حظر النفط الروسي.. تداعيات الخطة الأوروبية على الأسواق والأسعار (مقال)
فاندانا هاري - ترجمة: مي مجدي
- خطة الاتحاد الأوروبي لحظر النفط الروسي وتداعياتها على أسعار النفط
- كيف سيكون ردّ فعل موسكو على العقوبات الجديدة؟
- تأثير فصل البنوك الروسية عن نظام سويفت
- تبعات رفض أندية الحماية والتعويض تغطية تأمين شركات الشحن
أعلنت المفوضية الأوروبية الأسبوع الماضي خطة للتخلص التدريجي من واردات النفط الروسي بحلول نهاية العام، بعد ضمان تأييد ألمانيا مؤخرًا، ما أسفر عن ارتفاع أسعار النفط الخام بنسبة 7%.
واستقرت العقود الآجلة لخام برنت عند أعلى مستوياتها في 3 أسابيع، يوم الجمعة 6 مايو/أيار، عند 112.39 دولارًا، في حين أغلقت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي عند أعلى مستوى لها في 6 أسابيع، لتبلغ 109.77 دولارًا، وحدث ذلك حتى قبل الاتفاق على فرض الحظر.
فقد أجج المقترح -الذي يعدّ جزءًا من الحزمة السادسة من العقوبات ضد روسيا التي أعدّها الاتحاد الأوروبي- خلافًا محتدمًا للموافقة عليه من جميع الدول الأعضاء البالغ عددها 27، وهو أمر جوهري لإقراره.
وأبقى سفراء الاتحاد الأوروبي عالقين في مناقشات شاقة حتى ليلة الجمعة 6 مايو/أيار، وأسواق النفط تنتظر على أحرّ من الجمر مع بدء عطلة نهاية الأسبوع.
خطة المفوضية الأوروبية
تدعو الخطة الاتحاد الأوروبي إلى التخلص التدريجي من 2.2 مليون برميل يوميًا من واردات النفط الروسي خلال الأشهر الـ6 المقبلة، و1.2 مليون برميل يوميًا من المشتقات المكررة بحلول نهاية العام، كما أوضحت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أمام البرلمان الأوروبي يوم الأربعاء 4 مايو/أيار.
وكان المعارضون الرئيسيون هم: المجر وسلوفاكيا وجمهورية التشيك، الذين طالبوا بمنحهم مهلة زمنية أطول للتخلص التدريجي من وارداتهم، تتجاوز السنة الإضافية التي قدّمها المقترح الأصلي.
وتعتمد هذه الدول بشدة على النفط الروسي المستورد عبر خط أنابيب دروجبا، المسؤول عن نقل ما بين 800 ألف برميل يوميًا إلى 1.5 مليون برميل يوميًا إلى أوروبا، في السنوات الأخيرة.
كما تسمح بعض مصافيها بمعالجة خام الأورال الروسي، وقد تواجه مشكلات مع المواد الخام البديلة، ناهيك عن أن نقل واردات النفط الخام بحرًا لهذه البلدان الحبيسة سيكبّدها تكاليف باهظة.
وبغضّ النظر عن الشكوك حول متى سيتسنّى التوصل إلى قرار حظر النفط، كان على السوق أن تضع في الحسبان احتمالًا -مهما كان ضئيلًا- بأن الاتحاد الأوروبي قد يؤجل هذه المسألة مرة أخرى إذا لم ينجح في تجاوز خلافاته الداخلية.
استدراج الغاز إلى حرب الطاقة
بالنسبة إلى سوق النفط، فالأمر لا يتعلق بتقييم تداعيات قرار الحظر الأوروبي فحسب، وإنما يتعلق -أيضًا- بكيفية استجابة موسكو للقرار والإجراءات العقابية الأخرى في الحزمة الجديدة للاتحاد الأوروبي.
وتتراوح السيناريوهات التي يجب مراعاتها بين قيام روسيا بوقف صادراتها النفطية دون مقدمات، ومنع إمدادات الغاز إلى الاتحاد الأوروبي تحت غطاء النزاع القائم حول سداد المدفوعات بالروبل.
وبدءًا من 26 أبريل/نيسان، أوقفت موسكو الصادرات إلى بولندا وبلغاريا، بعد رفض الأخيرة التحول للدفع بالروبل، حسب مرسوم وقّعه الرئيس فلاديمير بوتين في 31 مارس/آذار.
وفي الوقت الذي يتطلع فيه الاتحاد الأوروبي إلى إلحاق الأذى بروسيا من خلال الحدّ من مشترياته النفطية، والتي تدرّ إيرادات إلى موسكو أكثر بكثير من الغاز، فإن الأخيرة قادرة على إلحاق ضرر أكبر بالكتلة، من خلال تعريض إمداداتها من الغاز للخطر.
ورغم أن المدفوعات عن عمليات تسليم الغاز لشهر أبريل/نيسان ستصبح واجبة السداد في الأيام المقبلة، ما تزال دول الاتحاد الأوروبي تنتظر توضيحًا من المفوضية الأوروبية عمّا إذا كانت ستنتهك العقوبات الاقتصادية ضد روسيا من خلال فتح حسابات بالروبل مع غازبروم بنك، وفق ما يمليه الكرملين.
أسباب إضافية تدعو للقلق
ستصعّب الإجراءات في حزمة العقوبات الأوروبية الجديدة على موسكو تغيير مسار نفطها إلى آسيا، ما يعني حجب المزيد من النفط الروسي عن السوق.
كما يخطط الاتحاد الأوروبي لمنع مواطنيه وشركاته أن يكونا طرفًا في تمويل أو نقل أو تقديم أيّ خدمات أخرى تتعلق بتجارة النفط الروسي، ومن شأن ذلك أن يجعل الناقلات المملوكة لأوروبا، أو التي تديرها، أو التي ترفع علمها، بعيدة عن متناول مصدّري ومشتري النفط الروسي، إلى جانب حرمان النفط الروسي من حصوله على تغطية المسؤولية عن الشحنات عالميًا.
فالمجموعة العالمية لأندية الحماية والتعويض -مقرّها لندن، ويتعين عليها اتّباع قانون الاتحاد الأوروبي- توفر تغطية تأمين لـ90% من الناقلات في العالم، وفقًا لبلومبرغ.
بالإضافة إلى ذلك، يخطط الاتحاد الأوروبي لفصل سبيربنك، أكبر بنك في روسيا، عن نظام سويفت للمدفوعات العالمية، إذ نجا سبيربنك وغازبروم بنك من الحزم السابقة للعقوبات؛ لضمان دفع المشترين الأوروبيين مقابل واردات السلع الأساسية الروسية.
وسيعني إقصاء سبيربنك من نظام سويفت عدم قدرة المشترين للنفط الروسي على استخدام البنك لسداد المدفوعات بالدولار الأميركي.
وبسبب قرار الاتحاد الأوروبي السابق الذي يمنع الشركات الأوروبية من التعامل بشكل مباشر أو غير مباشر مع شركة "سوفكومفلوت" بدءًا من 15 مايو/أيار، شرعت جهات الحماية والتعويض الغربية في رفض التغطية لشركة الشحن الروسية.
وبالنظر إلى ضرورة شحن أيّ مبيعات إضافية للخام من روسيا إلى الصين أو الهند بحرًا، فإن جميع القيود المذكورة أعلاه من الاتحاد الأوروبي قد تعوق هذا المسار، وتفسح مجالًا لزيادة أكبر في أسعار النفط الخام.
وختامًا، يتبادر إلى الذهن تساؤل: ماذا لو فشلت الجولة المقبلة من عقوبات الاتحاد الأوروبي، رغم تصعيدها للأوجاع المالية لموسكو، في إجبار بوتين على وقف غزو أوكرانيا؟ فأوروبا، والمشترون من جميع أنحاء العالم، يعانون من ارتفاع أسعار النفط والغاز والفحم والكهرباء، وبات لزامًا على أوكرانيا وحلفائها الغربيين وضع إستراتيجية بديلة.
* فاندانا هاري، مؤسّسة مركز "فاندا إنسايتس" المعني بأسواق الطاقة.
اقرأ أيضًا..
- المغرب والسعودية يتعاونان في الطاقة الذرية والطاقة المتجددة
- حقول غشا الإماراتية.. 5 معلومات عن أكبر مشروع بحري للغاز الحامض بالعالم
- أنس الحجي: لا لأوبك مشروع روتيني.. والأميركيون أول ضحاياه (فيديو)