة المتحدة إفلاسها؛ بنحو 2.4 مليار جنيه إسترليني (2.9 مليار دولار أميركي)، وأشارت إلى أنها ستحملها لفواتيرهم مستقبلًا.
وتسبّب التعافي من وباء كورونا، وزيادة الطلب، في ارتفاع أسعار النفط والغاز إلى مستويات قياسية، وزاد الأمر سوءًا، مؤخرًا، غزو روسيا لأوكرانيا، والعقوبات الاقتصادية التي فرضتها الدول الغربية على الأولى، وخلو الأسواق من منتجات أكبر دولتين لإنتاج الحبوب؛ ما رفع معدلات التضخم في أنحاء العالم، بما فيها المملكة المتحدة، إلى مستويات قياسية، وقد وصل إلى أعلى مستوى في أميركا خلال 40 عامًا في الأشهر الأخيرة.
موضوعات متعلقة..
- أسعار الغاز.. كيف تسببت إجراءات بريطانيا في إفلاس شركات الطاقة؟
-
شركة الكهرباء الـ27 في بريطانيا تعلن إفلاسها متأثرة بأسعار الغاز القياسية
اقرأ أيضًا..
- 9 مقترحات لحل أزمة الطاقة في العراق (إنفوغرافيك)
-
استثمارات انتقال الطاقة تحتاج 5.7 تريليون دولار سنويًا لتجنُّب كارثة المناخ
-
اضطراب إمدادات الطاقة الروسية لأوروبا يُربك أسعار النفط (مقال)