فورتوم الفنلندية تروج لـ"الكهرباء الخضراء" وتربح المليارات من الغاز الروسي
وخبراء: دعايتها مضللة في السويد
أحمد بدر
"خالية من الوقود الأحفوري بنسبة 100%".. هذه هي الدعاية التي تسوّقها شركة فورتوم الفنلندية، وهي كبرى شركات الكهرباء في شمال السويد، لعملائها، لتصوّر نفسها على أنها صاحبة الطاقة الخضراء الخالية من الوقود الأحفوري، ولكن الواقع خلف هذه الدعاية شيء آخر.
فالشركة -التي دائمًا ما تسوّق الكهرباء لعملائها البالغ عددهم 2.5 مليون عميل في شمال السويد- تق، إنها من أصحاب الأسواق الخضراء دون وقود أحفوري، وهي في الوقت نفسه تجني معظم إيراداتها من عمليات أحفورية في روسيا، وفق ما كشف استطلاع للتليفزيون السويدي "إس في تي".
ورغم أن هذه الدعاية التي تطلقها شركة فورتوم صحيحة جزئيًا في السويد، ولكن استطلاع التليفزيون السويدي، كشف أيضًا أن هناك صورة أخرى مختلفة لعمليات المجموعة، التي تحصد مليارات الدولارات من عملياتها في موسكو.
دعاية مضللة
"دون وقود أحفوري دائمًا".. أو "بمجرد أن تكون عميلنا ستسهم في مستقبل أكثر استدامة".. هذه هي بعض الرسائل الخضراء التي تقابلك على موقع فورتوم العملاقة للطاقة.
ولكن خلال العام الماضي، أجرت شركة فورتوم تعاملات بقيمة 600 مليار كرونة (60 مليار دولار أميركي)، في مشروعات الغاز من خلال شركتها الفرعية يونيبر، التي تتجاوز عائداتها أكثر من نصف عائدات مجموعة فورتوم كلها، وأغلب هذه المشروعات كانت في روسيا.
وسبق أن أعلنت الشركة الفنلندية في بيان صحفي، وصفه تلفاز "إس في تي" بأنه "غير نزيه وغير أمين"، أنها كسبت نحو 5.2 مليار كرونة (520 مليون دولار) من العمليات في روسيا، ولكن هذه العمليات لا تشمل الغاز الروسي.
وقالت أستاذة شبكات الطاقة الكهربائية والخبيرة في الوقود الأحفوري لينا بيرتلينغ شيرنبيرغ، إنه من قبيل التضليل وعدم الأمانة أن تسوّق الشركة الفنلندية نفسها بوصفها صديقة للبيئة ولا تعتمد على الوقود الأحفوري، في حين تشكّل الأنشطة الأحفورية 60% من محفظتها.
مشروعات الغاز والفحم
كان العامل الحاسم في أعمال فورتوم هو دخولها مالكةً في شركة يونيبر في ألمانيا عام 2018، قبل أن تصبح مالكة لأغلبية حصصها بعد عامين فقط، ومن خلال شركة يونيبر تقوم الشركة الفنلندية بعملياتها الأحفورية.
وبمراجعة تقارير المستثمرين والتقارير السنوية لشركة فورتوم، كشف التلفاز السويدي أن ما يقرب من 60% من إنتاج شركة الطاقة العملاقة في عام 2021 جاء من الغاز والفحم الروسي والأوروبي.
كما إن الشركة تنتج في أوروبا وروسيا نحو 90% من الأحافير، الأمر الذي جعلها عرضة للانتقادات الشديدة؛ بسبب مواصلتها عملياتها في موسكو، بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.
وتعدّ شركة يونيبر واحدة من الشركات التي واصلت شراء الغاز الروسي، وفتحت حسابًا في بنك "غازبروم"، لتلبية مطالب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالدفع مقابل الغاز بالروبل، وفي الوقت نفسه عدم تعريض نفسها لانتهاك عقوبات الاتحاد الأوروبي.
ويرى أستاذ التحليل الإستراتيجي البيئي، جوران فينفيدن، أنه من الواضح أن كل عميل لشركة فورتوم يسهم في أرباحها، ومن ثم يسهم في قدرتها على القيام باستثمارات في روسيا، أي إن عملاء الشركة في السويد يشاركون بشكل غير مباشر في دعم اقتصاد روسيا.
فورتوم وتغير المناخ
من جانبه، ردّ مدير الاتصالات في شركة فورتوم السويدية أوسكار هيدمان، على الانتقادات، قائلًا، إنه من المضلل تجميع فورتوم ويونيبر معًا، إذ إن الأخيرة شركة مُدرجة في البورصة الألمانية، و"نحن من بين أكبر المساهمين فيها. لذا، من الناحية القانونية، يجب أن أميز بين هذه القوانين".
وقال، إن فورتوم هي القوة الدافعة وراء مكافحة تغير المناخ في السويد، إذ تمارس ضغوطًا على أعمالها الأوروبية لتحقيق أهداف الحياد الكربوني بحلول عام 2035.
وكانت شركة فورتوم قد أعلنت في بيان، الثلاثاء 3 مايو/أيار، أنها تلقّت خسارة كلّفتها 23 مليار كرونة (230 مليون دولار أميركي)، بسبب تراجع عملياتها في روسيا، أي نحو 40% من أصولها هناك.
اقرأ أيضًا..
- أسعار الغاز تقفز بأرباح إكوينور النرويجية في الربع الأول
- أكبر خطوط أنابيب النفط والغاز في أفريقيا.. اثنان منها في الجزائر (خرائط وصور)
- الغاز الطبيعي.. هل يصبح حلًا سحريًا لأزمتي أفريقيا وأوروبا؟